أين المفر؟

أين المفر؟
الجمعة 25 مارس 2011 - 17:44

“الإنسان لا يذهب بعيداً جداً إلا عندما لا يدري أين يذهب” تاليران


“الذي يذهب بعيداً جداً هو الذي ليس لديه شيء يخسره” هارشمفولد


ساعة الغضب ليست لها عقارب، لذلك فإن “الجيوش والأساطيل قد تنتصر في معظم الأحيان، ولكن نصرها لا يدوم طويلا”، كما أكد أبراهام لنكولن.. فنهاية مفْجعة خير من فاجعة بلا نهاية، ربما تتعلم الشعوب هذا على نفقتها الخاصة حين تدفع من جلدها لحما آدميا لِمَاكينة الثورة”، لذلك يأتي فَهْم الحكام متأخراً لرغبات شعوبهم… وها نحن ننتظر أن يقول الزعيم معمر القذافي في خطاب موجه للشعب الليبي: “فهمتكم” كما قالها بن علي وحسني مبارك، ولو أن الرجل يبدو أنه لا يفهم، وإلا ما أوصل شعبه إلى كل هذا الدرك الأسفل.. وماذا عن مسؤولينا؟


يتوفر الحكم اليوم على فرصة ذهبية للانفلات من أسر ضغوط الحرس القديم لتجديد الملكية ودعم مسلسل الإصلاحات بنَفَس جريء. إن الريح حين تهب لا تأخذ إذنا من أحد، وأمام الملك محمد السادس اليوم فرصة تاريخية لمصالحة المشروع الثوري الذي بدأه عام 1999، وتوقف عند صدور مدونة الأسرة في 2004، بعد أن انكسر جزء منه في 2002… لا مفر من “ملكية برلمانية”، إنها طوق النجاة لمغرب نريده أن يكون استثنائيا مبنى ومعنى. والمدخل الذي يُبقي على استقرار المغرب واستمرار انفتاحه السياسي، لا يوجد خارج رهان الحسم في مبدأ الجمع بين السلطة والثروة، والاختيار بين ممارسة تدبير الشأن العام والقبول بالمحاسبة… إنني دوما أُومن بالملكية كاختيار استراتيجي للحكم بالمغرب، اعتباراً لمشروعيتها التاريخية والشعبية ولتجذرها في التربة الثقافية والاجتماعية للمغاربة، لكننا نريدها ملكية مواطنة، يكون فيها الملك رمزاً للسيادة يوضع كتاج على رأس المغاربة أجمعين، ويترك تداول السلطة للأحزاب السياسية التي تتبارى وفق مشروع مجتمعي… إننا على عتبة انتقال سياسي حرج، ورياح التغيير قادمة لا مفر منها.. والسياسي هو من يثبت كل يوم أنه جدير بتحمل السلطة، وأهم مدخل، حتى قبل الإقدام على أي إصلاح دستوري، هو الإنهاء مع وضع الإزدواجية. فإذا كان محمد السادس أباً للجميع؟ فمن أين جاء نفوذ فؤاد علي الهمة؟ وكيف أصبح حزب الأصالة والمعاصرة فيما يشبه ضربة نرد، يتمتع بكل هذه القوة والنفوذ؟ لا يمكن أن نمنع الملك من أن يصادق الهمة والماجدي.. ومن يشاء، فذاك حقه الإنساني، غير أننا لا نقبل استغلال هؤلاء لإسم الملك ليعيثوا في الأرض فساد ويهددوا استقرار الملكية ذاتها. وكيف تحول لقطاء بدون هوية ولا ملامح ولا شرعية انتخابية أو تاريخية ليتحدثوا بإسم الملك، ويُدخلون السجن من يشاؤون، يُعفون العمال والولاة والوزراء ممن يغضبون عليهم، ويُرَقُّون من يقدمون لهم الولاء والمخدومية؟!


لقد سمى المتظاهرون الأشياء بمسمياتها، وظائف وأشخاصاً.. ولا يمكن، أمام مطالب الشباب، أن نركن إلى أنصاف أو أرباع الحلول.. التغيير قادم لا محالة، ولا توجد أي قوة، مهما أُوتيت من جبروت الجاه والسلطان، أن تقف في وجهه كسد منيع، لأن العالم كله على عتبة تحول جذري، وسيحفظ التاريخ للملك محمد السادس خطواته الجريئة في محاولة إنقاذ ملكية مقدسة مرَّغها العهد القديم في وحل القمع والسيبة وإغداق الثراء على المتملقين والأشياع، حين أعلن عن خيارات ومواقف تجاه الخصاص الاجتماعي، وحين سن مدوَّنة الأسرة وأخرج قوانين ذات طابع عصري وحداثي…


يجب على حكامنا أن يعوا أن زمن التوافقات قد انتهى، وعهد تزوير الانتخابات وسلطة الأعيان، وتعيين الزبناء والأصدقاء وأبناء العائلة في المناصب الحساسة قد ولَّى زمنه، فبعد خيار الديمقراطية الحقة لا المجازية لا يوجد مفر آخر.. لا يمكن أن نُحَمِّل محمد السادس كل أوزار ثقل الماضي، لكننا بالمقابل، لا نقبل بغير دولة الحق والقانون، والإيمان باندماج الملكية في قلب مطالب الشعب، هو طوق نجاتها كما أبرز ذلك التاريخ!


لذلك نقول: كفانا نفوذا لمرتزقة العهد الجديد وقناصي الفرص، ومن قطر بهم السقف في آخر لحظة! كفانا من حزب الدولة المتحكم في كل أجهزتها من الداخلية إلى القضاء والإعلام، وعلى الملكية أن تحمي نفسها بذاتها من محيطها الفاسد، ويجب أن يكون ذلك بقرارات جريئة غير منافقة.. لقد حان الوقت ليعانق الحرية الخياري والمعتقلون الستة في ملف بلعيرج وكذلك كل من ظُلم في محاكمة غير عادلة! حان الوقت لوضع حد لاقتصاد الريع ولسياسة اللاعقاب تجاه المفسدين، فذلك جزء من المصالحة الوطنية الكبرى.. كفانا من جمع الثروات من خلال مناصب الحكم على حساب أغلبية الشعب، فكل ثروة عظيمة وراءها جريمة كبيرة كما يقول بلزاك! نعرف أن المغرب ليس فيه بترول ولا غاز ولا.. ولكننا لا نقبل أن يكون ذلك على حساب الأغلبية منا فقط.. اللهم إني قد بَلَّغت، فاشهد، فاشهد، فاشهد…

‫تعليقات الزوار

12
  • ولد لبلاد
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:50

    يبدو انك لم تستوعب جيدا الخطاب الملكي

  • شاب واعي لمشاكل الشباب
    الجمعة 25 مارس 2011 - 18:00

    باختصار المفيد بدون فلسفة او تحليل ايديولجية او فلسفية غير مفهومةالاصلاح يكمن في الاوضاع الاجتماعية والاقتصادي(فقر -بطالة-تهميش…)اما الاصلاح السياسي (محاربة الفساد ونهب مال العام والرشوة والمحسوبية).
    اما الخوض في افكار سياسية فلسفية غير مفهومة فهي كلام غوغائي لا فائدة منه ولا يسمن ولا يغني من جوع بالنسبة لشباب المغرب العاطل المهمش.حللوا كما بدا لكم وفلسفوا كما بدى لكم الشباب المغربي ما يهمه هو ايجاد حل في اسرع وقت لمشكل البطالة و التهميش فقط لا غير.

  • rachidoc1
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:56

    السيبة بمفهومها التاريخي المعروف هوخروج بعض الرعية عن الطاعة، إي ما يمكن وصفه حديثا بالعصيان المدني الذي يقوم به الشعب في مواجهة حكامه. و قد كانت تقع انتفاضا على الملك و حاشيته عندما يستشري الإستبداد المخزني و يصل الفساد ذروته.
    ما نلاحظه في العهد الجديد هو انتقال السيبة إلى محيط الملك نفسه، بما يمكن توصيفه بالسيبة المخزنية.
    حاشية الملك تسيبت لدرجة تشبه محاولة انتحال الصفة الملكية، فأصبحناأمام مشهد فيه الملك الرسمي و فيه ملوك-bis
    عندما قال خالد الجامعي رضي الله عنه، أن الدولة لا تحكم بأصدقاء القسم، فقد كان و الله محقا.

  • مغربي
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:52

    بدل الحديث عن الأحزاب المغربية الحالية التي لم تعرف يوما ما معنى الديمقراطية بسبب قياداتها الهرمة و العاجزة التي تلتصق بكراسي الزعامة و القيادة منذ نصف قرن.
    .
    وبدل الحديث عن البرلمان المغربي الذي لا يحضره أحد من “ممثلي الشعب”.
    .
    نجدك تدعو بصفة “ببغائية” _ واسمح لي على هذا الوصف_ عن “الملكية البرلمانية”, فأنت و غيرك تريدون أن تنزعوا عن الملك صلاحياته التنفيذية, و تعطوها لأحزاب لا تعرف معنى الدمقراطية و لا معنى حرية التعبير, أحزاب يقودها منذ نصف قرن نفس الوجوه أو بالأحرى نفس العصابات.

  • عشير
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:58

    راي صائب و معقول.
    نرحو من ملك البلاد أن ينتبه الى محيطه الفاسد و يبعد عنه : الهمة و الماجدي و الياس العماري و أزولاي و الفاسي الفهري و عائلته و آخرين لا نعلمهم و هو يعلمهم.
    و يتم حل الحزب السلطوي الذي كاد يبتلع كل الاحزاب الادارية التي أنشأها البصري لضمان استمرار نهب المال العام من المفسدين ا لذين يحتمون بقربهم من الملك.

  • ابوهيفاء
    الجمعة 25 مارس 2011 - 18:06

    لا اصدقاء للملك هناك اصدقاء لمحد بن الحسن اما الملك من المفروض ان لا صاحب له.

  • كاتب
    الجمعة 25 مارس 2011 - 18:08

    هناك بعض الجهلاء يتوهمون أن الظروف المعيشية ومحاربة البطالة سوف تنزل بوحدها من السماء دون ربطها بإصلاحات سياسية، إن الإقتصادي ما هو إلا ثمرة السياسي فكفى قفزا في الهواء

  • حسن
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:48

    لو علمت أن السيد عبد العزيز كوكاس كان يطبل لخطاب 9 مارس ما قلت هذا الكلام.
    هذا المقال يبين كيف فهم كوكاس الخطاب، لكن بعد 20 مارس مع الأسف.

  • متتبع
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:46

    باختصار ،وبعد 20 الأولى و20 الثانية و9 مارس ،سؤال يطرح : هل الملك بريد التغيير وهو قادر على تنفيذه(ومواجهة مافيا الحرس القديم )؟؟؟ وهنا على الشباب المغربي أن يتحرك لمؤازرته ودعمه …أو هل هو غير راغب في التغيير لأنه سوف يمس مصالحه الإقتصادية ومصالح الجيش،وهنا سيكون الكلام مغايرا والحقيقة شيء آخر… هذا ما يناقش الشباب حاليا.

  • مهاجر
    الجمعة 25 مارس 2011 - 18:02

    سطحي كعادتك مند القدم.الدخلة العيساوية المدعمة بكثرة الأمثال و الحكم و التنميق اللغوي لن يشفعان لضحالتك و انتهازيتك و لن تلائمك اليوم إلا جريدة المشعل

  • abdel
    الجمعة 25 مارس 2011 - 18:04

    و انا ايضا اريد ان افهم…
    اين كنتم كلكم قبل هذا? من اليمين الى اليسار وحتى الجماعة…
    من حظكم انه في البلاد ملك صالح وإلا لكان “الطايح اكتر من الواقف”

  • احمد
    الجمعة 25 مارس 2011 - 17:54

    إلى صاحب التعليق رقم 11
    إذا لزم النقد فلا يكون الباعث عليه الحقد ويكون موجها إلى الأراء بالتمحيص لا إلى الأشخاص بالتنقيص

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج