ماذا بعد المؤتمر السابع "للبيجيدي"

ماذا بعد المؤتمر السابع "للبيجيدي"
الجمعة 20 يوليوز 2012 - 14:39

سيطر منطق الاحتفال والبروباغاندا على المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية، وهو احتفال مشروع خاصة بالنسبة لحزب يحقق أبعد مدى في الديمقراطية الداخلية للأحزاب المغربية، وكذلك بالنظر لنضاليته ودوره المشهود في معركة الإصلاح الوطني والتحول الديمقراطي، وبناء عليه لا يمكن أن نعيب عليه غياب النقاش السياسي والفكري وحتى التنظيمي داخل المؤتمر، طالما أن السياق هو الذي يخلق المعنى، وسياق المؤتمر السابع هو الاحتفال بالانتصارات المحققة في الانتخابات التشريعية وقيادة الحكومة، والانطلاق في خطوات ومشاريع للإصلاح في إطار الاستقرار، ولكن يبقى الحزب بحاجة ماسة إلى إطلاق هذا النقاش اليوم –بعد المؤتمر- وبدون تأجيل أو التفاف -مقصود أو غير مقصود-، ذلك أن نجاح الحزب في المرحلة السابقة ناتج عن حيويته الفكرية والسياسية والتنظيمية، وإبداعه لأجوبة ومبادرات نوعية ومقترحات فعالة لاقت تعاطفا شعبيا لافتا، وبالتالي فإن خفوت حدة النقاش أو تراجع جرأته ومداه في التعاطي مع عدد من القضايا الحزبية أو الوطنية يعني العجز عن مواكبة الاصلاح بالتأطير النظري اللازم، وسيسمح بانتعاش ظواهر حزبية مقيتة، والتحول إلى نسخة مكررة للحزب السياسي العادي بالمغرب.

لذلك تبدو اليوم مسائلة الانتاج السابق والهائل للحزب – قيادة مركزية وجهويات واقليميات ومحليات وهيئات موازية- مهمة ذات ملحاحية، ما دام الحزب – ومن وراءه المشروع الذي يحسب عليه- يريد أن يصنع تحولا جديدا ليس فقط في الحياة الحزبية بل في الزمن المغربي ككل، لابد إذن من فحص كل الانتاج السابق لمشروع الحزب، ومساءلة أفكاره وأطروحته السابقة ومواقفه السياسية، فحالة الانتشاء التي عكسها المؤتمر السابع هي جيدة، وإن كانت تعرف تسلل ظواهر وثقافات جديدة وغريبة عن الحزب ومرجعيته الثقافية -والتي تبقى طبيعية كذلك في حزب سياسي عادي-، لكن ينبغي الحذر كل الحذر من الغرق في بحر الانتشاء والقفز عن الاسئلة المطلوب من الحزب طرحها وتقديم الاجابة السليمة عليها…..

ولعل أول هذه الأسئلة المفترضة والتي لها علاقة بأطروحة المؤتمر السابع، التي رفعت شعار “شراكة فعالة في البناء الديمقراطي من أجل الكرامة والتنمية والعدالة الاجتماعية”، بعد أن رفع المؤتمر السادس سنة 2008 شعار “النضال الديمقراطي”، يطرح سؤال هل فعلا انتقلنا من مرحلة النضال الى البناء الديمقراطي؟ أم لازالت هناك معارك نضالية يجب ان خوضها من أجل التحول نحو الديمقراطية؟ وإذا صح هذ التحول كليا أو جزئيا، فكيف تم الانتقال من مرحلة النضال الديمقراطي إلى البناء الديمقراطي؟ من هم الفاعلين الذي ساهموا فيه؟ ألم يكن هذا الانتقال هدية او نعمة ربانية قدمها الربيع الديمقراطي الذي اجتاح المنطقة؟ ما هو دور حركة 20 فبراير في كل ما تحقق ؟ ما هو إسهام الحزب في معركة “النضال الديمقراطي” قبل الثورات؟ هل كان دور الحزب معزول عن مبادرة الاصلاح الديمقراطي التي كان الحزب جزءا منها والتي نحتت شعار “الإصلاح في إطار الاستقرار”؟ هل عملية الانتقال من أطروحة النضال إلى أطروحة البناء هي قطيعة أم هي سيرورة وتراكم وتداخل بين المرحلتين؟…

إن طرح هذه الأسئلة لا يعني بخس الحزب انجازاته ودوره في ما تحقق، والذي عكسته حيويته الكبيرة قبل وبعد الربيع الديمقراطي، من خلال سياسته التواصلية الواسعة وخطابه المتماسك وشعبيته الكبيرة وقيادته المحنكة، ولكن الاجابة عليها ستساعد أولا في التقدير السليم لقدرات الحزب النضالية، وتنسيب مساهمة “البيجيدي” فيه، وكذا في الابتعاد عن كل قراءة خادعة للأحداث والتطورات، كما أن الاجابة ستحدد لنا المهام النضالية المتبقية، والتحالفات الضرورية والتحالفات الممكنة للبناء الديمقراطي.

هل يمكن التحالف مع المخزن فقط علما بأنه لا يضم في صفوفه العقلاء فقط وإلا لكنا بلدا ديمقراطيا حقيقيا؟ كما لا يضم في صفوفه مجانين فقط وإلا لكنا نعيش على وقع الثورة المغربية؟ أم هي الأحزاب الديمقراطية التي تعيش على وضع غير مسبوق من الهشاشة السياسية والإيديولوجية والتنظيمية؟، هل هو الشارع الذي يمتلك قدرات هائلة لكنها غير مؤطرة تنظيميا وسياسيا؟ هل مع النخبة التي اعتزل جزء منها الفعل الإصلاحي، وسقط جزء اخر في منطق تجاري لبيع الكلام؟ الم تعرف هذه النخبة تجددا – نخب اقتصادية، سياسية، اجتماعية، علمية- ؟ ألم يسهم الربيع الديمقراطي في بروز نخبة جديدة؟ أين هي نخبة الربيع المغربي ؟ أين تتواجد وتتكون وتتأطر وما هي الافكار التي تستهلك هذه النخبة الصاعدة؟.

إذن ما هو التحالف الممكن من أجل البناء الديمقراطي والمترجم لشعار الشراكة الذي رفعه المؤتمر، وهل يمكن مواصلة البناء الديمقراطي بدون تحالفات استراتيجية أم هو مضطر لصياغة تحالفات هشة او هلامية؟.

ومن جهة أخرى نجد اطروحة المؤتمر السابع “للبيجيدي” قد تطرقت لأسباب اندلاع ثورات الربيع الديمقراطي وكذا شروط اندلاع الربيع المغربي، واقتصر حديثها على الاسباب السابقة والشروط الممهدة لهذه التحولات في حين تم تغييب عوامل نجاح الثورات المختلفة، وكيف تمت إدارة هذه الثورات وما هي نقاط قوتها ومن هم الفاعلين فيها؟.

إن فهم كيفية إنجاز المهمة الانتقالية في العالم العربي والإسلامي – ثورية او إصلاحية- جد مهمة من أجل استكمال مسار الاصلاح والبناء الديمقراطي …. كما أن ذات الوثيقة ركزت حديثها في الربيع المغربي بالمحطات الايجابية لما بعد 20 فبراير، ولم تتطرق للتراجعات أو محاولات الارتداد التي ظهرت في ما بعد 20 فبراير كالتدخلات العنيفة للأجهزة الامنية واعتقال الصحفي رشيد نيني، والترويج للدستور بأشكال متجاوزة – خطب الجمعة، نقل الناخبين ….- والالتفاف في انتخابات 25نونبر2011- اشراف وزارة الداخلية، تحالف الثمانية ….- مما يجعل تشخيص المرحلة ناقصا، فإدماج هذه الملاحظات وغيرها سيجعلنا نعي بأنه إذا صدقنا بأن الاستبداد في المغرب قد انحنى للعاصفة فإن القابلية للاستبداد ظلت قائمة….

وبالرجوع للأطروحة دائما والتي خصصت فقرات للحديث عن أولويات البناء الديمقراطي، غير أنها هذه الاولويات لا تبدو واضحة، بحيث تم حصرها في تجنب التماهي بين الشأن الحزبي والشأن الحكومي، والريادة في التنزيل الديمقراطي للدستور… بدون تدقيق لمدى التنزيل الديمقراطي وبدون الحديث عن الاولويات كما جاء في عنوان الفقرة … والتي حاول استدراكها في المحور الخاص بمنهجية البناء الديمقراطي.

كما تحدثت الأطروحة على استكمال النضال الديمقراطي من موقع جديد و بأدوات جديدة وخطاب جديد…. فإذا كان الموقع الجديد معروف وفصلت فيه الورقة، فما هي الأدوات الجديدة؟ وما هي معالم الخطاب الجديد؟.

إن هذه التساؤلات هي محاولة لإثراء النقاش المفترض بعد انعقاد المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية، والذي يبقى متقدما ومتميزا في المشهد السياسي الوطني في قدرته على بلورة أفكار وأطروحات إصلاحية، منسجمة مع مرجعية الحزب الإسلامية، ومنفتحة على مستجدات العصر ومتطلبات المرحلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتبقى اطروحة المؤتمر السابع متميزة بالرغم من الملاحظات التي يمكن أن تستدرك بالتأويل النضالي والإصلاحي للأطروحة في الأربع سنوات المقبلة بكل ما تحمله كلمة الإصلاح من معنى، وتجاوز كل تأويل محافظ لها.

‫تعليقات الزوار

6
  • رحماني
    الجمعة 20 يوليوز 2012 - 16:26

    أهم تحدي يواجه الحزب بعد مؤتمره الأخير هو مدى قدرته على بلورة خط فكري وسياسي جديد، يمكنه من تعزيز موقعه استنادا إلى قوة البرنامج السياسي وفعالية القوة الاقتراحية.

  • المهاجرة
    الجمعة 20 يوليوز 2012 - 16:56

    لازالت هناك معارك نضالية يجب ان خوضها من أجل التحول نحو الديمقراطية
    معارك تسمي الاشياء بمسمياتها,,, وتوضح ما يجري سواء من طرف حكومة الظل و المخزن,,,لا ان يتحالف الحزب او يتنازل في هده المعارك الحاسمة,,,, لازال الوقت مبكرا على الاحتفالات و الهيلالات ,,, كما ان الوقت بدئ ينفد عن امور كثيرة يجب الاسراع فيها,,,, كما اوردت

    مقالكم اتى باشكاليات منطقية تطرحها الظرفية الحالية بالحاح,,,دمتم في تالق

  • محمد
    الجمعة 20 يوليوز 2012 - 18:18

    تحليل سليم، وملاحظات جيدة تستحق أخذها بعين الاعتبار في تدبير المرحلة القادمة للحزب، إن وجدت من يلتقطها ويعمل على تفعيلها، فالمرحلة القادمة تقتضي الدراسة والتقييم ابتداء للتجربة على قصرها ورسم معالم المستقبل القريب والمتوسط والبعيد للفعل السياسي للعدالة والتنمية باعتباره االمعول عليه لبناء فعل سياسي راشد ودمقراطية سليمة تنعكس أثارها على الواقع الاجتماعي والسياسي والحقوقي على المغاربة.

  • AGUERZAM
    السبت 21 يوليوز 2012 - 00:11

    Le parti de non -justice et non- developpement (Il est entrain de freiner les grand projets economiques et social que le Maroc a initier il ya une quinzaine d'année) Ce parti represente une fraction des "SS….LAMISTES " qui cherchent à distabiliser la société marocaine….A la soudanaise.

  • نفي النفي
    السبت 21 يوليوز 2012 - 03:13

    تحية تحررية لقوى النفي ضد كل اشكال الاستيلاب وفي مقدمتها البعد الاسلاموي الاصلاحي دوي المقاربة الميكيافيلية المراهنة علي تغير المخزن فاذا استنطقنا الواقع المغربي نجده ضل يراوح مكانه فلا شيء من تلك الوعود بالاصلاح قد حصل ببساطة لان الفساد يمثل ماهية المخزن الملازمة لوجوده وكل انفتاح عليه بمثابة انتحار سياسي وخير مثال الاتحاد الاشتراكي فكم من الوقت يكفي اذن من اجل الاصلاح والسؤال المطروح لماذا لم ينتبه ب;ج;د; للامر هل في الامر سوء تقدير ام سوء نية

  • حسن عديدو
    السبت 21 يوليوز 2012 - 16:02

    لا يفتأ هذا الحزب يلوك ويردد بانه يستمد شرعيته من الشرعية الملكية وكأنه الحزب الوحيد المتيم بها وفي نفس الان يتبجح بأنه حامل هموم الأمة والمدافع عنها بخطاب ديماغوجي براغماتي سافر ومفضوح ،فبعد تغنيه ردحا من الزمان ايام المعارضة بالخطاب الاخلاقي والاجتماعي هاهو يعاقب ويجازي الكادحين بزيادات فلكية في اسعار المحروقات ولا زال يبحث عن زيادات اخرى- في السلع بطبيعة الحال- او عن اختزال لاجور الموظفين المتوسطين تحت مسمى الحكامة ومحاربة الفساد،وهاهم يدافعون عن مهرجان موازين بعدما وصفوه سابقا بانه مهرجان العهر والفساد،وهاهم يستقبلون المستشار الصهيوني عوفير برانشتايم في تحد سافر لشعور المغاربة والمسلمين الرافضين للتطبيع وهم الذين اقاموا الدنيا ولم يقعدوها على زيارة سابقة لنفس الشخص لمدينة طنجة،………….الحاصول وجوههم صحيحة

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة