خطط "البيجيدي" لإنهاك الدولة وتفقير الشعب

خطط "البيجيدي" لإنهاك الدولة وتفقير الشعب
الأربعاء 19 غشت 2020 - 23:15

الولاية الأولى لحكومة العدالة والتنمية كانت كافية لتثبت للمغاربة أن هذا الحزب عديم الخبرة والكفاءة والدراية بإدارة شؤون الدولة العصرية. يمكن لأي حزب كان أن يتدارك نقصه بالانفتاح على الكفاءات الوطنية والاستفادة من تجارب الدول والشعوب في خلق فرص التنمية وتنويع موارد الدولة عبر دعم وجلب الاستثمارات؛ لكن “البيجيدي” لن يفعلها حتى وإن ظل على رأس الحكومة لولاية ثالثة لا قدر الله. والسبب في ذلك ذاتي يعود إلى منظومته الإيديولوجية المستمدة من تنظيرات دعاة الإسلام السياسي وإرث “الدولة السلطانية” وليس موضوعيا تتحكم فيه الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية؛ ذلك أن “البيجيدي” لم يتمثل بعد مفهوم الدولة الحديثة ومسؤوليتها في توفير الخدمات للمواطنين.

إن الدولة بالنسبة لـ”البيجيدي” هي ذاك الكيان القائم على الغلبة والهيمنة على الموارد المالية والاقتصادية، دولة ريعية تستند ماليتها على المداخيل الجبائية بدل تنويع الموارد وتشجيع الاستثمارات وتطوير الاقتصاد. وهذا نفسه إطار الدولة الإمبراطورية/السلطانية القائمة على الفيء والغنيمة والفتوحات.

وما دام “البيجيدي” محكوما بهذا الإطار المرجعي فلن يطور اجتهاداته بخصوص مالية الدولة وطرق تنميتها وصرفها. ومن أجل توفير الموارد المالية الضرورية لإدارة دواليب الدولة والتخفيف من أعبائها المالية، لجأ “البيجيدي” إلى أسهل الطرق التي لا تكلف الدولة استثمارات ولا تحملها تكاليف.. ومما لجأت إليه الحكومة التي يرأسها لولايتين متتاليتين:

1 ــ إلغاء دعم المحروقات والمواد الأساسية مما نتج عنه ارتفاع مهول في الأسعار وضرب مباشر للقدرة الشرائية لغالبية الفئات الاجتماعية دون اتخاذ تدابير موازية لحماية الطبقات الهشة؛

2 ــ تحرير أسعار المحروقات مع وضع قانون يكبّل سلطات الدولة لمنع الاحتكار ورفع سعر المحروقات (التهديدات السخيفة بالتسقيف التي أطلقها لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة سابقا، ضد شركات توزيع المحروقات والتي لم تزدها إلا تغوّلا). فالحكومة ليس في مصلحتها تخفيض أسعار المحروقات ولا الضرائب والرسوم المفروضة لما سيترتب عنه من تخفيض في عائدات الضريبة على هذه المادة (رسم “الضريبة على الاستهلاك الداخلي” الذي يطبق على البنزين ويبلغ 3.76 درهما عن كل لتر، و2.422 درهما عن كل لتر من الغازوال، بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة ورسوم أخرى)؛

3 ــ إلغاء التوظيف والترقي بالشهادات وتجميد الترقيات، الأمر الذي حرم الموظفين من الترقي الإداري وتحسين دخولهم وأحوالهم الاجتماعية والمادية، بينما وفّر لخزينة الدولة مبالغ مالية مهمة على حساب الموظفين؛

4 ــ التشغيل بالتعاقد الذي يحرم الموظفين من فرص الاستقرار النفسي والمهني والأسري ويجهز على حقوقهم المادية والاجتماعية (الترسيم، التقاعد..). فما يهمّ الحكومة ليس ما تقدمه الدولة من خدمات وفرص للترقي الاجتماعي للمواطنين (موظفين ومتعاقدين)، بل ما توفره من أموال؛

5 ــ تغيير نظام التقاعد الذي أجهز على المكتسبات المادية والاجتماعية للموظفين عند إحالتهم على التقاعد؛

6 ــ تجميد الاستثمارات العمومية، حيث صادق مجلس الحكومة يوم 4 أبريل 2013 على مشروع مرسوم رقم 2-13-285 يتعلق بوقف تنفيذ 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار المقررة برسم السنة المالية 2013؛

7 ــ تخفيض ميزانيتي التعليم والصحة (مثلا قانون المالية لسنة 2017 سجل تراجعا فيما يخص ميزانية 13 وزارة، حيث تقلصت ميزانية “التربية الوطنية والتكوين المهني” بنسبة 2.42 في المائة (44.646.498.000 درهم)،كما انخفضت ميزانية الصحة بنسبة 1.16 في المائة (14.114.752.000 درهم)، ثم وزارة “التشغيل” التي انخفضت ميزانيتها بـ 0.48 في المائة (525.393.000 درهم)؛

8 ــ الاقتراض الخارجي، إذ لم تكْفِ الحكومة عشرات الملايين التي وفّرتها من قراراتها المجحفة في حق المواطنين، بل ظلت طوال الولايتين الأولى والثانية تحصل على القروض الخارجية حتى بلغت المديونية مستويات قياسية لم تبلغها أية حكومة منذ الاستقلال (92% من الناتج الداخلي الخام). واللجوء المفرط إلى الاقتراض سيؤدي إلى زيادة استنزاف ميزانية الدولة، خلال السنوات المقبلة، (حوالي 15 % من إجمالي النفقات، ستؤديها الدولة، خلال 2020، أي أزيد من 96 مليارا من أصل الدين والعمولات والفوائد).

لقد سبق لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، أن برر الإقدام على مثل هذه القرارات بتحسين الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة) ودعم الفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة؛ لكن الواقع يشهد على اتساع دائرة الفقر والبطالة والتهميش، إذ في الوقت الذي تتخذ فيه حكومتا “البيجيدي”، في نسخها المعدلة، القرارات التي تستهدف القدرة الشرائية للمواطنين وحقوقهم الاجتماعية، نجدها تواصل إعفاء القطاع الفلاحي من الضرائب، خاصة الفلاحين الكبار، فضلا عن الدعم المخصص للآليات والتجهيزات الفلاحة والذي قد يصل إلى 100 % ناهيك عن منحة 2000 درهم عند ولادة كل عجل). ومما يزيد من استفحال الأزمة المالية للدولة، تغاضي الحكومة عن تملص غالبية الشركات من أداء الضريبة (2 في المائة فقط من الشركات تؤدي 80 في المائة من الضريبة على الشركات)، بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية لفائدة قطاعات لا تؤدي أي وظيفة اجتماعية أو إنتاجية، (36 مليارا درهم كإعفاءات ضريبية).

كل هذه القرارات المجحفة التي اتخذتها حكومة “البيجيدي” لم يغن قادة الحزب وبرلمانييه عن المطالبة بتحميل عموم المواطنين تكاليف مواجهة جائحة “كورونا”، إذ بدون استحياء دعا الفريق النيابي للحزب بالبرلمان الحكومة إلى فرض التضامن الإجباري الذي ينص عليه الفصل 40 من الدستور. كان أحرى بنواب الحزب ووزرائه أن يطالبوا بإلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء ووقف تفريخ مجالس الريع التي تستنزف المالية العمومية (آخرها مجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء)، ثم يعلنون التنازل عن جزء من تعويضاتهم ورواتبهم ليعطوا المثال لباقي البرلمانيين والوزراء والموظفين السامين عن التضامن الوطني الذي يوجبه الوضع الناتج عن جائحة “كورونا”. ففي عز الأزمة تظهر الروح الوطنية الحقة.

‫تعليقات الزوار

11
  • Penseur de l'absolu
    الخميس 20 غشت 2020 - 00:49

    أنا لا أوافق مطلقاً على فكرة مفادها بأن اتجاه الحزب الايديولوجي غير مهم بل الأهم هو الإنجازات المحققة! فهذه فكرة غير واقعية و رديئة و كأن مشاكل المجتمع البشري هي تقنية فقط يكفي جلب "الكفاءات" لحلها . السياسة ثقافة و في غياب مشروع ثقافي أو لنقل فلسفي تنحط السياسة و إلا كيف ستواجه و تجيب الدولة على أسئلة حارقة كالهدف من الدولة؟ و لم هي موجودة؟ ومن أين تستمد شرعيتها؟ و لم عليها أن توفر الرفاه للجميع؟….و لا يخفى طبعاً سر انشغال الفلاسفة الليبرالين ومن جاء بعدهم بهذه النقاشات فهذه ليست نقاشات عبثية مجانية و طبعاً كلما توضحت الصورة أكثر سار العمل أحسن

  • مصطفى الرياحي
    الخميس 20 غشت 2020 - 07:03

    كل من ينادي بعدم المشاركة في الإنتخابات هو حقا وموضوعيا يمنح صوته لحزب العدالة ويمكنهم من الإستمرار في تدميرهم للبلاد ٱخر فضيحة لهذا الحزب هو إستراد النفايات ومنهم فضلات الدولة أعني الخرى علما أن بلادنا لها فائض لا أدري لماذا تصرح الحكومة لإستراد الخرى أما النفايات الأخرى فلو كانت فيها أي فائدة لصنعتها الدول المصدرة وهي اللتي تمتلك تيكلونوجيا متقدمة
    ماذا يفعلون بالخرى ؟
    و ما هو المقابل ومن المتورط إنه عار ينتقس من قيمة البلاد ومن جادبيته السياحية وأخيرا هل هو حلال التجارة في الخرى

  • مصطفى الرياحي
    الخميس 20 غشت 2020 - 08:06

    بين ما يصدر المغرب : الأذمغة الفواكه الخضر المعادن كالفوسفاط الصناعة التقليدية الطبخ ويستورد أشياء لا تحصى ولا تعد ومنها في ظل هته الحكومة النفايا اللتي تدفن تحرق أو ترمى في الهواء الطلق مما يسيئ لساكنة البلاد من حيوان وإنسان
    أكثر من هذا أذى جشعهم لإستراد فضولات "الكفار" بالله كيف تكون ند لدولة في محادثات وأنه تستورد خراهم ؟ أيوجد أكثر من هذا إهانة وذل ؟ أم أصبح الخرى قيمة مضافة في المعطيات الإقتصادية ؟ أين العزة والكرامة ؟

  • عالد
    الخميس 20 غشت 2020 - 10:32

    اخي سعيد، انت ونحن نعرف جيدا ان رءيس الحكومة والوزراء لاحول لهم ولا قوة، وانهم عباد مامورين، ينفدون التعليمات الواردة من المخزن ،وليس لهم الحق في اتخاد اي قرار بمحض ارادتهم، والا كان مصيرهم العزل. لا فائدة من انتقاد العدالة والتنمية لانها تنفد ما تتلقاه من اوامر وتعليمات عليا، ولولا ذلك لما بقيت في السلطة.

  • حكومة محكومة.
    الخميس 20 غشت 2020 - 13:24

    تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية وتطوير الذات يستحيل في ظل ألية الحكم المعمول بها في المغرب سواء سير أمور الدولة العلمانيون أو الإسلاميون لأن الضبابية التي تحيط بمركز القرار والسلطات المحدودة الممنوحة للحكومة والبرلمان لا تجعلنا قادرين على وضع الأصبع على مكمن الخلل . هذه الديمقراطية العرجاء تجتاح لتقويم عاجل وإلا فما الفائدة من حكومة لاتحكم وبرلمان لايشرع وشعب مغيب.

  • Hassan
    الخميس 20 غشت 2020 - 13:28

    هذه حكومة "محكومة" مهمتها تصريف وتدوير ملفات لم تتمكن الحكومات السابقة من معالجتها لتأثيرها السلبي على المواطن . البيجيدي سوف يستفيد من فترة استثنائية لتجفيف منابعه و هو الآن يتدرب على تدوير ومعالجة النفايات

  • amaghrabi
    الخميس 20 غشت 2020 - 16:47

    انا لست ضد مناضلي حزب العدالة والتنمية كمغاربة مسلمين وانما ضد ان يسوقوا على ان حزبهم حزب اسلامي وبالتالي يكون هناك عدم التساوي مع الاحزاب المغربية الاخرى لانهم يستغلون تدين المغاربة ,والتدين في نظري لا علاقة له مع السياسة بحيث السياسة هي خدمة مصالح المواطن من شغل وسكن وتطبيب وتعليم وخدمات ادارية في المستوى ,اما الاخلاق السامية والاعتزاز بالانتماء الى العقيدة الاسلامية واستغلال ذلك من اجل كسب اصوات شعبنا المسلم البسيط والذي جلهم يخافون ان يعطوا اصواتهم الى المعاصرين لانهم في نظرهم كفارفي ثوب مغربي .فلا سماح لاحزاب دينية او امازيغية وانما الاحزاب الوطنية التي تحترف السياسة وتترك الدين والجهوية اللغوية جانبا.يجب ان تتكافأ الفرص لجميع الاحزاب ولا يستفيد اي حزب بوضع خاص كيفما كان منبعه ,فالمنافسة يجب ان تكون متساوية وبعدها فلنبارك الفائز كيفما كان سلوكه واقتناعاته

  • خديجة وسام
    الجمعة 21 غشت 2020 - 11:09

    إلى 7 – amaghrabi

    لا أتفق مع رأيك حيث كتبت : "والتدين في نظري لا علاقة له مع السياسة"

    أليس من مصلحة كل سياسي أن يتشبه بمن سمى نفسه "القهار الجبار المهيمن المسيطر المتكبر" ؟؟

    أليس من مصلحة كل أهل الحل والعقد، منذ أربعة عشر قرنا، أن تسجد وتركع مع حشود الراكعين لتسود الوحدة على كلمة واحدة تنزلت من السماء ولنحصل على إجماع بنسبة تفوق 99 في المائة؟؟

    مفهوم المعارضة مخالف للإجماع وللخنوع والركوع والإستسلام وبالتالي لطقوس الإسلام التي ترسخ بأذهان الشعب مبدأ التسليم والتفويض لمن يتجرأون على التحدث باسم السموات. سماوات لم تعد تخاطبنا وأنابت عنها ناطقين باسمها.

    الدين الإسلامي وتربيته هما اللذان أنتجا لنا شعوبنا الحالية حاكمين ومحكومين.
    مُخدِّرين ومخدَّرين.

    أفلا تعقلون أم أنتم لأنفسكم ولقراءكم مخدِّرون ؟

  • زرهوني
    الجمعة 21 غشت 2020 - 11:51

    ما بني على باطل فهو باطل.
    ومتى كان البيجيديون يحكمون؟ حتى يفقروا الشعب أو ينهكوا الدولة.
    ما هم وغيرهم من الأحزاب إلا أدوات يتحكم فيها عن بعد. وأكثر ما يثير الاستغراب هو قول بعضهم حكومة البيجيدي، أو حكومة الإخوان أو الحكومة الملتحية، خاصة ممن يفترض فيهم أنهم يتقنون فهم اللعبة السياسية، كصاحب المقال.

  • مصطفى الرياحي
    الجمعة 21 غشت 2020 - 17:13

    إلى 8 – horribilis قرطبي

    وصل بك الأمر أن تنتهي "حَيّاح" لصالح الإخوان تتابع الناس بأسماء مستعارة مختلفة كأليف Alpha أو أوبامي Obbamy وغير ذلك من أسماء القر…د لكي تمنعهم من التعبير عن رأيهم وتحاسبهم عن مواقفهم الرجولية العروبية القحة أتجاه إخواننا الأمازيغ.
    روح ألعب مع من هم في مستواك الأخلاقي

  • horribilis
    السبت 22 غشت 2020 - 07:16

    10ـ مصطفى الرياحي

    اترك لخيالك العنان كما شئت، وتوهم كما يحلو لك من يحمل هذا الإسم أوذاك. وضع كل من يرد على تعاليقك تحت يافطة واحدة و باسم شخص واحد. أو توهم أن كل العالم يتربص ب "مواقفك الرجولية العروبية القحة أتجاه إخواننا الأمازيغ ". أنت حر في أوهامك وهوسك. وهذا منبر يعبر من خلاله كل شخص على قناعاته.

    أنت جعلت من نفسك بوقا للقبلية العرقية، ومرتزقا عند أيديولوجية التخلف القبلي، فلا تستغرب أن تجد من يتصدى لتفاهات تعاليقك وبلادتها.

    وبالمناسبة، "الإخوان" جزء أصيل من هذه الأمة ويمثلون شريحة واسعة من الشعب المغربي والأمة العربية والإسلامية. ارتكبوا ويرتكبون أخطاء جسيمة وهم ليسوا معصومين. لكنهم على الأقل لهم غيرة على الأمة، كل الأمة، ويتفانون في الدفاع عنها، بدمائهم وأموالهم. هم أفضل مليار مرة من كائنات التخلف القبلي العرقي الذي صرت بوقا عندهم ومأجورا تأتمر بدجلهم لدرجة أنك صرت أكثر كاثوليكية من البابا. وهذه من علامات كل مرتزق.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس