الاتحاد السوفياتي لا زال قائما

الاتحاد السوفياتي لا زال قائما
الخميس 21 يناير 2010 - 15:53

ربما سيتبادر لدهن القارئ أن هذا الموضوع لا علاقة له بمجتمعنا و أنه بعيد عن منهاج حياتنا ونموذج بنية مجتمعنا.


فرويدا ولا تستعجل بالاستنتاج، فاللؤلؤ يقبع في قعر البحار لا على سطحها. إن مجتمعات كثيرة على اختلاف، ظاهريا، أنماط حياتها تكون في حقيقة الأمر تتبنى منهجية واحدة في أسلوب سيرها التاريخي تحت ألوان مختلفة يربط بينها المنبع الطبيعي. فهي كالزهر في الحقل على تباينه يبقى نوعا واحدا من النبات مرتبطا، لديمومة حياته، بالتربة والماء والشمس.


وكذلك البشر ولو تباينت ثقافاتهم ومعتقداتهم و أجناسهم يبقون ذاك الكائن العاقل الطامح للبقاء ولو على حساب الآخر، وهذه نقطة لقاء كل الطفيليات سواء كانت في عالم الحيوان أو النبات. فالطفيليات تخنق ضحيتها كي تعيش، لأنه لا حياة لها إلا على حساب الآخر. و الأمر قد يهون عندما يتعلق بعالم النبات أو الحيوان لأنها سنة الطبيعة، إلا أنه يصبح خطيرا حين يختار أرضية له المجتمع البشري لما لذلك من آثار سلبية عليه في جميع المجالات: الإقتصاد والعلم و السياسة..، حيث ترى عجلة تطور المجتمع تدور في حلقة فارغة وعقيمة، مما ينتج عنه ركود في كل المجالات الحيوية، التي من شأنها الرفع من مستوى هذا المجتمع والسير به نحو مستقبل زاهر، يؤدي إلى الانهيار و الزوال كما حصل بالاتحاد السوفياتي و سيحصل بإيران إن بقي الوضع على ما هو عليه اليوم.


إن انهيار الاتحاد السوفياتي جاء من جراء سيطرة الدغمائية العقيمة على المجتمع في كل المجالات (رغم أننا نسلم بخطة عدوانية أحيكت ضده من طرف أعداء العدالة الاجتماعية) لدرجة أنك كنت لا تستطيع كتابة مقالة أو دراسة أو رسالة علمية، في كل العلوم إنسانية أو دقيقة كانت، دون الاستشهاد بماركس وإنجلس و لينين (و قبل عهد خروشوف بستالين). فتصور أيها القارئ أنه كان يتحتم على الباحث في علوم اللغة الرجوع إلى مصادر المذكورين أعلاه. و كذلك الأمر كان للرياضيات والفزياء والطب بل والرياضة البدنية. هذاالإطار الإديولوجي، الذي خنق حرية الفكر و بالتالي التعبير، ولّد جيشا من الطفيليين الاجتماعيين تشكل منهم فقهاء الحزب الحاكم آنذاك يفسرون و يحللون على أهوائهم و يمنعون من النشر كل من خرج على القاعدة المعتادة داخل المجتمع السوفياتي و يتهمونهم بالزندقة لمحاولته التخلص من قيود الفكر المتحجر المضروبة على المجتمع و كأنه لا فكر إلا في إطار الحزب الشيوعي السوفياتي و شريعته.


وبالرغم أن الكل كان يرى أن الوضع أصبح يهدد بالانفجار و أنه لا بد من إعادة النظر في بنية الفكر وإصلاح ما اعوج منه، فإن فقهاء الحزب واجهوا كل محاولة للنهوض بالمجتمع السوفياتي و الخروج به من دائرة التحجر إلى حضيرة المجتمع المدني المتحضر بحملات تكفير أصحاب الإصلاح و اتهامهم بالخروج عن الشريعة الشيوعية الحقيقية. وموقفهم هذا لم يكن لإيمانهم العميق بإديولوجية الحزب الحاكم، بل جاء بدافع خوف من فقدانهم امتيازاتهم الاجتماعية ومكانتهم الريادية في التشريع. رغم أن جلهم لم يكن يتمتع بإمكانيات فكرية وعلمية تؤهله لمنصبه العلمي، وإنما كان من ورائهم انتماؤهم الحزبي. لذلك تمسكوا بجسد يحتضر يهتز من حين لآخر من جراء لمساتهم الهستيرية له، فاعتقدوا أنه لا زال بصحة و عافية إلى أن فاجعتهم منيته فهرعوا يتلونون بألوان مختلفة، كالحرباء، تارة هم ديمقراطيون و أخرى ليبراليون.. كي يطفون من جديد فوق سطح المجتمع الجديد.


هذا هو مصير كل مجتمع يرفض تطوير فكره وإصلاح نهجه و إعادة دراسة تاريخه بعيدا عن الأساطير والمثولوجيا. إن المجتمع كاللغة فهي لا تتطور إلا بتطور مجتمعها و كذلك هذا الأخير فإنه لا يتقدم إلا بتقدم فكره. و كل محاولة للسير به إلى الأمام على أرضية فكر دغمائي عقيم متحجر يكون صاحبها كمن يضع محرك طائرة بعربة بدائية لشق عباب السماء.

‫تعليقات الزوار

9
  • أيـــــــــــــوب
    الخميس 21 يناير 2010 - 15:55

    نم قرير العين يا رجل ..
    ففكر الشيوعيين وكذلك فكر الرأسماليين حتى لو طوروه و”حينوه” كل أربع وعشرين ساعة فهو يحمل بذور تدميره ..
    إنها النتيجة الحتمية لفكر كل من تسول له نفسه الغاوية وعقله القاصر منازعة الله في ملكه..
    نسأل الله أن يلهنا رشدا ..

  • محمد ايوب
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:05

    انهار ما كن يسمى بالاتحاد السوفياتي الذي كان يعد قبلة ما يسمى ياليسار، ومع انهياره ظهر بؤس الفكر الاشتراكي الشيوعي منه والديموقراطي… كانت موسكو قبلة لكثير من اليساريين ومعها عواصم اخرى خاصة بيكين وبيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية ومعها الزعيم كيم ايل سونغ…كان بعض يساريينا يرتبطون بموسكو اكثر من ارتباطهم بواقعهم الى درجة انهم كانوا يضعون على رؤوسهم المظلات الواقين من المطر مع ان الجو صحو عندنا وعندما تسالهم يقولون لك ان المطر يسقط في موسكو… امطرنا الرفاق بكثير من المصطلحات والشعارات التي ظهر فراغها وخواؤها بل بؤسها لذلك كان هؤلاء الرفاق اول من هجرها مع اول ضربة فاس هوت على سور برلين ايذانا بانهيار معسكر الرفاق الذين هرولوا عندنا وفي بلدنا نحو المخزن لنيل ريعه وبشكل انتهازي ووصولي عز نظيره بحيث ضرب هؤلاء الرفاق عرض الحائط بكل قاموسهم اليساري والثوري وما حفل من عبارات شنفوا بها اسماع “مناضليهم”الذين صدقوا ما كان يقال لهم قبل ان ينفضح هؤلاء الييساريون في خطوة تاريخية اكدت بالملموس مدى انتهازيتهم ووصولهيتهم وكذبهم ونفاقهم الى درجة انهم الآن يتحالفون مع من كانوا يعتبرونهم احزابا ادارية واعداء ايديولوجيين لهمأ انظروا مع من يتحالف حزب اتحاد الشركات -اقصد الاتحاد الاشتراكي- ومعه “حزب الطبقة العاملة المغربية” واقصد به حزب اسماعيل العلوي الذي كان يفتخر ايام زمان بكونه الحزب الشيوعي المغربي، وانظروا اين يصطف صلاح الوديع وبنشماس وحرزني وغيرهم ممن كانوا يمثلون ما يسمى باليسار الجذري… شاءت ارادة الخالق سبحانه ان اعيش لارى بام عيني تهافت الفكر الاشتراكي وانتهازية حامليه ووصوليتهم… اين الاختيار الثوري؟ اين” لنخدم الشعب”؟ اين منظمة 23 مارس؟ اين الى الامام؟ اين واين ثم اين…كلهم اصبحوا يهرولون نحو نيل حصتهم من كعكة المخزن قبل فوات الأوان ولشعارهم:انا وبعدي الطوفان…يساريونا اصبحوا رموزا للبورجوازية الجديدة التي تمتص دماء العمال الذين كان هؤلاء اليساريون يتبجحون بالدفاع عن مصالحهم… انهار الاتحاد السوفياتي ومعه الفكر الاشتراكي لان ذلك لم يكن موافقا لطبيعة الانسان: قولا وعملا وليس لان هناك مؤامرة حيكت ضده…

  • rachid
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:03

    ان الثورة البلشفية كانت خطأ تريخيا و مناقضة للفكر الماركسي نفسه لان الانتقال الى المجتمع الاشتراكي ومن ثم الى المجتمع الشيوعي له شروطه الطبيعية حسب ماركس ولا ياتي على حرق المراحل، ان ما حصل في روسيا ايام لنين كان حرقا للمراحل مما انتج مجتمع مشوه، لا من ناجية نمط الانتاح و الاقتصاد بصفة عامة ،هذا الوضع انتج بنية اقتصادية مشابهة لنمط الانتاج الاسيوي و بالتالي بنية سياسية اوليغارشية تحول جزء كبير الى فئة مافيوزية فهذا التشويه على مستوى البنية هو الذي ادى الى ظهور تناقضات معاكسة للفكر الماركسي ا جهز على الاتحاد السوفياتي الان الدولة الاشتراكية التي اسسها لنين كانت تجمع في طياتها ما يدحرها في وقت و جيز كانت اشتراكية كارتونية ان صح التعبير ، ان التحرر في الافكار و ترك نمط الانتاج الرسمالي يدحر نفسه بنفسه، كما اشار الى ذلك ماركس،يجب على الانسان ان يقتل الانا الطاغية التي تجعله جشعا و واستغلاليا، الابد من ثورة فكرية شاملة لما فيه نفع للبشرية جمعاء، الابد للقطع مع هذه الوظعية التي تعيشها البشرية فهي تتجه الى الهاوية. لهذا اقول لصاحب المقال ان الوضع الان ليس افضل كما يتصوره فهو اسوأ ليس هناك فكر متحرر كا يدعي بل هناك ستلاب و عنف مرة معنوي و مرة مادي ظاهر للعيان يمارس على جميع شعوب الارض ، فهل تتخيل ان الدول الرأسمالية لا تمارس الرقابة و لا تجهض الفكر الحر فالعكس هو الصحيح فالاصوات الحرة في الغرب يمارس عنها قمع معنوي استيلابي ممنهج ان الوضع قاتم لما تتصور.
    اقول لصاحب المقال ان المعيار الذي استخدمته لتوضيح كيفية سقوط الاتحاد السوفياتي يمكن ان يقاس به الوضع نفسه على الاقتصاد الرسمالي لكن بتحليل منطقي لكن جد مركب و معقد عليك بتجميع المعطيات و تحليلها ان كنت انسانا اكاديميا بعيدا عن الهفوات الايديولوجية

  • الجنرال ياسين
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:01

    السوفيات كانت أمريكا تخافهمـ، و مازالت لحد الان
    لكن الافكار المنغلقة لديهم و تشددهم في العديد من الامور لم يلقوو استحسان من المجتمع الدولي و المدني

  • السيدة الحرة
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:09

    أؤيد ما جاء في رد الاخ رشيد التعليق رقم 3.
    الشيء الذي انهار هي الدغمائيةوراسمالية الحزب في الاتحاد السوفياتي , وستنهار كل الدغمائيات المريضة في المستقبل القريب ,وقد بدأت الارهاصات الاولى لهذا الانهيار
    .البديل هي العدالة الاجتماعية والقضاء على الفوارق الطبقية بطريقة او باخرى ,ليبقى البديل الاشتراكي هو الامثل .المثال امريكا اللاتينية…
    شكرا هيسبريس

  • samircama
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:07

    ليس عيبا أن تفشل تجربة ما .فلو كنا نمتلك فكرا علميا لأمتلكنا نقدا صحيحا.لكن مع الأسف فعقلنا عشت فيه خيوط الظلام و الرجعية.إن كنت متفقا مع منطق تحليلك سأقع في مأزق إعطاء نفس التحليل و القراءة و النقد فيما يتعلق بتراجع الحكم الإسلامي

  • kamal*//*كمال
    الخميس 21 يناير 2010 - 15:57

    يشير المقال، عبر توظيفه لتجربة الإتحاد السوفياتي، إلى خطر الاستسلام للدغمائية، مهما كانت منابع أسسها، كموجه للعمل السياسي و الاقتصادي و الثقافي.
    ربما يتفاعل الدُغمائي مع الواقع بما تمليه عليه مصلحته الذاتية و نزعاته الانتهازية.
    و لكن، كذلك، يطغى على الدغملئي جهل بتعقيدات الواقع المتطلبة للاجتهاد و المثابرة الغير منقطعة. يُعمي بصيرة الدغمائي عجزه عن الوعي بتعقيدات الواقع التي يتوقف النجاح في مواجهتها على مدى تبني مقاربات متعددة ودائمة التحول؛ مقاربات من المفروض أن تتوخى ملاءمة كل انعراج قد يطرأ على الواقع المتغيرة عناصره و مؤثراته باستمرار.
    فالدغمائي يشبه الشخص الذي يضع، بكل فخر و تعالي، على أعينه نظارات سوداء (نظارات قد تصلح للوقاية من أشعة الشمس خلال ظهيرة من نهاية شهر يوليوز) و هو بداخل مكتبه يتصفح بنود الميزانية وجسمه يرتعش تحت وطأة البرد القارص و عيناه تحاول مصارعة الظلام عشية نهاية شهر دجنبر

  • يساري
    الخميس 21 يناير 2010 - 15:59

    إن الواقع أكثر تعقيدا مما يعتقد صاحب المقال. فالصراع الطبقي كان قبل الاتحاد السوفياتي وما زال قائما حتى اليوم. خلال أيام الحرب الباردة بين الشرق والغرب كان الصراع قد وصل إلى مرحلة خطيرة بسبب سباق التسلح خاصة في مجال الأسلحة النووية، الشيء الذي كان بهدد الكائن البشري في وجوده. وبالتالي كان من المنطقي أن ينسحب الشرق من هذه الحرب الباردة لصالح استمرار وجود الإنسان فوق سطح الأرض، لأنه بدى واضحا أن تلك الطريق لن تأدي إلى بناء المجتمع المنشود. فكان هذا موقفا عقلانيا وإنسانيا يستحق عليه كوربتشوف جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها.
    من جهة أخرى، كان وجود المعسكر الشرقي يخدم الأنظمة الرأسمالية أكثر مما يضعفها، إذ كان يشكل حافزا قوياللمجتمع الرأسمالي كي يبدع حلولا لبعض المشاكل الاجتماعية التي تتناقض أصلا مع منطق اقتصاد السوق كالعمل النقابي وحرية التعبير و…إلخ. الشيء الذي كان يساهم في استمرار النظام الرأسمالي بدلا من ترك تناقضاته نضفو على السطح لتسريع وتيرة الصراع الطبقي من أجل الوصول إلى مداه.
    هذا ما نلاحظه اليوم. ألم تسمح الحكومات الرأسمالية اليوم لنفسها بالتجسس على هواتف مواطنيها واعتقالهم و … باسم محاربة الإرهاب؟ أين هي إذن حرية الفرد في المجتمع الرأسمالي؟ ألم تسمح الدول القوية اليوم لنفسها أن تغزو دولا أخرى لخدمة مصالح شركات كبرى وبدون تزكية المجتمع الدولي؟ أليست هذه هي قمة الفوضى؟

  • ابا الوليد بن احمد ال القرشي
    الخميس 21 يناير 2010 - 16:11

    ان الشيوعيه تدمرت بسرعه بسبب عدم زئبقية افكارها ولغي الفرد ورفع الجماعه , اما المبدأ الرأسمالي بسبب زئبقية افكاره بقيى على قيد الحياة ولكن هو الان في مشكله عميقه الا وهي مشكله الفقر لطالما عانا منها بسبب رفع الفرد ولغي الجماعه اما البدأ الاقوى هو الذي يجمع بين الفرد والجماعه الا وهو الاسلام المبدأ الرباني وهو اقوى المبادئ اذ عندما تخلى عنه المسلمون تدمرت دولتهم وأصبحوا فريسه سهله للبادئ الفاشله…

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 6

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال