حب الوطن ما بين الحقوق والواجبات

حب الوطن ما بين الحقوق والواجبات
الأحد 26 أبريل 2009 - 05:50

الوطن انتماء وجداني :


لعل من بين أشكال الحب الأكثر قوة ونفاذا حب الوطن والسقوط في اسر عشقه الذي غالبا ما يترجم عبر أفعال إيجابية كالإخلاص في العمل والتفاني في خدمة مصالحه العليا والنضال من أجل ازدهاره عبر واجهات متعددة قد تختلف باختلاف مواقعنا ومؤهلاتنا ودرجة انتمائنا وسخاء عطائنا ،


بهذا الشكل يكون الانتماء للوطن وجدانيا ،يسري في عروقنا كي يمتزج مع دورة دمائنا وقد يتجاوز هذا الشكل من الانتماء حدود الزمان والمكان ،حيث نحمل وطننا معنا أينما كنا ورحلنا وارتحلنا ، لا تحد من صبيبه أية إقامة أو تجنيس حتى .


فكم من المغتربين أكثر خدمة لأوطانهم من القاطنين بين ظهرانيه ،فقط لأن حبهم لوطنهم شب معهم ورضعوه مع حليب أمهاتهم و أيضا لأنهم يملكون قدرا كافيا من الاعتراف لوطنهم الأصل و كذا لانتمائهم الأول خارج حسابات الحقوق والامتيازات ،


لكن إلى أي حد نمتلك جميعنا هذا الحب للوطن ؟ ونعمل على رعايته والحفاظ عليه بما يضمن ولاءنا الدائم لمصالحه العليا خارج حساب ذاتياتنا البسيطة مهما عظمت في نظرنا ؟


الوطنية طاقة بناءة :


من المؤكد أن مستوى هذا الإحساس بالوطنية والانتماء هو ما يبني ازدهار الأوطان ونماءها ويعمل على الحفاظ على تطورها الدائم مهما كانت العوائق والعواصف والمثبطات .


فالحب يصنع المعجزات على المستوى الفردي فكيف لا لو كان جماعيا ، الحب طاقة هائلة وبقدر انتشار هذه الطاقة في أوصال الجسد الاجتماعي سوف ينتشر الدفء و الالتحام الذين ينتجان حماس الفعل البناء والتشييد العظيم .


مثل هذه المشاعر القوية هي التي أججت بالأمس القريب حماس مقاومة الاستعمار و طرده من حيث أتى مندحرا يجر أذيال الهزيمة والخيبة .


ومثل هذه المشاعر هي التي صنعت ما يمكن تسميته بالنضال الصوفي حيث كان مناضلو الستينات و السبعينات وحتى الثمانينات مهووسين بحلم التغيير البناء بدون استحضار أي شكل من أشكال الريع الشخصي اللهم إلا الشعور برضى الفعل البناء والمكاسب المشتركة ،



إلا أن عهد الانحطاط السياسي بقيمه الانتهازية والوصولية وبفجاجة برامجه وحتى مستوى بعض زعاماته عمل على اتساع دائرة الإقصاء والتهميش وما ينجم عنها من يأس وتيئيس في صفوف شرائح واسعة من المواطنين وعلى رأسهم :الشباب


الشيء الذي يؤدي إلى أشكال من النفور من هذا الوطن تتعدد بتعدد الشروط الذاتية والموضوعية كالهجرة الطوعية أو القسرية ،والتقوقع على الذات او اللجوء إلى العنف أو الانحراف …


أشكال من الاحتجاج المباشر أو غير المباشر عن ما يمكن تسميته تهميشا من النسيج السسيو اقتصادي وحتى السياسي لوطن تعرض لسطو فئات طفيلية ما فتئت تنهب خيرات البلد غير مبالية بذلك الكم الهائل من الهدر في الموارد والخيرات المادية والبشرية بل حتى القيمية منها ……


ولعل من ضمن هذه النتائج الكارثية ظهور قيم هجينة ومعها نسبة من المارقين عن حب وطنهم والجاحدين لخيراته جملة وتفصيلا لدرجة الاستهتار الإرادي أو غير الإرادي بمصالحه العليا ،


أسباب نزول هذا الكلام هي تفاجئي بنسبة المارقين عن حب وطنهم التي يمكن استنتاجها من ضمن بعض التعليقات الغاضبة والمحتجة سواء في الواقع المعيش أو في بعض المواقع المغربية ،وحيث أن الغضب ظاهرة إنسانية وطبيعية إلا أن أسلوب الشتم والسب الذي قد يصل درجة جلد الذات الوطنية بدون رحمة عبر التركيز على السلبيات فقط قد تدخل في خانة التشهير بشكل مقصود أحيانا أو غير مقصود حتى مما يدعو فعلا للحيرة و التساؤل ؟


أين مسؤولية كل فرد منا في ما حدث ويحدث بنا ؟


هل نحن بريئون تماما مما حل بنا من تدهور في بعض المجالات ؟


أو ليست سلبية الكثير منا مشاركة في صياغة هكذا وضع ؟ من خلال العزوف أ و الصمت اوالخنوع و ما إلى ذلك من سلوكيات ساهمت في النتائج التي نشجبها ؟


او ليست انتهازية البعض منا مساهمة جبارة في صناعة ما يمكن تسميته بالكساد السياسي ؟


ويمكن تلخيص كل هذا في السؤال التالي :


إذا لم يقدم لنا وطننا شيئا فماذا قدمنا له نحن ؟ سؤال غاية في الأهمية .


الوطن ليس فقط حقوقا نتمتع بها وإن كانت ذات أهمية بالغة في مرتكزات الشعور بالمواطنة .


الوطن أرض وماء وتاريخ وجغرافيا و إرث حضاري ووجدان جماعي وعديد من الأشياء الثمينة والباهظة والمقدسة حتى .


من يختزل الوطن في حكومة قاصرة فنظره قاصر لأن الحكومة وأعضاؤها آيلون للزوال لا محالة . والشعوب المسؤولة لا تسقط في فخ كراهية اوطانها نتيجة لآثام بعض مسيري الشأن العام ،بل تبحث عن الفعل اللازم لإزاحة هؤلاء وتعويضهم بمن هم أكثر جدارة وأخلاقا


فهؤلاء مهما خلدوا آيلون للزوال ونحن أيضا ،


فقط بصماتنا جميعا تبقى على هذه الأرض أو هذا الفضاء إن تمكنا من تثبيتها بشكل من الأشكال .


العلاقة بالوطن تفاعلية وجدلية وتطورية أيضا . وبقد ما تحب وطنك سيحبك إن آجلا أو عاجلا


من يريد أن يأخذ عليه أن يعطي ، من وقته وعمله وإخلاصه ومشاعره .


أكيد أن على الوطن ضمان الحقوق الأساسية لمواطنيه وحماية كرامتهم لكن أيضا على كل مواطن خدمة وطنه حسب استطاعته ….ومن لا يستطيع بالفعل فعلى الأقل من واجبه ألا يعمل على تقويض سمعة بلده و كل أحلام البناء والتغيير بشكل عدمي يدعو للتساؤل فعلا :أليس جحودا من البعض أن ننسى كل شيء إيجابي ولا نستحضر إلا المساويء المبالغ فيها.؟


بكل تأكيد لا يخلو أي بلد من سلبيات ولنا نصيبنا الوافر في ظل اختيارات غير سليمة


لكن المغرب يمتلك أيضا مقومات إيجابية يجب ألا ننكرها،


ومهما كانت آفات وطننا فهي ليست قدرا نهائيا ،


ومن يمتلك أدنى حد من الهمة والانتماء سوف يستنفر ولو جزءا من طاقاته للمساهمة في علاج هذه الآفات عوض الاستعداد للانسلاخ من مواطنته جملة وتفصيلا،


ومن هو مستعد للتخلي عن انتمائه للوطن مقابل حقوق قد تكون لا زالت في عالم الافتراض فلا خير فيه أبدا.


حب الوطن يكون لا مشروطا مثل حب الأم لأبنائها


ولا يغير جلده إلا الثعبان


لا شك أن العديد منا يحتاج أن يتعلم ميزة الاعتراف ، وأولاها شكر وطن لحم أكتافنا من خيراته ،


ومن هو مستعد للتنكر لثقافته الأصل ولوطنه بأرضه وسمائه وناسه وأهله وذكرياته وحضارته وووو لا يستحق أي انتماء أصلا وسبقى فاقدا للبوصلة وموضوعا للإقصاء إن لم يكن ماديا فمعنويا كما حكى العديد من المجربين ، ومن يختزل الوطن في حكومة وإدارة ووو فبصره أعمى


نأمل له العافية في القريب العاجل .

‫تعليقات الزوار

8
  • فاطمة الزهراء الزعيم
    الأحد 26 أبريل 2009 - 05:54

    تحية عطرة أشتاذتي عائشة
    أحييك على مقالك ووطنيتك الجميلة. متمنياتي لك بمزيد من التألق والعطاء.

  • ابو البراء الامازيغي
    الأحد 26 أبريل 2009 - 05:56

    ما قيمة هذا الوطن ان لم يكن المواطن الذي فوقه ذا قيمة اضرب لك مثالا قصة عائلة المرحاض بسلا كيف لاطفال يعيشوا في المراحيض ان تكون لهم غيرة وحب لهذا الوطن الوطن الحقيقي هو الذي يعطيني الشغل والكرامة و…وليس الذي يعطيني الظلم والجور والقمع و الايذاء …
    استبغال المغاربة

  • اوشهيوض هلشوت
    الأحد 26 أبريل 2009 - 05:58

    نعم يا استاذة اتفق معك في ان الوطن عطاء قبل الأخد لكن من يسمح لك بالعطاء فاحرى ان تاخد
    يا استاذة الخلل بنيوي ونشر اللاوطنية متعمد لتبليس (ابليس) الجميع وتفعيل قانون الغاب
    يا استاذة لا احد يولد كافرا بوطنه لكن الواقع عنيد
    يا استاذة المواطن/ الوطن ذليل”عليه جنابات (القهر) لن تكفيه للإغتسال مياه دجلة والفراة”
    يا استاذة الخريف اسقط اوراق الأشجار ونحن في انتظار الربيع للإستمتاع بظل اخرى …..
    فمتى ياتي الربيع يا سيدتي الهزارة؟؟؟؟؟؟؟

  • Padrino
    الأحد 26 أبريل 2009 - 06:02

    أريد ان اطرح وجهة نظر من غير ان يغضب احد رجاءً
    اللغه البربريه او الامازيقيه
    ما الفائده منها!!
    اذا كانت اللغة العربيه تفي بالغرض وزياده
    وهي لغة اهل البلاد والبلاد المجاوره
    وهي لغة القران والدين
    لماذا التشبث بلغة ميته وعديمة الفائدة
    ام أنها عصبيه مثل عصبية الاكراد!! وماذا جلبت هذه العصبيه للاكراد؟؟ الذل والهوان
    ماذا يريد البربر ؟؟ الاستقلال عن العالم العربي!!
    وعند الاستقلال .. هل سيبقون في عزله ويكونون المغرب البربري.. ام سيرتمون في احضان اوروبا!!
    لقد تخلى اهل البربر القدامى عن لغتهم واستبدلوها بالعربيه تماما كما فعل أهل العراق والشام ومصر عند دخول الاسلام بلادهم
    حتى اهل الديانات الاخرى المقيمين في تلك البلاد تخلوا عن لغتهم واستبدلوها بالعربيه لغة القران

    اهم عامل في ارتباط البلد والامه هو لغته
    وما المطالبه باعادة اللغة الامازيقيه الا فتنه طائفيه بتخطيط ودعم من العالم الغربي للتفرقه والتشرذم
    من الافضل والاصلح للغة الامازيقيه ان تموت بهدوء.

  • الميسوري
    الأحد 26 أبريل 2009 - 06:06

    سؤال الوطن
    ملنا مسؤولون امام ما نتقاسمه و نشترك فيه داخل عذا الوطن العزيز
    من اراد الانتقاذ و تحميل المسؤولية للاخر فليتفضل بكرح السؤال التالي على نفسه
    ماذا قدمت انا؟
    الوطن ام
    اصل
    هوية
    نمط عيش
    عادات
    تقاليد
    ارث و موروث
    تاريخ
    ساكن فينا
    وساكنون فيه
    حليب رضعناه
    و دم فينا
    لكننابدون نفس
    نرضى الذل و الهوان
    متعاطفون و لسنا عقلانيون
    متسامحون
    و اصبح القانون متسامحا اكثر منا
    طلبنا انعاش المدرسة
    فالمدرسة ام اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق

  • Agzennay
    الأحد 26 أبريل 2009 - 06:00

    السيد Padrino لكي أجيب عن أسئلتك فأنا أحتاج إلى مجلدات كاملة في الفلسفة و التاريخ و الجغرافيا و اللغويات و الأنتروبولوجيا و غيرها من العلوم الإنسانية , طبعا إذا كان عندك الوقت الكافي للإستماع إلى ما سأقوله و لكن يبدو لي أنك مستعجل جدا لكي تتخلص من هذا “الصداع” المتمثل في اللغة “الأمازيقية” كما سميتها, لذلك أنصحك أن تفعل كما يفعل إخوانك و تتجاهل البربر و تواصل بناء أمتك العربية لكي تلحق في أسرع وقت ممكن بركب الأمم المتقدمة و تسترجع مجد أجدادك الغابرين و تقود العالم, واتركنا نحن في جهلنا و جاهليتنا و لا تلتفت إلى المؤامرات التي نحيكها مع الماسونية و الصهيونية و الكفار لإضعاف أمتك العضيمة

  • يوسف ماليزيا
    الأحد 26 أبريل 2009 - 06:04

    سوالك عن فائدة اللغة الامازيغية مثل سوالك عن فائدة السكن في المغرب عوض السكن في السعودية بلاد رسول الله و الصحابة و موطن العرب و العربية؟ اليست السعودية بلدا كبيرا كافيا لحمل المغاربة؟ اليست الانجليزية لغة العلم فلماذا اذن ينشبت الاطاليون بالاطالية و الالمانيون بالالمانية و الصينيون بالصينية؟ العدو الحقيقي هو الذي يبغي ابادة الهوية و اللغة الامازيغيتين لان الذي يلبس ثياب غيره عريان. و لامستقبل بدون ماض و لاماض بدون لغة.

  • بلحسن
    الأحد 26 أبريل 2009 - 05:52

    بكل صراحة، الحراميين ومصاصي دماء المستظعفين هم وحدهم من لهم الحق بأن يفتخروا بالمغرب. البلد الذي أعيش فيه ذليلا لا يمكنني أن أحبه أبداً.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات