الشباب والاغتراب الاجتماعي والسياسي

الشباب والاغتراب الاجتماعي والسياسي
الأحد 2 ماي 2021 - 23:26

محاولة في فهم سؤال: لماذا يطعمون البحار بأجسادهم؟

ما يحدث من إقبال على المغامرة بالحياة لأجل الحياة في صفوف الشباب في وقائع متكررة تستدعي أكثر من سؤال وتقدم ما يفوق ذلك من تفسيرات، لعل أهمها:

أولا: خيبتهم من تنامي ظواهر الإفلات من الحساب وما يقابله من تنامي ارتفاع فواتير الاستهلاك بكل أشكالها بما يعمق الإحباط واليأس؛

ثانيا: جوع الحاجيات الأساسية وما ينتج عن ذلك من إحساس بـ”أنيميا المواطنة”؛ أي فقر يصل إلى مستويات حساسة في الوجدان، فتترسخ لدى الأفراد الإحساس بالظلم والحرمان ويضعف رابطة الانتماء والولاء للوطن؛

ثالثا: استياء تام من مظاهر التهميش والإقصاء وتواتر اتساع مساحات المظالم الاجتماعية والاقتصادية جراء انعدام تكافؤ الفرص والمساواة، مقابل اتساع دوائر القسوة على أقرانهم ممن يمتلكون مستوى أعلى في التعليم مقارنة بهم ينضاف إلى ذلك جرأة هؤلاء في التعبير عن مطالبهم، وما أسفرت عنه هذه القسوة من تداعيات أوصلتهم للمس بالكرامة النفسية والجسدية و لسلب الحرية ..

#رابعا: انتقالهم من حالة فقدان الثقة في المؤسسات الرسمية والوسائط الديمقراطية، إلى حالة الاغتراب والسخط على واقعها وواقع انشغالها ببعضها عوض الانشغال بهموم المواطنين ..

وغيرها من الأسباب التي قصرت زاوية النظر عن استدراكها …

إلى أين نتوقع أن يتجه هؤلاء الشباب، وقد وجدوا كل الأبواب موصدة؟!

يقول هاتر آدم الثاني في معرض حديثه عن جبر الفجوة بين المواطن والدولة، في كتابه:”The state in the 3rd millenium” “لا تسأل عما يمكن للمواطن أن يقدم للدولة، بل عما تستطيع الدولة أن تقدم لمواطنيها أكثر مما تقدمه أي منظمة أخرى.”

وهو من جملة ما يرمي بجيوش من الشباب ليس فقط في عرض البحار، بل من ظفر للوصول إلى الضفة الأخرى يسهل تعبئته للارتماء في أحضان “الدواعش” كتجل للذوبان في الرد المتطرف العنيف على ما شعر به قبلا من تعنيف نفسي ووجداني وواقعي…

حدد أدا فانفيترFinfiter W Ada في كتابه “أبعاد الاغتراب السياسي” “Dimension of political Alination”، أربعة أبعاد سياسية لظاهرة الاغتراب السياسي والاجتماعي:

انعدام القدرة، بمعنى شعور الفرد أنه لا يستطيع التأثير في المجتمع أو على قرارات الحكومة، وبأن القرارات السياسية تتخذ بدون الحاجة لرأيه أو مراعاة لرغباته، وأن توزيع السلطة للقيم والمصالح في المجتمع عملية لا تخضع لأي تأثير من ناحيته.

انعدام المعنى، بمعنى انعدام القدرة على فهم الطريقة التي يسير بها النظام السياسي والاجتماعي، وعدم قدرة الأفراد على التمييز بين البدائل والاختيارات المطروحة، لأن الفرد لا يستطيع توقع نتائجها المحتملة، نظرا لعمليات التعتيم ونقص الشفافية ولا يمكنه استخدامها في تغيير الظروف الاجتماعية والسياسية من حوله.

انعدام المعايير أو اللامعيارية، بمعنى إدراك انهيار المعايير في العلاقات الاجتماعية والسياسية والشعور بعدم وجود قيم أو معايير أخلاقية واحدة تحكم العملية السياسية.

العزلة السياسية، بمعنى رفض قواعد السلوك الراهنة، والشعور أن قواعد اللعبة عادلة وغير شريفة، وهو ما ينتج حالة من العزوف عن المشاركة بجميع أشكالها.

ويمكن الحديث عن بعدين آخرين ويتعلق الأمر باللامبالاة السياسية، ويقصد بها عدم الاهتمام بالمشاركة السياسية، مع السعي للتعرف على معلومات ذات الصلة بالشأن السياسي، والوسواس القهري السياسي وهو وضعية النفس بين الشك وعدم الثقة السياسية في أهداف القائمين على العملية السياسية، وبأنهم يسعون إلى خدمة مصالحهم الخاصة لا مصالح الأغلبية.

لست متيقنة هل هنالك من حكام حكماء بهذا الوطن لوقف النزيف، إنما على يقين أن الذي يفضل إطعام أسماك البحر من لحمه ودمه قادر أن يطعم حشائش النيران، أيا كانت دلالاتها ضدا في الوطن وأينما هبت لتأتي على الأخضر واليابس مما تبقى من مساحات الأمل للإصلاح في البلد !

‫تعليقات الزوار

2
  • Amaghrabi
    الإثنين 3 ماي 2021 - 10:03

    قال سبحانه وتعالى”هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها…”ويقال كذلك”مصائب قوم عند قوم فوائد”بمعنى الغني يعيش على ظهر الفقير وبالتالي فالدول الغنية تعيش على ظهر الدول الفقيرة.سيدتي رقية المحترمة اعجبني مقالك مما جعلني اتفاعل معه واكتب تعليقا اضافيا حوله ,الهجرة سيدتي حالة تاريخية لم تتوقف ابدا منذ ذهور هذا الانسان الذي حير البرية كلها كما قال الشاعر المعري,ولا يمكن ان تتوقف هذه الهجرة ابدا وان بنيت الحدود بالاسمنت والحديد وبعلو يفوق المئات المترات وسيهاجر الناس في بطون الحيتان للبحث عن لقمة العيش التي جعلها خالق الكون الهدف الاساسي في العقل البشري وفي الارادة البشرية.المشكل سيدتي يوجد بين الفقير والغني لان الغني يستغل الفقير ويستولي على الغلة لنفسه ويرمي بعض الفتاة ليلهيه ويستعبده لانه محتاج اليه ليخدم مصالحه,فلذلك اعتقد جزما ان سبب الهجرة ليس فيالاقصاء الذي تفرضه الدول الفقيرة والنانية على شعوبها وانما سببها هي الدول الغنية التي تستغل الدول الفقيرة سياسيا ونفسيا واقتصاديا ووو من اجل ان تعيش في الرفاهية وعلى ظهر الدول الفقيرة وبالتالي المواطن الفقير يفكر منطقيا في الهجرة الى ا

  • ياسين حمزة
    الإثنين 3 ماي 2021 - 14:20

    إن حلم الهجرة الذى يراود الكثيرين من الشباب اليوم يدعو إلى التأمل فكثيرون ممن هاجروا لم يفارقهم الإحساس بالغربة وكثيرون ممن لم يهاجروا يشعرون بالاغتراب فى أوطانهم، فالمغترب هو الذى يشعر بالنقص فى مكان يعرفه تماما (وطنه الأصلى)، والغريب يشعر بعدم الرضا فهو إنسان يتمزق داخليا لأنه فقد مكانه الأليف واصطدم بمكان به حضارة وثقافة ولغة وعادات وتقاليد لا يحسن الحوار معها وهنا يفقد الغريب انتماءه للمكان الجديد ولنفسه، فالغريب الذى ترك بلده بكل ما يحتويه من ألفه لا يملك فى البلد الغريب ترف الاغتراب، فهو فى مكانه الجديد لا يتاح له أن يتقاسم تجربته مع البشر العاديين المحيطين به، وإذا كان البعض يقولون (كلنا غرباء) أى الغريب والمغترب، إلا أن هذا التعبير مجحف وغير دقيق لأن الغربة فى بلاد الآخرين لا يدرك معناها إلا الغريب بحق أى الغريب المغترب فى آن أو الغريب الكامل،فالكثيرون يشعرون باغترابهم فى وطنهم بسبب البطالة أو بسبب عدم حصولهم على حقوقهم لأن هناك وساطة فى كل وظيفة ،فالكثيرون يشعرون بالاغتراب بسبب فقرهم أو تهميشهم .

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين