هل ستنصف المحكمة الدستورية اللغة الأمازيغية؟؟؟

هل ستنصف المحكمة الدستورية اللغة الأمازيغية؟؟؟
السبت 22 أكتوبر 2016 - 10:55

مرّة أخرى يتأكد وبالملموس أن تخوفات الحركة الأمازيغية وتوجسها من مستقبل اللغة الأمازيغية بعد ترسيمها في دستور 2011 كانت في محلها، فالتراجعات بلغت أوجها بعد الترسيم المزعوم، والنكوص عنوان بارز للمرحلة التي يفترض أن يتمّ فيها تفعيل المصالحة وإنصاف اللغة الأمازيغية التي عانت من الطمس والإقبار منذ فجر الاستقلال الشكلي.

يبقى التعاطي الجديد مع الأمازيغية بعد دستور توهّمنا أنه رسّمها فعلا، اختيارا جاء لظروف متداخلة، ذاتية وموضوعية قد نختلف أو نتفق على مدى تأثيرها في الوضع لكن لن نتجادل في كونها الرياح التي تحرك السفينة، ولابد من التركيز على معطيات ثلاث:

تجاهل المؤسسة الملكية للأمازيغية: خصوصا بعد التحكيم الملكي القاضي بترسيممها في الدستور، في هذا الإتجاه، لا نختلف حول كون كل الأوراش الكبرى –الإقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية- التي تدشنها الدولة المغربية تتم بمبادرة وتوجيهات ملكية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتصور تماطل أي سلطة كيفما كانت في تنفيذ القرارات الملكية وأيا كانت الأسباب، ولو حظيت الأمازيغية باهتمام ورعاية ومواكبة مولوية حقيقية وفعلية لنالت حقها من برامج ومخططات الحكومة بعيدا عن كل التجاذبات السياسية والايديولوجية، وما تماطل الحكومة إلا نتيجة طبيعية لغض الطرف عن القضية الأمازيغية من جانب المؤسسة الملكية.

صعود التيار الإسلاموي: كان لصعود حزب العدالة والتنمية إلى سدّة الحكم بعد “الربيع الديمقراطي” المفترى عليه، كان له أثر مباشر في تجميد ترسيم اللغة الأمازيغية وتكريس التلكؤ وتناسل التراجعات، وقد لا يختلف اثنان حول النظرة العدائية لهذا الحزب، إلى جانب حزب الاستقلال- أكثر من غيرهما- إلى الخصوصية الأمازيغية وتهويلها من المشروع الإصلاحي الذي يتبنى إنصاف الأمازيغية. لقد كان رئيس الحكومة وأمين عام الحزب الأغلبي في مستوى وعيده، وأشرف على تلقيح الأمازيغية بسموم تشريعية تشرعن تقتيتلها، في ظل صمت رهيب وتحامل باقي الدكاكين السياسية خاصة المؤلفة للأغلبية الحكومية خلال 2012-2016.

تشرذم الصوت الأمازيغي: لعل وضع الحركة الأمازيغية منذ تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لا يحسد عليه، وضع تأزم أكثر بعد الترسيم المزعوم، حيث علّق البعض الآمال بينما يئس البعض الآخر، وتقوّت الصراعات بين القيادات لتضارب المصالح والعجز عن تدبير سليم للاختلاف، وهي الحال التي أجهضت كل محاولة للم الصف والتنسيق حتى يكون الصوت مؤثرا على القرار السياسي. لقد انخرط الفاعل الأمازيغي في معارك جانبية فوّتت على القضية الأمازيغية فرصا حقيقية لفرض نفسها على النقاش المجتمعي وتفاعل المغاربة معها بشكل ايجابي.

سنعود إذا بعد هذه الاطلالة إذا إلى القانونين التنظيمين اللذين يتأسس عليهما المستقبل “الرسمي” للأمازيغية، وهنا، من الجدير أن نذكّر أن المحكمة الدستورية هي آخر باب نطرقه –من خلال هذه المقالة- قصد إنقاذ اللغة الأمازيغية من حكم الإعدام الذي أصدرته حكومة الحزب الأغلبي، وتدارك الوضع كي لا يتناقض منطوق الدستور ومنطوق القانونين التنظيميين المشكوكين، فالمحكمة في الأصل مؤسسة دستورية مستقلة، يفترض أن تلتزم الحياد الأيديولوجي، وعليه نتوجّه إليها آملين أن يصحّح المسار ويقوّم الاعوجاج.

لاشك أن المحكمة الدستورية تعي جيدا حساسية القضية وتدرك جيدا الطريقة التي أعدّ بها القانونان المعنيان، والتي وسمتها البيروقراطية والاستفراد بالقرار، بل وبالاستهتار بالرأي الآخر رغم كل ما راكمه –هذا الطرف- من تجربة في خلال عقود طويلة من الاشتغال على اللغة الأمازيغية لسانيا، أدبيا وحقوقيا، وهنا لا يمكن إلا أن نتساءل عن سر صمت الأصوات المحسوبة على الحركة الأمازيغية في اللجنة التي أشرفت على صياغة القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، صمتها على هذا الحيف في مقابل “بروباكاندا” إعلامية مجانية في مناسبات عدة.

إن إمكانية مراجعة نص القانونين التنظيميين أقرب إلى الاستحالة، خصوصا أن مهندسيهما – من الأمازيغوفوبيين- هم من بيدهم اليوم قرار التنفيذ والتفعيل، فلا أمل يرجى من حكومة تائهة متحجرة ومتغوّلة، ولا من “أحزاب” تعاني من كل أشكال الريع والتوريث والفراغ المرجعي، ولا من نسيج جمعوي جائع يتحرك تحت الطلب، ولا حتى من مواطن فقد كينونته وضل طريقه كنتيجة طبيعية لمنظومة تربوية موبوءة، نحن أمام هذا الوضع نخاطب ونتوجه إلى المحكمة الدستورية لتحكم برفض القانونين لعدم مطابقة منطوقهما للترسيم الذي يتحدث عنه الدستور، إلى جانب خروقات أخرى ميّزت التعاطي مع القانونين التنظيميين لعل أكبرها حرق المراحل التي من المفترض أن يمر بها القانونان التنظيميان في زمن قياسي بعد أن تم تجميدهما إلى الدقيقة التسعين من عمر الولاية التشريعية.

في الأخير، نتبرأ مسبقا من القانونين التنظيميين في صيغتهما الحالية، ونتمنى ألا تصطف المؤسسة الدستورية إلى جانب المجازفين بالأمن الحضاري والثقافي واللغوي للمغاربة، وكي تسمو الأمازيغية على الصراع المفتعل من هذا وذاك، يجب التفكير مليّا في اعتبارها من ثوابت البلاد بل أول هذه الثوابت لكونها ستخدمها وتوافقها وتشرّعها، فهي أعرق وأكبر من أن تكون طعما سياسيا وورقة تتقاذفها الأطراف حسب التموقعات، آن الأوان أن يفهم المغاربة فلسفة الأمازيغية بعيدا عن التهويل السياسي، ويدركوا تجذرها في أرضهم وشخصيتهم رغم كل أشكال الطمس والتعتيم. يجب على الدولة المغربية أن تحصّن الأمازيغية ولها في أمم أخرى سبقتها إلى التصالح مع ذاتها وتاريخها إسوة حسنة، فالخصوصية المغربية واقع معاش سيكتمل بإعلان كنه هذه الخصوصية وصمام أمانها.

https://www.facebook.com/lahcen.amokrane.Tinjdad

‫تعليقات الزوار

2
  • Assouki Le Maure
    السبت 22 أكتوبر 2016 - 23:02

    لماذا كل هذا التجهم الا تعرف المغرب الانتيكي ياأستادي ؟ بلاد Maures السود السكان الاصليين لارض المغرب ؟ لاتوجد على ارضهم لا أمزيغية ولا طوارقية ،كلما هناك لهجات استقرت عبر مراحل من الاستيطان الروماني الوندالي والعربي لاهي بفنيقية ولا بونيقية ولاصقلية ،خليط من التعابير والكلمات تختلف من جهة الى اخرى .التشلحيت والترفيت والزيانية الفكيكية والزمورية والدارجات الاندلسية والجنوبية وو و .متى سينصف المؤرخون السكان الاصليين Maures ؟

  • SIBAOUEH
    الأحد 23 أكتوبر 2016 - 03:08

    المحكمة الدستورية عليها أن تعيد الاعتبار لكل اللهجات المغربية
    هل سكان المناطق الريفية، ليسوا بالسكان الأصليين لهذه الجهة حتى لا تنطبق عليهم القرارات الأممية المتعلقة بالسكان الأصليين؟
    ونسألك أيضا سكان الصحراء المغربية ليسوا بالسكان الأصليين لهذه الجهة
    حتى لا تنطبق عليهم القرارات الأممية المتعلقة بالسكان الأصليين؟
    و نسألكك هل سكان المناطق الأطلسية ليسوا بالسكان الأصليين لهذه الجهات
    حتى لا تنطبق عليهم القرارات الأممية المتعلقة بالسكان الأصليين؟
    و نزيد نسألك ا هل حددت اللجان الأممية تاريخ وجود أي ساكنة ما بالعالم بأي منطقة من مناطق المعمور حتى تكون أو لا تكون ساكنة أصلية؟
    ليبقى السؤال الحقيقي لماذا لم تتجه كل هذه الساكنة لأمم المتحدة للاعتراف بها على غرار ما قامت به الجمعيات السوسية؟

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة