غياب الدعم وشح المهرجانات يهدد باندثار فنّ الطقطوقة الجبلية

غياب الدعم وشح المهرجانات يهدد باندثار فنّ الطقطوقة الجبلية
السبت 4 نونبر 2017 - 07:00

تحظى الطقطوقة الجبلية بحضور مميز داخل الأعراس بشمال المملكة، ويعتبر هذا الفن الأصيل موروثا ثقافيا تتميز به منطقة “جبالة” لا يزال يحتفظ لنفسه بمكانة خاصة. وبالرغم من بروز أصناف موسيقية؛ فإن اللون الموسيقي لا يزال يتألق منذ ظهوره في زمن غابر، مع رواد منهم من قضى نحبه، ومنهم ينتظر.

خلف الفرحة التي يرسمها أعضاء فرق الطقطوقة الجبلية على وجوه المتفرجين خلال حفلات الزفاف تتوارى معاناة يعيشونها، قوامها غياب الدعم وشح المناسبات والمهرجانات التي تعنى بهذا النوع الموسيقي الأصيل ما يهدد هذا الفن العريق بالانقراض.

عبد الله بوعواد، ابن مدينة وزان، واحد من أيقونات هذا الفن الجبلي، استطاع بأسلوبه الفني الأصيل أن يجد لنفسه مكانا في الصنف الموسيقي القديم؛ فهذا الفنان الشعبي معروف بميولاته الغنائية وقدرته على الجمع بين أنواع مختلفة مثل: الراي وأغان شبابية؛ إلا أن الطقطوقة الجبلية سكنته قبل أن يسكنها.

شغف عبد الله بالموسيقى الجبلية اقترن بفترة الطفولة، وهو شغف يجري في عروقه مجرى الدم؛ فهو لا يلهث وراء عدسات الكاميرا، ولا يبحث عن الشهرة.

بروح متوقدة، يجمع عبد الله بين أداء أغان جبلية وأخرى شبابية وهي الموهبة التي ارتبطت بمرافقة والده الفنان الحاج بوعواد وهو يحيي سهراته بمختلف قاعات الأفراح بمدينة وزان إلى جانب إحيائه لسهرات أعياد العرش وغيرها من المناسبات الوطنية.

ومنذ ذلك الحين لم يضجر يوما من الفن الجبلي الأصيل، الذي ورثه من منطقة تعج بأناس أتحفوا وأطربوا ونظموا قطعا، وأعاد توزيعها قبل أن تلقى إقبالا واستحسانا من لدن كل من استمع إليها.

عبد الله هو نموذج للشاب المغربي الأصيل الذي يحرص بصمت وراء الكواليس على رسم صورة مشرقة ومشرفة لأبناء مدينته من خلال اقتحامه مجال الغناء وكله أمل في نحت اسمه ضمن قائمة المبدعين في هذا الفن الجميل، مستفيدا من وفرة المقطوعات الجبلية وتنوع مواضيعها التي تتغنى بجمال الطبيعة و”الزين دجبل” وصفاء ونقاء القلب.

وتمكن الفنان الشعبي، الطموح والمتمرد والمتحمس في آن واحد، أن يفرض أسلوبه الفني الأصيل من خلال نصوص ملتزمة تواكبها إيقاعات موسيقية تقليدية معتمدة على نغم الكمان وعبق الزمان يؤديها بشفافية تبهر جمهوره وهي الأمور التي عزا إليها الإقبال المتزايد على دعوات الحضور لإحياء سهرات وأمسيات فنية.

شكل ظهور “عمي الزواقي” إضافة وعلامة فارقة في لم شمل الأخوين بوعواد، وتكوين فرقة موسيقية الأكثر شهرة برحاب دار الضمانة؛ فبقدوم هذا العضو الذي ألف آلة الكمان التي عشقها في الصغر قبل أن تصبح مورد رزقه وشغله الشاغل، وأصر على أن يظل صوتها حيا ومتألقا يطرب، أهل وزان وساكنة منطقة جبالة وغيرهم.

لا صوت يعلو بوزان فوق عزف “كمانجة” عمي الزواقي ذلك الرجل القادم من قرية الزواقين الرجل المجدد في الفن الجبلي ومقطوعاته التي عزفها بعشق وأبدع فيها عاملا على مزج إيقاعات جبلية قديمة بأخرى جديدة والبحث في تاريخ جبالة والغوص في مسالك ودروب قبيلة بني مسارة.

الطقطوقة في خطر..

مخاوف جمة تلك التي تسكن الفنان عبد الله بوعواد، إزاء قدرة الفن على الصمود، يلخصها في قوله: “حين يرى الشباب حالتنا ووضعيتنا، نحنُ والرواد الذين سبقونا، ويعرفَ أننا لم نستفد شيئا بالرغم من كل ما قدمناه من عطاء، فإن هذا الفن العريق في خطر”.

بنبرة حزينة، يكمل الفنان: “ما يحُزَّ في نفسي أكثر هو غياب الدعم عن الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة، وشح المهرجانات التي تعنى بطرب أجدادنا وموروثنا الثقافي”، “وزاد: “الفنانون الحقيقيون الذين يُبدعون إبداعا حقيقيا لا أحد يهتم بهم”.

يبدو الفنان الشاب فاقدا لأي أمل يغير حال الفنان والمطرب بالبلاد، مشيرا إلى تغييب الإذاعة والتلفزيون للمشتغلين في هذا المجال، ويضيف بكلمات متقطعة: “ولكننا سننتظر إلى أن يأتي الزمن الذي سيفهم هذه الثقافة ويقدمها مثل الثقافات الأخرى التي تقدم في الإذاعة وتحصل على الدعم”.

همُّ استمرارية فن الطقطوقة على قيد الحياة، الذي يسكن عبد الله، بالرغم من كل الإكراهات التي يصارعها رفقة المشتغلين في هذا الحقل الفني، جعله يبذل جهودا لإعادة أداء أغان رددها أعضاء الفرقة الجبلية؛ غير أن هناك حلقة مفقودة تحول دون سطوع نجم الطقطوقة، بالنظر إلى التغيرات التي يعيشها المجتمع المغربي وترخي بظلالها على أذواق الجمهور وميولاته والدور منوط الإعلام من أجل إعادة الاعتبار إلى هذا الفن”، يشدد بوعواد.

ويضيف: “الطقطوقة الجبلية تراث حي وكنز يذهب صداه في الهواء، دون أن تلتقطه آذان المسؤولين”، وبنبرةِ إصرار يُردف: “حْنا كنديرو هادشي والكمال على الله؛ لأن هذه ثقافتنا تجري في دمنا، وهذا العمل نقوم به حبا في تراث وطننا ووفاء لجمهورنا”.

‫تعليقات الزوار

8
  • hammouda lfezzioui
    السبت 4 نونبر 2017 - 07:21

    في زمن الرداءة والطغيان كثر الفن المنحط .فن اصحاب (التشويكة وجيل,فن سوسو و نونو)في حين من حمل لواء الفن النبيل فهم يموتون في صمت.
    اتظنون ان الناس سينسون مثلا ناس الغيوان ,ادير…حتى لو ماتوا ولعقود بل قرون فان الاجيال ستتذكرهم .
    حمودة امازيغي ومعجب بفن الطقطوقة الجبلية ,استمع لاغاني محمد العروسي وحاجي السريفي…
    فن جيل والتشويكة هو من اكتسح الميدان ليس بقدرة قادر ,بل لان اصحاب الحال تركوا له الابواب مشرعة :مهرجانات,تلفزة,اذاعات راديو,برامج…

  • مهاجر USA
    السبت 4 نونبر 2017 - 08:17

    غياب الدعم وشح المياه وعدم كفء وزيرة جوج فرانك يهدد باندثار منطقة زاكورة بأكملها بالعطش

  • عبدالله سويسرا
    السبت 4 نونبر 2017 - 09:09

    عندما أستمع إلى هذه الموسيقى أشعر بالسعادة

  • برق الليل زين العابدين
    السبت 4 نونبر 2017 - 09:59

    أعتقد أن فن الطقطوقة الجبلية تعدى حدود فن محلي بل أصبح عالمي في شقه الجهجوكة وهذا من اهم ميزات هذا الفن اقول لماذا لا تتوافق النمادج فيما بينها للرفع من مستوى اداءها

  • المغرب قوس قزح الفن العالمي
    السبت 4 نونبر 2017 - 11:04

    لا احد يمكنه صيانة اي. فن شعبي لا أهله
    و أمانة صيانة و و تطوير طقطوقة جبلية
    هم اهل شمال و لا احد غيرهم و ما علينا
    الا دعم هذا فن الشعبي الجميل
    كما ندعم كل ألوان الفنون من رأي مرورا بطقطرقة جبلية الى موسيقى الحسانية
    في أقصى الجنوب مرورا بفن الشعبي
    عروبي من غرب و شاوية الى دكالة عبدة
    دون نسيان قطعة الكبيرة من ثراتنا الفن الامازيغي من أطلس الى سوس
    كم أنت غني يا بلدي
    نتفوق على عالم كله من حيت أصناف و الأنواع
    و اتحدى اي احد ان يأتيني ببلد في عالم
    غني بالفنون و ألوان كالمغرب

  • شنتهف
    السبت 4 نونبر 2017 - 13:17

    فنجميل يعبر عن غنى الفن الموسيقي المغربي. تشجيعاتي لكل الذين يعملون على تطوير هذا الفن.

  • كركور
    السبت 4 نونبر 2017 - 14:03

    عبدالله بوعواد. أو عمي الزواقي كما نسميه
    جاري الجميل نحبك

  • Said Amazigh
    السبت 4 نونبر 2017 - 15:38

    ان هدا الفن عريق في هاته منطقة غمارة الامازيغية حاليا جبالة الدين يتكلمون امازيغة مخلوطة بالعربية وقليل الاسبانية والتي تعربت قي عهد الادارسة والعهد الاندلسي وفقدت لغتها واصلها ماعدا منطقة حافضت على اصلها وهي قبيلة بوزرا ولكن ،لكن هدا الاهمال من جاء من طرف اهل المنطقة لتفضيلهم الاغاني العربية من ام. كلتوم و…… خصوصا عند دخول الخركة الاخوانية والسلفية في العهد الماضي وخرمت كل شي اولا في و نضرا لتروبجهم الموسيقى العربية الاجنبية على منتوجهم من مصرية ونسيانهم فنهم واهماله في الاعراس وتفضيلهم الموسيقى كدالك العصرية ، يضاف الى دالك عدم تخصيص مزانيات للجهة لان كل الميزانية تستهلك في تطوان بدون توزيع عادل عادلى الجهة

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات