ساركوزي والتمييز بين بني البشر

ساركوزي والتمييز بين بني البشر
الأحد 13 مارس 2011 - 16:52

بعث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي برقية إلى الملك محمد السادس. هنأه فيها على الإصلاحات الدستورية التي أعلن الملك عزمه القيام بها. الإصلاحات، رغم أهميتها والتقدم الذي قد يحدث جراءها، فإنها ما زالت مشروعا قيد التبلور في نصوص الدستور. لم تتحدد ملامحها النهائية بعد. إننا في لحظة الإعلان عنها، وتأسيس لجنة لصياغة البنود التي ستتضمنها.


موقف الرأي العام المغربي من محتويات الإصلاحات لم يتجسد بوضوح، والأساسي، هو أن الشعب المغربي لم يقل كلمته في ما سيعرض عليه من إصلاحات دستورية في النقاش العمومي عبر وسائل الإعلام الوطنية. الاستفتاء الشعبي الحر والنزيه حول الإصلاحات لم يتم تنظيمه، ولم يصوت المغاربة بنعم على الإصلاحات؟ ومع ذلك تفضل ساركوزي وأبرق إلى محمد السادس يهنئه على الخطوة التي أقدم عليها..


ألا يعني هذا أن رأي المغاربة في الإصلاحات الدستورية المقترحة عليهم لا يهم السيد ساركوزي؟ ألم يكن يتعين على الرئيس الفرنسي التريث وانتظار إلى أن يقول الشعب المغربي كلمته في ما هو معروض عليه من إصلاحات؟ لماذا لم يضع الرئيس الفرنسي في عين الاعتبار، إمكانية أن يصوت المغاربة بلا على الإصلاحات المعروضة عليهم، لأنهم، ربما، يطالبون بما هو أعمق وأهم منها؟ هذا الاحتمال قائم، على الأقل نظريا، ولا يجوز بأي حال إلغاؤه، لأن في إلغائه نفيا للديمقراطية، وضربا للإصلاح المنشود وهو في مهده، اللهم إذا كان السيد ساركوزي يعرف موقف المغاربة من الدستور سلفا، ويتصرف في ضوء ذلك؟


إذا افترضنا نظريا أن جزءا من الرأي العام المغربي غير راض على هذه الإصلاحات، وأنه سيرفضها، ألا يتعين على ساركوزي احترام موقف هذا الجزء من الرأي العام الوطني، وعدم الزج بنفسه، في موقف متعارض مع مشاعره وتطلعاته؟ ألا يناصر رئيس فرنسا الدولة المغربية على شريحة من أبنائها حين يعتبر أن الإصلاحات التي تقترحها عليهم جيدة وعليهم القبول بها رغما عن إرادتهم؟ ألا يتيح موقف هذا، لعناصر من الدولة المغربية، الاستقواء به، وتوظيفه دعائيا وسياسيا، لتمرير الإصلاحات المقترحة حتى وإن كانت لا تلبي كافة التطلعات الشعبية؟


نخاطب ساركوزي من موقع المواطن الفرنسي، وليس رئيس الدولة، هل يقبل أن يكون الدستور المعمول به في وطنه فرنسا على شاكلة الدستور المغربي؟ هل يرضيه أن تكون كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ممركزة في يدي رئيس الدولة، وأن لا يخضع لأي محاسبة، أو مراقبة، أو مجرد مساءلة من طرف أي جهة كانت في فرنسا؟؟ أكيد أن ساركوزي سيرفض هذا الأمر ولن يقبل به، وإذا كان شيء ما شبيها له يوجد في بلده، فإنه سيناضل من أجل شطبه وتغييره.


نتصور أن ساركوزي لن يقبل للفرنسيين إلا بالدستور الديمقراطي الحداثي الذي يعطي الأسبقية لجعل القانون سلطة فوق الجميع، فوق الرئيس وأعوانه وأصدقائه وأبنائه والوزراء والمنتخبين.. كل يحاسب على أبسط هفوة يرتكبها في تدبيره للشأن العام. أليس في سلوك ساركوزي هذا تمييزا بين بني البشر، إذ أنه يتمتع ومواطنوه بدستور يكفل لهم كافة الضمانات لممارسة حقوقهم وواجباتهم، في إطار من الحرية والعدالة والمساواة، في حين يغبطنا نحن في المغرب على دستور ما زال يضعنا في موضع الرعية قبل المواطنة؟ ويتظاهر كأنه معجب به.. أليست هذه هي ازدواجية المعايير التي يحق لنا رفضها والتنديد بها، خصوصا عندما تصدر عن الرئيس الفرنسي، ومن على شاكلته من المسئولين الغربيين؟

‫تعليقات الزوار

4
  • françois
    الأحد 13 مارس 2011 - 16:54

    sarko il cherche une ferme a marrakech ou taroudant comme son precesseur chirac.les marocaine pour lui c des voyous qui peut nettoyer au carchere

  • حمو
    الأحد 13 مارس 2011 - 16:58

    ومن كان يقرر مصيرنا ويتحكم فينا غير الفرانسيس والمريكان صافي اللي كالها ساركوزي هي اللي كاينة

  • مواطن مغربي
    الأحد 13 مارس 2011 - 16:56

    ما جعل ساركوزي يهنئ العاهل المغربي هو ان الملك محمد السادس عدد نقاط تعديل الدستور… و هذه النقاط هي ما تعارف عليها العالم الحر لاعتبار اي دستور مستجيبا للمعايير الدولية للديمقراطية… الان اذا كان الكاتب يتوقع ان يرفض الشعب المغربي معايير الدستور الديمقراطي فهذه كارثة… و هذا يعني ان الكاتب الذي كتب مقالا سخيفا… لا يفقه لا في الدساتير و لا في معاييرها و لا في طرق اخراجها للوجود… و هذه فضيحة له و لا نرضاها لهسبريس… و للتذكير فدستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة 1958 … انجزته لجنة شبيهة باللجنة التي كلفها الملك بالمهمة… ثم بعد ذلك صوت عليه الشعب الفرنسي… و طبعا كاتبنا لا علاقة له بالموضوع… و هذا يظهر من مستواه الضحل… و اشك انه ربما لم ينصت اصلا لخطاب الملك… و اذا كان قد انصت فانني اشك انه يستطيع فهم معانيه… لانه لو كان يفهم… ما كان ليكتب ما كتب…

  • أوعزي
    الأحد 13 مارس 2011 - 17:00

    نعم برقية ساركوزي وغيره من قادة الغرب إلى الملك محمد السادس سابقة لأوانها. الشعب المغربي لم يقل كلمته في التعديلات المعروضة عليه. العديد من الحقوقيين والجمعيات والسياسيين وشباب 20 فبراير يعتبرون ما عرض عليهم من إصلاحات غير كاف ولا يستجيب لما يطالبون به وقد يصوتون بلا أو يمتنعون عن التصويت. إلى أن يتم الإعلان عن نتائح الاستفتاء الشعبي تعتبر برقية ساركوزي وغيره من قادة الغرب كمن سبق العرس بليلة. إذا كنت مخزنيا في عقليتك وتهلل وتبارك لهذه التعديلات حتى قبل أن ترى النور فهذا شأنك. أما إذا كنت تصفي حسابا قديما بسبب حوار صحافي ظهرت فيه فاشلا، فهذا يبين أنك حاقد، ولا علاقة لها بالديمقراطية والرأي الآخر. إنك مفضوح حتى وإن تقنعت بأسماء مستعارة من نوع شبه مواطن.. ومواطن مغربي..

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات