مؤلفات وبحوث أكاديمية تُظْهِرُ عمق الصحراء في التراب المغربي

مؤلفات وبحوث أكاديمية تُظْهِرُ عمق الصحراء في التراب المغربي
الخميس 26 نونبر 2020 - 07:00

في علاقة بقضية الصحراء وتطوراتها وما كان عليه المغرب من دفاع عن ترابه، تُوجد إسهامات عملية كثيرة ومؤلفات على قدر عالٍ من القيمة المضافة، منهجا وتوثيقا ووثائق وتحليلا ومقاربة.

إسهامات تؤكد جميعها العمق الوطني الإستراتيجي للصحراء المغربية وكونها جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي.

في هذا المقال، يستعرض الكاتب عبد السلام انويكَة، من مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث، مقاطع من كتب ومؤلفاتٍ تؤكد ما سلف ذكره.

وهذا نص المقال:

لم تكن الأطماع الاستعمارية الأوربية في المغرب، منذ أواسط القرن التاسع عشر، عملاً بسيطاً ولا مشروعاً دون بعيد خلفية تجاه المنطقة المغاربية عامة، علماً أن الهدف لم يكن فقط احتلال المغرب في حد ذاته بل عزله وقطع أوصاله بجهاته جنوباً وشرقاً، وفصله عن المغرب الأوسط وعن امتداده المجالي في الصحراء حيث العمق الإفريقي، فضلاً عن تطويقه باحتلال تخومه ومناطقه التابعة مثلما حصل مع بلاد توات وتدكًلت وغرارة وغيرها. وعندما نتحدث عن الأطماع الاستعمارية نستحضر مخطط كل من فرنسا وإسبانيا اللتين اقتسمتا المغرب، فكانتا تقومان بدور في العبث بترابه وتقسيمه وتصغير حجمه قبل الإجهاز عليه بعد معاهدة فاس 1912.

من هنا، ما كان من اقتطاع ترابي لتحقيق إضعاف البلاد من جهة والحد من سلطة المسلمين والإسلام وحضارته ومن ثمة من الدولة المغربية من جهة ثانية، وبالتالي نقل واقع منطقة من هوية ترابية تاريخية إلى هوية أخرى، على أن تظل تبعات وأثر كل تغيير وتحول إلى ما بعد حتى لو تم إنهاء احتلال المنطقة وحصول بلدانها على الاستقلال. ولعل بقدر ما تم من نقل لخط الحدود المغربية الشرقية بعد احتلال فرنسا للجزائر من واد تافنا إلى واد كيس (عجرود)، بقدر ما كانت الأقاليم الصحراوية المغربية بمساحة شاسعة من جهة الجنوب (الساقية الحمراء ووادي الذهب.. شنقيط). وعلى الرغم من اعتراف مؤتمر مدريد 1880 باستقلال المغرب ووحدة ترابه، فإن ذلك لم يمنع من تهافت المستعمر على أقاليمه الصحراوية وفصلها تباعاً بدعوى أنها أرض خلاء.

وغير خاف أن إيطاليا كانت من أوائل الدول الأوروبية الاستعمارية التي توجهت باهتمامها خلال هذه الفترة لإيجاد منطقة نفوذ لها هناك، وبعدها كانت إنجلترا من خلال ما كان لها من نوايا في رأس بوجدور وبلاد نون لتحقيق مدخل لها صوب إفريقيا، فضلاً عن أطماع إسبانيا في المنطقة بحكم ما ادعت من أحقية وأولوية لها في هذه الجهات مستغلة ما ورد بينها وبين المغرب في معاهدة 1860. كل هذا وذاك قبل بدأ أطماعها عمليا منذ 1882؛ مع العلم أن المخزن المغربي، أمام كل المؤامرات والدسائس الاستعمارية حول الصحراء المغربية، لم يبق مكتوف الأيدي تجاه ما يجري حول ترابه وسيادته رغم ما كان عليه من وضع سياسي ومالي صعب.

في علاقة بقضية الصحراء وتطوراتها وما كان عليه المغرب من دفاع عن ترابه، ارتأينا تسليط بعض الضوء على إسهامات علمية ومن ثمة مؤلفات على قدر عال من القيمة المضافة، منهجا وتوثيقا ووثائق وتحليلا ومقاربة. لعل منها ما أنجزه وأسهم به الدكتور سمير بوزويتة، عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس فاس، كالتي صدرت ضمن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعنوان “بيعات أهل الصحراء المغربية للسلاطين والملوك العلويين”.

كتاب بقدر ما يقوم على راهنية موضوع وحاجة إلى تعميق مقاربة- رغم ما حظيت به المنطقة من عناية باحثين مؤرخين وما تراكم حولها من أبحاث-، بقدر ما يطرح عمق علاقتها بالوطن الأم تلك التي تغذت على امتداد فترات وتشعبت بما هو ثقافي وتراثي واقتصادي واجتماعي، مما جعلها مجالا غنياً للبحث والدراسة، فضلاً عن أهميتها كذاكرة رمزية وواحدة من مكونات ذات أنطولوجية مغربية، تقتضى تنقيباً أكثر في كنه أسرارها وخباياها لفهم ما هناك من ارتباط وطيد يجمع المغاربة بها. ناهيك عن فضل منطقة الصحراء في قيام الدولة المغربية وامتدادها غرب إفريقيا وجنوبها كذا بشمال البحر المتوسط، وفي نشر وتوسيع مجال ما طبع حضارتها أيضاً في بعدها العربي الأمازيغي الإسلامي، وناهيك أيضاً عن أهمية ما هناك من رد علمي على ما هناك من طروحات تحاول نسف ما يوجد من روابط جغرافية وتاريخية بين المغرب وصحرائه.

كتاب “بيعات أهل الصحراء المغربية للسلاطين والملوك العلويين” جاء صيانة لذاكرة المغرب الوطنية وترسيخها، محتوياً على وعاء واسع من نصوص ورسائل جوابية لبيعات أهل الصحراء لسلاطين الدولة العلوية، كشاهد إثبات على عمق ترابط تتوحد به المنطقة مع باقي جهات الوطن. وإذا كانت بيعات الأمراء التي عرفها التاريخ منذ صدر الإسلام الأول لا تتعدى أن تكون مبايعة شفاهية تحتمل أن تصبح بعد حين لغوا ملفوظا- يقول المؤلف-، فإن بيعات المغرب الأقصى لملوكه بلغت أسمى الغايات وأوفى المقاصد، بحيث لا يمكن أن يتطرق إليها وهن أو ينكث لها موثق لقيامها على أساس متين وصرح مكين. وأضاف المؤلف أن المغرب تفرد بالأمر وحده قبل أن يتفطن إليه سواه؛ ذلك أن الملك بمجرد ما يستأثر الله بحياته ويأذن بوفاته، يبادر أهل الحل والعقد إلى الاجتماع والإشهاد بمبايعة الملك المطاع الذي يقع عليه الاختيار والإجماع، وهو ما يجري في كل القبائل والمدائن والبوادي والحواضر بحيث لا تتخلف في البلاد عن عقد البيعة أية فئة. وورد أنه قد يؤثر على طريقة عقد البيعة أحياناً بالإشهاد العدلي، فيكتفي بتحرير بيعة في أسلوب مشجع مذيلة بتوقيعات مختلف الفئات المبايعة لملكها الجديد، من أجل القيام بأعباء الرعية والحرص على صيانة الشريعة الإسلامية والإخلاص لله سراً وعلانية.

عقود بيعات مغربية لملوك لا تزال على أصولها قائمة دون تبدل عما كان عليه الأمر في سالف الزمن، حافظة لتاريخ موصول وإجماع على تعلق الشعب بملوكه، علماً أن هذه البيعات جرت العادة فيها أن توضع في ضريح مولاي إدريس بفاس معلقة في قبته تبركا بها، ما استمر الحال عليه حتى عهد السلطان عبد الحفيظ الذي أراد الاطلاع على ما هناك من بيعات قديمة، ولما أعادها إلى مكانها أحاطها بزخرفة وتنميق بذهب محلول خالص الإبريز.

وقد ظلت البيعة رمزاً لوحدة المغرب وجمعاً لكلمته وتحقيقا لأمنه بجميع ربوعه، وكانت البيعات تأتي مقرونة بالإقليم أو الحاضرة أو القبيلة أو الجهة التي ينتمي إليها المبايعون. هكذا، جرت تقاليدها من خلال نصوص؛ منها من يشمل البلاد ككل، ومنها من يهم حواضر مثل بيعة فاس أو بيعة مراكش… ومنها من يهم زوايا وأشراف وغيرهم. علما أن من البيعة ما يتم عبر الأقاليم بأسمائها وتوقيع رؤسائها وشيوخها قبل رفعها لسلطان البلاد مثل بيعة قبائل سوس وبيعة أهل الغرب وبيعة إقليم “تجكانت” الاسم القديم لتندوف، ومن البيعات بيعة قبائل أهل الساحل والقبلة وأولاد دليم وبربوش والمغافرة وأولاد مطاع وجرار للمولى إسماعيل 1679، بواسطة حَرْكته لناحية سوس وصحرائها حيث تزوج خناثة بنت بكار المغافرية. وتندرج في السياق ذاته بيعة أهل توات للسلطان عبد الملك ابن مولاي إسماعيل سنة 1728، وبيعة الشيخ المختار الكنتي للسلطان عبد الرحمن بن هشام، وبيعة ابنه الشيخ أحمد البكاي للسلطان نفسه، وبيعة إمام تندوف الشيخ محمد بن المختار بن لعمش الجكني التي يعلن فيها عن بيعة هذا الإقليم للسلطان محمد بن عبد الرحمن.

وفي مؤلَّف آخر للدكتور سمير بوزويتة بعنوان “الحكامة والسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية زمن السلاطين العلويين”، ارتأى له بعداً إستراتيجياً في علاقته بوحدة البلاد الترابية ومتناً كرونولوجياً معتمداً مقاربة بمستويات تاريخية ثلاثة؛ أولها تحليل تركيبي ينبني على الوثيقة والتوثيق والأرشيف، ثانيها سعي إلى جعل مجال الصحراء المغربية عقداً وسطاً في امتداده التاريخي مع باقي مجالات البلاد الأخرى، ثالثها الكشف عن مسارات الدولة المغربية وامتدادها من أجل بناء وترسيخ صرح دولة حديثة.

وأشار الدكتور بوزويتة إلى أن المهتم بقضية الصحراء المغربية كقضية سياسية لن يتسنى له فهمها فهما حقيقيا دون تفطن لأهمية هذه الأبعاد، ومعها ما هناك من عمق ترابط فكري ووجداني وإستراتيجي تتوحد من خلاله هذه الربوع مع باقي جهات الوطن. وأضاف أن ارتباط الصحراء بالدولة المغربية هو بأزل يجعله حقيقة جدلية لا مراء فيها، وبالتالي مكوناً أساسياً لا يمكن إغفاله بأي حال من الأحوال في تاريخ الأمة المغربية، التي تكشف وثائقها التاريخية عن حضور دائم للصحراء في منظومة حكم البلاد كدولة بحدود ونُظم وهوية وتقاليد منذ زمن الشرفاء الأدارسة.

ولعل من تميز الدولة المغربية – يقول المؤلِّف- حفاظها على نظام اسلامي سياسي عبر تاريخها، فكان عقد البيعة ركنها الأساس وأساس دستورها بل نصا دستوريا؛ ذلك أنه أساس شرعية الملك، وهو ما يجعل ارتباط البيعة بالدستور ارتباطا عضويا بحيث يحتفظ الملك المبايع من خلال الدستور بسلطات تضمن له الوفاء بجوهر التزاماته من خلال البيعة. ومن هنا، تبرز أهمية إمارة المؤمنين مشيراً إلى أن البيعة ظلت رمزا لوحدة البلاد جامعة لكلمتها محققة لأمنها في جميع ربوعها.

ويذكر صاحب المؤلَّف أنه سلك في عمله ومؤلَّفه منطقاً كرونولوجيا مستحضراً سلسلة تعيينات لولاة وعمال وقواد وباشوات وقضاة وعدول، ساهموا في تدبير شأن الصحراء طيلة تقلد السلاطين العلويين حكم البلاد. ما يبرز ويعبر عن ديمقراطية تشاركية اعتمدها ومارسها هؤلاء بالأقاليم الصحراوية، وعيا منهم بأهمية ونجاعة هذه الآلية لإشراك أهلها في صنع سياساتها وتقوية دور المعينين في اتخاذ قرارات تخص تدبير شأن البلاد العام، فضلاً عما تحمله طبيعة هذه التعيينات في دلالتها من شكل جديد لتقاسم سلطة مرتكزة على تقوية مفهوم تشاركية متمحور حول تدبير جيد للشأن.

وكان السلاطين العلويون منذ تقلدهم حكم البلاد بتفطن وسبق في تبني سياسية تشاركية في الأقاليم الصحراوية- يضيف المؤلف-، لِما لها من دور في التفاعل والتجاوب مع ما شهدته من معطيات ومتغيرات.

وقال المؤلف ذاته إن تجربة الحكم الذاتي التي نهجها مولاي سليمان كانت نتيجة فهم عميق لتدبير سياسي فاعل لحل مشاكل القرب، وضمان انخراط أهالي الصحراء مع تطوير تدبير محلي ووطني عبر تكامل بين مركز وجهات. وكان السلاطين العلويون، عبر أشكال تعييناتهم بالصحراء، يسعون إلى ترسيخ ثقافة توافق وتنمية إرادة سياسة لدى الصحراويين، آخذين بالاعتبار ما هو خصوصية محلية من أجل الارتقاء بها لِما هو وطني. ناهيك عما انبنت عليه فلسفة هذه التعيينات من مبدأ خلق حيوية في مشهد هذه الأقاليم السياسي، وجعل الصحراويين يقومون بدور في تدبير شأن البلاد المحلي باعتبارهم أكثر ارتباطا ببيئتهم ومعرفة بقضاياهم وأجدر بإيجاد ما هو مناسب من حلول.

وقد سهر السلاطين العلويون في علاقتهم بالصحراء على الذب عن الكيان ومقومات الدولة وصيانة استقلال البلاد ووحدتها، من أن يدب إليها الانقسام والوهن مع استئصال ما يظهر بأطرافها من رؤوس فتنة؛ فظلت البلاد محافظة على استقلالها عبر الزمن إلى أن سقطت في يد الاستعمار، ليتضح ما كان عليه هذا الأخير من احتلال وتفتيت تدريجي لتراب البلاد وما كان عليه المغرب من واجب في استرجاع ما اغتُصب من مناطقه.

ولعل ما حصل من وضع جديد- يقول المؤلِّف- يعود إلى أن المغرب كان ضحية احتلال الجزائر من قِبل فرنسا واحتلال جبل طارق من قبِل بريطانيا، فكانت الصحراء من بلاد المغرب أول ما استهدفه الغزو الاستعماري وتفنن في ابتكار صيغ تفتيته وتقسيمه، ومن ثمة ابتداع قضية سميت بـ”قضية الصحراء” مخترعاً بجانبها كيانا وهميا عبر عنه بـ”الشعب الصحراوي ” منشئاً له أداة تنفيذ سماها بـ”البوليساريو”؛ بل لم يفكر المستعمِر في إنشاء هذا الأخير إلا حين عجز عن مقاومة ملحمة المسيرة الخضراء، ولم تبق له سوى أيام معدودة لمغادرة الصحراء المغربية ظنا منه أنه بإمكانه وقف إرادة الشعب المغربي في استرجاع مناطقه.

لذلك، كان على المغرب لإتمام وحدته الترابية أن يلجأ إلى هيئة الأمم المتحدة ثم إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي للمطالبة باسترجاع الساقية الحمراء ووادي الذهب، فكان حكم محكمة العدل المذكورة في يوم 16 أكتوبر 1975 في صالح المغرب.

وأمام رفض إسبانيا للقرار، أقدم الملك الراحل الحسن الثاني على تنظيم مسيرة سلمية خضراء في 6 نونبر 1975 أرغمت إسبانيا على القبول بالتفاوض، فكانت اتفاقية مدريد في 14 نونبر من السنة ذاتها والتي وافقت عليها الجماعة الصحراوية بالعيون في 26 فبراير 1976 ليتم استرجاع الساقية الحمراء ووادي الذهب.

تلك هي قصة” قضية الصحراء”- يقول المؤلِف- التي اختلقتها إسبانيا ووجدت الجزائر فيها فرصة صرف الرأي العام عن قضايا حقيقية كقضية تندوف وتوات وغرارة وتيدكًلت والحدود المغربية الشرقية إلخ. وكان المغرب قد انتهج سياسة رشيدة منذ استقلاله 1956، لعلها التي عمق جذورها الملك الراحل الحسن الثاني ووضح معالمها في خطابه ببلغراد 8 شتنبر 1961 إثر انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز وفي غير ذلك من المجامع الدولية. سياسة انتهت بتبني الملك محمد السادس منح حكم ذاتي لأقاليم الصحراء المغربية كحل نهائي لقضية مفتعلة، وباعتبارها مبادرة سبق لأجداده من السلاطين العلويين ممارستها بهذه الربوع من البلاد (تجربة مولاي سليمان).

ولن يستقيم استيعاب مبادرة المغرب بشأن تخويل الصحراء المغربية حكما ذاتيا والإحاطة بها من كل جوانبها- يضيف المؤلف-، إلا برصد سياقاتها الدولية والوطنية وتبيان محدداتها وتفاعلاتها. مؤكداً على أولوية ملف الصحراء المغربية وأهمية تكاثف جهود كل القوى الوطنية السياسية والأكاديمية لمزيد من التعبئة والتأطير، من أجل رد علمي على طروحات سافرة تكابد يائسة لنسف روابط جغرافية وتاريخية بين المغرب وصحرائه، ومن أجل وترسيخ قناعة ”الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه”.

وفي عمل علمي آخر حول الموضوع بعنوان “مغرب الصحراء سرديات الذاكرة ورهانات الحاضر” وهو بتقديم للدكتور عبد الرحمن طنكول عن منشورات مختبر التراث دراسة صيانة وإنقاذ بفاس، أورد الدكتور سمير بوزويتة أنه إذا كان هناك موضوع لا يقبل أي تناول إيديولوجي فج فهو موضوع الصحراء المغربية، مشيراً إلى سبق عبد الله العروي في نهج طريق سليم لمَّا تعامل معه خارج مقتضيات اللحظة. وأن من منظور نهجه في توظيف رسائل ورحلات ومخطوطات واتفاقيات وإحصائيات، نكون أمام جوانب هامة في تاريخ مغرب شكلت ضمنه الصحراء عقد الوسط. بحيث تمت مقاربة قضية الصحراء من زوايا عديدة عبر مراحل مؤسساتية أولى من تاريخها، لِما هناك من خصوصيات سوسيو-اقتصادية وسياسية وحضارية ولِما عاشته من انفتاح على إفريقيا وصراعات أطماع مستعمِر، وانطلاقا من رؤية بعض الدول لِما هو مفتعل حولها وما تعرفه قضيتها من تحولات في محافل دولية.

يبقى، ختاماً، أن المغرب المستقل كان قد جعل من مبادئ سياسته الخارجية الأساسية رفضه لكل أشكال الاستعمار فضلاً عن استكمال وحدته الترابية، وهو ما تم التشبث به في خطاب تاريخي بصدى دولي للسلطان محمد بن يوسف رحمه الله في المحاميد خلال فبراير من سنة 1958 عندما قال: “إن مما يسعدنا أن يستقبلنا في المحاميد التي هي باب صحراء المغرب، أبناء الذين استقبلوا جدنا في قرية أخرى من الركًيبات وتكنة وولاد دليم وسواها من قبائل الصحراء الشنقيطية، وأن نستمع إليهم ومعهم فقهاؤهم وأدباؤهم وهم يؤكدون لنا كما أكد آباؤهم لجدنا تعلقهم بالعرش العلوي واستمساكهم بعروة المغرب الوثقى التي لا انقسام لها. وإننا نحيي نفوسهم الأبية وعزماتهم القوية ونرحب بهم في وطنهم وبين أهلهم، ونؤكد لهم بدورنا وليبلغ الشاهد منهم الغائب أننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان. وهكذا، نحافظ على الأمانة التي أخذنا على أنفسنا بتأديتها كاملة غير ناقصة، ألا وهي ربط حاضرنا بماضينا وتشييد صرح مستقبل مزدهر”.

‫تعليقات الزوار

10
  • المحب لوطنه /ع.
    الخميس 26 نونبر 2020 - 07:25

    اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين . واجعل كيدهم في نحورهم ، بحق بسم الله الرحمان الرحيم . اللهم اجعل بلادنا امنة مطمئنة سخئا رخئا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك حفظه الله ونصره على اعداء وحدتنا الترابية من طنجة الى الكويرة ، انك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. يا رب العالمين ،
    وصل اللهم على محمد وال محمد في العالمين انك حميد مجيد .

  • صحراوي
    الخميس 26 نونبر 2020 - 08:47

    مقال رفيع المستوى تحية خالصة للباحثين والمؤرخين المغاربة الوطنيين وشكرا لهم على مؤلفاتهم القيمة التاريخية التي تؤكد كما هو ثابت في التاريخ ان ارض الصحراء ارض مغربية ماءها وهواؤها وتربتها ونفحتها مغربية وان هذه القضية قضية مفتعلة. الحلال بين والحرام بين وتشبت المغاربة بارضهم واقاليمهم الصحراوية طيلة هذه المدة دليل انهم في ارضهم كما كانت تاريخيا، وما جاء في المقال من معطيات ثابتة لا غبار عليها ومن معطيات موثقة ثابتة بالدليل والحجة لا يترك كجالا للشك نهائيا، وارادة المغرب في استرجاع صحراءه بدأت منذ استقلال المغرب، واكبر دليل هو ما جاء في خطاب السلطان محمد الخامس رحمه الله عندما زار الصحراء واكد عزم المغرب على استرجاعها من قبضة المحتل الاسباني، اليست هذه شواهد دامغة لمن يشكك في مصداقية واحقية المغاربة في صحراءهم، شكرا لصاحب المقال هذه مرافعة قيمة ومقال مدعم لقواتنا المسلحة المرابطة في الصحراء، وشكرا لهسبريس على ما تنشره حول الصحراء تنويرا للناشئة.

  • مغربي امازيغي صحراوي
    الخميس 26 نونبر 2020 - 09:17

    ما يبين بوصوح عمق المغرب الإفريقي و انصهار مكوناتة البشرية في " المغرب الكبير " هي الأسماء الأمازيغية للعدبد من البلدات و الشعاب والوديان بالساقية الحمراء و وادي الدهب تثبت بما لا يدع المجال للشك أن الأرض مغربية أمازيغية قبل أن تكون عربية

  • حسن انجلترا
    الخميس 26 نونبر 2020 - 09:25

    شكرا لهسبريس على نشر هاذا المقال الذي يثبت بلا شك فيه ان الصحراء المغربية كانت وماتزال مغربية ويجب ان نسترجع المناطق العازلة التي اعطاها المغرب للامم المتحدة لحسن نيته لوقف اطلاق النار وادعو النظام العسكري الدكتاتوري ان يبني دولة البوليساريو على ارضه الصحراوية.

  • مواطن غيور حقا
    الخميس 26 نونبر 2020 - 09:30

    نشكر الاستاذ انويكة على مجهوداته للتعريف بالمؤلفات الخاصة بقضية الصحراء واارتباطها بالعرش العلوي ،وركز على ماالفه الاستاذ بوزويتة بهذا الخصوص ،وهناك ايضا مساهمات الاستاذ نورالدين بلحداد المتخصص في تاريخ الصحراء المغربية والذي ركز على تاريخ التسرب الاسباني الى الصحراء انطلاقا من جزر الكناري المقابلة لطرفاية وكيف كانت العلاقات في بدايتها تجارية مع قبائل الصحراء ثم تحولت تدريجيا الى احتلال بعد مؤتمر برلين 1884 وقبل ذلك كان المولى الحسن الاول،الذي كان عرشه على فرسه ،قد قام بزيارة الى الصحراء مما يؤكد تبعيتها للمغرب.

  • تاريخ وحدة ...
    الخميس 26 نونبر 2020 - 12:43

    … القبائل والشعوب الأمازيغية في شمال إفريقيا بدأ قبل تولي الأسرة العلوية القيادة .
    في عهد الفينيقيين كانت الطرق التجارية تمتد من قرطاج إلى أكادير ، وفي عهد الرومان لم تكن هناك حدود مرسومة ،إنما كان النفوذ يبسط بالتغلب.
    في العهد الإسلامي كانت سلطة ولاة الأمويين ممتدة من القيروان إلى الأندلس مدة 72 سنة إلى أن تنازعت النفوذ امارات خوارجية وسنية.
    انطلق المرابطون أبطال معركة الزلاقة من صحراء صنهاجة سنة 1056 م ، ووحدوا المغربين الأوسط والأقصى وضموا الأندلس و أسسوا أول امبراطورية مغاربية ، وسعها الموحدون أبطال معركة الأرك إلى الحدود مع مصرفأدمجوا قبائل بني هلال وسليم ومعقل التي احدث زحفها اختلالات في التماسك الإجتماعي المغاربي .
    دافع بنو مرين عن الأمبراطورية إلى أن دخل الاتراك لإخراج الإسبان سنة 1516 م. وهكذا دامت الوحدة المغاربية 460 سنة وكانت عاصمتها مراكش ثم فاس.
    وكما قسم الاستعمار بلاد الخلافة العثمانية في الشرق ألإسلامي قسم بلاد الإمبراطورية الشريفة في الغرب الإسلامي بدءا باحتلال الجزائر سنة 1830 م.
    وهكذا يعتبر التشبث بالحدود الاستعمارية والدفاع عنها خيانة لأمانة الوحدة.

  • ياسين
    الخميس 26 نونبر 2020 - 16:36

    نفتخر كمغاربة ووطنيين ان لنا اقلام وباحثين بهذا المستوى العالي ونفتحر كمغاربة وطنيين ان لنا باحثين في التاريخ بهذا المستوى العالي ونفتخر كمغاربة وطنيين بأن لنا مؤلفات تاريخية علمية موثقة بالدليل والحجة تثبن ان الصحراء مغربية وكانت دائما مغربية، قرأت المقال عدة مرات ولم اشبع منه لانه مقال متكامل فيه ترتيب محكم للمعلومات التاريخية حول الصحراء المغربية، وفيه انتقال جداب من فقرة لأخرى، واجمل ما في المقال خلاصته التي انتهى صاحب المقال فيها الى ما قاله السلطان محمد الخامس طيب الله تراه عندما ار محاميد الغزلان بالصحراء بعد الاستقلال مباشرة، وكان قد اكد رحمه الله على نية وارادة المغرب في استرجاع صحرائه المغتصبة من طرف الاستعمار الاسباني، ان ما جاء في خطاب السلطان لا يدع مجالا للشك في وعي الدولة بحدودها الترابية وعدم السماح فيها. هذه هي المقالات المفيدة للشباب والاجيال الجديدة وهذا ما يجب ان يتعلموه في المدارس، شكرا لصاحب المقال جاه الله خيرا على عمله وشكرا لهسبريس الرائدة.

  • حلا
    الخميس 26 نونبر 2020 - 20:50

    إعلامنا السمعي البصري متخلف.تكفي مقارنة بسيطة مع نظيره الخليجي والمصري لنقف على مدى الضعف والبدائية.نحتاج كدولة مغربية ثورة إعلامية حقيقية.لابد من تشجيع القطاع الخاص والاستفادة من تجارب المشرق لفتح قنوات فضائية حديثة.ولما لا السماح بأن تفتح قنوات أجنبية رائدة أمريكية واوربية و…… استوديوهاتها بالمغرب.لماذا لا ننشئ مدينة آعلامية متطورة تستقبل مقرات القنوات الفضائية على غرار المدينة الاعلامية بمصر ودبي ……المهم تطوير الإعلام السمعي البصري ضرورة ملحة لبناء قوة عربيا وافريقيا…..بخصوص صحرائنا المغربية لماذا لانسلط الضوء إعلاميا على أحد شيوخ الجهاد والمقاومة الشيخ ماء العينين الذي كان له دور في معركة التحرير والاستقلال.والذي وافته المنية في طريقه لتقديم المدد العسكري لأخوته المغاربة شمالا بمدينة تزنيت.وضريحه قائم إلى اليوم بالملاح اليهودي القديم.ذاك توثيق حي للروابط التي تجمع المغاربة واتحادهم ضد المستعمر شمالا جنوبا من الصحراء وشرقا وغربا.

  • الرباط
    الخميس 26 نونبر 2020 - 21:26

    مقال في الصميم اعجبتني منه هذه الفقرة (لم تكن الأطماع الاستعمارية الأوربية في المغرب، منذ أواسط القرن التاسع عشر، عملاً بسيطاً ولا مشروعاً دون بعيد خلفية تجاه المنطقة المغاربية عامة، علماً أن الهدف لم يكن فقط احتلال المغرب في حد ذاته بل عزله وقطع أوصاله بجهاته جنوباً وشرقاً، وفصله عن المغرب الأوسط وعن امتداده المجالي في الصحراء حيث العمق الإفريقي، فضلاً عن تطويقه باحتلال تخومه ومناطقه التابعة مثلما حصل مع بلاد توات وتدكًلت وغرارة وغيرها. وعندما نتحدث عن الأطماع الاستعمارية نستحضر مخطط كل من فرنسا وإسبانيا اللتين اقتسمتا المغرب، فكانتا تقومان بدور في العبث بترابه وتقسيمه وتصغير حجمه قبل الإجهاز عليه بعد معاهدة فاس 1912) الشكر الجزلا لجريدو هسبريس

  • حلا
    الجمعة 27 نونبر 2020 - 01:42

    قضية وحدتنا الترابية وصحرائنا المغربية الغربية لابد أن تولى لها أهمية كبرى في وسائل الإعلام والمناهج الدراسية والتظاهرات الثقافية على غرار قضية فلسطين بل هي أهم وأشد أهمية من كل القضايا الأخرى العربية التي يندفع المغاربة للدفاع عنها.لابد أن يكون هناك وعي لدى الشباب المغربي بقضيتنا الأولى وينخرط للدفاع عنها بكل المحافل الدولية.كل ما يخص هذه القضية منذ الاستقلال إلى اليوم يجب أن يوثق ويخرج للعلن ويبرز إعلاميا بتحقيقات وبرامج آعلامية وطنية ولانترك المجال لكل من هب ودب من الخارج لاناقة له ولا جمل في تاريخ الصحراء المغربية ليخرج لمنابر إعلامية عربية ودولية يدلي بحقائق مزورة ومزيفة استقاها من مصادر مشبوهة وعدوة.كيف يعقل أن يخرج تونسي أو مصري أو أيا كان ليشوه التاريخ ويتحدث بكل وقاحة عن أمر يجهله تماما.لماذا لا نستعين بقناة الجزيرة لتقوم بتحقيقات موثقة عن صحرائنا المغربية ونصحح تاريخنا ولانتركه للدخلاء يتلاعبون فيه.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 2

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة