ديمقراطية العلمانيين

ديمقراطية العلمانيين
الخميس 12 يوليوز 2012 - 11:36

قد يكون من أكبر إيجابيات الربيع الديمقراطي أنه أظهر حقيقة بعض القوى العلمانية المتشدقة بدفاعها عن المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وعدم قابليتها للاختزال، وفي مقدمتها حق الشعوب في اختيار من يحكمها، ذلك أن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات في بلدان الربيع الديمقراطي جاءت صادمة –وإن كانت متوقعة لدى المراقبين- لهذه القوى العلمانية الاستئصالية، وفضح وصول الإسلاميين للسلطة حقيقة هذه القوى وزيف ادعاءها باحترامها لإرادة الشعوب في تقرير من يحكمها.
وهكذا رأينا هذه القوى تتهم الشعوب -التي اختارت وبكل حرية من يحكمها- بالغباء والنفاق، وبأنها قاصرة عن فهم “معنى” الديمقراطية وقاصرة عن معرفة مصلحتها، وأنها لا تعدوا عن كونها مجرد شعوب “غوغائية” كما وصفها فيلسوفهم “أفلاطون”.

ولاحظنا كيف طالبت إحدى “المثقفات” العلمانيات في مصر بمنح صوتين للمتعلمين وصوت واحد للأميين، بل قد بلغ حقد هذه “الطغمة” على شعوبها بأن سمعنا ورأينا في الفضائيات كيف تم وصف الشعب المصري ب”الوسخ” بعد اختياره للدكتور مرسي رئيسا للجمهورية، ووصل الأمر حد المطالبة بإسقاط “مرسي” فقط لأنه خريج و إبن “المحظورة” بتعبير -فهمي هويدي- التي لا يحق لمن هم على شاكلتها في كل دول الربيع الوصول للسلطة، وأن مكانهم الحقيقي ليس قصور الرئاسة بل سجون الدولة.

ويبقى أغرب موقف سيظل مسجلا في التاريخ “الأسود” لهذه القوى هو دعوة أحد أقطابها ومنظريها في مصر الذي يشتغل أستاذا للعلوم السياسية –الدكتور عمرو حمزاوي-، دعوته الدكتور “مرسي” للتنازل للمرشح العلماني “حمدين صباحي” بعد ظهور نتائج الجولة الأولى حفاظا على “مصلحة الوطن”، وهي الدعوة التي صفق لها وباركها “زعماء المساواة والحرية والديمقراطية”، الأمر الذي يستوجب تدريسه في الجامعات الدولية تحت مسمى “ديمقراطية التنازل” باعتباره مفهوما حديثا للديمقراطية.

أما في المغرب فقد تجندت كتائب الاستئصال العلمانية وتخندقت في مواجهة الحكومة المنتخبة منذ أول يوم من تشكيلها، بل ورفعت المطالب بإسقاطها، وهي التي لم يمر على تشكيلها أكثر من 6 أشهر، وأصبحنا كل يوم نسمع عن تأسيس هيئة أو جبهة وطنية لحماية الحقوق الفردية المهددة من طرف الحكومة “الملتحية” –كل عشرة أفراد ينشؤون عشر جمعيات وكل فرد يترأس واحدة والباقي يشكلون المكتب والأعضاء والمنخرطين والمتعاطفين و…، وقد يشكل الواحد منهم جمعيتين أو ثلاث -، حتى أصبحت هذه الهيئات تتفوق في عددها وعدتها على جل الأحزاب السياسية.

فهل بلغ احتقار العلمانيين وازدرائهم لشعوبهم هذا الحد الذي يطالبون من خلاله بممارسة “الحجر العقلي”-وهو أخطر أنواع الحجر- على غالبية الشعوب “الجاهلة” للحفاظ على مصالحهم واعتبارهم الوحيدين القادرين على الحكم وأن الباقي مجرد “زبالة” –بتعبير الإعلامي المخضرم المدافع عن مبارك وفلوله “عمرو أديب”- لا يعرفون شيئا عن الحكم وأصوله.

فشكرا جزيلا للسادة حماة العلمانية والحقوق الفردية –وفقط- الذين تعلمنا على أيديهم “المعنى” الحقيقي للديمقراطية.

*باحث في الدراسات السياسية والدولية
الكاتب المحلي لشبيبة العدالة والتنمية –فرع ابن أحمد

‫تعليقات الزوار

7
  • تخوف العلمانيين في محله
    الخميس 12 يوليوز 2012 - 13:55

    1)أنا لا أفهم ما علاقة الأسلاماويين بالدمقراطية؟فيكفي الإطلاع على أدبياتهم وكتابات منظريهم ان نفهم أن "الديمقراطية ربيبة الكفر" عند عبد السلام ياسين في كتابه" حوار مع الفظلاء الديمقراط ييين".وأنه لا يمكن للمسلمين العيش في نظام ديمقراطي عند أبي العلا المودودي مما جعل باكستان تنفصل عن الهند.و ان الديمقراطية حكم الشعب و نحن نريد حكم الله عند سيد قطب و…
    حيث انك لن تجد أي منظر إسلاماوي يتكلم عن الديمقراطية إلا ونعثها بابشع النعوث.
    ونورد هنا ما قاله علي بلحاج أحد أقطاب الإسلاماويين بالجزائر في كتابه "الدمغة القوية لنسف عقيدة الديمقراطية":
    "من جملة الأسباب التي تحملنا على رفض الديمقراطية أنها تقوم على رأي الأغلبية بغض النظرعن نوع الأغلبية فمعيار الحق و الصواب يدرك برأي الأغلبية…أما نحن معشرأهل السنة و الجماعة نرى أن الحق إنما يعرف بالأدلة الشرعية لا بكثرة الفاعلين أو بكثرة الغوغائيين".
    كما لن تجد كلمة"ديمقراطية"في أي إسم من أسماء الحركات والأحزاب الإسلاماوية.وهذه ليست صدفة بل تعبيرضمني على رفض الديمقراطية.
    فالديمقراطية لاتكون إلا بالديمقراطيين و ليس بأعدائها
    إذن تخوف العلمانيين في محله

  • mustapha
    الخميس 12 يوليوز 2012 - 16:11

    بالنسبة للا دينيين الديمقراطية تقوم على رأي الأغلبية بغض النظرعن نوع الأغلبية فمعيار الحق و الصواب يدرك برأي الأغلبية الا في الدول الاسلامية حينها يطالبون بديمقراطية تقوم على رأي الأقلية بغض النظرعن الأغلبية فمعيار الحق و الصواب يدرك برأي الأقلية يا سلام عليك يا ديمقراطية

  • moh
    الجمعة 13 يوليوز 2012 - 22:50

    بغير العلمانيين والعلمانية قد يتحول بلدنا إلى بلد طالبان.يصبح فيه المواطن غير حر في أفكاره لباسه أكله وشربه وتصبح فيه المرأة خادمة بيت ودمية في يد الرجل .من مواطنين أحرار ومسؤولين إلى عبيد تتحكم فيهم رؤوس فارغة أو مملوءة بالطقوس والرغبة في التسلط بإسم الدين.قد نرجع إلى مجتمع عصر أوسطي.كفى قسط من التأمل ومراجعة التاريخ بعقل حر ومنطقي لنرى ماذا يجري في الدول التي قدر لها أن تسقط في أيدي الإسلاميين .تجهيل الناس وتظليلهم,لعزلة الدولية,إستغلال السلطة بإسم الدين مؤسسات وقوانين شمولية ديكتاتورية ,تراجع الإقتصاد وتخلفه, تفقير الناس,الإجرام, الحروب لأهلية ,زد على ذالك أن كلما تأزمت الحالة الإجتماعية وأنتقمت البيئة ممن لايعرف أسرارها, يزيد الإسلاماويون التحفيز والتشدد في العبادة الطقوس والإنغلاق على كل ماهو إبداع ويربطون فشلهم وتردي الأوضاع بغضب الخالق .

  • حسن بلعروك
    الإثنين 16 يوليوز 2012 - 04:31

    إلى صاحب التعليق الأول:
    نقترح عليكم عندما تصلون إلى الحكم في أواخر الألفية الثالثة أن تضيفوا معلومة أخرى إلى بطاقة التعريف الوطنية و هي صفة ديموقراطي أو لا ديموقراطي .و بذلك يمنع كل اللاديموقراطيين من الانتخاب.
    لكنني متأكد أن النتيجة لن تكون مغايرة لنتائج الربيع العربي.
    و هذا نمودج لبطاقة التعريف الوطنية أواخر الألفية الثالثة مساهمة مني معكم في مشروعكم الديموقراطي جدا جْليدَّان:
    الاسم :………..
    اللقب:…………….
    تاريخ و مكان الاإزدياد:……………….
    المهنة:……….
    العنوان:……….
    الصفة السياسية: ديموقراطي.
    أو:
    الصفة السياسية :لا ديموقراطي.
    إيوا حزم راسك راه خوتك معولين عليك يا بوراس.

  • idriss
    الثلاثاء 17 يوليوز 2012 - 10:34

    الديمقراطية هي نتاج العلمانيين و ليس فقهاء البترودولار . الدول التي حكمها الاسلاميون هي أكثر تخلفا من الدول الافريقية الفقيرة . و العدد الذي صوت على العدالة والتنمية هو تقريبا مليون صوت و ان عدد المسجلين يفوق 13 مليون والعدد الحقيقي للذين لهم حق التصويت يفوق 20 مليون اذن نسبة المصوتين على العدالة والتنمية لا يتجاوز 5 بالمئة . الغالبية العظمى من المغاربة لايتقون في النظام المخزني وان الاسلاميين لن يقدروا على محاربة الفساد

  • وردة الصحراوية
    الثلاثاء 17 يوليوز 2012 - 17:33

    يجب ان يعلم البعض أن وصول العدالة والتنمية إلى تدبير الشان العام وطنيا جاء في ظروف تتسم بالأزمة السياسية في المغرب، وصوت الكثير من المواطنين تصويتا عقابا، لكن البعض الآخر صوت عفويا باعتقاده أن العدالة والتنمية قادرة على إنقاذ المغرب من أزماته المالية والاجتماعية، لكن بمجرد وصول الحزب إلى دواليب الدولة تنكر لكل شعاراته، والطامة الكبرى أنه يتحدث دائما باسم جلالة الملك ويستظل بمظلته دون أن يتحمل مسؤوليته، وبدأ اشتغاله بخرق الدستور عدة مرات في الكثير من القضايا أولها تشكيل الحكومة في حد ذاتها، فالدستور ينص على المناصفة لكن مع الأسف ليس في الحكومة سوى امرأة واحدة، الدستور ينص على تنصيب الوزراء كلهم من الأحزاب السياسية لكن رئيس الحكومة لم ينفذ ذلك بل نصب وزير الفلاحة الذي كان في حزب أصبح معارضا للحكومة الحالية… يجب أن تعرف الأخ علي فاضلي وأنت تهاجم العلمانيين في مقالك، لن ينقذ المغرب من أزماته الاقتصادية ولا الاجتماعية والثقافة سوى اليسار الذي تتهمه بالعلمانية التي لها مفهوم خاص عندك وليس العلمانية التي معناها فصل الدين عن السياسة، لأن الدين لله والسياسة تدبير أمور الدنيا.

  • medou
    الثلاثاء 17 يوليوز 2012 - 19:34

    العلمانيون المتطرفون يعتبرون أنفسهم أوصياء على الديموقراطية ويتقنون المظلومية ,في بعض الأحيان يذكروننا بلعب الأطفال فقد ترى منهم دكاترة تحسبهم عقلاء لكن ما أن يختار الشعب بإرادته الحرة مخالفيهم إلا و أصبح لهم منطق كمنطق طفل في السنة السادسة.
    لذا نقول لهؤلاء المتطرفين من العلمانيين :لكم خياران أولهما أن تقبلوا بنتائج الانتخابات وإن لم تكن في صالحكم وتصفقوا للفائز فتنالوا احترام الناس وثانيهما أن تفعلوا خلاف ما تنادون به في كل مناسبة من احترام إرادة الشعب واختياره فتفقدوا مصداقيتكم واحترام الشعب.فالخيار لكم؟

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"