صرخة الإطار المعطل

صرخة الإطار المعطل
الجمعة 8 يناير 2010 - 07:37


حلت سنة جديدة بطقوسها المتميزة ، وبقدر ما هي رمز للتفاؤل بالنسبة للبعض، فإنها بالنسبة للأطر العليا المعطلة رمز الهواجس والهموم والترقب، تأتي سنة وتذهب سنوات، لكن أزمة بطالة الأطر العليا المعطلة تبقى هي هي تراوح مكانها، وستبقى وصمة عار في جبين الحكومات المتعاقبة رغم مساحيق التجميل التي يحاولون بها تلميع صورتها على المستوى الخارجي والتي ما تلبث أن تزول مع أول قطرة دم تنزفها أجساد الأطر المعطلة الصامدة جراء القمع والاحتقار والشطط المسلط عليهم في شوارع ودروب العاصمة.


إن قراءة متأنية لتاريخ نضال الأطر العليا المعطلة بالمغرب لا يدع مجالا للشك بأن هاته الحركة عوملت بنوع من التهميش المقصود من طرف القوى السياسية، وكأنهم وباء معد يخافون الاقتراب منه لعله بفتك ببرامجهم الحزبية المليئة بالوعود الكاذبة والخطابات الرنانة ، فكيف يعقل بأن تكون هناك اعتصامات ومظاهرات شبه يومية تقودها عدة مجموعات للأطر العليا المعطلة، المصحوبة بشعارات يتم ترديدها بأعلى الأصوات، مطالبة بحقها بالشغل والتي يصل صداها إلى داخل قبة البرلمان دون أن تحرك سكون أي برلماني والذي لا يكلف نفسه ولو عناء النزول إلى ملاقاة هاته الأطر ومحاورتها والتصنت إلى آهاتها و معاناتها. أما السلطات فلا زالت تتعامل معها بالمنظور الأمني الأخرق وكأنها خطر يهدد وحدة الدولة وكيانها، فتجد مختلف أجهزتها ومعداتها دائما على أهبة الاستعداد لقمع أطر معطلة، سلاحها الوحيد أجسادها التي نخرها غدر الزمان وأصواتها التي بحت من كثرة ترديد الشعارات المطالبة بحقها العادل والمشروع في الشغل، إنها بالفعل مهزلة لا تضاهيها مهزلة، في ظل السكوت المتعمد للعديد من وسائل الإعلام الوطنية إلى التطرق لهاته الظاهرة الحساسة خاصة المرئية منها من أجل تحليل الأسباب ومناقشة الحلول.


فكيف لأطر عليا معطلة أفنت شبابها في التحصيل والدراسة وتعتبر من خيرة ما أنجبه الوطن أن تتعرض لتهميش ممنهج ولإقصاء مدروس سلفا، إنها حرب خطيرة تتعرض لها الأطر العليا المعطلة، حرب عنوانها التعتيم واللامبالاة، أيعقل أن يقع هذا في زمن أصبح معه العالم قرية صغيرة.


إن التاريخ يعيد نفسه وأخشى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه ملف قمع الأطر العليا المعطلة وتحطيم عظامها وإذلالها ملفا آخر لهيئة أخرى للإنصاف والمصالحة، ألا يكفي ما عرفه المغرب في سنوات الرصاص من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان؟ ألم يتعلم المغرب الدرس مما مضى؟ الم يعلنها صراحة في ظل العهد الجديد بأنه عازم على قطع الصلة بمخلفات الماضي؟ أم أن مصالحة الذات هي شعار يتغنى به فقط للاستهلاك الخارجي.


نقولها بملء الفم، نحن الأطر العليا المعطلة مغاربة بالسلالة والهوية ومعتزون بوطنيتنا، ولن نركع إلى محاولة البعض بأن يجعل ملفنا وسيلة لتصفية الحسابات السياسية، ولن نسمح لتلك الطبقة التي خططت لسياسية تعليمية عقيمة بأن تكرس البطالة والأمية حتى تجعل من ضحاياها كائنات مدجنة ووقودا لحملاتهم الانتخابية، فقد برهن أبناء الشعب بقدراتهم الشخصية وتضحياتهم عكس ذلك، وما حصولهم على دبلومات عليا في ظروف جد قاسية إلا دليل على قوة هاته العزيمة ، فلولا الفقراء لضاع العلم، فكفى من إهدار طاقات هذا الوطن، وكفى من مصادرة حقهم في الشغل المضمون بقوانين وطنية، وأتيحوا لأبنائه من النخبة أن يساهموا في بنائه، فإنهم أكثر غيرة على هذا الوطن من غيرهم، ممن يتقمصون دور المواطن وعقولهم هناك، إنها صرخة الإطار المعطل فأنصتوا إليها يرحمكم الله، أما التاريخ فانه لا يرحم.

‫تعليقات الزوار

3
  • zrika sabir
    الجمعة 8 يناير 2010 - 07:41

    الحول على شهادة لا يكفي للولوج الى الوظيفة او العمل..يجب ان تكون الشهادة ذات قيمة في سوق العمل و ان يجتاز حاملها المباريات المفتوحة و المخصصة لهم..ماذا ستعل حين بكون عندك 400حامل لشواهد تافهة للتباري على منصب واحد…مثلا كليات الاداب فائضة باساتذة ليس عندهم استعمال زمن نظرا لقلة الطلبة..الاساتذة “مدابزين” بينهم “بغاو ما يقرو…ماذا نفعل نكثر من طلبة “الدراسات الاسلامية” او “التاريخ” او الجغرافيا..؟ لا مجال.. ستكون خسارة للدولة.. في امريكا لا بل حتى في ايران المتاسلمة تجد واحد حاما دكتورة في الطب و يعمل فلاح او سائق.. و في الارجنتين.. ينبغي ان تكون ثمة تكوينات ملائمة لاقتصاد البلد…ما فائدة الصراخ

  • اطار معطل
    الجمعة 8 يناير 2010 - 07:43

    اننا نعاني الامرين في شوارع الرباط من التدخلات السافرة لقوات الامن بمختلف اشكالها في ظل سكوت المنظمات الحقوقية سواء الرسمية منها أو المستقلة مما يطرح عدة أسئلة حول مصداقيتها، لكننا لن نقف مكتوفي الايدي للمطالبة بحقنا في التعيين المباشر في اسلاك الوظيفة العمومية طبقا للقرارين الوزاريين 695/99 و888/99 لأننا عاهدنا العائلات اما التوظيف أو الممات ، وتحية نضالية لكل الاطر المرابطة بالرباط

  • انسان صريح
    الجمعة 8 يناير 2010 - 07:39

    السبب كله الذي ادى الى استفحال ظاهرة البطالة في صفوف الاطر العليا المعطلة هو السياسة التعليمية التي نهجها الوزير السيء الذكر عز الدين العراقي ابان فترة الثمانينات عندما كان وزيرا للتربية الوطنية فقد هندس هو ومجموعة من الفاسيين الحاقدين والعنصريين الى خلق نظام تعليمي مشوه وغير مهيكل بغية تخريج أطر ذوي تخصصات غير مقبولة في سوق الشغل في حين قاموا بارسال ابنائهم الى الخارج ليتكونوا في مجالات كانوا متاكدين من حاجة المغرب اليها مستقبلا والنتيجة ظهور طبقة جديدة من الفاسيين خريجي مدرسة القناطر بباريز والسربون وووو… وحاليا هم من يتحكمون في السياسة العامة للبلاد اما الضحية فهو ابن الشعب الذي مهما وصل من المستويات ومهما حصل على الدبلومات فانها تهمش وتقمع بواسطة ابناء الشعب من القوات العمومية التي تحركها عائلة الفاسي لكي تضحك هي في الاخير على الجميع وتطل عليهم من قلاعها العاجية

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش