لماذا لم تنف وزارة التربية الوطنية قرارها اعتماد الباكلوريا الدولية الفرنسية؟

لماذا لم تنف وزارة التربية الوطنية قرارها اعتماد الباكلوريا الدولية الفرنسية؟
الإثنين 16 شتنبر 2013 - 00:23

نفت وزارة التربية الوطنية في بلاغ رسمي عزمها تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وكذبت وجود مذكرة وزارية وجهت إلى مدراء الأكاديميات بهذا الشأن. لكن هذه الدبلوماسية في الرد بقدر ما حاولت التخفيف من وقع المشكلة بقدر ما تسببت في وقوع التباس أكبر من سابقه، لأنها لم تنف تجنبت الحديث عن قرارها اعتماد الباكلوريا الدولية الفرنسية في ستة عشر مؤسسة للتعليم الثانوي التأهيلي، وأن هذه الثانويات سيتم انتقاؤها كما سيتم انتقاء الأساتذة الذين سيدرسون المواد العلمية بها باللغة الفرنسية بالإضافة إلى مواد أخرى تخدم تقوية حضور اللغة الفرنسية.

كنا حقيقة ننتظر نفي وجود مذكرة بهذا الخصوص لطمأنة الرأي العام، لكن الوزارة فضلت انتهاج سياسة صرف الأنظار وتحويلها عن قضية الباكلوريا الدولية الفرنسية بافتعال موضوع تدريس المواد باللغة الفرنسية، مع أن ما نشرته “التجديد” وتابعتها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، إنما تناول هذه القضية بالذات وما يرافقها من تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية وتقوية حضور اللغة الفرنسية في الثانويات المخصوصة التي سيتم فيها اعتماد الباكلوريا الدولية الفرنسية.

إن قرارا بهذا الشكل فضلا عن كونه لم يحترم مطلقا الشكل، بكونه اتخذ في غياب رؤية استراتيجية كان من المفترض أن تخرج من مداولات المجلس الأعلى للتعليم الذي ينتظر تنصيبه، وبكونه حسم في قضية تدريس اللغات ضدا على توافقات ميثاق التربية والتكوين، وبكونه أدخل الباكلوريا الدولية الفرنسية من غير سابق تقييم ونقاش لنوعها وقيمتها الدولية وجدواها وكفاءتها في تجسيد الانفتاح المطلوب وأثرها على الباكلوريا الوطنية، إن قرارا بهذا الشكل، سينسف المنظومة التربوية الوطنية نسفا، وسيتم تقسيم المستهدفين بالعملية التعليمية إلى نخبة محظوظة تفتح لها أبواب المستقبل وطبقة عريضة من أبناء الشعب سيتم إقصاؤها من المؤسسات والمعاهد العليا ومن التخصصات الحيوية بدعوى عدم حصولها على الباكلوريا الدولية الفرنسية.

إن صورة المستقبل القريبة بهذا القرار ستكون واضحة لا غموض فيها، تبتدئ أولا بشق المنظومة التربوية إلى قسمين، ثم بدء الهرولة إلى المنظومة التعليمية الفرنسية بحكم الامتيازات التي ستمنح لها، إذ من الآن يتم انتقاء أحسن المؤسسات وأفضل الأساتذة للباكلوريا الدولية الفرنسية، ثم بعدها سيتم الانقضاض على ما تبقى من المنظومة التربوية الوطنية، وعلى توافقات ميثاق التربية والتكوين، وفي مقدمتها مسار التعريب، إذ انطلقت من الآن بعض الأصوات الفرنكفونية للتطبيل للقرار، وبدأت تشحذ السكاكين للطعن في اللغة العربية واتهامها بالمسؤولية عن تدهور المنظومة التربوية التعليمية الوطنية.

قد يفهم البعض أن نقد قرارا وزارة التربية الوطنية يعني رفض الانفتاح ونبذ الاندماج في العالمية، لكن الأمر ليس بهذه الصورة، إذ هناك فرقا بين التماهي مطلقا مع المشروع الفرنكفوني وطرح مفهوم السيادة الوطنية جانبا، وبين الانطلاق من قاعدة التفكير الوطني الاستراتيجي في قضية لغة التدريس وتدريس اللغات، وعلى أي لغة ينبغي الانفتاح؟ وما هي اللغة التي تحقق القدر الأكبر من الاندماج في العالمية والرفع من مستوى البحث العلمي؟ ثم هل هناك حاجة إلى اعتماد نظام الباكلوريا الدولية؟ وما هي حصيلة التجارب الدولية التي اعتمدت هذه الباكلوريا؟ وما قيمة الباكلوريا الدولية الفرنسية أمام غيرها ؟ وأية منهجية مقترحة للتفاعل مع هذه الصيغ؟ هل من خلال صيغة القطاع الخاص أم العام؟ وما الأثر المتوقع على قيمة الشهادة الوطنية وعلى المنظومة التعليمية برمتها؟

كنا نرجو من وزارة التربية الوطنية أن تبادر إلى مراجعة موقفها لتعارضه مع توجهات البرنامج الحكومي، وأن تنتظر تنصيب المجلس الأعلى للتعليم من أجل إحالة الموضوع عليه، وأن تتفرغ لترجمة مقتضيات البرنامج الحكومي المرتبطة بالتربية والتكوين لاسيما ما يتعلق بالبرامج والمناهج التي يعود آخر مراجعة شاملة لها إلى بداية تطبيق الميثاق.

‫تعليقات الزوار

6
  • المغربي الحقيقي
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 00:53

    95% من البحوث العلمية في العالم تكتب بالانجليزية و المغرب ما زال يعتمد على الفرنسية و يبدو انه مجبر على ذلك من طرف المستعمر الفرنسي

  • يونس
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 01:01

    تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية لن ينقص الهوية المغربية. المواد العلمية تدرس في مؤسساتنا بالدارجة. هناك عدة دول تعتمد الانجليزية كلغة التدريس و لها هوية وطنية جد قوية.
    كفانا مغالطات و دعو هذا البلد يتقدم.

  • gauss
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 12:35

    اريد اثارة موضوع ليس له علا قة بالمقال يتعلق بثانوية ملقى الويدان الاعدادية بنيابة تاوريرت حيث الحارس العام واستاد الا جتماعيات يعرقلان السير العادي للدراسة و دلك من ا جل فرض تغيير البنية التربوية حتى يستفيد استاد الا جتماعيا ت من نصف حصة,اين هو مدير المؤسسة و النيابة الا قليمية لوقف هده التلا عبات و الزام كل موضف باختصاصاته.المرجو ادراج الخبر لكوني اعرف طريقة ادراجه و شكرا

  • ahmed
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 12:41

    نقط يجب تصحيحها
    – لا يوجد بالوزارة اي مشروع لاعتماد البكالوريا الدولية الفرنسية و لكن هناك مشروع احداث بكالوريا مغربية باختيار دولي baccalauréat marocain avec une option internationale
    و هدا لا يعني بكالوريا دولية و حزبكم يقود الحكومة و يمكنكم الحصول على المعلومات الصحيحة فلمادا لا تطلبوا المعلومات من رئيس الحكومة
    – ان الميثاق الوطني للنربية و التكوين هو الدي يوصي باحداث اقسام بالثانوي تدرس فيها العلوم بلغة تدريس العلوم بالتعليم العالي و الوزارة تحاول تطبيق الميثاق فقط- و قد ارتات التعاون مع الجانب الفرنسي و السبب هو وضع اللغة الفرنسية بالتعليم العالي
    – اسالوا اساتدة التعليم العالي الدين اوقفوا تعريب التعليم العالي و لا زالوا يعارضونه و الان وزيركم وزير التعليم العالي فلمادا لا يقم بتعريب التعليم العالي؟
    – نحن لم نستطع لا التعريب و لا الفرنسة فكيف نعوض الفرنسية بالانجليزية ؟
    – ان جميع اللغات متساوية و اليوم الانجليزية هي لغة قوية لانها لغة امريكا و ليست قوية لداتها و هي لغة اجنبية اولى في مصر و انتم تعلمون درجة تخلف مصر-
    – اطلبوا من رئيسكم اما تعريب جميع الاسلاك او فرنسة جميع الاسلاك

  • احمدي2352
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 20:18

    الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. لا يمكن فهم هذا النقاش الا بمعرفة الهدف الرئيسي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين؛ وجناحهم المتشدد السلفي. هدف الإخوان المسلمين هو الانغلاق على الحضارة وعلى العلم والتقدم. الكل يعلم أن مشروع تعريب المواد العلمية في الثانوي مشروع فاشل. واللغة العربية لغة ضعيفة لضعف العرب في جميع المجالات وخاصة مجال البحث العلمي. فكلما انتقلنا من العربية الى الفرنسية الا واقتربنا من مصادر العلم. وكلما اقتربنا الى الإنجليزية الا وكانت جميع المصادر العلمية في متنول أيدينا. الإخوانيون سيدافعون عن تعريب التعليم العالي؛ وهنا سيهوي المغرب الى حضيض من التخلف الله وحده يعلم متى سيصعد منه.
    يوما بعد يوم يظهر يتضح أن أكبر خطر على التقدم هم الاخوانيون في مشارق الرض ومغاربها فمشروعهم الظلامي لا يختلف كثيرا عن المشروع السلف المتطرف

  • أبو ناجي
    الإثنين 16 شتنبر 2013 - 20:31

    كفى من استبلاد الشعب المغربي وجعله رهينة شعارات قومجية أكل عليها الدهر وشرب بل وعافها الدهر طرا. السي التليدي يريد أن يقنع نفسه ويقنعنا بأنه لا علم له بما جرى ويجري في ردهات وزارة ضمن حكومة يقودها الحزب الذي ينتمي إليه.
    الأمر يتعلق بمشروع انطلقت بلورته منذ سنة 2009 ، تمت بلورته على مهل، في إطار شراكة مع الدولة الفرنسية، ولعلم السيد التليدي – إن لم يكن يعلم حقا- فقد تم التوقيع على برتوكول الشراكة من طرف السيد هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية والسيد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية، وهو في مرحلة التجريب بسبع مؤسسات ثانوية(الدار البيضاء، الرباط، مكناس، طنجة، الجديدة، مراكش وأكادير) تربطها شراكة مع مؤسسات البعثة الفرنسية بتلك المدن، وليس 16 مؤسسة كما قال السيد بلال التليدي، ويتعلق الأمر أساسا بتدريس مواد الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض باللغة الفرنسية في إطار المنهاج والمقرر المغربيين، مع تدريس باقي المواد باللغة العربية كما في سائر المؤسسات المغربية.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات