الأمازيغية التي نسفت وهم "الجمهورية العربية الصحراوية"

الأمازيغية التي نسفت وهم "الجمهورية العربية الصحراوية"
الأحد 8 نونبر 2020 - 15:52

منذ ظهور قضية الصحراء المغربية في الحياة السياسية مع بداية السبعينات من القرن الماضي، أصبحت مثار صراع بين أطراف عديدة، وعلى رأسها الدولتان الشقيقتان المغرب والجزائر، إضافة إلى جبهة البوليساريو التي كانت من أخطاء السلطة والأحزاب المغربية قبل أن تكون صنيعة الجزائر. وبجانب الخلاف السياسي حول كون الصحراء جزءا من المغرب أو أرضا لشعب منفصل، الذي استعمله الملك الراحل استعمالا ذكيا لتقوية شرعيته وإضعاف اليسار الراديكالي الماركسي، فقد ظهر خلاف آخر بسبب التسمية التي اختارها الانفصاليون والنظام الجزائري للدويلة المتخيلة على أرض الصحراء: “الجمهورية العربية الصحراوية”، هذه التسمية حققت ولو رمزيا للتيار القومي العربي، الذي مثله النظام الجزائري منذ بداية استقلال البلد الشقيق، حلما لا يمكن تحقيقه على أرض المغرب، عاصمة الأمازيغ والأمازيغية في العالم كله.

لقد كان الحلم العربي على أرض الصحراء المغربية عنصر إضعاف كبير للخطاب الانفصالي، فبقعة الأرض التي أريد لها أن تكون ترابا لـ”جمهورية عربية”، تتكلم في تفاصيلها الجغرافية لغة الأرض المغربية منذ فجر التاريخ.

كان هذا حافزا رئيسيا للحركة الأمازيغية لكي تركز على لغة الأرض والتوبونيميا، وعلى تاريخ القبائل الصحراوية التي باستثناء قبيلة “حسان” التي تنحدر من عرب معقل، تعد قبائل أمازيغية استعرب بعضها وظل بعضها الآخر على هويته الأصلية.

إن أمازيغية الصحراء ورقة سياسية رابحة في ملف ظل إلى الآن يشكل موضوع صراع إقليمي نسف إمكانيات الوحدة المغاربية التي تنتظرها شعوب المنطقة. وعلى الذي ما زال يحلم بجمهورية وهمية على التراب المغربي أن يعمل على الخروج من التناقض والمصالحة مع تاريخه، لأنه من الأخطاء الأصلية التي ارتبطت بملف الصحراء منذ البداية، تغييب عنصر الأمازيغية في الصراع الدائر بين المغرب وجبهة انفصاليّي البوليساريو، التي كانت تهدف إلى إقامة ما سمته “الجمهورية العربية الصحراوية” على أرض الصحراء، ولم ينتبه كثيرون في ذلك الوقت إلى أن جبهة الانفصاليين لا تمثّلُ إلا أقلية صغيرة فيما يسمّى “الشعب الصحراوي”، الذي هو في الحقيقة مُكوَّن في أغلبيته من قبائل أمازيغية معروفة بأصولها وتقاليدها وعاداتها ولغتها.

لقد كان عنصر الأمازيغية مُهمًّا في إثبات تهافت أطروحة “البوليساريو” والنظام الجزائري، وذلك على مستويين:

أولا: أن تاريخ الأمازيغ المغاربة يُثبت امتداد الدولة المغربية من شمال المغرب إلى جنوب الصحراء، حيث كانت الإمبراطورية الكبرى تحكم كل هذا التراب من عاصمة مركزيةٍ، إما مراكش أو فاسَ ثمّ الرباط، وكانت عصبية القبائل التي تأتي من الصحراء وتؤسّس الدولة بمراكش أو فاس تعتبر أن التراب المغربي واحد من الصحراء إلى الشمال، حيث كانت بيعة القبائل للسلاطين المغاربة معروفة ومعمولا بها.

ثانيا: أنّ أسماء الأماكن في الصحراء هي في معظمها أسماءٌ أمازيغية، وهي الأسماء نفْسُها المتواجدة بمنطقة سوس وَواد نون، ممّا يدلّ على أن الصحراء امتداد طبيعي للمغرب.

هذه العناصر التاريخية والسوسيو-ثقافية والجغرافية، أنكرها إنكارا تامًّا انفصاليو “البوليساريو”، حيث ارتكبوا الخطأ نفسَه الذي ارتكبته السلطات الجزائرية والسلطات المغربية في عهد الحسن الثاني، والذي هو اختزال هوية البلاد كلها في عنصر واحد هو العروبة.

والآن، بعد أن قام المغرب بتصحيح خطئِه واعترف بكل مكوناته وعلى رأسها الأمازيغية، فليس على الدولة المغربية إلا أن تدرك أهمية العمق الأمازيغي في قضية الصحراء، وتفعيل مضامين الدستور المغربي الذي ينص على أن الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، وهي ملك لجميع المغاربة، لذلك يجب إعطاؤها حقها في جميع المؤسسات الوطنية، بما فيها سفارات الدول الأجنبية المعتمدة بالمغرب، والمؤسسات العمومية المتواجدة بمدن الصحراء، لأن ذلك أساسي في عزل أطروحة “البوليساريو.

ومن هذا المنطلق، على الشباب الأمازيغي الصحراوي أن ينخرط في النضال الوطني من أجل تحقيق الديمقراطية في المغرب كله من شماله إلى جنوبه، وهذا هو الرهان الكبير، وليس الانفصال الذي يؤدي إلى مزيد من الانقسام والضعف.

‫تعليقات الزوار

17
  • خديجة أوعلي
    الإثنين 9 نونبر 2020 - 08:56

    مقال علمي تاريخي جميل لمناضلنا الامازيغي عادل أداسكو نحييك على جرأتك ونضالك على أرض المغرب وتاريخه العريق

  • non à l"obscurantisme
    الإثنين 9 نونبر 2020 - 11:20

    l"usfp a commis une grave erreur ':donner comme exemples à suivre les régimes cubain et algérien,ce qui a permis à deux régimes fasco socialistes de' s"accaparer des jeunes marocains et ainsi l"algérie a permis à son valetsario d"être armé et financé par le trésor algérien dans le but de géner le maroc seul pays méghrébin capable de lui faire face,
    aujourd"hui la même erreur est commise par les islamistes marocains en optant les théories obscurantistes des freres musulmans du moyen orient ou mieux les freres ennemis de l"islam ,
    les marocains constituent un peuple à part,un peuple libre,tolérant,le racisme n"est pas marocain,les marocains représentent des diversités pacisfistes ,
    les freres ennemis musulmans constituent un danger mortel pour le maroc,la lutte contre ce danger est un devoir de chaque marocain,nous sommes marocains musulmans libres avec le respect de toutes les diversités,
    rejetons les obscurantistes islamistes!

  • المغتربة
    الإثنين 9 نونبر 2020 - 13:12

    لا أدري لمذا اقحمت الامازيغية في موضوع الصحراء
    متى كان الامازيغ يعيشون في الصحراء نحن نعلم أن الامازيغ يستوطنون الجبال و العرب يستوطنون الصحراء
    نحن المغاربة نعتقد بمغربية الصحراء و ليس بأمازيغية الصحراء أو عربية الصحراء
    المغاربة تجمعهم أعراق شتى
    قل الصحراءمغربية و هنينا

  • simsim
    الإثنين 9 نونبر 2020 - 14:32

    كم من البرابرة شاركوا في المسيرة الخضراء ؟ قليلون جدا إن لم نقل ولا واحدا منهم
    إسأل أباك أو اُمك أو أي أحد من عشيرتك ؟ سيكون الجواب بأنه في سنة 1975 لم يكن البرابرة متحمسين للوطن والوطنية
    لا علاقة لك البتة بالصحراء المغربية والتي هي في مغربها العربي الممتد من المحيط إلى الخليج
    الصحراء حررها كل المغاربة من كل الأعراق عدا البرابرة المتطرفين المتزمتين
    لا علاقة لك نهائيا بالصحراء المغربية العربية

    هل تعلم أن الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه فرق على المشاركين في المسيرة الخضراء شهادة تتبث إخلاصهم للوطن شهادة

    350000 من المغاربة من كل فج عميق من المغرب من أقصاه إلى أقصاه ومن أدناه إلى أدناه هبواهبوا كرجل واحد متسلحين بالقرآن الكريم وبإيمانهم بقضيتهم العادلة
    إلا أنتم
    إبحث لك عن كذبة أخرى أما هذه فلا تنفع

  • مغترب
    الإثنين 9 نونبر 2020 - 14:44

    فعات الهوية الامازيغية للصحراء تشكل نقطة تناقض هوياتي صارخ لمرتزقة البوليزاريو

  • لوكيلي كندا
    الثلاثاء 10 نونبر 2020 - 00:12

    تحليل "كٌفتة"، سير الله يعفو عليك كيف ما عفا على ترامب والله يعفو عليك من كراهية العرب المغاربة لأنهم اخوتك في الدين ان كنت مسلما، ما زلنا في صراع مع جيران السوء الذين يريدون بتر الأقاليم الجنوبية من وطننا العزيز لتضيع وقت القراء في موضوع تافه لا يقدم وينسف كل ما جاء به الدستور الذي يعترف بالحسانية كراف من روافد الثقافة المغربية، ايوا سير قل هذا الخرافات ديال حا لأول صحراوي وغادي تسمع على وذنيك … قالك الصحراويون بربر…

  • Akram
    الثلاثاء 10 نونبر 2020 - 22:17

    تحية للاستاذ اداسكو على هذا المقال الذي ضرب في الصميم اوهام جبهة الانفصال العروبية، و لبعض المعلقين الذين يتحدثون من فراغ ساجبيهم :
    احدهم قال الامازيغ لا يسكنون الصحراء، قولك هذا دليل على جهلك بالتاريخ و جغرافية بلدك. لذا لن اعطيك دروس في التاريخ لانك لن تستوعب لكن سادعوك فقط لزيارة مدن اسازاك و طاطا و كلميم و زاكورة لتجد هناك امازيغ يسكنون في هذه المناطق الصحراوية، و ان كنت تحب السفر خارجا فانصحك بزياة صحراء الجزائر و مالي لتكتشف امازيغ الطوارق و نمط حياتهم.
    احدهم قال الامازيغ لم يشاركوا في المسيرة الخضراء، ارجع للاحصائيات الجهات المنظمة و انظر المناطق التي ذهب منها اكبر عدد من المتطوعين ستجدها الممتدة من الصوريرة الى سيدي افني و السبب واضح كون هذه المناطق متاخمة للصحراء و اقرب لها؛ ثانيا ابحث عن مساهمات تجار سوس و تبرعهم بالمال و المواد الغذئية و شاحنات النقل لسوس على رأسهم اب اخنوش الذي وفر لهم الوقود و مولاي مسعود اكوزال و بيشا…

  • بركاني ابن الشرق
    الأربعاء 11 نونبر 2020 - 14:07

    الاستاذ تطرق الى نبذة تاريخية لا يمكن انكارها بغض النضر عن عربي او امازيغي وما يمكن ان نستبطه من مقاله يمكن ان نجسده في محور واحد هو كيف للمترتزقة التي تسمي نفسها جمهورية عربية فهذا هو ما يطرح السؤال اذ ان العرب دخلوا فاتحين حين كانت الارض يقطنها الامازيغ ممايثبت ان الارض مغربية وليست ولا ترتبط قطعا بمايسمى الجمهورية العربية الصحراوية فان كانت كما تدعي فاين كان مربطها قبل الامازيغ وهنا لا اريد ان اجعل من التوضيح التفرقة بين ما هو امازيغي وعربي حاليا كلنا مغاربة متشبثين بهويتنا وارضنا المغرب
    ولا مجال للمترزقة ان تفتح فاها ولتراجع نفسها من اين اتت اذا لم تقبل بالعيش بهذا الوطن الذي يجمع بين الامازيغ والعرب ويبقى الحكم الذاتي اصلا يجمع اكثر مما يفرق ومن يعتقد العكس فاليبحث عن خيمته في المكان الذي هاجر منها

  • سمير
    الأربعاء 11 نونبر 2020 - 16:36

    المملكة المغربية نفسها كيان عربي أولا وقبل كل شيئ وباعتراف كل دواليب السلطة فيها وهذا مكرس في قوانين البلاد…محاولة اللعب على وتر أمازغية(أم لا)للصحراء لأغراض سياسوية ضيقة لا معنى له.

  • الصحراء المغربية
    الخميس 12 نونبر 2020 - 10:43

    الصحراء المغربية عربية كما هو المغرب عربي. ويكفيك أن تقرأ دستورنا الذي يحدد هوية المغرب بعربية إسلامية. وبعد ذلك يأتي الباقي، وبتراتبية لم تكن آعتباطية. دستور صوت عليه نسبة ما يقارب 100% من المغاربة بنعم.
    لو كانت أمازيغيتك تعيد أرضا لأعادت جزر الكناري الأمازيغية والتي لم يسكنها العرب.
    كل ما تتقنوه هو الهرطقة الخاوية ، "لو كان الخوخ كيداوي، لكان داوى راسو" كما يقول المثل الدارج المغربي.
    قبل أن يصل العرب هذه الأرض، كانت أرض المغرب مستباحة لأكثر من ألف سنة من كل حضارات البحر الأبيض المتوسط، لا ينتهي آستعمار إلا ليليه آخر. مثل جزر الكناري الأمازيغية الآن. وآحمد الله أن وبفضل الحضار العربية صارت أرض المغرب محرمة على الغزاة ومنذ 1400 سنة (باستثناء 44 سنة من الحماية)

  • فيصل
    الأحد 22 نونبر 2020 - 19:18

    هذا يسمى بركوب الأمواج ، مقال تظهر فيه بشكل واضح النزعة العرقية ، قضية الصحراء قضية وطنية و من العيب إخضاعها لبعض المزيدات من قبيل أنه يجب الرفع من الحضور الثقافي واللغوي للأمازيغ في المشهد السياسي المغربي . وكأن الأمازيغ طرف في القضية .
    للأسف رؤية الأمور من زاوية الإنتماء العرقي تفقد الكاتب موضوعيته وحياده . فنصبح أمام طامتين بين رعاع طامعين في الصحراء و بين أناس يأخذهم الحنين إلى أيام الإحتلال الروماني .

  • خديجة طانطان
    الأربعاء 25 نونبر 2020 - 14:02

    مقال روعة أستاذ عادل أداسكو لقد جعلتني أفهم تاريخ صحرائنا وبلدنا المغرب في ثواني معدودة
    أتمنى أن بدعم المسؤولين متل هده الأفكار التي تزخر بها عقول شبابنا المغربي

  • كلتوم نايت سي علي
    الأربعاء 25 نونبر 2020 - 21:30

    فكرة جهنمية سوف تقلب ملف الصجراء رأسا على عقب وسوف ننتصر على الجزائر انشاءالله التي تحسدنا على أراضينا واستقرارنا وتعايش جميع المغاربة بمختلف ديانتهم و لغاتهم
    شكرا أداسكو رسالتك مفهومة في انتظار تنفيدها من طرف المسؤولين

  • محمد
    الخميس 26 نونبر 2020 - 11:50

    قرأت هدا المقال عدة مرات، حقيقة مقال علمي و تاريخي وفي نفس الوقت يؤكد الوطنية الحقيقية لكاتبه المعروف بنضاله على الساحة الوطنية وقضية الأرض واللغة والثقافة الأمازيغيتين
    في انتظار مقالات أخرى
    شكرا هسبريس

  • محمد
    الجمعة 27 نونبر 2020 - 20:03

    في انتظار أن يستوعب البعض تاريخ بلدنا المغرب العريق بأمجاده نحييك أستاذ أداسكو على مقالك الرائع

  • الحاج تامك ولد بويه
    الإثنين 30 نونبر 2020 - 21:54

    ربما كلامك منطقي أستاذي، ولكن هل تستطيع الدولة المغربية أن تستعمل أو بالأحرى تستغل العنصر الأمازيغي في قضية الصحراء، إنه رهان رابح ضد خصوم وحدتنا الترابية وعلى الدولة أن تستمع لأفكار الشباب بعيدا عن نظريات المؤامرة
    أحييك على مقالك الرائع أستاذ أداسكو

  • أنير
    الخميس 3 دجنبر 2020 - 07:31

    نعم البوليزاريو أخطؤوا في تسمية جمهوريتهم الوهمية بالعربية بمعنى يريدون خلق كيان وهمي على أراضي أمازيغية أبا عن جد والتاريخ بشهد على ذالك، فكرتك صحيحة و مقالك في المستوى أتمنى أن يصل خصوم وحدتنا الترابية.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة