تطور العلاقات المغربية – المسيحية من العصر الروماني إلى نهاية القرن العشرين، سلسلة تنشرها هسبريس مُنَجمة عبر حلقات يومية في شهر رمضان الكريم.
16. المليشيات المسيحية ضمن الجيش المغربي
نعم، للضرورة أحكام ولكل عصر تناقضاته، وقد ينسحب ذلك على تواجد مليشيات مسيحية في صفوف الجيش المغربي الإسلامي. وهو تواجد لم يكن عرضيا، بل دام ردحا من الزمان، لكن حيثيات السياق التاريخي كثيرا ما تخفف من طابع التناقض الظاهر للوهلة الأولى.
يذكر ابن الأثير أنه ما كان لعبد المومن الموحدي أن يدخل مراكش ويستولي عليها لولا اندحار فرقة المليشيات المسيحية التي كانت في خدمة المرابطين. ولا تؤكد المصادر كلها وقوع هذا الحادث ولكن ليس فيها ما ينفي وجود نصارى ضمن الجيش المرابطي. ولم تكن تلك العناصر المسيحية مكونة من المرتدين والمنشقين كما قد يتبادر إلى الأذهان، وإنما كان وجودها بهذه الصفة بموجب تحالفات أو اتفاقيات مؤقتة تجمع هذا الملك أو ذاك بملك مسيحي صديق، وتضاف إليها عناصر عسكرية مسيحية أخرى تم تجنيدها في أوربا بعد موافقة كل من الكنيسة والحكومات الأوربية، وطبعا بطلب مسبق من ملك مغربي أبدى استعداده لتوظيف هذه المليشيات لأغراضه الأمنية وعلى نفقته الخاصة.
وكان بديهيا أن تشترط المليشيات قبل التحاقها بخدمة الأمير تمتعها بحرية الممارسة الدينية تحت راية مسيحية، ويفيد ابن خلدون أن ملوك المغرب لم يستعملوا هذه الفرق في حروبهم مع النصارى مخافة الخيانة، وإنما كانوا يستعينون بها كقوة مساعدة على استتباب الأمن الداخلي.
ويبدو أن الأمير علي بن يوسف المرابطي هو أول من استعان بميليشيات مسيحية على الصعيد المغاربي في القرن الحادي عشرالميلادي، وفي هذا إشارة واضحة إلى تأثير الأندلس حيث تعايشت الأديان والثقافات لمدة تاريخية غير قصيرة. وفي القرن الموالي قطع الأمير الموحدي المامون مضيق جبل طارق قادما من اسبانيا في اتجاه مراكش بنية انتزاع السلطة لصالحه، وكانت حملته تتألف من 1200 من الفرسان المسيحيين وافق فردينان الثالث، ملك قشتالة، على وضعهم رهن إشارته.
وفعلا استطاع المامون الاستيلاء على مراكش بواسطة هذه المليشيات المسيحية التي ضمها فيما بعد إلى صفوف فرق جيشه المغربي، لكن مع احتفاظها بنظامها الخاص. وبعد وفاة المامون سنة 1232م حافظ ابناه الرشيد والسعيد على هذا التقليد، كما أن المرينيين لم يعملوا على إلغائه.
وفي خضم الفوضى التي عمت البلاد مع نهاية العهد الموحدي، تدخل البابا يونوسانت الرابع لدى الخليفة الموحدي أبو حفص عمر المرتضي طالبا منه العناية بالمليشيات المسيحية مع القيام بإعادة انتشارها في أماكن إستراتيجية على السواحل المغربية، حتى تتسنى لها عملية العبور إلى أوربا في حالة اشتداد الأزمة، لتعود بعد ذلك بقوات إضافية لنجدة الأمير… ولم يقتنع الخليفة المرتضى بجدية هذا الاقتراح، وتوالت انهزاماته في مواجهة المرينيين، ولما عاد إلى مراكش سنة 1266م لم يكن موكبه يضم سوى عناصر المليشيات وبعض من بقي مواليا له من زعماء القبائل .
وهكذا كانت الميليشيات شاهدة ومشاركة في جل الأحداث السياسية والعسكرية منذ العهد المرابطي إلى الحقبة المرينية. ولم يسفر تواجدها كعنصر أجنبي مسيحي في الجيش المغربي عن اندلاع أية أحداث أو اضطرابات تذكر، ويبدو من العسير العثور على اجتهادات فقهية تناولت هذا الموضوع بالذات من زاوية مشروعيته المبدئية، حتى ولو كان الأمر واضحا.
وفي مقابل هذا الوضع، نجد الاهتمام المستمر للكنيسة بأحوال ووضعية هذه المليشيات. ففي هذا الصدد كتب البابا كريكوار التاسع إلى الخليفة الموحدي عبد الواحد الرشيد يقول له: «إذا أردت أن تكون عدوا للمسيح، فإننا سوف لن نسمح للنصارى أن يستمروا في خدمتك».
وفي سنة 1290م كتب البابا نيكولا الرابع إلى قائد المليشيات المرابطة بالمغرب يحثه على استمرار أفراد فرقته بالتشبث بعقيدتهم وأخلاقهم المسيحية “عسى أن يكونوا قدوة للكفار (المسلمين) ويدفعونهم بسلوكهم هذا إلى طريق الخلاص (المسيحية)”. وأوصاهم باحترام ومساعدة مبعوثه الرسولي رودريك الذي أوكل له القيام بمهام الأسقفية بمراكش.
كانت فرق المليشيات تتنقل حسب الأوامر داخل البلاد وبرفقتها أفراد عائلاتها و مؤطروها الدينيون من رجال الكنيسة الكاثوليكية، واشتهرت بانضباط عناصرها وإخلاصها لمن كانت في خدمته، وكان الأمراء في غالب الأحيان يوظفونها كهيئة لحرسهم الخاص ويستعينون بها في حراسة القصور. ويظهر أن عاملي الثقة والوفاء كانا هما السر الحقيقي في بقاء هذه المليشيات لزمن طويل بالمغرب.
ولم يكن وجود فرق مسيحية ضمن الجيش المغربي حالة شاذة انفرد بها المغرب الأقصى، بل شملت كل الأقطار المغاربية الأخرى. مما يعني أن النظام الإسلامي كان منذ فترة انتشاره الأول بإفريقيا الشمالية نظاما منفتحا على محيطه الخارجي ومتسامحا مع الدين المسيحي، شريطة أن تحترم الثوابت الأساسية وتحدد الالتزامات المنصوص عليها شرعا.
كان الدور المنوط بهذه المليشيات فالغالب جمع المكوس والضرائب التقيلة من الفلاحين والتجار وكانوا يمتازوم بالغلظة والمهارة القتالية
" ولم يكن وجود فرق مسيحية ضمن الجيش المغربي حالة شاذة انفرد بها المغرب الأقصى، بل شملت كل الأقطار المغاربية الأخرى. مما يعني أن النظام الإسلامي كان منذ فترة انتشاره الأول بإفريقيا الشمالية نظاما منفتحا على محيطه الخارجي ومتسامحا مع الدين المسيحي، شريطة أن تحترم الثوابت الأساسية وتحدد الالتزامات المنصوص عليها شرعا."
أهذا ما تسميه انفتاح؟؟؟؟؟؟
لقد تعايش أهل الكتاب مع المسلمين في عهد الرسول عليه السلام و كذلك في عهد الخلفاء الراشدون، و المعاهدات معهم كثيرة و معروفة خاصة ما أوصى به عمر من حِفظ مصالح أهل الذمة الدينية و الإقتصادية،المشكل كان دائما يأتي منهم بسبب نقضِ العهود و المؤامرة على الخلافة الإسلامية عن طريق إرْشاءِ المنافقين و بالقوة العسكرية.و ٱنظروا بعد الفقرات من كتابهم الذين يدَّعون أنه يدعو إلى السِّلمِ و المحبة:إشعيا 13 : 16 يقول الرب : "وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم") …
حزقيال 9: 6 وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) ..هوشع 13 : 16 يقول الرب : "تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها بالسيف يسقطون تحطم أطفالهم والحوامل تشق")
كان حضور المليشيا المسيحية بالمغرب الوسيط يتم عبر اتفاقيات بين المغرب وغيره من الدول النصرانية. كان هؤلاء النصارى يخدمون مصالح دولهمويستغلون الصراعات الداخلية لإذكاء الفتن بالمغرب. من بين الدراسات التي تعرضت للموضوع ما كتبه مصطفى نشاط عن الارتزاق النصراني بالدولة المرينية ضمن كتابه إطلالات عن تاريخ المغرب في العصر المريني.
المسيحية و الإسلام كلاهما بهما آيات سلم و آيات حرب ، لذا وجب تحييد الدين عن الحياة العامة .
شكرا للدكتور الطيب بوتبقالت على هذه المعلومات النيرة من تاريخ المغرب الحبيب، وشكرا لهيسبريس على هذه السلسلة القيمة للتاريخ المغربي.
لم يكن هناك انفتاح بين الاسلام والمسيحية ولو كان الامر كذلك لما سقطت الاندلس ولبقي ماسمي بالتعايش بين الديانات الثلات ،كان منطق دار الاسلام ودار الحرب هو الحاكم لكلا الفريقين مع تغيير لفظة اسلام بلفظة مسييحية ،كل ماحدث دعته ظروف موازين القوى ومصلحة الملوك في تثبيت اركان ملكهم وللاشارة فقط فان عبد المومن بن علي خير اهل الذمة بين الاسلام او القتل او الذهاب الى دار الحرب(الممالك المسيحبة) لم يكن هناك تسامح ولا حتى وفاء لمبادىء الاسلام السمحة انماهي السياسة وماتمليه المصلحة .
العنوان الصحيح يحب أن يكون:
علاقات المغربية إسلامية و المغربية المسيحية.
لأن تسمية "علاقات مغربية مسيحية " و كأن هؤلاء المسيحين ليسو مغاربة وكأن ماهو مسلم هو المغربي ؟!!؟!
الدين ليس هو المحدد للإنتماء للوطن ولا تبني عليه الوطنية. إنتماء للوطن بسبق المعتقد
للاسف اجدادنا لم يكن لديهم الوعي الوطني ونظرة سلبية وساذجة للمستقبل كرسها الملوك الامازيغ في صراعاتهم بينهم من مرابطين الى مرينييين الى مستعربة السعدييين .حيث وظفوا المسيحيين و البدو العرب في تصفية حساباتهم بينهم ممازاد التفرقة وتمييع هويته الاصيلة
لم يكن هناك جيش مغربي بالمعنى المتعارف عليه حاليا، بل كان يسمى الجيش المرابطي المكون عناصره من قبائل لمتونة وجدالة من بلاد شنقيط ( موريطانيا) ، ونفس الأمر يسري على الجيش الموحدي المؤلف من قبائل زناتة الأمازيغية الجزائرية وأعراب بني هلال الذين إستعبدهم جيوش عبد المؤمن بن علي وأبويعقوب المنصور وضموهم لصفوف الجيش الوحدي في الحروب ضد الصليبيين وبنوغانية …
المرينيون هم أيضا من قبائل زناتة التي نزحت من شرق الجزائر ووسطها إلى شرق المغرب.
اا تعليق nova scotia اان تقول المسيحية والاسلام تحث على السيف والسلام قل لي اين هو مذكور اسم سيف في القران؟
الجيش المرابطي كان مألف من قبائل لمطة المتواجدة بالصحراء المغربية ولمتونة المتواجدة بسوس الاقصى والصحراء المغربية وموريتانيا وانذاك لم تكن دولة اسمها موريتانيا بعد ذلك انضاف للجيش المصامدة الذين يسكنون جبال الاطلس
الدولة الموحدية قامت على يد 40 قبيلة مصمودية واسس هذه الدولة ابن تومرت وخلفه عبد المومن الكومي من قبيلة كومية الزناتية وذلك لان ابن تومرت امر شيوخ المصامدة بذلك وعبد المومن مغربي لانه ولد في كنف الدولة المغربية وقبل فرنسا كانت قرية ندرومة ( لاتبعد عن وجدة 10 كيلومترات )جزء من المغرب ليس فقط قبل فرنسا ففي عهد الدولة الادريسية الاورابية كانت تلك القرية جزء من المغرب وقبل ذلك في عهد الدولة المغراوية فعبد المومن ولد في قرية كانت جزء من المغرب للاكثر من 400 سنة وبعد ولادته استمرت في كنف الدولة المغربية حتى دخول فرنسا حتى العثمانيين لم يستطيعوا الدخول لتلك القرية
المرنيين قبائل زناتية مغربية ولم يخلوا المغرب يوما من زناتة كانوا يسكنون تلول ملوية والصحراء الشرقية في فكيك واحيانا تازة في الشمال وقبائل زناتة كلها في شمال افريقيا تنتمي الى شعوب الصحراء الكبرى فهي لا تنسب لبلد
ان ما يعانيه الامازيغ المغاربة اليوم من اقصاء وتهميش هو ناتج عن سياسة ملوك الامازيغ ، خاصة الموحدون الذين تخلوا عن هويتهم ولغتهم الامازيغية
واعتمدوا العربية في دواوينهم ، بدل تطوير لغتهم كما فعل الفرس والاتراك .
ا ضف الى ذالك ، سياسة توطين قبائل بني هلال وبني معقل في منطقة دكالة والغرب ، بعد ان جلبوهم من تونس . حتى اصبح احفادهم الامازيغ في مغرب اليوم يطالبون فقط من احفاد هؤلاء العرب ، الاعتراف بهويتهم ولغتهم الامازيغية
10 هاشم
لم يكن هناك جيش بالمعنى المتعارف عليه حاليا ولكن كانت قوة الدوله في قبائلها وعشائرها واتحادها مع بعضها ولتحقيق دلك يجب ان يكون وراء كل دول عظيمة رجل عظيم ورع وتقي قادر على توحيد الامه كما الشان بالنسبه لعبد الله ابن ياسين مؤسس لدولة المرابطين وابن تومرت مؤسس لدولة الموحدين وكلاهما مغاربة وكما ان دولتان تم تاسيسهما في المغرب وعاصمتهما مراكش.اما الجزائر وموريتانيا لم يكن لهما اي وجود بل صنعتهما فرنسا وقبل دلك كانو مجرد ولايات تتبع اما للمغرب بالمعنى القديم او الحديث او تونس (اي افريقية سابقا)واما لتركيا.يعني كما نقول العثمانيين اتراك نقول الموحدين والمرابطين مغاربة.وهده العبارة صالحة لكل مكان وزمان.
قبيلة لمطة المرابطية
تعرف قبيلة لمطة الصنهاجية المتواجدة في منطقة وادنون في سوس الاقصى انها كانت معبرا للتجارة بين المغرب وبلاد السودان واشتهرت كذلك كونها موطن للشيخ العلامة وكاك ابن زلو اللمطي الذي اسس اول رباط في بلاد الصنهاجة وكان يعرف بدار المرابطين حيث نشأ فيها ابرز تلاميذته وهو الشيخ عبد الله ابن ياسين الجزولي المؤسس لدولة المرابطين و منها استلهم فكرة انشاء الاربطة لتوحيد كل بلاد الصنهاجة.
القبيلة اللمطية هي احدى القبائل الرئيسية التي ساهمت في بناء وحكم دولة المرابطين الى جانب قبائل لمتونة ومسوفة وجدالة وجزولة.
وهي قبيلة شديدة الباس والقوة وكان يصنع فيها جلود شديدة القساوة لهذا تم ذكرها في احدى الرسائل التي كان يبعثها يوسف ابن تاشفين لملك الفونسو ردا على تهديدات هذا الاخير بقوله:سأنظر لك في مراوِح من الجلود اللمطية تُروِّح منك لا تروح عليك.
الحديث عن الكتب التاريخية هو وصف لاحداثً وقعت ودونت من طرف شخص أو أشخاص كانوا يَرَوْن الأشياء من زاويتهم وقدرتهم التحليلية وعاطفيتهم ومنزلتهم الاجتماعية الى غير ذلك
وبالتالي فتصديق ما ورد في تلك الكتب يبقى دائما محط نقاش .فالشك يبقى واردا في كل مقولة وكل حادث ثم ان الكتب التى كان يسمح لها بالنشر هي الكتب التي كانت تسير في اتجاه السلطة الحاكمة .
لنقس على ما نعيشه في تاريخنا المعاصر .
لكن يبقى الفضل لأستاذنا الكبير الدكتور بوتبقالت جازاه الله خيرا على هذه الاعمال الجبارة التي تنبش في الذاكرة المغربية بصفة خاصة وتجعل المثقف المغربي ياخد نظرة على الأحداث التي عرفها المغرب وتركت بصمتها فيه .
فهي ولا شك وقائع وازنة لانها اثارت انتباه كتاب التاريخ آنذاك . فمحطات معينة كان حتما تدوينها لانها كان لها الأثر الكبير في الذاكرة المغربية .
شكرًا لك استاذي واخي الدكتور الطيب بوتبقالت ،نحن في حاجة الى ما تتفضل بنشره فالاحداث المتسارعة التي يفرضها علينا زخم الاعلام الكبير أنستنا في أنفسنا حتى
شكرًا أيضا للسادة الأساتذة المتدخلين في النقاش .