أكاديمية المملكة تعيد اكتشاف "اللوحة المغربية لأوجين دولاكروا"

أكاديمية المملكة تعيد اكتشاف "اللوحة المغربية لأوجين دولاكروا"
الخميس 12 شتنبر 2019 - 02:00

سعيا إلى فهمِ الفنّان أوجين دولاكروا، والإحاطة بعمله الفني، وما عاصره في مغرب القرن التاسع عشر، تعقد أكاديمية المملكة المغربية ندوة دولية، افتُتِحَت فعالياتها مساء الأربعاء.

ومن المرتقب أن تعمل هذه الندوة خلال أيام عقدها الثلاثة، بمقرّ أكاديمية المملكة في العاصمة الرباط، على “طرح مقاربة من زوايا معرفية متعدّدة، ليتسنّى لعموم المغاربة اكتشاف العمل الفني لدولاكروا، والتّعرّف على شخصيته في لحظة حاسمة من تاريخ المغرب…”، و”إبراز العَطاء الأدبيّ الذي أسهم به في الإبداعَين الفنّي والأدبي”.

لوحات فرنسية عن المغرب

قالت دوميننيك دوفونت ريو، المحافظة العامة لمتحف اللوفر بباريس، إن أوجين دولاكروا لم يقم طيلة حياته إلا برحلتين واحدة للمغرب وأخرى لبريطانيا.

وأضافت محافظة متحف “اللوفر” ذائع الصّيت، في محاضرتها الافتتاحية بمقرّ أكاديمية المملكة المغربية، أنّ الرّسام الفرنسي خاب ظنّه قليلا من بريطانيا قبل الصناعية، ولم يجد بتعبيره “ما يرسمه فيها”، بينما أحسّ عند وصوله إلى المغرب، مرافقا البعثة الديبلوماسية الفرنسية، بأنّه وجد ما يبحث عنه.

ووضّحت أن دولاكروا وجد في المغرب “الشّرق السّحري” بألوانه، والضوء الذي يمكن التلاعب به، ووجد “عراقة محفوظة” في المغرب، وعاد في زيارته بالزمن إلى الوراء، وشكّل ذلك فرصة له لعيش مغامرة معاصرة، مع تعرّفه على نفسيّته الخاصة، وتجميع الذّكريات التي تتحوَّل، مع مرور الوقت، في ذاكرته.

وذكرت المديرة السابقة لـ”متحف أوجين دولاكروا” أن جميع لوحات هذا الفنان عن المغرب رُسِمَت بعد رجوعه إلى فرنسا، وزادت قائلة: “لوحات المغرب ليست مغربية حقيقة، بل تحولت عبر ذاكرته، وهذا أمرٌ حديث جدا”. لتوضّح بعد ذلك أن هذا الرسّام رسم في مذكّراته وكتب وأخذ ملاحظات، وتِذكاراتٍ، حتى “يتذكّر مغامرَتَه ليَرسُمَها”.

ذكريات دولاكروا التي كانت “جدَّ طَرِيَّة ونابعة بالحياة”، وفق محافظة متحف “لوفر”، مكَّنته من أن يرسم لوحات عن ما عاشه أو ما تذكّره حول المغرب، بعد ثلاثين سنة من مغادرته، بل وظلّت ذكرى المغرب بادية حتى في آخر لوحة التي رسمها للبؤة في منطقة مغربية؛ وهو ما ساعده فيه صندوقٌ جمع فيه تذكارات جلَبَها من هذا البلد، وكان من بين محتوياته آلات موسيقية تظهَر في إحدى الرسومات التي رسمها خمس عشرة سنة بعد نهاية رحلته إلى المغرب، وتمنّت أن تزور هذه التّذكارات المغرب، وتعيد نسجَ روابط مع أرضها، في المعرض الذي سينظّم في السّنة المقبلة، في المملكة، حول أعمال هذا الفنان.

“اكتشاف المغرب” الحقيقيّ

ورأى عبد الجليل لحجمري، أمين السّرّ الدّائم لأكاديمية المملكة المغربية، أن رسومات أوجين دولاكروا تتجاوز الغرائبيّة البسيطة لمعاصريه؛ بل مكّنت من دحض الأسطورة الشّرقيّة عند العديد من أصدقائه الكتّاب المعاصِرين له، بأضواء وظِلال مليئة بأجواء الحركة والحيويّة التي شكّلت نقطة تحوُّلٍ في التّصوير الفرنسي من الرّومانسية إلى الانطباعية، وهي لوحات تتجلَّى فيها “قُوَّة الأفكار، وبلاغة المشاهد، تختَزِلُها حركاتٌ نابضة بالحياة، بعيدة عن الزّيف والتّصنُّع”.

وأكّد لحجمري، في كلمته الافتتاحية، أنّ هذه النّدوة الدولية في مفتتَح الموسم العلمي لأكاديمية المملكة المغربية، حول اللوحات المغربية لأوجين دولاكروا، مناسبة لإعادة اكتشاف الأعمال الفنّيّة التي خلَّدَها هذا الفنّانُ حولَ المغرب ومرحلة من تاريخه، مضيفا أن أعمال دولاكروا عن المغرب أعمالٌ عابرة للزّمَن، وأثارت الاهتمام ولا تزال تثيره عند الأجيال المقبلة؛ لأنها شاهدةٌ على عصرِها، على الرغم من أنّ إقامة أوجين دولاكروا بالمغرب لم تتجاوَز ستّة أشهر.

وتحدّث لحجمري عن ردود الأفعال التي أحدَثتها “الإثارة التّصويرية للمغرب الواقعي” في زمنِها، دون أن تغَيِّرَ وجهةَ النَّظَر الفرنسيّة للصّورة التّقليدية لهذا الْبَلَد، ثم تناول في كلمته ما أدرَكه دولاكروا حول أنّ “الكرامة من أكثر الصِّفات بروزا لدى المغاربة”، حين تحدّث الرسّام الفرنسي عن: “الكرامة التي يضفيها التّعليم الإسلاميُّ على من هم أكثرُ تواضُعا، وأكثر حِرمانا”.

واستحضر أمين السّرّ الدائم لأكاديمية المملكة الكاتب أليكساندر دوما، الذي رأى أن المغرب “بلدٌ مُعادٍ”، وسلالته “سلالة عَدوّة”، ولم يكن يرغب إلا في إظهار سمُوّ الأوروبي على “العِرْقُ الأقلّ شأنا”، ولم يرَ “سوى الرّداءة وكآبة المنظَر” في طنجة وهو ينظُرُها من الباخرة التي أقلّته إليها؛ في حين أن أوجين دولاكروا “عرَّفَ بحقيقة عالَمٍ يكتشفه لأوّل مرة”، وأدرك أنّ “الألوانَ الزّاهية المبتكرَة للشّرقِ الأسطوريّ، والتي هي حقيقية وصامتة، لا تمُتُّ بصِلَة إلى الشّرق الجُغرافيّ”.

‫تعليقات الزوار

6
  • رشيد المانيا
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 07:12

    هذه اللوحة لدولاكروا هي سبب وجع الدماغ لمن لا تاريخ له، لأنهم لم يستطيعوا نسبها لهم أو تحريفها أو تزويرها أو الكذب بشأنها كما فعلوا بباقي لوحات دولاكروا التي تحتوي على عادات وتقاليد المغرب.
    هذه اللوحة هي تجسيد لمعنى المغرب هو الأصل والباقي تقليد وتقليد رديئ و برهان لمن لازال يحتاج للبراهين على عظمة الإمبراطورية الألفية المغربية الشريفة العظمى .
    لن تجد لأي ملك أو سلطان عربي أو مسلم في العالم مثل هذه اللوحة من غير السلطان المغربي ونضيره في الشرق السلطان العثماني.

  • عادل عادل
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 09:13

    هذا تزييف للتاريخ ،هؤلاء المستشرقين مجرد جواسيس في ثياب أدباء و فنانين ، بعثات كانت بنية فهم الأوضاع الداخلية و العسكرية للمغرب آنذاك ، تمهيدا للاحتلال و نهب خيرات البلاد ، مازال الوضع كما هو لحد الان.

  • babacool
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 11:23

    لوحة صيد اللبؤة في الصحراء المغربية -كما قالت محافظة متحف اللوفر -من احسن ما انتج اوجين دو لاكروا حركات العبد ونظرته وهو يمسك بالشبل فيها انتصار وخوف من اللبؤة ..لوحة كلها حركة وجمال ..لوحات دو لاكروا شبيهة بلوحات فناني عصر النهضة ..واخيرا اوجه هده الملاحظة للدين يتحدثون عن الاخر على انه عدو وجاسوس نعم ولكن نحن هنا نتحدث عن الجانب الجمالي والاستتيقي ولياخد فنانونا الريشة والصباغة وليظهرو لنا براعتهم وابداعاتهم ..

  • mourad
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 13:08

    هو .دولاكروا. لا اضنه كانت عنده نية الرسم في المغرب وخصوصا في تلك العصر الدي كانت اوروبا متلهفة على معرفة مدى قوة المغرب واين يكمن ضعفه…لهدا انا متاكد ان .دولاكروى .لم ياتي للرسم فقط في قصور المغرب …خصوصا وانه رسم رسوما في الجزاءر لا تعطيه صفة البراءة.

  • رشيد المانيا
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 15:11

    إلى رقم 4: عن أي جزائر تتكلم سنة 1834؟
    لم تكن سوى المدينة الجزائر وهي نفسها مستعمرة.
    وكما ترى لم يذكر أن دولاكروا زار شيئا إسمه الجزائر.

  • مومو
    الخميس 12 شتنبر 2019 - 16:09

    أسغترب أن يقول «أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة» إن ألكسندر دوما معاد للمغاربة، ومتباه بعرقه الأروربي «السامي»، مع العلم بأن الكاتب الفرنسي من أصول هايتية-إفريقية، وملامحه تدل على ذلك. ثم إنه في عام 1846، قام بزيارة إلى طنجة لمدة ثلاثة أيام، ألهمته نصًا من مائة صفحة يبدو فيه مفتونا بمغاربة البوغاز. يفهو يصف حياة الطنجاويين، وتسريحات شعرهم «التوراتية»، وينوه بشكل خاص بنبلهم ومروءتهم. ويكتب، على سبيل المثال، أنه «لم يسبق أبداً لإمبراطور محلى بالأرجواني، وهو يدخل روما على متن عربة النصر، ويمشي على الطريق المقدس صاعدا نحو الكابيتول، أن رفع رأسه بنبل يفوق نبل الطنجاويين. ذلك لأن النبل متأصل في الإنسان، الذي هو صورة لله، ولا يكمن في المرتبة التي يشغلها، أو في اللباس التي يرتديه». ويضيف قائلا: «الإنسان العربي هو سلطان في وطنه مثل إمبراطور في مملكته.»
    انشري يا هسبريس من فضلك…

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة