مكانة الدين الإسلامي عند المغاربة

مكانة الدين الإسلامي عند المغاربة
أرشيف
الإثنين 15 مارس 2021 - 01:08

أكتب هذا المقال حول مكانة الدين الإسلامي عند المغاربة ليس لكوني فقيها أو متخصصا في هذا المجال، وما دفعني لكتابته كوني لاحظت أن الكتابات المتداولة حاليا من طرف المختصين في هذا المجال يبقى تداولها محصورا على مستوى النخبة، في حين أن هذا الموضوع نظرا لأهميته من الأفيد أن يتسع لجميع فئات وطبقات المجتمع، لما يمكن أن تكون له انعكاسات إيجابية تخدم الصالح العام، وسأقف فقط عند القضايا التي لا اختلاف حولها وينقسم الدين الإسلامي إلى ثلاثة جوانب تتمثل في المعتقدات والعبادات التي لا تقبل أي نقاش، لكونها مسلمة ولا داعي للإكثار من الخوض فيها كما هو عليه الوضع حاليا، إلا في ما يتعلق بالتوضيحات التي يجب العودة فيها إلى الفقهاء من ذوي الاختصاص عندما تستدعي الضرورة ذلك، بالإضافة إلى كون هذا المجال يتوفر على نسبة كبيرة من الكتب التي تفي بالغرض بفضل المجهودات التي تم بذلها من طرف الفقهاء جازاهم الله عنا خيرا، ثم جانب المعاملات، وهنا يفتح المجال للاجتهاد لكون الوضع هنا يخص العلاقات بين الناس في كافة المجالات التي تعني الحياة اليومية وعدم القيام بها بشكل سليم يضر بمصلحة الجميع، وقد عرف المغرب تطورا كبيرا خلال المراحل الماضية أدى إلى اتساع قيم التسامح بين جميع المغاربة بشكل كبير، وعدم اتساع مظاهر التطرف الديني والتعصب العرقي، ويعود الفضل في ذلك إلى الدور الكبير الذي ظل يقوم به كبار علماء الدين المتنورين والمفكرين وقادة الحركة الوطنية والزعماء السياسيين، الذين كانوا بالإضافة إلى تمكنهم من معرفة واسعة بالدين الإسلامي يتوفرون على رؤية شاملة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من أمثال الزعيم الراحل علال الفاسي وحجة الإسلام محمد بلعربي العلوي ومحمد بلحسن الوزاني، والمختار السوسي، وعبد الله كنون ومحمد عابد الجابري والمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد والشهيد عمر بنجلون وعبد الرحمان اليوسفي وامحمد بوستة وعلي يعتة وعزيز بلال رحمهم الله وغيرهم، وخلال جميع المراحل الماضية ظل الدين الإسلامي يلعب دورا كبيرا لدى جميع المغاربة في حياتهم الخاصة والعامة، ومن هنا يمكن لعلماء الدين في الظرفية الراهنة أن يقوموا بدور كبير لتحسين الحياة العامة في كافة المجالات من خلال الكتب والملخصات (كتاب الجيب) والمجلات والصحف ومن خلال خطب الجمعة على أن يتم التركيز على

القضايا التي تهم الشأن العام بشكل أساسي والتي جاء من أجلها الدين الإسلامي وتخدم مصلحة الإنسان وفق منظور شمولي والمتمثلة في :

– محاربة الخرافة بمختلف أشكالها والتي مع الأسف ازدادت اتساعا كبيرا في المراحل الأخيرة حيث أصبحت عائقا كبيرا أمام تطور وتقدم المجتمع.

– توضيح دور المرأة ومساواتها مع الرجل لكونها تشكل نصف المجتمع وفق ما جاء به الدين الإسلامي وإزالة ما يروج حولها من سلبيات إذ لا يمكن تحقيق التقدم والتطور دون ذلك.

– تقوية دور التغطية الصحية والحماية الاجتماعية لما لذلك من علاقة مع قيم التضامن بين مكونات المجتمع وما ينتج عن ذلك من حماية كرامة المواطن وضمان عزته.

– محاربة الغش في المعاملات التجارية والمهنية وما للاستهانة بذلك من انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، علما بأن الدين الإسلامي ينبني عل الصدق والوضوح والقيم النبيلة وينبذ كل الأشكال التي تضر بالمجتمع والصالح العام.

– محاربة استعمال المال الحرام في الانتخابات والتي تنتج عنها مؤسسات غير سليمة من جماعات ترابية أو غرف مهنية أو برلمان أو حكومة.

– احترام حقوق الإنسان وفق منظور الدين الإسلامي الحنيف والذي لا يتناقض مع القيم الكونية في هذا المجال.

– العمل على توفير الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.

– حماية البيئة في ما يتعلق بالنظافة ورمي الأزبال وحماية الحدائق وكل ما يتعلق بهذا المجال والذي يعرف تجاوزات كبيرة.

– احترام قانون السير وما ينتج عنه من مخلفات ونتائج كارثية تضر بالمجتمع.

– عدم الغش في العمل من طرف العمال والموظفين وما ينتج عن ذلك من سلبيات.

ومن خلال القيام بما أشرنا إليه يمكن أن يلعب الدين الإسلامي دورا كبيرا في تقوية الحياة الاجتماعية والاقتصادية، غير أنه يلاحظ في السنوات الأخيرة حدوث انزلاقات خطيرة حول علاقة الدين بالسياسة وهو ما أعطى صورة سلبية عن الدين الإسلامي الحنيف الذي يتسع للجميع سواء أن تكون له مرجعية اشتراكية أو ليبرالية، وهو ما حصل على مستوى العالم العربي مثل ما هو عليه الوضع حاليا بتونس ومصر ولبنان، وأن يتم احترام ما جاء به دستور فاتح يوليوز 2011 في فصله السابع والذي نص على أنه

(لا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان.

ولا يجوز أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة).

وهو ما يستوجب -في المرحلة الراهنة- الاهتمام بالنقاش الفكري بشكل واسع، إذ لا وجود للاختلاف بين ما جاء به الدين الإسلامي والقوانين الكونية، وهو ما يساعد على الإسراع بتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة مع الرجل وإزالة مظاهر الفساد والرشوة وغيرها من الأمراض التي تضر بالمجتمع.

‫تعليقات الزوار

8
  • علاش تعاديني
    الإثنين 15 مارس 2021 - 08:41

    باختصار بخصوص فقهاء السوسيولوجيا الذين يقفون خلفي من زمن ينفخون و يداومون الفشل

    الى اولئك الذين ليس لهم الا العار

    عليكم العار

    و لا ينسى الحمير ان جمال الكيلو كان باسبانيا و حاكيم الكيلو كان بالمانيا

    و گاع گاع يا زوبيدا .. گاع گاع .. يا سمارينو ..

  • احمد
    الإثنين 15 مارس 2021 - 20:37

    مقال الاستناد عبد الرحيم رماح حول مكانة الدين الإسلامي عند المغاربة يستحق الإهتمام والنقاش الفكري المتزن بعيدا عن بعض القراءات الشفونية لا يجادل أحد من ان الدين الإسلامي هو جزء أساس من الهوية المغربية وحتى قوى اليسار لا مشكلة لديهم مع الدين الذي يعتبرونه جزءا من هويتهم الوطنية بل أن اليسار ظل مناهضا للتيارات الإسلاموية المتطرفة والمحافظة التي تقدم تفسيرات وتأويلات رجعية ومنافية لروح العصر ولمقاصد الدين الإسلامي الحنيف علينا فقط الابتعاد عن بعض المفسرين المتشددين الذين يفسرون الاسلام حسب هواهم وخصوصا اصحاب الإسلام السياسي ومن المفروض والواجب محاربتهم والتصدي لهم

  • انس
    الثلاثاء 16 مارس 2021 - 08:18

    السلام جيد ما قاله الأستاذ ولكن اين الإرادة الحقيقية لأصحاب السلطة ومن بيدهم الأمر أو يهمهم الأمر لو اصبح المجتمع كما قلت لنتحر المخلوضون الهمجيون آكل الحرام ولكن أحلام الرجال تضيق استغفر الله

  • الصقلي
    الثلاثاء 16 مارس 2021 - 10:31

    عودنا السيد الرماح على الكتابة القانونية التي تستمد مقوماتها من الدفاع على الطبقة العاملة ومعالجة الاشكالات التي تطرحها علاقات الشغل ، في مقاله هذا يعالج الكاتب هما آخر يحدث داخل المجتمع وهو لا يختلف كثيرا في آثاره السلبية على المشاكل التي تنتج داخل المقاولة ، وهو المعاملات ، فإن كان ”الدين المعاملة” فان الواقع يؤكد ما قاله الشيخ محمد عبده عند ذهابه الى الغرب بشكل معكوس (ارى اسلاما ولا أرى مسلمين) ذلك ان بعض المعاملات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تجعلنا لا نحظى بشرف الآية الكريمة ( كنتم خير أمة اخرجت للناس)
    ان جعل الدين مطية لبلوغ غايات ذاتية ومصالح فئوية يجعل النفاق السياسي والاجتماعي هما اللذان يطغيان داخل مجتمعاتنا ، وهذا ما يجعل المجتمع بؤرة للمشاكل الاجتماعية وتشويه المشهد السياسي وتفاقم الافلاس الاقتصادي ، فلو تشبث كل منا بالمبادئ النبيلة والأسس القويمة للدين الاسلامي لأصبحت معاملاتنا تقوم على الصدق والعدل والإنصاف والتضامن والمودة والأمانة والإيثار.

  • محمد عصام حياتو
    الثلاثاء 16 مارس 2021 - 19:24

    دور الشدياق في تطوير اللغة العربية

    فسأل عنه فقالوا للنيروز، وهو أوّل يوم من السنة، معرّب نوروز، فقال نيرزونا كلّ يوم، وفي المهرجان مهرجونا كلّ يوم”.
    بالإضافة إلى آرائه اللغوية المبثوثة في كتبه كلّها، بمناسبة حينا وبغير مناسبة أحيانا، حاول الشدياق تأليف الكتب اللغوية الخالصة أيضا. وهو في كتبه اللغوية وملاحظاته الكثيرة المتفرقة لم يكتفِ بإيراد المواد اللغوية العامّة، بل حاول تشكيل نظرية لغوية، تأثرتْ طبعا بمن سبقوه، وتقوم على مبدأين أساسيين: أنّ اللغة محاكاة في نشوئها وتطوّرها، وأنّ أصل اللغة ثنائي، ثم زيدت عليه الحروف، وأنّ لكلّ حرف أيضا دلالة محدّدة بشكل أو بآخر. ولعلّ اهتمامه بالرباعي وفضله في توسيع اللغة هو نتيجة طبيعية لنظريّضته المذكورة.

  • فما كنت وصيا عليك
    الثلاثاء 16 مارس 2021 - 20:22

    معالجة المصائب بمنطق الفزعات لا يطور الأداء الإداري المترهل المتراكم.

    على الجانب الآخر لا يمكن إغفال الجانب الإيجابي في ردة الفعل الرسمية على الفاجعة وعلى أعلى مستوى بدايةً من

    علي فريج عيد ابو صعيليك

  • Dogma
    الثلاثاء 16 مارس 2021 - 20:23

    مـــطـــالــَـعَــــات

    صورة باريس في الأدب العربي حتى الحرب العالمية الأولى
    دراسة في تلقي جماليات المكان الاوروبي

    نحت الشدياق اسما لنفسه هو الفارياق ، ليتحدث عن نفسه بضمير الغائب فجاء حديثه متسما بالصراحة العارية وكأنه يروي أخبار رجل آخر ، و إذا كان دارسو الشدياق لا يعتبرونه سيرة فنية ناضجة (١٤٧) ، فإن كتابة الشدياق ونشره له يواجه « عاما خريفيا » يؤكد مدى اعتزاز الشدياق بذاته وإدراكه لقيمتها .

    عالم الفكر – المجلد التاسع عشر – العدد الثاني 1988

    ص : ٢٠٥

  • ـــــــــــ
    الأربعاء 17 مارس 2021 - 09:53

    فلما راوه عارضا مستقبل اوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم تدمر كل شيء بامر ربها فاصبحوا لا يرىٰٓ الا مســٰكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين و لقد مكنــٰهم فيما ان مكنــٰكم فيه و جعلنا لهم سمعا و ابصــٰرا و افئدة فمآ اغنىٰ عنهم سمعهم و لآ ابصارهم و لآ افئدتهم من شيء اذ كانوا يجحدون بايــٰت الله و حاق بهم ما كانوا به يستهزءون

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس