لتحيا الرجعية

لتحيا  الرجعية
الجمعة 17 ماي 2013 - 03:50

“ما ان انتهى الانسان من بناء المدن، حتى بدأ يبتعد عنها”
فيلسوف معاصر

يَسألني صديقي بدر المتقي، عن أحوال صحتي، خلال فترة “الريجيم”، التي فرضتها مُعاناتي مع القولون العصبي، وينصحني بتناول “الشْريحَة”، والزيت البلدية على الريق، ولأنه واحد من المهتمين بالعلوم الاجتماعية والاقتصادية، أقول له مازحا “لقد ودعت سيدة تُدعى الحداثة، وأرجعني الحنين، أو بالأحرى المصران إلى مَطعم سيد يُسمى التراث، فوجدته طباخا ماهرا يقدم أطعمة لذيذة تأكل أصابعك وراءها كما يقول الأشقاء المصريون”.

يُجيبني بدر بجديته الممزوجة بالمرح” إن ما نتناوله اليوم يندرج ضمن ما تقذفه إلينا الحضارة الغربية، من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، كل هذا له نفس المنطق، يبدو دائما الأجمل والأسهل والألذ، إلا أنه الأخطر والأكثر دمارا للانسان”.

وعندما أنبه بدر، بأننا نُدردش في الفيسبوك أحد مَنتوجات الحضارة التي ينتقدها مرارا، يعترف بأنه فتح حسابه الفيسبوكي منذ عام 2006، ومتردد في اغلاقه، رغم أنه يذكره بأطروحة ” ميشيل فوكو” عن المراقبة والعقاب، مستطردا “نحن الآن تحت سلطة انضباطية تؤرخ لحياتنا، وتقتحمها دون استئذان، فتقتل فينا الخصوصية، وننساق خلفها مثل القطيع، وفق منطق السوق”ن فأَسْأَله مَازحا “مَا العمل ؟ “، فيُجيب، وأنا اتخيله يُطلق زَفرة عَميقة أمام شاشة الحاسوب “الاستسلام، ورَفْع ُالراية البيضاء”.

*****

تُشبه أحوالنا، حال فسيلة تم نقلها من تربتها الخصبة، وغرسها باحدى شوارع الدار البيضاء أو الرباط أو طنجة، حيث التلوث والتوتر والضجيج و”الزفت”، ولأن الأغراس كائنات حية بدون أقدام تهرب بواسطتها، ستنمو بصُعوبة، وتُصيبها الأمراض، وستختنق بسبب عيشها في قلب “الحضارة”، بَعْدما غادرت مكانها الطبيعي حيث الهواء العليل، والتربة الحاضنة بدفء وحنان.

لايمكن أن يُنكر أي أحد، أن الانسان توصل إلى اكتشافات متطورة في جميع المجالات، كانت إلى عهد قريب من المستحيلات، لكن بسبب اعتماد النظام الرأسمالي على اقتصاد السوق، لم يعد مهما الحرص على الجودة بقدر ما يتم الاهتمام بالكمية من أجل تحقيق الربح.

وهكذا، بسبب تضخم هذا الجانب، ظهر دعاة العودة إلى القرون الماضية، مثل عالم الاجتماع الفرنسي، بيير بورديو، الذي أجاب زميله العالم جان زيغلر، عندما سأله عن الحل في مواجهة زحف العولمة ؟ فأجاب بورديو “الرجوع للقرون الوسطى”، يريد الهروب إلى الهدوء والطمأنينة، واستهلاك المواد الطبيعية “البيو”، سيما في المواد الغذائية.

ولهذا، صديقي بدر، قررت أنا أيضا، أن أصبح كائنا قروسطويا، ولتحيا الرجعية “الغذائية طبعا”.

‫تعليقات الزوار

3
  • الرياحي
    الجمعة 17 ماي 2013 - 08:01

    توجد صور للمغاربة أخدت في آخر القرن التاسع عشر.تظهر هذه الصور فقر مدعق لكن رشاقة وصحة جيدة.مثلا نقول خدام أرض يعني 1600 متر مربع وهو ما يحصده رجل في يوم !.لم تكن الناس آنذاك تأكل اللحوم والشحوم إلا نادرا. لم تكن أمراض العصر شائعة .تموت الناس لكن بأمراض أخرى.جائت الشحوم واللحوم فكَرش المغاربة كبارا وصغارا وأنتفخت الوجوه والقفا وأصفرت الوجوه وعبست وهدمت الأسنان.وخلاصة القول هي أختر بين الفرورة والزبدة.
    قليل من الجوع مع الصحة أو الإفراط في الأكل وقلة الصحة.فأي موت تختار !
    ———
    الرياحي

  • مغربية
    الجمعة 17 ماي 2013 - 14:53

    سؤال، هل ادا لا قدر الله رجع انتشر الطاعون و الجدري هل نستطيع ان نداويه بالوصفات التقليدية، طبعا مستحيل و الا لما كان الناس قديما يوموتون بالملايين دفعة واحد حين كانت تنتشر عندهم تلك الاوبئة،
    يجب ان نخرج من دائرة نعم او لا، مع او ضد، ابيض او اسود، هناك الوان كثييييييييرة جدا غير ابيض و اسود
    ادا كان الغربي توجه لشطيرة البرغر السريعة و المضرة، فقد كان دلك ضرورة ملحة لان لا وقت لديه للرجوع للبيت وقت الغداء ليطبخ غداء صحيا، لكل شيء ضريبة، شوف مجتمعاتهم فين وصلات، بسبب العمل الجاد و الاجتهاد، حتى ولات مثلا العمليات المعقدة تعمل بالمنضار و الانسان جالس كيتفرج بدون ان يحس بالم، اين هدا من ايام الغابرين، الحمد لله فين كنا و فين ولينا بسبب التقدم التكنولوجي،
    لا نحتاج للرجوع للوراء في شيء، زيتوننا معنا شريحتنا في جيبنا و لي يقولنا نرجع للوراء بحجة الزيتون و الشريحة، نقولولو هاهوما ديناهم معانا، لن نرجع للوراء حتى لو لم نساهم في التقدم الحضاري للانسانية، تواجدنا في الساحة كمتفرجين و متابعين احسن من الرجوع لحياة الادغال وبداوة الخيام،

  • ali wafi
    الجمعة 17 ماي 2013 - 17:14

    -…إننا نحن "الرجعيين"علمنا ديننا الحنيف أمورا كثيرة نتغلب بها على كل أمر طارئ وأعطي بعض الأمثلة : الصلاة تعلمنا تنظيم الوقت فلا نغرق في الفايسبوك أو تويتر,الصوم يعلمنا تنظيم التغذية فلا نغرق في الإستهلاك ولو كان "بيو" ولهذا يكون الدين صالحا لكل زمان ومكان ولكل حال ومآل.

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس