إعادة الزيارة إلى هموم التربية في المغرب

إعادة الزيارة إلى هموم التربية في المغرب
الجمعة 30 غشت 2013 - 15:49

أثارت الحلول المقترحة للخروج من دوامة تدهور التعليم في المغرب للباحث في التربية الدكتور الجرموني تعليقات كثيرة ومتباينة. يلاحظ من تلك التعليقات مدى اهتمام الرأي العام المغربي بالشأن التربوي وهذا ليس غريبا عن المغاربة الذين ولوا التربية اهتماما لا مثيل له منذ القدم والدليل القاطع عن هذا الاهتمام وجود الكتاتيب في جميع التجمعات السكانية من مداشر وقرى نائية وفي أعالي الجبال الوعرة التي لا يوصل إليها إلا على ظهور الدواب أو مشيا على الأقدام ناهيك عن المدارس المتخصصة في العلوم ومختلف حقول المعرفة.

واللافت والموثق أن التربية في بلدنا كانت لا تخضع إلى سلطة مركزية في فاس أو مراكش بل هي من اختصاص المجتمعات المحلية التي تمولها وتتعاقد مع أساتذتها وترعى شؤونها في الصغيرة والكبيرة ويشتمل ذلك على توفير السكن والإعاشة للطلاب بدون مقابل.

واعتبروا يا أولي الالباب ما قامت به نسائنا في هذا المجال تجلى بعض منه في انشاء وتمويل ما يعتبره كثير من العارفين أقدم الجامعات في العالم ألا وهي جامعة القرويين بفاس التي يرجع الفضل في تأسيسها إلى السيدة فاطمة الفهرية امرأة لو تجرأنا وتشجعنا لنحتنا لها تمثالا، ليس لعبادتها، حاشى لله، لكن تخليدا لفكرتها المستنيرة التي نفذتها بمالها الخاص ربما بالرغم من معارضة كثير من الرجال والنساء من معاصريها وربما حتى في زمننا هذا. المهم في الامر أن التعليم والتربية حظيت وضلت تحظى باهتمام المغاربة جميعا ولم تتسع رقعتها ويستفيد من ثمرتها كل المواطنين والمواطنات ولم يبعدهم عن جني ثمرتها إلا رداءة مناهجها وطرق التدريس بها وتفشي الجهل والشعوذة وحاليا عدم جدية ومهنية القائمين على شئونها.

زيارتي الثانية هذه للعملية التعليمة في بلدنا تستهدف لفت الانتباه ثانية إلى أن الاشكالية التربوية معقدة ومتشعبة وتستوجب تضافر الجهود من قبل كل طبقات المجتمع لان كل طبقات المجتمع معنية بمعالجتها وستستفيد من حلولها ,ولتوضيح تعقيدها فلا بد من اعتبار عناصرها الاساسية,

إن العناصر أو المتغيرات، كما يسميها ذوي الاختصاص، التي هي الركيزة الاساسية لهذه العملية هي: 1.التلميذ، 2.المدرس، 3.المناهج، 4.الإدارة، 5.التمويل(يدخل فيها الاجهزة والمباني). كل هذه المتغيرات متشعبة ومعقدة وانتهى زمن البطل الذي يعرف كل شيء ويحيط بكل علم فلهذا السبب طرحت تساؤلات حول مقترحات الدكتور الجرموني وقلت: فما هي الأ بحاث والبيانات والمنهجية العلمية التي اتبعها السيد الجرموني لاقتراح معالجة أزمة التربية في بلدنا الغني والغالي؟ فبدوري لو سمحتم بودي أن أقدم بعض الافكار التي أعتقد بأن تنفيذها قد يكون مفيدا في بداية فهم اشكالية التربية في بلدنا.

أولا وقبل كل شيء لابد من الاعتراف بان ثمار العملية التربوية تأخذ وقتا طويلا للنضج والقطف، فلا بد من طول البال والعملية على كل حال مستمرة باستمرار الحيات إلى ما لا نهاية.

ثانيا، أقترح انشاء بنك للمقترحات والأفكار التي يتقدم بها المهتمون بالشأن التربوي كالتعليقات التي تفضل بها قراء مقترحات الباحث الدكتور الجرموني، يضاف إليها كل ما قد يتفضل به العامة والخاصة من اقتراحات وأفكار عندما يفتح باب البنك لاستقبالها.

ثالثا، ابعاد الاحزاب السياسية من العملية التربوية برمتها وتكون المسئولية بيد المجتمع ككل يديرها المتخصصين والمهنيين الذين يكون ولائهم لمصلحة وتقدم كل الغاربة بغض النظر عن انتماءاتهم العقائدية واللغوية والجنسية أي مساواة الجميع ومساواة الفرص.

رابعا، مبدأ استقلالية كل جهة في جميع شئونها التربوية كما كان عليه الحال في قديم الزمان والتباع مبدأ “الدرهم يتبع الطالب” بحيث تكون الفرص متكافئة لكل أولاد وبنات المغاربة جميعا.الحساب في كل شيء بحيث تكون تكلفة ما يصرف على الطالب في الرباط ومكناس وطنجة وفكيك والخمسيات وتزنيت والعيون وطاطا واكادير وإداوتنان وإداومنو وتنغير والراشدية هي نفس التكلفة ولا يبقى عذر لأحد للتمييز بين أبناء وبنات بلدنا الذي يدعي كل واحد منا أنه يحبه.وتوضع آلية لانتخاب مديري الاكاديميات من قبل ساكنة الجهوية الموسعة وتكون المنافسة بين المتخصصين والمهنيين الذين يقدمون برامج عملهم ويختارون طاقم عملهم لانجازها. وإن كان لابد من وزارة ووزارتان فتكون مهامها جمع الاحصائيات وتمويل الابحاث والمشاريع التربوية التي تتقدم بها الجهات بدل أن تقتل الابداع وتعقد العملية وتسيطر على الصغيرة والكبيرة.

خامسا، يشرف خديمنا الاول ويرأس مجلسا علميا يكون من بين أعضائه المتخصصون في العلوم التربوية والمثقفون والخيرين والخيرات من مغاربة الداخل والخارج ويشرف هذا المجلس على بنك المقترحات والقيام بتحليلها ونشر الدراسات والأبحاث لفائدة تحسين أداء وتحصيل الفاعلين في الصناعة التربوية وخصوصا المتغيران الاساسيان التلميذ والطالب والمدرس,

وفي الاخير، لا يمكن التأكد من سلامة ونجاعة أي اقتراح للخروج من دوامة أزمة تدهور التعليم في بلدنا إلا إذا قمنا باختبار ذلك المقرح ميدانيا كفرضية علمية وكمتغير مستقل للنظر في تأثيره على الاداء ومعالجة الازمة التعليمية التي تعتبر في هذه الحالة المتغير التابع. التعريب و التدريس بالفرنسية أو الانكليزية أو الامزيغية بالنسبة للمتخصص تستدعي الاختبار كفرضيات علمية أما الميولات الشخصية في الامور العلمية فلا تأخذ في عين الاعتبار إلا كما هي لا بد من اختبارها علميا لإثبات فائدتها. أما وإن كان لا بد من التصريح بلغتي المفضلة في التدريس فهي بدون تردد اللغة الإنجليزية وذلك لاعتبارات كثيرة منها نفض عقدة الاستعلاء الفرنسي علينا وهو متجه نحو توفير عدد من الدرجات العلمية في المعاهد الفرنسية باللغة الإنجليزية الخ….ولو كان اقتراحي يغني من شيء فسيبدأ المغاربة بتعليم أولادهم وبناتهم اللغة الإنجليزية في الاقسام الابتدائية هذا لا يعني أبدا التقليل من شأن اللغة الفرنسية أو أنني لست متمكنا منها وهل خلى منها المغرب؟هذا ما جاد به التفكير في عجالة أمام معضلة التربية والتعليم في بلدي الغالي والغني. وكان الله في عون المومنين وغير المومنين من بني البشر، والله ولي التوفيق.

* أستاذ العلوم الاجتماعية بمدرسة التدبير وإدارة الأعمال(إيما)
وجامعة ابن زهر بأكادير

‫تعليقات الزوار

9
  • sifao
    الجمعة 30 غشت 2013 - 23:32

    اذا كان من ينظر لأزمة التعليم في المغرب يرتكب اخطاء املائية ولغوية فادحة ، فماذا ننتظر ممن سيعمل على تطبيق تنظيراته في الميدان ؟

  • لوطيطار
    السبت 31 غشت 2013 - 00:41

    البشر… ما فيه ثقه ابد الابدين وهذا لا يمنع من تثمين مبادرتكم و حسن نيتكم و فكرتكم النيره لمحنا بجره و ذكرتم و الذكرى مليحه يلا ما تضر تنفع مولاة الذكاء يا عيني على الزكاء غي كتنتقد ماكتكرهش التعليم الوطني !!!التجندير و التكوين الاكاديمي قالت.
    لا تعلم ان مخيخ الانسان الذي يتقن سبع لغات ليس كمن ثلاث و لا تعلم مولاة الحجاب المخيخي ان التعليم السفري….
    نطلب من ملكنا المفدى صرف الاجور للفقرا شهريا

  • YOUSBOMA
    السبت 31 غشت 2013 - 14:21

    شكلت أزمة التعليم في بلادنا وخصوصا في الآونة الأخيرة معضلة كبرى ،فبعد الخطاب الملكي كثرت النقاشات والتعليقات من ذوي الاختصاص أو غيرهم ،أساتذة وباحثين ،صحفيين وسياسيين .وقد أفرزت الوضعية أحزابا ومواقف مختلفة منها ما يحمل المسؤولية للأستاذ ومنها ما يربط الإخفاق والفشل للمنظومة بكاملها .وحقيقة فليس ازدهار تعليمنا متوقف على المجهود المتواضع والمستمر للأستاذ فحسب بل المشكلة وحلها أعمق من ذلك ،فلابد من تظافر الجهود بدءا من الأستاذ مرورا بالإدارة التربوية فالوزير ثم الدولة بصفتها وصية على هذا القطاع ،دون أن ننسى دور المجتمع الذي يلزمه فتح أبوبه عل كل المؤسسات العمومية والخاصة والتي يراد بها تطوير الفرد والمجتمع عامة ،كما لايجب اعتبارها أجساما غريبة وبالتالي العمل على التشويش عليها وعرقلتها .إن أي تقدم وازدهار يبدأ من صميم المجتمع ،فلا يخفى علينا أن الوعي الإنساني يلعب أيضا دورا فعالا في النهوض بالمجتمعات ويحقق رقيها وتقدمها الحضاري ،لذا يجب أن يعمل كل من موقعه ويقدم المساعدة لأن الشأن التربوي قضية وطنية ومنافعها أو مضارها تعود علينا جميعا ،كما لا يجب الاستخفاف به لأنه شأن لا يحتمل الفشل .

  • محند
    السبت 31 غشت 2013 - 14:51

    لتحقيق نهضة قوية وحقيقية وفعالة يجب على الدولة المغربية ان تستثمر كل طاقاتها واموالها في التعليم والعلم والمعرفة لان التعليم هو اقصر الطرق الى تحقيق نهضة حقيقية في جميع الميادين. على الدولة المغربية ان تؤسس مناهج للتعليم تناسب هوية الشعب المغربي ولا تستورد مناهج للتعليم وتطبق التقليد الاعمى. علينا ان نستفيد من تجارب الدول والشعوب التي حققت نهضة مهمة في مجال التعليم كدول سنغفورة وكوريا الجنوبية وهنكونغ في اسيا ودولة فينلاندا في اوروبا. جودة التعليم وكفاءة الاساتذة وورح التعلم والعزيمة والمثابرة والاجتهاد اعوام السبعينات كانت احسن من اليوم بالرغم من قلة الاماكنيات المادية للطلبة تمكنا من التحصيل العلمي والمعرفي الكافي لتحقيق اهداف جد مهمة في حياتنا وتخرجت اطر جد مهمة في الطب والهندسة والقضاء الخ. وهذه هي رسالة دولة كوريا الجنوبية الى العالم "انتموا الى اوطانكم فحسب يرحمكم الله"

  • marocaine au canada
    السبت 31 غشت 2013 - 16:05

    J'ai beaucoup aimé cet aticle
    y-t-il moyen de proposer des stategies pour vous M.Bochoir,je suis residente a l'etranger et j'aimerais vous envoyer mes idees sur la gestion de classe et .
    l'enseignement structuré .
    est ce que Hespress peut afficher ton email.merci Hespress.

  • Yidir
    السبت 31 غشت 2013 - 20:27

    شكرا جزيلا لك يا استاذي العزيز !

  • sifao
    الأحد 1 شتنبر 2013 - 12:03

    " هذا لا يعني أبدا التقليل من شأن اللغة الفرنسية أو أنني لست متمكنا منها " عندما ستتمكن من اللغة العربية سننظر في تمكنك من اللغة الفرنسية ، فالاصلاح المنشود لن يكتب له النجاح اذا لم يقص على مقاسك ، فأي نجاح مرتقب لاصلاح لا يراعي الامكانيات اللغوية للمتطفلين على ميادين ليست من اختصاصهم ، بل ليس لديهم اختصاصا اصلا غير الترامي على ممتلكات الغير .
    marocaine au canada
    مشروع تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب pagesm تشرف عليه الوكالة الكندية للتنمية الدولية ، تنظيرا وتموينا بالاشتراك مع الوزارة الوصية على القطاع ازمة التعليم بالمغرب لا تعود فقط الى غياب المناهج التعليمية الفعالة وانما الى آليات الاشراف عليه وتنفيذها ، حاولي ان تقرئي مقال " الدكتور" قراءة متأنية ونقدية لتتلمسي جزء مهما من تلك الأزمة .

  • الدكتور بوشوار
    الأحد 1 شتنبر 2013 - 14:57

    أنحن في مبارة اللغة والادب والانشاء والبلاغة؟ فأنت سيبويهها وجاحظها وعبقريها. أين أفكارك في التربية خارج التفتيش والرقابة والتسلط كلها أساليب تعبر عن أمراض نفسية يكون قطاع التعليم سعيدا في تجنبها. العلوم التربوية ليست مبنية على اللغة العربية التي لايحسنها غيرك ويا حبذا لوتكرمت علينا ببعض ما في جعبتك من علمها" وقل ربي زدني علما" ولا تكن غيورا إذا لم تسمح لك الظروف من تلقي العلوم التربوية من مصادرها الاصلية وباللغة الإنجليزية ويقال كما تعلم أن القافلة تمر والكلاب تنبح ولو كنت شجاعا ما تسترت وراء اسم اسيادك. التربية علم ومهنة أتحداك أن تحدثنا عن استعمالات كا تربيع وتقدم بعض الأفكار غير التفتيش وأجهزة مراقبة المدرسين الذين يحتاجون إلى الدعم لتنمية قدراتهم ومهاراتهم المهنية.

  • sifao
    الثلاثاء 3 شتنبر 2013 - 00:46

    اتستر وراء اسم مستعار لأني اخوض في مواضيع لا تسطيع انت حتى التفكير فيها وأنت مستلق على سريرك بالاحرى أن تخوض فيها علانية .
    الم يعجبك اقتراحي بإسقاط مادة التربية الاسلامية من التعليم الاساسي والثانوي أو وتركها للاختصاص في الجامعة لمن يرغب ، أوالاقتصار فيها على بعض آداب السلوك والسور القرآنية التي تمجد الذات الالهية والتي لا تستعدي ديانات وثقافات غيرنا .
    أقسم بالرب أن لا خطوة واحدة الى الامام ما لم يتم اتخاذ هذا الاجراء تحديدا ، واذا كانت لديك الشجاعة والكفاءة لمناقشة هذه الفكرة فأنا مستعد لذلك منذ الآن .
    أما تخريفاتك فلا تستحق القراءة حتى .
    نقول علوم التربية وليس العلوم التربوية.
    نقول سعيدا بتجنبها وليس سعيدا في تجنبها
    مباراة وليس مبارة
    اللغة وعاء للافكار وليست افكارا بحد ذاتها

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية