"يومان وليلة" .. كفاح امرأة ضد الطبقية ولعنة الرأسمال

"يومان وليلة" .. كفاح امرأة ضد الطبقية ولعنة الرأسمال
الجمعة 26 دجنبر 2014 - 06:30

فيلم “الإخوان داردان” الجديد في القاعات السينمائية الالمانية . شريط “يومان و ليلة”. يعبر بحس فني وجمالي فريد عن معاناة العمال ضد فضاعة الرأسمال ، تجسدها شخصية “ساندرا” البطلة / الممثلة الفرنسية المعروفة “ماريون كوتيار” .

الشريط الذي تدور أحداثه في ضاحية عمالية في مدينة لييج البلجيكية (مسقط رأس الأخوين داردان) يقدم معالجة سينمائية نقدية لوضع امرأة عاملة.

رفض البؤس ..

في هذا الشريط يصوّر لنا المخرجان جزء من حياة البطلة وهي تواجه رعب السقوط في وضعية البطالة المليئة بالبؤس. كمقدمة للحكاية يبدأ الفيلم بالرفض الذي تعلنه “ساندرا ” ضد البطالة وما تخلفه من بؤس. “ساندرا” تخرج فطيرة من الفرن، ثم تتوصل بمكالمة صادمة تجعلها تصمت قليلا قبل أن تنطق بصوت عال : “يجب علي ألا أبكي”.

في وقت خرجت فيه “ساندرا” للتو من حالة الاكتئاب وتستعد للعودة إلى الشغل، تخبرها صديقتها على الهاتف بأن زملائها صوتوا بالإجماع مع قرار يقضي بفصلها عن العمل. إدارة المصنع فرضت على زملائها الاختيار بين المكافأة المالية السنوية (ألف يورو) وطرد “ساندرا”.

إن “سندرا” لا تستلم و سندها هو حب زوجها الذي أخرجها أكثر من مرة من حلقة القبول و الرفض. المخرجان وظفا دراميا “لعنة التردد” التي تطارد البطلة في بحثها المضني عن مساندة زملائها للتصويت مجددا، والاقرار ببقائها في المصنع. نهاية الفيلم مبهمة ومفتوحة بالرغم من أن أحلام “ساندرا” تبخرت، فصراعها الأبدي ضد مكر الرأسمال هو الخطاب النقدي الذي يعبر عنه “الاخوان داردان” بلغة سينمائية في شريطهما.

الاخوان داردان بين التسجيلي والمتخيل

فكرة الفيلم جيدة تتناسب مع مسار و خط الاخوين السينمائي المبني على حركة الكاميرا و الواقعية و توظيف سلم اللقطات بغية إبراز البعد الدرامي المشوق. ومن يتابع مسيرة “جان بيير و لوك داردان” السينمائية يفهم لعبتهما في تحريك الكاميرا، و تأثير الفيلم التسجيلي في مسارهما الفني . انتاج افلام وثائقية ترك بصماته في الفيلم الروائي ، وهذا ما يظهر جليا في واقعية فيلم “يومان و ليلة “.

فلسفة داردان في السينما تتأسس على الكاميرا المتحركة، و توظيف اللقطة – المشهد كأحد العناصر الاساسية في بناء الشريط. توجيه الممثل و الاعداد القبلي له قبل الشروع في عملية التصوير يعد شرطا في عملهما السينمائي، حسب ما أكدته “ماريون كوتيار” أكثر من مرة في لقاءاتها الصحفية. ويبدو هذا التوجه واضحا ، في عمل سينمائي تلعب فيه ممثلة متمكنة ومشهود لها بلعب أدوار جد صعبة كتقمصها لشخصية المطربة الفرنسية الراحلة “اديث بياف”.

في نقد الرأسمال سينمائيا

يكشف لنا شريط “الاخوان داردان” بأن واقعية السينما وبساطتها وحركة الكاميرا قادرة على إنتاج فيلم مشوق و مثير لأسئلة راهنة، و أعني بذلك سؤال الازمة الاقتصادية التي تخنق القارة العجوز . “ساندرا” عاملة تبحث عن استقرار مالي، و كأنها تحمل صخرة زيزيف فوق رأسها، فهي تركض بين زميل وزميل ، مرة تستعطف ومرة تتنازل عن كبريائها، ومرة تعذب ذاتها بتناول المزيد من العقاقير لنسيان حالة الاكتئاب التي تخنق أنفاسها، وضع يؤثر سلبا على زوجها و محيطها العائلي.

هي صورة سينمائية في نقد الرأسمال والصراع الطبقي العنيف كما يبدو في الحياة اليومية المعاصرة.

* صحافي وسينمائي مقيم في برلين

‫تعليقات الزوار

4
  • Samir
    الجمعة 26 دجنبر 2014 - 09:10

    Je remercie l'equipe de Hespress pour cette article, et je leur incite de multiplier les articles a caractere culturel car nos politicien et notre elite ne produit rien d'interessant
    Bonne continuation

  • نهـــاد
    الجمعة 26 دجنبر 2014 - 10:01

    آه عليكم ياشعوب الــــغـــرب تـــــقــدم في جميع المجـــالات العــلمية و الفــنية والاجتمــاعية…
    اين نــــحــن مـــنــكم ؟؟!!
    قارنــوا مستوى فــنـونهم ورقـــيها و المــجـــهودات التي تبدل في الاعمــال و كيف تحـترم ذكـاء الناس ولا تترك لا صغيرة و لا كبيرة الا وتطرقت لها …
    قارنوها بعــفــنــنا لترووا الفرق الشاسع

  • إحسان
    الجمعة 26 دجنبر 2014 - 13:35

    لم أر الفيلم و لا أشك في اتقاد بعض المفكرين و الكتاب و المخرجين للرأسمالية إلا أن أغلب الأعمال و إن كانت جيدة فهي تلقي بصاحبها إلى هذه الدوامة الإقتصادية المنفعية ، الرأسمالية و الشركات المتعددة الجنسيات و ما بينها من ترابط و تلاحم جعلت الإنسان بشكل عام عبارة عن عبد أجير و مستهلك لا شعوري ، و ذلك باستخدام جميع أنواع الأسلحة الفكرية ، فنفسه من يحدث عن البطالة و صعوبة العيش بلا عمل في نفس الوقت يحاول بث فكرة أن الإنسان لا بد له من عمل حتى تتحسن ظروفه ، و كل أعمالنا ما دامت مقابل أوراق نقدية فهي مساهمة في الاستعباد المطبق علي كل شرائح الأمة لنصل إلى قمة الهرم ، أولائك الذين لا يعملون و يملكون كل شيء (بالنسبة لهم) {عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم}

  • Hamid
    الجمعة 26 دجنبر 2014 - 15:51

    je l'ai vu toute suite que Hespress a publié le trailer ,trés beau film!!! à ne pas rater

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 8

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 18

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب