موقع المرأة في مشروع الجهوية،هل يحل النص معضلات الواقع؟

موقع المرأة في مشروع الجهوية،هل يحل النص معضلات الواقع؟
الإثنين 28 مارس 2011 - 10:11

من المثير رصد فعالية المرأة في اذكاء روح الاستماتة و النضال في الثورات المباركة التي تشهدها الأوطان العربية و هو ما يشي بالبداية الفعلية للانقلاب على الأدوار النمطية التي أريد لها محاصرة المرأة في الزوايا المعتمة للسلبية و السطحية .إن تنامي الحضور النسائي المغربي في مختلف مساحات الفعل الاقتصادي و الاجتماعي والسياسي كما عكسته مظاهرات 20 فبراير و 20 مارس, عزز اتجاه التمكين السياسي للمرأة من خلال تقوية آليات تمثيليتها السياسية فترجم هذا المسعى بوضوح في خطاب 9 مارس ذو الكثافة الرمزية الذي حدد التوجهات الأساسية التي يقوم عليها التكريس الدستوري للجهوية ،فكان في صلبها تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة و في الحقوق السياسية عامة و ذلك بالتنصيص القانوني على تيسير ولوجها للمهام الانتخابية .ومن خلال تتبع التموقع الجديد للمرأة في مشروع الجهوية الذي رفعته اللجنة الخاصة للملك،نكشف عن مقترحات في حاجة إلى مقاربة نقدية هادئة بعد خفوت أصوات التهليل الانطباعي و الاحتفاء المتهافت.


يقترح التقرير ما يلي:


1. تعزيز الإجراءات الإدارية لصالح مشاركة النساء في تدبير الشؤون الجهوية و المحلية و ذلك بواسطة مقتضى دستوري يسمح للمشرع بتشجيع ولوج وظائف الانتداب الانتخابي بالتساوي بين الرجال و النساء.هذا المقترح يطرح إشكال الدعوة إلى إضفاء الشرعية على عدم تكافؤ الفرص لنيل امتياز التمثيلية، ذلك أن المقتضى الدستوري المنتظر، من شأنه تأبيد إجراء الكوطا أو “التمييز الايجابي” و هو الاجراء اللادستوري الذي رفع التحفظات بشأنه،طابعه الانتقالي ذو العمق الحقوقي .أما و قد يصير مبدأ دستوريا فيحق التساؤل عن مدى مشروعية إحلال الجنس محل التنافسية السياسية لنيل استحقاق الانتداب الانتخابي لان المرجعية الدستورية تؤسس للمساواة على قاعدة المواطنة لا على قاعدة الجنس.


2. اعتماد أنماط اقتراع ومحفزات مناسبة لضمان حصول النساء على ثلث مقاعد المجالس المنتخبة. هذا المقترح رغم النوايا الحسنة التي حكمته كسابقه ينبئ عن نزوع للخيار السهل عندما يتعلق الأمر بتشجيع اقتحام المرأة للمجال السياسي، الذي عرف هيمنة ذكورية لحقب طويلة. والسهل يكمن في استصدار نصوص و تشريعات نعتقد أن الركون إليها يعفي من نضال ثقافي واجتماعي مرير سيظل ينتظرنا لتخليص المرأة المغربية من كل أشكال الإجحاف و الظلم التي تكبل مقدراتها في أفق إنصافها و تقدير جوهرها الإنساني.ذلك أن التجارب علمتنا أن الترسانة القانونية و التشريعية لا تمثل تلك العصا السحرية التي تضع حدا لمعاناتنا. وهو التخوف الذي سيظل مرافقا للدستور المعدل حتى يثبت العكس.


3. الإدماج الممنهج لمقاربة النوع في السياسات العمومية و الاستراتيجيات و الحكامة على المستوى الجهوي تصورا و تفعيلا و متابعة و تقييما.يدفعنا هذا المقترح إلى استجلاء منجزاتنا في مجال إعادة الاعتبار للمرأة بناء على شعار مقاربة النوع فنكتشف أن الحصيلة هزيلة تكرس الانفصام الذي تعاني منه إرادة الدولة التي تنادي بتحرير المرأة فتظل تستعبدها في إعلام عمومي هجين يقوم على نزعة اختزالية مقيتة.كما تقهرها بسياسات فاشلة تكرس أنثوية كل الماسي الإنسانية من فقر و أمية و عنف وهشاشة.هذا و كلما تعالت نداءات إدماج مقاربة النوع كلما ارتفعت نسبة تصديرنا للحم البشري في الصيغة الأنثوية، فنغتال بذلك كرامة المرأة و الوطن. عندها تصاب الحركات النسوانية الموسومة بالتقدمية بالخرس.


4. كل مجلس جهوي مطالب بإحداث لجنة استشارية لإنصاف النوع تضم شخصيات كفأة من الجنسين تعمل من اجل النهوض با لمساواة بين الجنسين في الجهة. يبدو أن هذا المقترح هو استنساخ للمادة 14 من الميثاق الجماعي التي نصت على إحداث لجنة سميت بلجنة المساواة و تكافؤ الفرص، وكان العبرة بالمسميات.إن ابسط تقييم لعمل هذه اللجنة في صيغتها الجماعية المحلية ينبئ عن فشلها في تحقيق أغراض إحداثها.ذلك أن طابعها الاستشاري فضلا عن غموض اختصاصاتها على مستوى النص حولها إلى مجال لتصريف الو لاءات السياسية و الأهداف الانتخابوية في يد الرؤساء الذين منحهم المشرع حق تكوينها بدلا من المجالس الجماعية.مما افرغ هذه اللجنة من أبعادها النبيلة، هذا إذا ما كتب لها الانعقاد أصلا. و يبدو أن تقرير لجنة الجهوية اختار إعفاء نفسه من عناء الاجتهاد و الإبداع مصرا على إعادة استنساخ تجربة أثبتت الممارسة حاجتها إلى المراجعة و التصويب.


5. يقترح المشروع أخيرا تشجيع الدولة للأحزاب السياسية على تعزيز مشاركة النساء في العمل السياسي ضمن هياكلها الجهوية.وتظل الأحزاب بيت القصيد في هذا النقاش لان تناولها لقضية المرأة و المشاركة السياسية ظل مفتقدا للقناعة النظرية بمحورية دورها، فجعلت لوائحها الوطنية مجالا لتوزيع الإكراميات على من ينلن رضى رؤساء الأحزاب فضلا عن خدمة روابط القرابة و المصاهرة و أشياء أخرى ليس من ضمنها الاستحقاق أو إعمال الآليات الديمقراطية . أما اللوائح الإضافية التي لا تشكل امتيازا مغريا ، فان الأحزاب السياسية تعاني الأمرين (لتعبئتها) بمن يتم إسقاطهن على الحياة السياسية عشية الانتخابات التي لا يفهم معظمهن من متطلباتها إلا صورة فوتوغرافية و عقد ازدياد.هذا الحال هو ترجمة طبيعية لانسحاب الأحزاب السياسية من مهمة تاطير النساء سياسيا والاكتفاء بتأثيث هياكلها بحضور نسائي باهت في معظمه على مستوى الأداء و الإنتاج.وبذلك تعجز الأحزاب عن إفراز نخب سياسية نسائية كفاة.


إن تعزيز مكانة المرأة في مشروع الجهوية طموح كبير لا ينحصر في نص مصاغ بطريقة جميلة ترضي غرورنا ،وإنما هو إجراءات كبيرة تفتح ورش إنصاف المرأة المناضلة في البوادي و الأرياف و المزارع و المعامل،المرأة الأرملة و المطلقة بدون حقوق.المرأة الأمية و المحرومة.ذلك هو رهان الجهوية الموسعة.


فلنكف إذن عن تكريس النخبوية عند مناقشة المسالة النسائية.فليست المشاركة السياسية –على أهميتها-هي المطلب الوحيد للمرأة المغربية.


*فاعلة سياسية و نقابية

‫تعليقات الزوار

5
  • الهام
    الإثنين 28 مارس 2011 - 10:13

    المعضلةعزيزتي في العقليات وليست في القوانين…حتى الثورات التي تحدث الآن ممكن أن تفشل إذا لم تواكبها ثورات فكرية تغير العقليات

  • إبراهيم بن عبد الله إهدى
    الإثنين 28 مارس 2011 - 10:21

    سبحان الله !!
    على مر العصور والدهور يظهر في الساحة بين فينة وأخرى أمثال أختنا أمينة -جعلها الله أمينة على حقوقها الشرعية- تندد بالبرامج التنموية، والإدماج الممقوت الذي أحل بالمرأة سلعة رخيصة لا قيمة لها.
    يا ذرة حفظت بالأمس غالية //
    واليوم يبغونها للهو واللعب
    يا حرة قد أرادوا جعلها أمة//
    غريبة العقل غريبة النسب
    هل يسوي من رسول الله دوما قائـ//
    ده وآخر هاديه أبو لهب
    إن ما دعت إليه الأخت الأمينة من الخطورة بمكان، لا تحمد عقباه لو أدركت حقيقتها حقا، ولكن التزييفات التغريبية هي التي جعلت أمثال الأخت الفاعلة تتجه إلى هذا الرأي الغير السديد شرعا وعقلا ونظرا. وليس هنا مجال الرد على هذه الشبهة، وإنما قصدنا من القلادة ما أحاط بالعنق، من التنبيه للأخت ألا تتجرأ بنفسها لما لا يحمد عقباه دنيا وأخرى، ولتتق الله، ولترجع وه قادرة لسير النساء الأول فتنظر فيها بقلب متجه للحق ودعاء للمولى بالتوفيق إليه، وستجد أن هذا ليس من الدين ولا من الرأي بشيء.
    ثم إن الواقع أدلى بدليله في فشل هذه الدعوى فأين اللواتي طالبن الاندماج قبل سنوات، هل حققن شيئا غير المجون وووو.
    فنصيحتي لأمينة أن لا تأمن على نفسها الفتنة قال جل وعز:”فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذلاب أليم”.
    وعلى كل حال الموفق من وفقه الله، والله أسأل لي ولجميع المسلمين الهداية والسداد، والتوفيق إلى سبيل الرشاد.

  • كتامي
    الإثنين 28 مارس 2011 - 10:17

    أغلب المغربيات، وخصوصا في العالم القروي، أميات..
    وأغلبهن في العالم القروي فقيرات..
    لو كان المسؤولون ومعهم الجمعيات النسائية يريدون مصلحة المرأة لانتشلوها مماهي فيه بدلا من بهدلتها في مجالات سياسوية؛ هم يعلمون أنها لن تكون إلا من نصيب “النخبة” من النساء..
    أولئك اللواتي تجاوزن همَّ الأمية والفقر، فأصبح تفكيرهن منصب على الكرسي، وإن كان على أكتاف الفقيرات والأميات.
    ـ . ـ . ـ
    الاختلاف لا يفسد للود قضية

  • ahmed
    الإثنين 28 مارس 2011 - 10:19

    en fin le maroc est coupé en plusieur morceau,c’et vraiment un cadeau
    souvent en entent que le coloni qui coupe la victime et maintent c’t l’nvers,
    hhhhhh
    en plus je ne sais pas ou va cette democratie qui n’existe a aucun payé du monde :plusieurs langues,plusieur morceaux,,,,bye bye le maroc,

  • SAID
    الإثنين 28 مارس 2011 - 10:15

    على اية حال فتحديث المجتمع المغربي ليس بادماج المرأةولا باعتماد الامازيغية كلغةالمهم هو محاسبة سارقي الاموال واحلام الشعب
    ان الترسانة التي وضعها المغرب مذ الاستقلال لم يخرجه من غتمة التخلف بل سعى الى تكريس الحكم في يد ثلة من الاستغلاليين الذين استطاعوا ان يحوموا حول خيرات البلاد فكما هو ملاحظ كثرة صناديق الدولة كرست المغرب في مصاف الدول المتخلفة لان نسبة النمو السنوي لم يعرف ارتفاعا منذ 2000 والذي يستقر في معدل 4,5
    المهم ان التعديلات الدستورية ليست الية لاقرار الديمقراطية بل هي تندرج هي الاخرى في اطار القوانين التي لن تلغي الرشوة ولن تحارب الفوارق الاجتماعية
    شكرا على المقاربة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة