النحلة شامة: الوفاء للاحتجاج وأبد الرحيل

النحلة شامة: الوفاء للاحتجاج وأبد الرحيل
الخميس 6 دجنبر 2007 - 17:05

لسنا ناس الغيوان، نحن فقط مجموعة تقلد
ناس الغيوان ليست المقولة لأحد المجموعات التي تقوم
بتقليد مجموعة ناس الغيوان و التي انتشرت بعد ظهورها كفطريات بالمغرب و خارج
المغرب، بل هي لأحد مؤسسي المجموعة و رئيسها عمر السيد، اعتراف صريح وجريء بأن ناس
الغيوان اليوم لم تعد بحضورها و عطائها الأسطوريين لسنوات السبعينات والثمانينات
بعد رحيل بوجميع، باطما وخلود باكو للمرض، ناهيك عن تقدم عمر وعلال في
السن.


واليوم، إذ
تصدر المجموعة ألبوما جديدا فإنها لا تتجاوز حجم وظيفتها الأساسي الذي يصرح به عمر
السيد بل تفتح أفقا جديدا للغيوانيين المنظمين في مجموعات
:
الكف عن اجترار القديم من
الأغاني ودخول مرحلة الإبداع على الأرضية الغيوانية لضمان الاستمرارية خصوصا و أن
حصة الأسد من جهد إعداد ألبوم النحلة شامة كان من رشيد و حميد باطما الدم الجديد
فيشرايين الظاهرة الغيوانية.
هذه المقدمة
لا بد منها لتقديم ألبوم النحلة شامة و قراءته يجب أن تتم في هذا الاتجاه و سياق
واقع الأغنية المغربية ومقارنته مع ما يطرح في أسواق الغناء من رداءة و فقر في
الإبداع المدعم بقوة الإعلام وليس مع ما بلغته الأغنية الغيوانية سنوات المجد فلا
قياس مع وجود الفارق.

النحلة شامة،
الحسن الثاني و الالتزام الممنوح
في سنة 1985
اقترح الملك الراحل الحسن الثاني على مجموعة ناس الغيوان تأدية قطعة النحلة شامة و
هي قصيدة زجلية من فن الملحون كتبها المرحوم التهامي المد غري. قصيدة قديمة تحكي
قصة حوار بسيط و سطحي بين سلطان وملكة النحل ضمنها وصف جماليا ليوميات النحلة و
إعجاب السلطان بها لكن مقطعا واحد يكثف ما أرادت قوله القصيدةطيلة منعرجاتها الو
صفية:

كلت ليها
سباب طاعة جنودك
لا حيلة لاغش لا منكارا
كالت ما عندي وزير طماع يداري
أهل المال لو كانون كفارا
السلطان الطبيب و الراعي مضرور
ولا وزير يبلغ لخبارا
السلطان
طبيب، و سبب ضرر الرعية الوزير الذي لا يبلغ الأخبار تحليل بسيط لواقع مركب و كأن
النحلة شامة كانت تتحدث بلغة واضعي دستور المغرب الحديث ” الملك فوق كل
السلطات ” .
لم يتأت لقصيدة النحلة شامة
أن ترى نور الغيوان إلا سنة 2007 بعد البحث الذي قام به رشيد باطما و لم تبدو نشازا
داخل الأغنية الغبوانية الحس الاحتجاجي الذي يخلو من الوضوح و يكتفي بالإشارة وما
يراد قوله ينسب إلى نحلة صايلة و جايلة تغني بين النهر و الزهر بصوت الملحون الغناء
البورجوازي حسب بعض نقاد السبعينات فهل كان هذا الترميز ضروريا من مجموعة حصل معها
الشعب المغربي على حق الكلام أو أن المباشر يفقد الاحتجاج حسه الفني ألتشويقي و
يجعله فريسة للسياسي المنحاز؟

روح
الغيوان : خريف بحلة الربيع
قصائد
الألبوم الأخرى لم تزغ عن القاعدة الوفاء لروح الغيوان و التجديد المراقب و أداء
تغير نسبيا فصوتا حميد و رشيد باطما أضاقا بصمة جديدة لكورال المجموعة خصوصا صوت
رشيد ” المسكون ” بأخيه الراحل العربي باطما تجسده حتى تصفيف شعره على الطريقة
البوهيمية : الهيبيزم و بوهاليي الأولياء
.
أغنية الراضا الراضا تذكرنا
أساسا بالحصادة و الشمس الطالعة وهما قصيدتان من تراث الشاوية بنفس البناء الذي
يزاوج بين قافية زجلية سهلة وممتعة و صور إبداعية تحضر فيها البادية و قاموسها، رصد
لتفاصيل حياة بدوية قد تبدو تافهة لكن عميقة بسياقها التاريخي و شخصياتها، و عتاب
يشبه إلى حد ما عتاب الأحباب

المحراث و السكة يتسناو قدومك
زاغ كلامك و فضح عمولك
الزرع فلمطامر معامن داوي
دير جهدك أخويا أو فك كبالي

يا شلال،
موال زروال، القيامة و لا تسالوني علجراح طبعت الألبوم ببصمة باطمية نسبة إلى
العربي باطما، و آخر ألبوم له مع المجموعة “لهموم حرفتي
تصوير جمال الوطن و حبة ( حبك يا بلادي =
يا شلال) التغني بصفات الله و الاستبعاد به عند الشدة ( القيامة = فرحاب معاليك) و
تجربة العربي مع الألم الذي سببه المرض الخبيث و الزهد في حية تمثل المادة قطب
الرحى فيها ( لا تسالي علجراح = لهموم حرفتي)، يبقى أن
نشير إلى الاهتمام بالتراث المغربي كأحد شروط الأغنية الغيوانية، فبالإضافة إلى فن
الملحون نجد العروبي الشاوي، أقلال ; الكناوي و العيساوي و انفتاح المجموعة على
أقلام جديدة كعبد الرحيم باطما و الدكتور الموساوي أخد أصدقاء الغيوان الأوفياء و
صاحب قصيدة لعشاب.

ألبوم النحلة شامة في الأخير
تتويج لمسار معقد لمجموعة ناس الغيوان بين جزر تفرضه قوة الواقع و قانون دورة حياة
الفنان cycle de vie d’artiste فالخريف الجسدي يبرر الخريف
الفني، و مد ينادي به الاحتقان الفني و الاجتماعي الذييخلق شروطا شبيهة بتلك التي
واكبت مرحلة التأسيس وهو ما يفسر الإقبال على الألبوم الأخير و التزايد المطرد
لجمهور ناس الغيوان في غياب بديل غنائي حامل لمشروع احتجاجي بعيدا عن طوابير
الرداءة و الفقر الإبداعي، فهل عندما غنى ناس الغيوان «أنا ما عييت أبويا و لاشدني
الطمع” كانوا يؤسسون – كعنقاء فنية- لسرمدية تاريخية بعدما نعتو بالظاهرة
التاريخية.


غباري الهوا ري

كاتب مغربي مقيم
ببلجيكا

[email protected]


لمشاهدة أغنية النحلة
شامة



‫تعليقات الزوار

1
  • الياس أيت الحاج همو
    الخميس 6 دجنبر 2007 - 17:07

    من يقول أن مجموعة ناس الغيوان قد ضعفت أو ضاعت بعد وفاة بوجميع و العربي باطامة, فانه كادب, لأن المجموعة الان بعد قدوم العملاقين رشيد باطمة و حميد باطمة هي مجموعة متكاملة و رائعة فعلا…

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال