نحتاج "ثعلبا" للصحراء !!

نحتاج "ثعلبا" للصحراء !!
الخميس 31 مارس 2016 - 22:22

أمام كل ما يحدث في ملف الصحراء، يبدو أنه لا حل للمغرب إلا بصحرنة وزارة خارجيته، فهذه الوزارة بالذات كان من الخطأ بمكان إسناد دفتها للأحزاب ، وكان من الأولى أن يُحتفظ بها وزارة سيادة لا يتقلد منصبها إلا من هو خبير عليم بدهاليز الدبلوماسية الدولية . لقد أخطأ العثماني، وبعده مزوار في كثير من البروتوكولات الظاهرة للعيان، ناهيك عما خفي من صفقات فاشلة وكل هذا أوصل السياسة الخارجية المغربية إلى مأزق رهيب جعل الرباط في مواجهة مباشرة مع مؤسسات عالمية عريقة على رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول ديمقراطية حقة مثل السويد .. وهي مواجهات ما كانت لتحدث لو أن بعد نظر مسؤولي الوزارة كان في المستوى المطلوب. فلماذا حدث كل هذا؟ وكيف يمكن تدارك الأمر ورأب الصدع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟

قد يتذكر القارئ مكر الدبلوماسية الإيرانية في تفاوضها مع الغرب إذ استطاعت أن تساومه في منعرجات خطيرة، وتلعب معه بأوراق كثيرة ببراغماتية منقطعة النظير ،فوصل الأمر إلى حد وصف هنري كسينجر نظيره الإيراني جواد ظريف بعدوه الذي يستحق الاحترام، كيف لا وظريف درس وعاش واشتغل في عقر دار أميركا ،وكذلك الحال مع اختيار السادات قبطيا مصريا تزوج من مصرية يهودية هو بطرس بطرس غالي لمحاورة اسرائيل والغرب، فيما اختار صدام حسين طارق عزيز المسيحي لمقارعة أميركا ديبلوماسيا في ذروة حرب الخليج. فما الضير إذن في أن يعين على رأس الخارجية مغربي من أصل صحراوي شرط أن تكون كفاءته وثقافته وولاؤه للوطن. على المرء أن يتخيل ورطة البوليساريو ومعها الجزائر عندما يجدان أمامهما على طاولة المفاوضات مفاوضا صحراويا من أولئك الذين عادوا إلى الوطن، وسبق أن خبروا خبايا البوليساريو وعاشوا بينهم، كي لا يظهر أن الصراع بين الرباط والعيون بل بين الصحراويين أنفسهم . شخص يتقلد الخارجية ويستطيع أن يفتح عين العالم على حقيقة الصراع ويروج للقضية أحسن ترويج.

إن الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي محمد السادس في نوفمبر 2015 كان مليئا بالدلالات والعبر فقد فطن الى تنفذ بعض العائلات الصحراوية إلى درجة أنها أصبحت تمن على المغرب رجوعها إليه. ولا أحد الآن يمكنه أن ينكر أن المغرب بات في مأزق كبير بتعامله مع هذه العائلات الصحراوية كمواطنين من الدرجة الأولى في إطار سيناريو يشبه “المؤلفة قلوبهم” ؛مما ضخم لدى بعضهم الأنا وجعلهم “يأكلون الغلة ويسبون الملة”، فأصبحنا نرى جمعيات ومنظمات وهيئات هنا وهناك لا تجيد إلا الجولات السياحية عبر العالم بدل التعريف بأوضاع القابعين بمخيمات تندوف مثلا أو البحث عن نقاط ضعف يمكن الاستثمار فيها بدهاء وذكاء . لسنا وحدنا من لديه مشكل انفصالي، فالجارة اسبانيا وصلت إلى حد رفض إجراء استفتاء كاتالانيا لأن نتيجته كانت شبه محسومة لصالح الانفصال، ناهيك عن جرح الباسك النازف، وإذا كانت بريطانيا قد حسمت مشكلة الاستفتاء لخمس سنوات فأمامها استحقاقات أخرى في السنوات المقبلة، وكذلك الأمر لإيرلندا الشمالية التي كان ينشط فيها جيش جمهوري مسلح يطالب بتكسير التاج البريطاني، ودعونا لا ننسى مشكل الصين والتبت وروسيا وداغستان، والهند وكشمير، وتركيا وكردستان، وكندا والكيبيك، وإيران والأهواز وهلم جرا .. كل الدول تقريبا لها مشاكل ذات طابع انفصالي ولكن مشكلتنا نحن في المغرب هي أن قضيتنا عادلة بيد أن لها أسوأ محام!!! فمما لوحظ أخيرا على مستوى الظهور الإعلامي لبعض موظفي الخارجية المغربية أمر لا يبعث على الاطمئنان بل ويطرح علامات استفهام، فالوجوه “الطفولية” التي تظهر من حين لآخر على مستوى وسائل الإعلام تسيء لصورة المغرب دوليا، بل وتعطي انطباعا مفاده أن الهيئة الدبلوماسية هيئة هواة يفتقدون الاحترافية في كل شيء.

لذا مرة أخرى نكرر أنه لا ضير في أن يكون وزير الخارجية من أصول صحراوية شرط أن يتوفر على كاريزما، لأن من شأن ذلك أن يحصر الآخر ( الجزائر والبوليساريو ) في الزاوية أمام المحافل الدولية ويعطي للقضية أبعادا أخرى.

دعونا نحسن استغلال بعض التقارير الغربية ونستثمر فيها، ولننظر مثلا إلى تنامي الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، إذ كان من المفروض أن تُجرى قراءة استباقية لنشاط الجماعات المسلحة هناك وكذلك لمشكل تدفق المهاجرين الأفارقة وكان يفترض أيضا أن يُنظر بعين الانتهازية والمنفعة لملف ترعرع خلايا الاٍرهاب بأوروبا وذلك كي يشترط المغرب أي تعاون مع أوربا في هذه الملفات بالنظر في ملف الصحراء لصالحه .. ولكن لمن تقرأ زبورك يا داوود؟!!!

*باحث في مركز الصراعات المقارنة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا

‫تعليقات الزوار

6
  • بومديان مصطفى الدكالي
    الخميس 31 مارس 2016 - 22:56

    الصحراء صحرؤنا والملك ملكنا أحب من احب وكره من كره اللهم احفظ بلادنا وسائر بﻻد المسلمين من الفتن ماظهر منها وما بطن آمين يارب العالمين

  • le juste marocain
    الجمعة 1 أبريل 2016 - 01:33

    Au vu des circonstances actuelles c'est la solution la plus raisonnable qui peut exister si le Maroc veut sortir de l'impasse dans laquelle notre diplomatie nous a engouffré ! Et à défaut d'une personne sahraouie qualifiée , au moins créer une cellule de sahraouis anciens cadres du polisario pour conseiller voir aller partout où c'est nécessaire pour assair le terrain et rendre compte des démarches à faire et à éviter !

  • السماوي
    الجمعة 1 أبريل 2016 - 03:04

    قارن بين الثعلب الجزائري رمضان لعمامرة…ذكاء …وادب…وفصاحة لسان…وثالوثنا الدبلوماسي…مزوار الذي يتقن لغة الدرب اتفعفيع…وتهز..امباركة بوعيدة مبتدئة في السياسية وتعقيداتها…بوريطة ظهوره الصحافي الاول كان باهتا…متلعتما..ربما يكون الفاسي هو الرىيس الفعلي للديبلوماسية. المهم يتعين علينا ايجاد مخرج..لايمكن ان نفتح جبهات متعدده..هدا لايقبله العقل ولا المنطق

  • أمازيغي علماني
    الجمعة 1 أبريل 2016 - 16:46

    مقال رائع .لانه حقا هناك موظفين قي الخارجية أشك في كفائتهم المهنية ، حيث لاترى حجة ولا بعد نظر في تحليلاتهم لمشكل الصحراء والطامة الكبرى انها تكون مباشرة على الهواء امام أطفال البوليزاريو في قنوات عالمية . يكفي أن تشاهد وتقرأ سطحية أفكارهم . للتخيل الضرر الممكن احداثه .

  • مغربية حرة
    السبت 2 أبريل 2016 - 12:51

    فعلا يجب المعاملة بالمثل بما ان الاعداء يتفننون في اختيار واعتماد وزراء خارجية يتقنون الدفاع مرة والهجوم مرة بمعنى يمتهنون المحاماة في الملفات الدولية فلما لا ينهج المغرب هذه السياسة فبما ان الحرب خدعة فنقول ان الدبلوماسية هي ايضا خدعة فلولا مراوغات واكاذيب اعدائنا الجيران لما وصل للبوليزاريو صيت الى العالم فالبوليزاريو صنعته الجزائر وربته وترعرع على ترابها كقناع على وجهها لانها هي صاحبة الاطماع في الصحراء وليس بضع مئات من العائلات الصحراوية التي اخذتهم قسرا في الشاحنات واحتجزتهم وجعلت على راسهم شردمة من الانفصاليين المرتزقة من المغاربة والموريتانيين فللساسة الدولية رجالها وليس مبتدئين في العمل الدبلوماسي ،وجوه طفولية كما قال الكاتب بل يجب ان يكون على راس الدبلوماسية رجالا محنكين يلعبون بالكلمات ويعتمدون لغة الاقناع والصبر والحنكة والذكاء وهلم جرا من ميزات تعفينا من الوقوع في الاخطاء او جر اخطاء الاخرين اليناوالوقوع في ازمات.فالدبلوماسية دراسة وفن .فيجب اخذ العبر من السابق والحاضر لتامين المستقبل فهل ستبقى صيحة في واد؟

  • علي المغربي
    الخميس 7 أبريل 2016 - 13:51

    excellent article analyse tres pertinente

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات