فيشر: لا غنى عن الأخلاق في الحروب‎

فيشر: لا غنى عن الأخلاق في الحروب‎
الإثنين 22 شتنبر 2014 - 02:22

شغلت العلاقة بين الاخلاق والحروب أذهان الكثيرين منذ آلاف السنين ويرى كاتب بريطاني شغل مناصب رفيعة في بلاده أنه حتى في الصراعات المسلحة لابد أن تلعب الاخلاق دورا كي تتحقق العدالة ويتم تقليل الأضرار الناجمة عنها منتقدا الحملة الاسرائيلية على غزة في أواخر 2008 وحرب العراق 2003.

وفي كتابه “الأخلاقيات والحرب” يؤكد ديفيد فيشر أن الحرب أداة مشروعة لكن الإخفاق في الالتزام بأعرافها وقواعدها الأخلاقية العادلة يخلف على الدوام بحارا من الأسى والألم، معارضا المذاهب الفكرية الرافضة لوجود دور للأخلاق في الحروب والعلاقات الدولية مؤكدا على أن الأخلاق تسهم في ازدهار الأمم ومنع المعاناة.

وقال فيشر “يزعم الواقعيون أنه لا صلة بين الاخلاق والحرب وتنبع هذه النظرة من اعتقاد راسخ مفاده ان هذه هي حالة العالم وأن السعي وراء القوة وليس الأخلاقيات هو ما يحرك رجال الدولة في تصرفاتهم في المجال الدولي”، لكنه أكد “أن الاخلاق ليست شيئا غامضا أو غير عقلاني بل انها تقدم الارشادات الضرورية حول كيفية ازدهارنا كبشر وكيف يمكننا نشر الرفاهية ومنع المعاناة.”

وصدر الكتاب المؤلف في 427 صفحة متوسطة القطع ضمن سلسلة عالم المعرفة التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت وترجمه الأستاذ الدكتور عماد عواد.

وبجانب عمله الأكاديمي في كينج كوليدج بلندن شغل فيشر مناصب رفيعة بوزارتي الدفاع والخارجية البريطانيتين وعمل مستشارا برئاسة الوزراء ومستشار دفاع للمملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي، كما حصل الكتاب على جائزة دراسات الحروب في العام 2013 قبل عام تقريبا من رحيل مؤلفه في فبراير شباط 2014.

وينقسم الكتاب إلى جزئين يعرض الأول آراء العديد من الفلاسفة والمفكرين عن أخلاق الحروب بداية من أرسطو وافلاطون مرورا بفلاسفة القرون الوسطى وحتى منظري العصر الحديث كما يعرض آراء فكرية حديثة عن الحرب وأخلاقياتها بينما تطرق في القسم الثاني إلى قياس قواعد الحروب على عدد من الحروب الحديثة أهمها حرب الخليج والصراع في غزة في اواخر 2008 ومطلع 2009.

ونبه فيشر إلى أن الالتزام بقواعد الحرب العادلة يشترط توفر عناصر عدة أهمها وجود سلطة مخولة باتخاذ قرار الحرب وخوضها دفاعا عن قضية عادلة وتوافر النية الحسنة واللجوء إليها كملاذ أخير وأيضا ألا يكون الضرر الناجم عنها غير متناسب مع المصلحة المستهدف تحقيقها.

ولفت أيضا إلى أهمية حماية المدنيين خلال الصراعات المسلحة في ضوء ما وصفه “بحصانة غير المقاتلين” وعارض في هذا الصدد الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة في ديسمبر كانون الاول 2008 ويناير كانون الثاني 2009 باعتبارها انتهاكا واضحا لهذا المبدأ.

وقال فيشر “مثل الهجوم (على قطاع غزة) خرقا صريحا لمبدأ حصانة غير المقاتلين وعلى خلاف ذلك ادعت الحكومة الاسرائيلية أن قواتها هاجمت أهدافا عسكرية فقط وبذلت جهودا كبيرة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين… الواقع يشهد بوجود عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين وتضمن ذلك مقتل نساء واطفال في مشهد مروع تابعه العالم بأسره.”

كما أفرد فيشر فصلا كاملا من كتابه لحربي الخليج الاولى والثانية حاول فيه قياس مباديء الحرب العادلة عليهما وهل كانتا لرد الظلم وطرد الغزاة أم ارتبطتا برغبات غير معلنة مثل السيطرة على النفط.

وأيد المؤلف حرب الخليج الأولى واعتبرها عادلة مؤكدا أنها سعت لرد الغزو العراقي عن الكويت على عكس الغزو الأمريكي للعراق في 2003 الذي وصفه بالجائر نتيجة الآثار المترتبة عليه فضلا عن اتضاح خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل.

وقال “انطبقت على حرب الخليج الأولى معايير الحرب العادلة ومن ثم يمكن الحكم عليها بأنها كانت بالفعل حربا عادلة أما بالنسبة إلى حرب الخليج الثانية فقد تم خوضها شأنها شأن اغلب الحروب انطلاقا من خليط من الدوافع.”

وتابع معلقا على الغزو الأمريكي للعراق في 2003 “يعلم الجميع الآن من واقع التقرير النهائي لمجموعة البحث في العراق بتاريخ سبتمبر 2004 انه لم يكن في حوزة العراق أسلحة دمار شامل ولكن (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين كان يمتلكها وبكثرة قبيل وأثناء حرب الخليج الأولى.”

وناقش فيشر أيضا ما أطلق عليها “الظروف الاستثنائية” التي برزت على الساحة الدولية في أواخر القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين خاصة في الولايات المتحدة إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر ايلول 2001 ومدى مشروعية اللجوء لاتخاذ إجراءات استثنائية مثل توجيه ضربات استباقية لإحباط أي تهديد محتمل.

وتساءل الكاتب “هل من الصواب إسقاط طائرة مخطوفة على متنها 30 رهيئة بريئة اذا كانت على وشك الاصطدام ببرجي التجارة العالمي في نيويورك وما يترتب عليه من مقتل الآلاف؟”

وبين المعايير الأخلاقية الثابتة والظروف المتغيرة للصراعات يرى الكاتب أن الباب مفتوح أمام “تغير” قواعد الحرب ومقتضياتها مؤكدا ان تعاليم الحرب العادلة “لا تستند إلى مبدأ ثابت بل هي في الأحرى تقاليد تطورت على مدار العقود ولا تزال في استجابة للظروف والطبيعة المتغيرة للحرب.”

‫تعليقات الزوار

1
  • المغتربة
    الإثنين 22 شتنبر 2014 - 08:47

    هذا ما يسمى في الاسلام باداب الحرب
    و التي تتمثل في
    عدم قتل الشيوخ و الاطفال و النساء و الناسك قال صلى الله عليه وسلم( و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا طفلا صغيرا و لا امراة و لا منعرلا بصومعة )
    عدم الافساد في الارض من قطع الشجر و حرق المحاصيل و الحفاظ على العمران
    الانفاق على الاسير قال تعالى (و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و اسيرا)
    هذه اخلاق المسلمين في الحرب التي تحافظ على الشرف و الانسانية في التعامل مع الخصوم
    ادا ما قارانا ذلك بما يوجد اليوم و ما وجد سابقا امما ابيدت كما حصل للهنود الحمر في مريكا
    و حروب القرن العشرين و الواحد و العشرين التي لم يعد اسم حرب يليق بها بل شيء ثاني اكثر فظاعة واكثر قسوة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة