حينما نؤول الدستور،هل نكتب دستورا جديدا؟

حينما نؤول الدستور،هل نكتب دستورا جديدا؟
الثلاثاء 28 ماي 2013 - 14:26

شيء ايجابي جدا أن نرصد في تفاعل النقاش السياسي العمومي في المغرب، هذا الإصرار على الإحالة على الدستور كأعلى مرجعية تشريعية للدولة، وهو ما ينم عن بداية حدوث تحولات عميقة في اعتماد المرجعيات. ويبدو أن هذا المنحى، إن استمر وتجذر، سيكون كفيلا بفك الارتهان التاريخي التقليداني بمرجعيات تأويلية مغرقة في الارتكان لمنطق الوصاية الذي صار الفاعل السياسي يعيش لذة مرضية وسادية في العودة إليه، في نزوع لا شعوري للبحث عن الأمان و الخلاص من تبعات الموقف المستقل.

غير أن النشاط التأويلي المتصاعد اليوم في ساحة النقاش العمومي، يستوقف المتأمل ليقيم من خلاله مدى التطور الحاصل في منطق الفاعل السياسي بالنظر إلى التحولات التي حدثت في بنية النظام العربي، وفي وعي الشعوب التي دفعت إلى التغيير. يقول غادامير أننا حينما نؤول النصوص في محاولة لفهمها، فإننا نفهم أنفسنا من خلال فهمنا لها.

إن الوثيقة الدستورية بالطريقة التي صيغت بها، وفي ظل الإصرار على حجب أعمالها التحضيرية، تستضمر هوامش تأويلية غير مرئية، في انتظار جرأة الفعل السياسي على إضفاء المعاني الأكثر ديمقراطية عليها، ذلك أن السياق السياسي الذي افرزها جعلها تبدو فيما هو صريح ومعلن من مضامينها، أكثر كرما و منحا من أفق فاعل سياسي ضعيف، لا يمكن أن تعتبر الوثيقة في مجملها إفرازا طبيعيا لنضاله المفترض. لذلك توحي الكثير من تمفصلات الوثيقة الدستورية بوجود كوابح غير ملزمة بالمنطق الدستوري، لكنها تستطيع أن تمارس دورها في حالة غياب الإرادة الديمقراطية التي تغوص في عوالم النص لتنفذ إلى روحه التحررية، أي “عصر” الوثيقة إلى الأمد الأقصى، لاستخراج عمقها الديمقراطي، رغم محاولات حجبه التكتيكية التي لن تصمد في وجه إجماع حقيقي على الانتقال.

إن كل نص تشريعي يستكنه هوامش التأويل، يفسح المجال أمام عوالم الممكن في استنطاق المعنى، وكلما كنا أكثر ديمقراطية واقل خضوعا لآليات الضبط المنهجي التي تتحول إلى ضبط ذاتي، كلما اتسع مجال الممكن دستوريا. خاصة إذا ما استحضرنا السياق الذي تدوولت ضمنه البنود، وأنتجت المعاني. وهو سياق تكريس سيادة الأمة التي لا يجب أن نتردد أو نرتد اليوم عن تكريسها، أو أن نكون أكثر بخلا واقل جرأة من النص نفسه في التعبير عنها.

يؤمن باستيا في استقرائه لمنهجيات نحت القوانين، أن هذه الأخيرة تعبر دائما عن مصالح واضعيها، غير أننا نؤمن أن تأويل القوانين، يجب أن يعبر دائما عن مصالح الذين وضعت لتنظيم مجالهم الإنساني.

نحن اليوم بصدد تمرين على قراءة الدستور، في كل تفاعلات الحياة السياسية التي انطلقت و ستستمر، فليتحمل الجميع مسؤوليته في تحرير الوثيقة من قيود المعنى الحرفي، الذي قد يؤشر في أحايين كثيرة على النكوص ووضعية اللاتغيير مما يكثف الاحتقان. ولندفع في اتجاه أن يسلم النص الدستوري مكنوناته الديمقراطية الإصلاحية.

وفي هذه اللحظة بالذات، لابد من تكتل جبهة دستورية ديمقراطية لا تسمح بسجن النص الدستوري في سياق مرحلة تأسيسية معقدة، في أفق سياسي خاص، مفتقد للإقدام والقدرة على الاقتحام. ولنتذكر أننا في اللحظة التي نضفي فيها تأويلاتنا على الدستور الجديد، نعمل في نفس الوقت على بناء وعي جديد لقراءة الوثيقة، وتشكيل أعراف جديدة ترافق تنزيلها….وثمة تكمن المسؤولية الأكثر ثقلا.

نائبة برلمانية

‫تعليقات الزوار

8
  • Quelqu'un
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 14:43

    كلام في كلام، لا يسمن و لا يغني من جوع.

  • المستقل
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 15:28

    ما لم افهمه انا ان برلمانيات الحزب ضربن "الطم" و "جاتهم سمقالة" حول ما يهز الشارع اليوم و هو مهرجان موازين.
    لم نعد نسمع عن بسيمة الحقاوي و هي ترعد و تزبد و لا عن اي "اخت" تفتح فمها كن "يصدعونا" ايام المعارضة
    ايه انها الكراسي و عسل النظام و امتيازات السلطة.
    لسنا في حاجة الى "الدخول و الخروج" في "الهدرة" اعلاه فالفلسفة الخاوية لم تعد تشتري "خضرة"

  • العربي
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 15:37

    السلام عليكم. خلال هدا التمرين على التأويل للنص الدستوري والتمرين على ممارسة الحكم من طرف حزبكم يتم تضييع حقوق الناس والفساد يستسري والريع يصبح سياسة لمحاربة الريع. الله يهديكم قوموا من سباتكم وحاولوا معالجة المشاكل التي يتخبط فيها الشعب. وانهوا رؤساكم عن المعاملة بالربا واشهارها للعامة كانها شئ عادي. وتناصحوا فيما يخص هذه السياسة التي تتعاملون بها وهي اغناء الغني وافقار الفقير. والسلام على من اتبع الهدى.

  • sifao
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 16:31

    المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائليين انطلقت على اساس مبدأ الارض مقابل السلام ، وبعد عقدين من الزمن لم يتوصلا الى فهم مشترك لمعنى الارض ولا للسلام بسبب التأويل والأولوية ، اسرائيل يهمها السلام والفلسطينيون يريدون الأرض ، من أين البداية ؟
    كل ثابت من ثوابت الدستور يحتاج الى قرون من النقاش بحثا عما هو مشترك في المعنى ، ماذ يمكن ان نفهم من ان المغرب بلد اسلامي ؟
    عن اي اسلام نتحدث ؟ اسلام بن حمزة أو اسلام مطيع أو ياسين أو بنكيران أو ابو حفص أو.لزمزمي أو مجلس العلم الأعلى ، أواسلام "الفطرة" كما عند الانسان العادي؟ هذا مجرد ثابت واحد فما عسانا قوله عن الثوابت الأخرى ؟
    في فرنسا مثلا لا يطرح عندهم اشكال تأويل الدستور بنفس الحدة ، لأن ثوابت الوطن واضحة ، الاخوة والعدل والمساواة سلوكات انسانية وليست أوامر الهية ، لذلك تراهم يتفقون بسرعة لأنها مفهومة ومحددة بدقة ، فمن يجب ارضاءه معروف هو انسان وليس وهما أو نكرة ، اذا كان ثابت واحد سيأخذ منا كل هذا الوقت فهذا يعني أن تفاصيل التفاصيل سنغرق فيها من غير رجعة ، مع الأسف الشديد هذا هو حالنا الآن …وهنا .

  • الشريف اليعكوبي
    الثلاثاء 28 ماي 2013 - 17:07

    الدستورمجرد نص بشري لايرقى لمستوى القدسية ومجرد قانون اساسي لمجتمع معين ويخضع في كل تأويلاته لمرجعية واحدة خدمة سلطة النظام القائم وخاصة إذا كان دستوراممنوحا اومزورا ولايخدم دائمامصلحة عموم الجماهيرلان الجماهيرمجرد اكتاف يتسلق عليها البراجماتيين والوصوليين للوصول الى مصالحهم الشخصية والطبقية كمافعل حزبكم الاخلاقي الذي اشبع المصوتين عليه وعظا وإرشاداعن القيم والديمقراطية وتخليق السياسة والمرقف العام ومحاربة المفسدين لكن الواقع اكد العكس واكد ان ذلك مجرد شعارات انتخباوية استهلاكية انفضحت في اول وهلة من خلال عفى الله عما سلف ولايجب محاكمة ناهبي المال العام وان مهرجانات العري والشذوذ الجنسي اصبحت مهرجانات ثقافية وفنية راقية لايجب محاربتهاوالتطبيع السياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني لم يعد جريمة بل اصبح انفتاحا وتسامحاواصبحت الرذيلة اخلاقاوهذه الممارسات الديماغوجية بالنسبة للمتخلقين انسانياعادي جدالانهم يعرفون كيف تحاك خيوط اللعبة ولاتخضعهم الخطابات الانتهازية التي تستغل وتبيع الدين والوطن والقبيلة ووجدان البسطاء من اجل إمتيازات مادية فانية وانت أدرى مني بالفناء وعذاب القبر

  • hmza
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 14:51

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

    حديث ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه – قَالَ : لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ
    وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ ) 0

    Omnbaad nchof doustour

  • ارفود
    الأربعاء 29 ماي 2013 - 17:25

    التدخل:2 – المستقل:كذاب.
    انت قلت مستقل طيب.اذن لست مع الحق ولست مع الباطل
    ببساطة الكلام بين جوج والثالث فضولي.الله العن اللي مايحشم انت منافق
    نعم لسنا في حاجة الى "الدخول و الخروج" في "الهدرة" اعلاه فالفلسفة الخاوية لم تعد تشتري "خضرة"يا المستقل

  • القويات الأمينات
    الخميس 30 ماي 2013 - 00:43

    هؤلاء هم نسوة العدالة والتنمية، فليرني أحدكم مثلهن. هن حرائر الحركة الاسلامية، فلا مثيل لهن ولا نظير بإذن العلي القدير، في إشباه الاحزاب وأشباه الجمعيات التي تعج بها الساحة.
    الخلاصة أنه عندما تحترم المنهجية الديمقراطية تبرز مثل هذه الكفاءات، انضباط للمنهج، وعمق في التحليل، ونزاهة في التدبير، واتزان في المظهر والسلوك. وقبل ذلك وبعده، غيرة على الوطن ومستقبله ومآلاته.
    هي نظرة ثاقبة لحال الغالب الاعم من الفاعل السياسي الكسيح، لكن في قمة الموضوعية ودون أدنى تجريح… بارك الله في امثالك اختاه

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 1

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج