هل سيتوج فيلم سنيكرز في مهرجان مراكش؟

هل سيتوج فيلم سنيكرز في مهرجان مراكش؟
السبت 10 دجنبر 2011 - 12:43

عندما انتهى عرض أفلام السابقة الرسمية في مهرجان مراكش، بقي سؤال ينتظر الجواب:

ما هو الفيلم الذي سيتوج؟

أريد أن أخمن… لذلك جلست أراجع المادة التي حررتها أثناء المشاهدة، العين على الشاشة والقلم على الورقة… أحيانا أجد صعوبة في قراءة ما كتبته في الظلام… لكن الفكرة تعود للذهن بمجرد تتبع الخطوط المائلة على الكراس.

من 15 فيلما وضعت لائحة فيها سبعة أفلام، ومن تلك الستة بقي لدي أربعة هي حسب ترتيب احتمال التتويج:

1- سنيكرز. فيه سرد وفرجة وكاستينغ رائع.

2- 180 درجة. سرد ومونتاج مركب و…

3- أعمال الرحمة السبعة. بساطة القصة وعمقها الإنساني رغم العنف في المجتمعات الحديثة.

4- لا تخافي. مبني جيدا، فيه توتر لا ينخفض…

وقد وجدت صعوبة في حذف ثلاثة أفلام هي “وادي الظهب” من المكسيك. “خارج المسموح” من الدانمارك و”الموت مهنتي” من إيران.

ما الذي يوحّد هذه الأفلام؟

أ‌- احترام شديد للوحدات الأرسطية الثلاث في السرد: وحدة الحدث والمكان والزمان.

ب‌- إخراج دقيق في اختيار مكان وقوف الممثلين وموقع الكاميرا.

ت‌- أداء تلقائي للممثلين.

ث‌- وجود عمق اجتماعي موجع.

لكن مستوى الفرجة ليس واحدا، وهي قوية في سنيكرز و180 درجة. أخمن فوز أحدهما. هنا سأحلل الأول. وسأعود للثاني بعد إعلان النتائج.

وأنا أرشح “سنيكرز” لفياليري يوردانوف و إيفان فلاديميروف من بلغاريا. فيلم غجري يصور حب الحياة في أوج اليأس. فيلم فيه ما تأكله العين. يُشبعها. فيه لمسة غجرية، لمسة باروكية تستمتع بالحياة رغم المصائب. كما في فيلم “تحت الأرض” لرئيس لجنة التحكيم إمير كوستوريكا.

قلت لنفسي إذا خرج التتويج عن الأفلام الأربعة سأعض يدي.

هذا ما كانت تطلبه مني جدتي عندما أخطئ.

في سنيكرز، يبدأ السرد بتقديم شخصيات لا صلة بينها. لا تتعارف، لكنها تعيش علاقات مفككة تحت ضغط واقع اقتصادي صعب… صعوبة فوق تتجاوز كل تصور…. مما يزيد من مستوى الأنانية لدى الأفراد ويقود لمزيد من التفكك واللاتواصل… وبتشابه الوضعيات فإن المونتاج المتوازي يخلق الصلة في ذهن المتفرج…

ثلاث ثنائيات، متهمان، عشيقان وممثلان… غادرون مدنهم وولوا وجوههم نحو البحر. يلتقون في الطريق ويستقرون في منطقة شاطئية للتخييم…

في الثنائية الأولى شابان، عنيف ومسالم. يقف العنيف في جنازة والده، تمر امرأة بقميص مفتوح على الصدر، تمنع المساحة بين النهدين الشاب من التركيز على مراسيم الدفن… الشاب وصديقه مدينان لتاجر مخدرات… جمع الشاب اليتيم بين البراءة والعنف، فيه لمسة من شخصية ستافروجين، العملاق الوسيم والمندفع في رواية “الممسوسون” لودوستويفسكي. بطل قوي بقلب طفل. ذلك النوع من الرجال الذي تفقد النساء أمامه كل طاقة مقاومة. ما أذهلني هو قدرة المخرج على تنزيل تلك الشخصية من الرواية إلى الواقع لتقف أمام الكاميرا…

في الثنائية الأخرى عشيقان، شابة تتصرف كذكر وشاب غجري مخنث… للشابة وظيفة، تحمي أمها من عشيق سكير… ملت فانطلقت نحو المجهول. يرافقها الشاب الغجري العملاق الغامض والمسالم، كل جسده موشوم ويزعم أن الفولكلور يرفع نسبة الكولسترول دمه.

في الثنائية الثالثة ممثلان، يهرب أحدهما دون أداء ثمن كراء الشقة التي سكنها ثلاث سنوات… في أول جرد حساب يحرق صور ذكرياته… قطع مع ماضيه… وهو بلا مؤشرات عن المستقبل…

على الشاطئ، حيث تأسس نمط عيش رومانسي بديل عن المدينة، يجرب المخرج كل المشاعر في سلوك الشخصيات: غضب وإعجاب ووحدة وقلق ورقص…

ومن أجل سرد انشطاري (la mise en abyme) يكثف المعنى، يُدخل المخرجُ الوثائقي في بطن المتخيل، يستخدم الممثلان كاميرا فيديو يسجلان بها استجوابات مع الشبان، يطرحان أسئلة محددة:

ماذا تحب؟

ماذا تكره؟

ماذا تخاف؟

وما مشاريعك؟

قبل الحب يكون الرجال ودودين يفيضون أجوبة وحنانا، بعد الحب تسأل النساء:

ماذا سنفعل؟

أين سنذهب؟

حينها يتضح ان الرجال لا يملكون الأجوبة لذا يغيرون الموضوع أو يغرقون في الصمت. ولكن سؤال النساء لا يبرد:

وماذا بعد؟

تحلّق الحيرة في الجو، بينما تمسح الكاميرا الوجوه المضاءة بنار الموقد على الشاطئ… تهزّنا موسيقي تصويرية قوية ومؤثرة، تتناغم مع تماوج درجات حمرة اللهيب على الوجوه… تتشابك العلاقات وتصير مدهشة للمتفرج، ويتضح بذلك مدى فهم المخرج للعلاقات الإنسانية وقدرته على تصويرها… وبالتالي خلق أجواء تهيج مشاعر معينة لدى المتفرج، بل تهيج أسئلته عن مستقبله.

يأتي رجال أشداء لطرد الشبان من الشاطئ لأنه محمية طبيعية و ولا يجوز إشعال النار فيه. هكذا تتحول الجنة والملجأ الصغير إلى جحيم.

حماية الحيوانات سابق على حق البشر في العيش… حين يصر الشبان أن الشاطئ ملك للدولة أي للشعب تأتي الشرطة للتحقيق معهم… فتبدأ مغامرة التجديف نحو الغرب…

الفيلم هو الفرجة أولا. فعدما أدخل قاعة السينما أسمى متفرج. على أي مخرج احترام سبب وجودي في القاعة.

‫تعليقات الزوار

2
  • محمد اليحياوي
    السبت 10 دجنبر 2011 - 15:33

    وكأنني رأيت شريط سنيكر وفهمت كل مغزاه ، يبدو شريط جيد وفي المستوى على حساب ما ذكرت بشكل لبق، أتمنى أن أراه، شكرا لك على افادتنا من خلال الرؤية النقدية التي كونتها عن هذا الشريط كمتفرج ايجابي.

  • متردد
    السبت 10 دجنبر 2011 - 15:47

    متفق معاك اخويا بنعزيز على كلشي . و لكن توقفت و تفقصت ملي وضعتي القلم على الورقة و تما ما بقيتش عاد نكمل الموضوع

    /علاش

    حيتاش جاتني صدمة و قلت شوف انا على تحدي كنواجه بلا ستيلو و الله شاهد و اكبر مغامرة و تحدي هو التنزيل التلقائي المباشر

    /كيفاش

    يعني تفرج بلا ستيلو بلا تحديد الافكار و فواصل الفيلم مسبقا

    /زعما انا حكارتيني او لا شنو

    لا لا انا كنقوليك راه التنزيل تلقائي و مباشر خدامين فيه

    /سمحليا خويا

    بلاتي عليك فين غادي

    /علاش

    بغيت نسولك

    /قول اش خاصك

    بغيت نعرف شحال تتشد ديال الفلوس فالشهر على هاد الخدمة

    /علاش

    حتى انا بغيت نتخلص بلا ما نخدم

    /من بعد نشوف ليك مع المدير

    شوف معاه اخويا ادا عندو شي بلاصة و لكن بلا ما نخدم

    /ok

    OK

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"