المطالعة الإلكترونية.. هل تسحب البساط من الكتاب؟

المطالعة الإلكترونية.. هل تسحب البساط من الكتاب؟
السبت 13 فبراير 2010 - 22:46

كتبت إليزابيث براوننغ في مرة عن الكتاب أنه “المعلم الذي يعلم بلا عصا ولا كلمات ولا غضب.. بلا خبز ولا ماء. إن دنوت منه لاتجده نائما وإن قصدته لا يختبئ منك.. إن أخطأت لا يوبخك وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك” وقال آخرون في ذكر أهمية الكتاب أن الكتب ليست أكوام من الورق الميت، بل إنها عقول تعيش على الأرفف. فقد كان الكتاب على مر الزمن رمزا لمصدر المعرفة والثقافة. ونجد أن الدول كانت تولي عناية خاصة بالمكتبات والخزانات على اعتبارها تشكل رصيدا معرفيا توفره لعقول المهتمين بالقراءة. وكثيرا ما ترتبط صور المفكرين والأدباء وكبار المثقفين في أذهان الناس بالكم الكبير من الكتب التي يغرقون فيها ليستخرجوا منها عصارة أفكارهم ومذاهبهم المختلفة اختلاف الرصيد الكوني من الكتابات.



اليوم ونحن نعيش زمن الثورة التكنولوجية واجتياح الانترنت لجل مناحي الحياة، كثيرا ما يطرح التساؤل عن مكانة الرصيد الورقي المكتوب من مؤلفات ورقائق أمام هذا الزخم الكبير من المعلومات التي توفرها الشبكة العنكبوتية. فبضغطة زر يمكنك أن تمتلك مكتبة إلكترونية ضخمة تضم كبريات الكتب في جميع المجالات، وأصبح في متناول الكل اليوم الحصول على كتاب دون التفكير في تكلفته.



السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا التحول هو هل نقرأ الكتب الإكترونية بنفس النهم الذي كان يعترينا في السابق عندما يقع بين أيدينا كتاب أو مجلة؟ وإذا كنا نقرأ على الحاسوب، فهل هذا يعوض عن القراءة من الكتاب؟



الجواب أن العرض الكبير الذي يوفره الأنترنت من كتب يجعل القارئ في حيرة من أمره ويشتت ذهنه بين أي الكتب سيبدأ بقراءته، وإذا ما حصل وبدأ بقراءة أحدها مر سريعا على صفحاتها وتجاوز أخرى ليمر إلى الكتب الأخرى التي لا زالت تنتظر على حاسوبه..فبعدما كانت للقراءة طقوس خاصة من توفر للهدوء والجو الملائم وتركيز عميق، أصبح الفرد منا يطالع كتابه الإلكتروني وهو يستمع إلى الموسيقى المنبعثة من حاسوبه وفي بعض الأحيان يسترق النظر إلى صفحاته وهو ينتظر أن يرد عليه مخاطبه في دردشة على النت… فلا شيء يستغرب في عصر السرعة.



ورغم اعتبار القراءة الإلكترونية وسيلة حديثة للتثقيف، بديلة عن الكتاب أو مكملة لدوره، يعدد الملاحظون مساوئها في ضعف التركيز الناتج عن تأثير الخلايا الضوئية للشاشة على العقل الذي يبذل مجهودا مضاعفا لتتبع الأسطر، فالمطالع يظن أنه يقرأ كتابا لينمي رصيده المعرفي لكن إذا ما سألته عن محتوى ذلك الكتاب تجده قد تبخر بمجرد إغلاقه للحاسوب. هذا فضلا عن التعب الذي يحس به القارئ من طول الجلوس أمام الكمبيوتر لأن لذلك تأثيرا على الأعصاب كما أنه يسبب جفافا في العين غالبا ما يرافقه صداع في الرأس.



وفرة العرض في المكتبات الإلكترونية أصبحت تثني المهتمين بالقراءة عن ارتياد المكتبات وشراء الكتب. فمعظم المؤلفات التي يكثر الطلب عليها توجد نسخ إلكترونية منها على الأنترنت الشيء الذي يدفع كل من يشعر برغبة في اقتناء كتاب لمطالعته إلى التراجع فورا عن الفكرة، كيف لا وهو يعلم أنه سيجد ذلك المؤلف بعد أيام قليلة من صدوره بين يديه بنقرة واحدة ودون حاجة إلى أن يقتطع فلسا من ميزانيته. وبالإضافة إلى هذا تنضاف عوامل أخرى تجعل مكانة الكتاب تتراجع في حياة الكثيرين من بينها ارتفاع ثمنها كما هو الشأن عندنا في المغرب مقابل تأزم الأوضاع المالية للمواطن ذي الدخل المحدود. فهو يجد في ما يوفره له الأنترنت اليوم من اختيارات عدة وبدون مقابل فرصة للاستزادة من المعرفة دون أن يسبب له ذلك عبئا ماليا إضافيا.



بالرغم من ذلك نجد من الناس من لا زال يحتفي بالكتاب في صيغته الورقية ويعتبره الأنيس في الوحدة والصديق الوفي، وبجولة في المكتبات يمكن أن نستنتج أن الأفول الذي عرفته مكانة الكتاب سينتهي بمرور موجة الانبهار بالعالم الإلكتروني التي يعيشها العالم، فقد عاد الكثيرون ليدركوا مكانة الكتاب وأن لا شيء سيغنيهم عنه فهو كان ولا زال مصدر مهما من مصادر المعرفة، تواجه أفكارك بأفكاره وتحاوره في سكون بل يظل يزين رفوفك ويغريك لتعاود الاطلاع عليه و يسمح لك بأن تستخرج قلم رصاصك لتدون ملاحظاتك على هامشه ولا يقبل أن ترميه في سلة المهملات كما تفعل بالكتاب الإلكتروني بمجرد أن تنتهي من قراءته وبنقرة زر واحدة.

‫تعليقات الزوار

14
  • you$
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:10

    tout a fait juste , les documentselectronique ne peuvent jamais prendre la place du livre , seul avantage pour le document electronique c’est qu il gratuit !!

  • الخديري عبدالاله
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:08

    انها حتمية التطور يا صاح , ومتى قبلنا بالجديد , لال بعد استسلام افكارنا التائرة او الرافضة للغريب , لال انه بعد مرور ’ يصير الغريب اساسا , اكيد سينتشر الكتاب الالكتروني كالفطر , وسنتخلى عن الورق ودور الطباعة والمطابع ووووووانها تورة وعلينا استيعابها , المسالة مسالة وقت فقط

  • The Observer
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:58

    This is an interesting article. In fact, all the world academic libraries and information outlets have already switched digital. The Human knowledge is no longer stored in old books that have proved their vulnerability against age and decay . In other words, world academic libraries no longer trust in books and print media as the best resources for storing and disseminating world knowledge. Instead, they have opted for storing the human knowledge in digital format. This latter has rendered access to information both an enjoyable and easy experience. No longer will we need to go to libraries and wait in large queues to get an old book, which might be of interest or not. However, today, and thanks to the revolution of technology, humankind can access world information in one single click. Speaking of digital media and how some companies have already started to produce small E-books, today, modern libraries possess thousands of electronic resources that can serve the information need far better and easier compared with the classical version of print media. Morocco is no exception to the rest of the world: in other words, Moroccan universities and schools should focus a lot on embedding high tech into the state global circular . other wise, we will find ourselves lagging behind in the coming years.

  • fahim
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:00

    It s simple for people like you to say these words without any realistic study . look MR! let people live the twentieth century via using the appropriate means . take for granted that each age has its means and tools . for example in the book era people relied on books as the last and suitable medium that was created . now we are in digital era; means a book cannot catch up with the information technology development. electronic and printed books will live under the same tent and complement each other. Don’t expect the death of a book as a medium and don’t expect people to obliterate digital books. *

  • الأسير الأبيض
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:02

    أهلا أختي .بارك الله فيك .نعم معك الحق في بعض الشيء لكن برزت الان طرق للقراءة عبر الحاسوب دون عياء وأيضا تقسيم الوقت للقراءة بدلك أنا والحمد لله لدي مكتبة من الاف الكتب الاكترونية وأدون الأفكار المهمة فيها في كتيب صغير أحتفض به في مكتبتي العائلية وأعودلمراجعته في بعض الاحيان ولكن وجهة نضرك محترمة قد تفيد الكتيرين مع أنني أعاتبك أنه كان عليك اعطاء حلول وليس نقل الواقع فقط

  • الدكتور الورياغلي
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:12

    صحيح أن التطور الهائل في وسائل التعليم أسهم إسهاما فعالا في سرعة الوصول للمعلومة، وفي رمشة العين أحياناً.
    لكن تبقى ميزة الكتاب الإلكتروني أنه يوفر سرعة الوصول للمعلومة، وكذلك يتيح للباحث القص واللصق.
    أما من يريد التعلم والتأمل ومصاحبة الكتاب، وامتلاك مكتبة حقيقية محسوسة تورث فذلك كله في الكتاب المجلد التقليدي.
    ومن فوائد الكتاب الورقي الكبرى أنك تقرأه على جميع أحوالك قائما وقاعدا ومضطجعا وعلى جنب، كما أنه لا يسبب لك متاعب في البصر كتلك التي تنتج عن إدمان النظر في الشاشة.
    وفوق هذا فهذه الكتب الإلكترونية أشبه ما تكون بالوهم، فهي أشياء مبرمجة بنظام معلوماتي معقد، ولا ترى ولا تتحسس، ومن ثم فإنها لا تورث ولا يتعلق بها حكم.
    فالحاصل: أن الكتاب الورقي لا بد منه لمن يريد أن يتعلم ويحفظ المعلومة. والكتاب الإلكتروني يفيد الباحث لكي يتيح له سرعة الوصول للمعلومة مع القص واللصق.

  • المحرر
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:50

    الكتاب سيظل هو أداة القراءة رغم بروز تكنولوجيا المعلومات كالحاسوب والانترنت ،لأن ثقافة الكلمة هي الأكثر رسوخا في الذهن حيث يكتسب القارئ الأسلوب ويبذل مجهودا جبارا في فك شفرة المنطوق والمكتوب.

  • yassir
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:48

    اخي سيبقي الكتاب في نفس مرتبه
    من خلال تجربتي شخصية الكتب الاكترونية تنفر منها بسرعة اما كتاب فتجلس له وتاخد له وضعيتك التى تجعلك تستوعبه

  • جمال
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:52

    كما تعرفين لا أحد مازال يكتب على جلد الحيوانات كما كان معروفا في السابق. انقرضت الكتابة على الجلود لتفتح المجال إلى الكتابة على الورق.ومع ظهور الكتاب الإلكتروني يمكن القول أن الكتاب الورقي يخطو خطوات ثابتة نحو الإنقراض.اعتقد أن هذه سنة الحياة.

  • YOUNES
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:56

    je suis ttafait d’accord mais c’est pas vrai qu on peut trouver tt ce qu’on veut comme livre sur le net les livres et les references de valeur ils sont tt le tps payants,et pr Mr Anis je te demande un peu d’humilité car l’article n’a rien avoir avec almanfalouti, c’est une realité qui contribue à marginaliser d’avantage le livre dans notre societé,

  • atrache
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:04

    هناك تقرير اعده برنامج الامم المتحدة الانمائى لسنة 2009 اظهر ان كتابا واحدا فقظ يكون من نصيب قرابة 20 اف عربى فى السنة الواحدة بينما يحطى الكتابالواحدل 491قارئافى بريطانيا و 713قارىء فى اسبانيا.ثم ان هناك 60 مليون امى عربى.ادن عندمم نتوفر على احصائيات من هدا الثبيل فلا داعى لطرح اسئلة من هدا النوع.

  • إقرأ
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:06

    باسم الله الرحمان الررحيم
    أشكرك جدا على المقال المتناسق، ومع ذلك لم يؤخذ بعين الإعتبار العامل الزمكاني بالإضافة إلى نوعية المتلقي. فقد كان من الممكن أن يكون التساؤل المطروح في محله لو كنا في مجتمع تترسخ فيه ثقافة الكتاب، بل ويعتبر الكتاب في مستوى الخبز والماء وربما أكثر. ولذا كان من الأولى طرح مشكل إنعدام الشعور بالحاجة إلى المطالعة لدى المواطن المغربي بشكل خاص، ولدى غالبية المسلمين من منظور أوسع. إنّ ما يجعلني في حيرة من أمري في ما يخص هذه الظاهرة هو كون أول ما أُنزل على محمد صلّى الله عليه وسلم هو “إقرأ”.

  • رضوان
    السبت 13 فبراير 2010 - 22:54

    هل تقصد ب”الكتاب” هو الصيغة الورقية للكتاب ؟
    اظن ان هذا الفهم تقليدي ان نربط الكتاب بالصيغة الورقية فقط ..
    الكتاب كتاب ولو كان على حجر .. الم تكن الكتب قديما على الجلود ؟؟
    الكتاب الالكتروني اهم وارخص واسهل في التناول والانتشار والتبادل ،مع ايجابية حفاظه على البيئة..
    هناك كتب قرأتها بالصيغة الالكترونية ما كنت لأقرأها ابدا لو انتظرت الحصول عليها ورقيا.. تصور يمكنني قراءة افضل الكتب واحدثها في اي وقت ومكان .. لو ظللت انتظر النسخة الورقية لتوقفت..

  • karim marokino
    السبت 13 فبراير 2010 - 23:14

    السلام عليكم
    انا شخصيا من بين الناس الذين يحبون المطالعة في الكتب والاوراق
    وقد قرأت عدة روايات ومسرحيات وكتب (دينية،ادبية،فلسفية،تاريخية)
    ولكن هناك عدة منهم قرأتهم عبر الانترنيت بتحميلي اياهم لسببين:
    1: انه الانترنيت متوفر لنا بالمنزل فلما اضيع المال في اقتنائه وانا باستطاعتي تحميله وقرائته في شاشة الحاسوب.
    2: بحتث عن بعض الروايات في المكتبات ولم اجدهم وغير متوفرة عندهم فبحتث عنهم هنا ووجدتهم.
    يعني انا شخصيا متوازن بنسبة كبيرة في المطالعة ما بين(الكتاب الورقي)والكتاب الالكتروني

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين