"غرفة الحِفظ" .. الحرب الأهلية الأمريكية بعيون نساء مقاتلات

"غرفة الحِفظ" .. الحرب الأهلية الأمريكية بعيون نساء مقاتلات
الأحد 14 دجنبر 2014 - 05:00

حتى بعد مرورها بقرابة قرن ونصف من الزمان، إلا أن بعض الفصول من معاناتها عادت يوم الجمعة الماضي بقصر المؤتمرات بمراكش. في جحيم الحرب الأهلية الأمريكية بين الشماليين والجنوبيين، عاش جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي اختتمت فعالياته أمس السبت، لحظات من التشويق، أدخلتهم إلى عمق مأساة هذه الحرب التي طبعت التاريخ الأمريكي وأوقعت ضحايا يقدّر عددهم بمئات الآلاف.

في فيلم “غرفة الحفظ” للمخرج دانيال باربر، نتعرّف على أسرة لم يتبقّ منها غير شقيقتين والخادمة بعد مقتل كل رجال الأسرة. تحاول هذه الأسرة مقاومة الخوف والعيش في وسط مرعب، خاصة وهي تتواجد في الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الجزء الذي عرف توغلاً كبيراً للمحاربين الشماليين بعد الانتصارات الكبيرة التي حققوها.

غير أن حادثا وقع للشقيقة الصغرى، سيدفع بالكبرى إلى السفر لقرية أخرى بحثاً عن الدواء، وهناك سيتعقبها فردان تابعان للجيش الشمالي، مهمتهما هي استبقاء الأجواء والبحث عن الطعام، فضلاً عن أن أحدهما وقع في عشق جسد الشقيقة الكبرى. لذلك ستجد هذه الأسرة نفسها في مواجهة قاتلين لا يرحمان، ليعيش المشاهد لحظات صراع من أجل البقاء.

روعة فيلم “غرفة الحفظ” تتجلى في كون كاتبة السيناريو، جوليا هارت، اعتمدت على قصة جانبية من الحرب الأهلية الأمريكية لتقرّبنا من أجواء العنف التي تميزت بها هذه المرحلة من تاريخ الولايات المتحدة، كما تتمظهر جمالية الفيلم في الإخراج الجميل لدانيال باربر، الذي قدم مشاهد عنيفة منذ البداية وحتى النهاية كدلالة على مدى مأساة هذه الحرب، دون أن يقوم بإغراق الفيلم في الدم المجاني والقتل المقزز.

وقد أبدعت الممثلات الرئيسيات الثلاثة في تقمص شخصيات تتعارض كل واحدة منها مع الأخرى، وإن كان الخوف تقريبا هو ما يوّحد شعورهن، والنجاة هي هدفهن. الممثلة بريت مارلينغ هي من تقمصت دور الشقيقة الكبرى “أوغستا” المقاتلة من أجل حماية شقيقتها الصغرى “لويس” التي أدتها الممثلة هايلي ستينفيلد، بينما ظهرت الممثلة مونا أوتاري في دور الخادمة.

بريت مارلينغ التي أبدعت في فيلم “أرض أخرى” لميك كاهيل، ونالت بفضله عدداً من الجوائز كأفضل ممثلة في دور رئيسي، ليست مجرد مشخّصة تؤدي أدواراً في أفلام ناجحة، بل هي كذلك كاتبة سيناريو، ومخرجة للفيلم الوثائقي. أما هايلي ستينفيلد، فهي الممثلة التي تألقت في فيلم “الهدية الحقيقية” للأخوين كون، وترّشحت بفضله إلى أوسكار أفضل ممثلة في دور مساعد، بينما تعتبر هذه الإطلالة هي الأقوى لمونا أوتاري بعد أدوار ثانوية في أفلام سابقة.

بينما نجد في دور المقاتل الرئيسي، الممثل الشهير سام وورثينغتون الذي لعب أدواراً متعددة في أفلام حققت نجاحات باهرة كـ”أفاتار” لجيمس كاميرون، و”صراع الجبابرة” للويس ليترر، و”المدمر: الخلاص” لماك جي. في وقت أدى فيه أدى فيه الممثل كيلي سولر دور المجرم الثاني.

ولا تتوقف جمالية الفيلم في عرضه لقصة على هامش الحرب الأمريكية الأهلية، بل كذلك للتحوّل الذي بدأ يطرأ في العلاقة بين العبيد وملاكهم، فتلك الصفعة التي وجهتها الخادمة لـ”أوغستا” كرد فعل على صفعة هذه الأخيرة لها، يُراد منها تبيان تغيّر علاقة الإخلاص في وسط تأكد العبيد فيه أنه سينتهي بعد التقدم الكبير للجيش الشمالي، فضلاً عن دلالات أخرى من بينها حظر نظام العبودية في الولايات الشمالية، وبداية ثورة عبيد الولايات الجنوبية.

يُعتبر هذا الفيلم المشارك بالمسابقة الرسمية لهذه الدورة من المهرجان ثاني الأشرطة الطويلة لدانيال باربر الذي سبق وأن تم ترشيح فيلم قصير له للأوسكار. صدر فيلم “غرفة الحفظ” في شتنبر الماضي، ولحد الآن لم تدخل خزينته جوائز مهمة تذكر، فهل تكون البداية من مهرجان مراكش وتحقق معاناة الحرب الأهلية الأمريكية التميز في حفل الاختتام؟

‫تعليقات الزوار

4
  • بين مراكش وسراييفو!
    الأحد 14 دجنبر 2014 - 10:01

    نتخلى عن تاريخنا ونهمل مجد عظمائنا التاريخيين الأبطال** ونحن نرى عاصمة يوسف بن تاشفين تتحول إلى وكر للفواحش والرذائل وكل الموبقات. ويسهر وينكب المسؤولون وأولو الأمر فينا على رعاية تدمير مجد المغاربة التليد لهدف تعتيم وإتلاف معالم الطريق على الناشئة لكي يصبح المغربي مغتربا بوطنه لا يعرف أصله، ولا تاريخ له يحميه ويحفزه ويشجعه على المقاومة والاعتزاز بالنفس ويرفع معنوياته مستقبلا

    لقد طال هذا التشويه المقصود كل المصادر المكونة للشخصية والهوية المغربية، وهذا الإهمال والتشويه يبرز بوضوح ويشير ويوثق ويؤكد شاهدا بما لا يدع شكا لمرتاب على خيانة ونفاق حكام البلاد الذين يلبسون جبة الدين والأخلاق فقط للتمويه على عمالتهم وتفانيهم في خدمة المشاريع الاستعمارية الصهيونية بالمغرب.
    ملحوظة:
    **مرقد يوسف بن تاشفين يتعرض وبإمعان للإهمال المقصود حتى وصل العبث بضريحه أنهم حرموه من الماء والكهرباء والترميم. وتاريخ الخطابي يشوهونه، ومدينة وادي المخازن تلطخت بأنشطة الشواذ جنسيا.

    وقفت أمس بسراييفو التي كانت احتضنت أنشطة رياضية وثقافية تفيد اقتصاد بوسنيا، فاعتراني إحساس غريب، فقلت: آمراكش إن الدور عليك قريب.

  • صرخة
    الأحد 14 دجنبر 2014 - 10:42

    هاهي السينما ديال بصح تجد القصة مميزة و المخرج مبدع و الممثلين كيقولوا ليه ما كتعرفش ابداع في ابداع كيعشك في عوالم اخرى .ليس امر امكانيات بل ناس يُتقنون عملهم و يضعون الرجل المناسب في المكان المناسب…مشي بحال هاد الشوهة ديالنا مايسمى ب(السينما المغربية) اصبح من هب ودب يجعل من نفسه مخرجا و كاتبا سيناريست وممثلا ويجيب ابنته و لا اخوه يمثل به و يكمل بأي كان يعطيه جوج ريال باش يشيط الميزانية كاملا لجيبوا …
    اعلموا اننا نعيش في 2014 و ذوقنا راقي و معرفتنا بالسينما و الفن يمكن احسن ممن يدعي الاخراج لذلك بلا ما تعذبوا ريوسكم راه مابقيناش كنتفرجوا فتخربيقكم البائس وملي كيبان لينا شي تخربيق كنضحكوا عليكم مشي كضحكونا …بحال شي اعلانات ديال واحد الفيلم باين بئيس دايروا واحد السيد تسلط على الفن و ماجاوره و رونها مزيان خلط بين حوانت اللحوم مع التمثيل البئيس الى الاخراج البليد ومشى فيها الفن السابع بيس !!

  • التوجيه الأعلامي الفج.
    الأحد 14 دجنبر 2014 - 18:11

    معظم الأخبار والتقارير هي مجرد إشاعات وإشهاريات لهدف قولبة الرأي بتمرير أفكار وسياسات مغلوطة. فلن نسمع يوما عن منظمة سلمية تدعو لإقامة وحدة عربية تركية فارسية، كما لن نسمع أبدا عن موت أزولاي دهسا بعربة سيارة أو قطار؛ مثلما حدث للدليمي وباها أو كما اغتيلت «آنا ماريا ليند" أو"أولاف بالما" أو محمد أوفقير أو إسحاق رابين أو المهدي بنبركة والقائمة تطول
    إن جمعية "آنا ليند" هي كلجنة "جائزة نوبل للسلام" لا تختلفان عن بعضهما في الاحتيال والتمويه والديماغوجية للتغطية على انحيازهما باتخاذهما أسماء شخصيتين سويديتين مرموقتين، كانت لهما مواقف إنسانية أخلاقية نبيلة

    للعلم فإن ليند ذهبت ضحية مبادئها، كما كان مصير "أولاف بالما"، أما "ألفريد نوبل" فقد فكر في التكفير عن ذنوبه لكونه اخترع الديناميت، فأساء أشرار البشر استعماله، فأوصى نوبل بخلق جمعية تسهر على توزيع جوائز باسمه كل سنة على المتفوقين في المجالات التي تخدم البشر وتخلق لهم السعادة. وأبقت السويد مسؤولية توزيع "جائزة نوبل للسلام" للنرويج (لخلفيات سياسية) فالنرويج كانت مستعمرة سويدية إبان اختراع نوبل للمتفجرات
    انشروا أو لا تنشروا فأنتم الموقع الأول!

  • اسماعيل
    الأحد 14 دجنبر 2014 - 21:12

    في كل مرة اشاهد فلما من افلام الهوليود اعترف بجودتها. علينا الانتقال بالزمن 42 سنة او اكثر الى الامام قد يحدث وننتج فيلما.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة