في الصورة لقطة من فيلم “أماكننا الممنوعة”
استطاعت المخرجة ليلى كيلاني الغوص في فترة أليمة من التاريخ المغربي في فيلمها الوثائقي “أماكننا الممنوعة”، الذي يتناول مرحلة حياتية سادها القمع، والخطف، والتعذيب، من قبل السلطات المغربية ضد أحزاب المعارضة.
فزينب، هي حفيدة عبد السلام آيت شيخ، الذي خرج من المنزل في الأول من ماي عام 1972، ولم يعد منذ ذلك الوقت، مما دفعها ( زينب)، بمساعدة ذاكرة جدتها الضعيفة، إلى تقفي أثر جدها.
ورغم الخوف والتردد الواضحين على الجدة، وكأنها تشعر بأنها مازالت مهددة، لم تتردد زينب، الشابة، في الإلحاح على جدتها بسرد جميع الوقائع التي قد تساعد في الوصول إلى جدها، أو بالأحرى بقايا جثته.
وأبدعت كيلاني في اختيارها لحياة أربعة أسر مغربية كانت قد مرت بهذه التجربة في الواقع، كموضوع لفيلمها، حيث أظهرت كيفية تأثر هذه العائلات بطرق مختلفة.
فسعيد هدن، الذي لقب طوال حياته “بابن الخائن”، يقترب من مكان أبيه، الذي لم يره طوال حياته، ليفاجأ في النهاية بأن أباه قد تعرض لأبشع أنواع التعذيب في إحدى السجون التي دفن فيها كالكلاب، مع مجموعة أخرى من المعتقلين.
هدن، لطالما أراد أن يدفن أبيه بطريقة ملائمة وبحسب المبادئ الإسلامية، فتساعده بذلك مجموعة “بنو هاشم”، التي تأسست على يد مجموعة من المعتقلين السابقين، والتي تقوم بمساعدة عائلات المعتقلين الآخرين في المضي قدما بحياتهم، وربما مساعدتهم في الوصول إلى نوع من الراحة النفسية.
ولم تغفل كيلاني إظهار جانب من المعانة النفسية التي يمر بها أولئك الذين أعتقلوا سابقا، مثل حسان البو، الذي حاول الانتحار في السجن، ليتم نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية، ومن ثم يفرج عنه.
ويؤكد البو، الذي يعيش في ظروف سيئة، بأن راحته النفسية لن تحل إلا إذا تمت محاكمة النظام المسؤول عن عمليات التعذيب.
وكانت قد تعرّضت المجموعات المعارضة، وكذلك المواطنين في المغرب، للخطف المنظّم والحجز في مراكز سرية بمطلع الستينيات، وازدادت سوءاً في السبعينيات والثمانينيات.
وخلال السنوات العشرين هذه، ورغم علم الجميع بما يحصل، لم يكن بوسع أحد أن يشاهد، أو يسمع، أو أن يتحدث عن شيء.
ويذكر أن كيلاني بدأت بإخراج الفيلم قبل أن يتم تشكيل “هيئة الإنصاف والمصالحة” في 2004، التي حددت مهمتها بالإستماع إلى شهادات الضحايا، فانتقلت مع أبطال فيلمها خلال ثلاثة أعوام من التحقيق للكشف عن ماضي المغرب الخفي والمؤلم.
ومنذ تأسيس الهيئة عام 2004، استلمت اللجنة ما يزيد على 30 ألف طلب، وتعاملت مع الكثير من القصص المؤلمة التي عانى منها الكثير من المغاربة الذين وجدوا الفرصة في تحليل ذاكرة بلادهم.
مرحلة حياتية سادها القمع، والخطف، والتعذيب، من قبل السلطات المغربية ضد أحزاب المعارضة. يتهيء للقارء وكان هذه المرحلى انتهت- والعكس هو اللصحيح- فسياسة القمع والخطف والتعذيب والتهميش والتجهيل مازالت موجودة