الجامعة العربية وروح وعقل الشعوب

الجامعة العربية وروح وعقل الشعوب
السبت 14 ماي 2011 - 12:30

عقد اتفاق “ميثاق الجامعة العربية” لسنة 1944 تم بين خمس ملكيات هي المملكة المصرية، المملكة العراقية، المملكة العربية السعودية، المملكة اليمنية و المملكة الأردنية الغير مكتملة الاستقلال المسماة آنذاك “إمارة شرق الأردن”، و جمهوريتين هي الجمهورية السورية و الجمهورية اللبنانية وحتى بعد انضمام باقي الدول التي حصلت على استقلالها(المملكة الليبية المتحدة يوم 28/3/1953، جمهورية السودان 19/01/1956، الجمهورية التونسية 01/10/1958، المملكة المغربية 01/10/1958، دولة الكويت20/07/1961، الجمهورية الجزائرية الشعبية 16/08/1962…)فهذه الجامعة هي جامعة لبلاد يقولون عنها عربية و لكنها غير محددة المعالم و المكونات.


حاليا ليس هنالك عقل شعوبي عميق يحاول احتواء ما يحدث بمنطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط، الشعوب تثور و الدول تتهاوى كحبات القمح في حنجرة التاريخ و ما يسمى ب”الجامعة العربية” تستكين إلى منجزات و قوانين الدول المنهارة و كأن التاريخ الذي يجري حولها و أمامها لا يعني لها شيئا. الشعوب تصيح بأعلى صوتها نحن عرب و أمازيغ، أكراد و أقباط، درزيين و مارونيين، مسلمين و مسيحيين نريد الديمقراطية و حقوق الإنسان و لكن لا نفرط أبدا في الوحدة الوطنية؛ من العراق إلى ليبيا و من ليبيا إلى مصر ومن مصر إلى المغرب… الوضع الحالي أكد بالملموس، بأن الشعوب التي لم تحقق ثورتها على ذاتها تفقد وحدتها الوطنية. السودان فقدت جنوبها لهذا السبب و من الممكن أن يفقد العراق شماله و جنوبه، و نفس الشيء بالنسبة للمملكة المغربية و الجمهورية الشعبية الجزائرية. الشعوب هي من تصنع تاريخها و ليس تاريخها من يصنعها. الثورات هي بعث و إحياء للروح الجماعية التي هي روح الشعوب.


روح الشعوب حينما تفتقد إلى عقل الشعوب تخلق الفظائع كما حصل للشعوب التي اختارت أنظمتها السياسية الانضواء تحت تنظيم “الجامعة العربية”؛ و كما يعلم الجميع، اختارت دول هذه الشعوب الانضواء تحت ظل هذه الجامعة من اجل ضرب بعرض الحائط كل اختيارات و مكونات هذه الشعوب، و النتيجة حاليا هي أن هذه الدول إذا لم تحدث ثورتها على ذاتها سيحصل لها تماما كما حصل للجامعة اليوغوسلافية…


الجامعة العربية الحالية هي جامعة للأنظمة المنهارة، لقد انهار النظام التونسي و انهار النظام المصري و انهار النظام الليبي و باقي الأنظمة الأخرى هي في طريق الانهيار. دول ما كان يسمى سابقا بدول الصمود و التصدي تقريبا كلها انهارت، لم تبقى منها غير سوريا التي وصلتها شرارة الثورة بنفس الحدة التي وصلت فيها إلى جمهوريتي العقيدين الممثلين بداخل الجامعة العربية: اليمن و ليبيا.


النظام العراقي تم تدميره بواسطة تحالف دولي لأن المنتظم الدولي آنذاك لم يكن يثق في روح الشعوب و في قوة هذه الشعوب في الثورة على ذاتها. المنتظم الدولي المتعجرف المجسد في الدول الغربية القوية كان يؤمن بأنه مصدر الثورات و ملهم فلسفة التغيير؛ في حين الثورات الحالية التي اندلعت في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط اندلعت بسبب التخلص من هيمنة هذه القوى و ليس لشيء آخر. لقد كانت الأنظمة الغربية و لازالت إلى حد اليوم أحد أهم القوى التي تكبح إرادة الشعوب و اليوم بعد أن بدأت هذه القوى تظهر نوعا من الحياد ابتدأت الشعوب في الثورة على ذاتها و بدأت في إعادة بناء أنظمتها السياسية و الحقوقية بمساهمة جيوشها و مساهمة طليعتها الشبابية التي استلهمت قيم و روح العصر المجسدة في الديمقراطية و حقوق الإنسان.


الدول المنضوية تحت لافتة الجامعة العربية تتهاوى يوما عن يوم و متطلبات و أطماع الدول الكبرى القوية اكبر مما يتصور و المنطقة في حاجة إلى نظام إقليمي جديد تحتل فيه حريات الشعوب و هوياتهم المختلفة، بالإضافة إلى الاستثمار المفتوح في الطاقات الخلاقة و المبدعة…


برتكول الإسكندرية الذي تمت مداولته و المصادقة عليه بين يومي الاثنين 25 شتنبر 1944و يوم السبت 7 أكتوبر من نفس السنة اعتمد مؤسسة “الجامعة العربية” كمؤسسة إقليمية ممثلة لما يسمى البلاد العربية، في حين التحولات السياسية الحالية التي حصلت تحتم ظهور تنظيم إقليمي جديد يحتوي هذه المنطقة و يعيد تحديد أولوياتها و القيم الإنسانية التي توازي القيم التي من أجلها حصلت الثورات و الاضطرابات. ففي الثورة الليبية و الثورة التونسية و الثورة المصرية لا فرق بين أمازيغي و عربي أو مسيحي و مسلم أو كردي و غير كردي إلا بالتمسك بقيم التعايش السلمي المؤسس على قيم الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان…


في كل الدول الديمقراطية يتم اعتماد القاعدة الديمغرافية كقاعدة أساسية لتحديد السياسات و تحديد قوة التصويت و قوة و طبيعة اتخاذ القرارات في حين في دول “الجامعة العربية” القاعدة الأساس لاتخاذ هذه القرارات هي قاعدة هلامية تستجيب لخصوصية هلامية مفترضة اسمها “البلاد العربية”. شعوب المنطقة في حاجة ماسة إلى من يحدد هويتها الحقيقية التي هي هوية متعددة و مختلفة و ليست هوية واحدة و موحدة…


[email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • Th3 D4fOx
    السبت 14 ماي 2011 - 12:36

    “.. الوضع الحالي أكد بالملموس، بأن الشعوب التي لم تحقق ثورتها على ذاتها تفقد وحدتها الوطنية. السودان فقدت جنوبها لهذا السبب و من الممكن أن يفقد العراق شماله و جنوبه، و نفس الشيء بالنسبة للمملكة المغربية و الجمهورية الشعبية الجزائرية. الشعوب هي من تصنع تاريخها و ليس تاريخها من يصنعها. الثورات هي بعث و إحياء للروح الجماعية التي هي روح الشعوب” هل كنت في كامل وعيك عندما ذكرت المغرب و صنفتهم ضمن دول لم تعرف أن تساير نفسها ؟
    عجيب أمرك ، فهل أنت مغربي بالفطرة و النية أم مجرب بالإسم و الجنسية ؟
    بزاف عليك المغرب يتشتت ، اللي جربوا بالفكر و العسكر و الفن و الثقافة و العنصرية وما قدروش ، وصحافي من المجموعة المشؤومة يطمح يبدل أفكار الشباب الطامح ؟
    إحنـآ إيد واحدة ، ولهاد البلاد نموتوا و نعطيو روحنا على قبال الركائز الثلات ديال البلاد آ حبيبي نعملوا المستحيل !!
    الله ، الوطن ، الملك.

  • منا رشدي
    السبت 14 ماي 2011 - 12:38

    ما يسمى ب”الجامعة العربية” ، أصبت الحقيقة هذا كيان مشابه للإتحاد السوڤياتي هذا الأخير إنهار وأصبح في خبر كان ، ما يسمى ( الجامعة العربية ) على أعضاءها أن يسفيذوا من عبر التاريخ قصد تفادي أخطاءه لكنهم لا يعتبرون حتى من قصص القرآن ! يبدو أن هذه الجامعة ستنتهي عند ” نورمبرغ 2 ” وهذا مصير غاية في السوء !

  • سلام
    السبت 14 ماي 2011 - 12:32

    أخي الكريم صاحب الاسم العجيب الذي ينتمي الى عائلة جيمس بوند 007 انك تشكك في جنسية الكاتب المحترم بودريس درهمان و هو كاتب مغربي مرموق شخصيا أعتز بمواقفه و كتاباته و ما يقوله في هذا المقال يجعلنا نتسائل لماذا فقدنا موريطانيا في الماضي و لماذا مجموعة أراضينا مغتصبة سواء من طرف المعمر الاسباني أو المعمر الجزائري أخي الكريم تهديد الاصوات الحرة الابية و اتهامها بعدم الانتماء الى الوطن المغربي هي أول خطوة الى الانفصال عن الوطن و نحن لا نريدك أن تنفصل أنت عن الوطن المغربي. المغاربة الشرفاء الاحرار هم من يكتوون بحرقة الاسئلة و يدفعون بالوطن الى الافضل أما الذين يشككون في وطنية المغاربة فهم لا محالة من أحفاد اليوطي

  • nour ghazal ghazal
    السبت 14 ماي 2011 - 12:34

    كان المغرب في قديم الزمان ينتمي الى الجامعة العربية وكان انتماؤه شكليا بحكم عوامل شكلية ايضا.اما مغرب اليوم مغرب الحداثة و الديموقراطية فهو مغرب آخر يا اخي ربما لم تصلك معلومات موثقة عنه.المشاريع المغربية على جميع الاصعدة كلها تصرخ ان المغرب لا تسمح له خصوصيته التاريخية و طريقة تفكيره العقلانية باي دوران لعجلاته في اتجاه الشرق.مقومات الدولة المغربية ومؤسساته لا يمكن مقارنتها بمقومات الدول المنضوية تحت لواء الجامعة العربية.المغرب يتكئء على ارضيتين صلبتين تقيانه من اي انهيار.وحدة تاريخية قوية ومتينة.وانفتاح نوافذه على مصادر الاوكسجين النقي ونقصد الثقافة الكونية بكل منظومتها.عجيب ان يوجد في المغرب محللون من هذا الطراز يفهمون ما يجري في الخارج و لا يفهمون آليات اشتغال الداخل ويخلطون بين الفيل و الفول وبين البادنجان و نهود المراة السنغالية.

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش