"جُمود مشروع قانون" يَحرم التشكيليين والدولة من مداخيلَ مالية

"جُمود مشروع قانون" يَحرم التشكيليين والدولة من مداخيلَ مالية
الإثنين 29 يونيو 2020 - 03:00

تَضيع على الفنانين التشكيليين المغاربة وعلى خزينة الدولة مداخيلُ مالية مهمة مصْدرُها عملياتُ إعادة بيع الأعمال الفنية للمبدعين المغاربة، بسبب عدم إخراج مشروع قانون 66.19 يتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والذي صادقت عليه الحكومة الحالية يوم 14 نونبر 2019، وأحالته على البرلمان.

ويعود سبب حرمان الفنانين التشكيليين المغاربة وخزينة الدولة من نسبة من العائدات المتأتّية من بيع المصنفات الأصلية للفنانين التشكيليين المغاربة، كاللوحات التشكيلية والمنحوتات، وغيرها… إلى عدم التنصيص على “حق التتبع” في قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

ويُقصد بـ”حق التتبع”، وفق التعريف الوارد في نص مشروع القانون رقم 66.19، الحق غير القابل للتفويت في الاستفادة من نسبةٍ من محصول كل بيع عمل فني خاص بفن الرسم أو الفن التشكيلي بعد البيع الأوّل من طرف الفنان أو ذوي حقوقه، وذلك عندما تتم هذه العملية عن طريق أحد مهنيي سوق فن الرسم أو التشكيل، إما كبائع أو مشتر أو وسيط.

وتم إدخال مقتضيات “حق التتبع” في مشروع قانون 66.19 المتعلق بتغيير وتتميم قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، لكن عدم مصادقة البرلمان على مشروع القانون الأول جعل الفنانين التشكيليين المغاربة محرومين من عائدات مالية مهمة، كان بالإمكان استخلاصها من عمليات بيْع أعمالهم من طرف التجار والشركات المشتغلة في هذا المجال، وهي أعمال تباع بمئات الملايين، مع ما يستتبع ذلك من انتفاع خزينة الدولة أيضا، عبر الضريبة على الدخل التي يؤديها الفنانون المستفيدون.

من بين عمليات بيع أعمال الفنانين التشكيليين المغاربة التي “ضاع” حق صاحبها وحق الدولة المغربية أيضا، بسبب جمود مشروع قانون تغيير وتتميم قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في البرلمان، عملية بيع لوحةِ الفنان التشكيلي المغربي المعروف محمد المليحي، شهر مارس الماضي، بسعر قياسي بلغ 399 ألف جنيه إسترليني (أزيد من 502 مليون سنتيم) في مزاد “سوذبيز” بالعاصمة البريطانية لندن.

في الدول التي ضمّنت قانون حقوق مؤلفيها وحقوقهم المجاورة مقتضياتِ “حق التتبع” يحق للفنان التشكيلي صاحب العمل الفني الذي بيعَ في مزاد أن يحصل على نسبة معينة من قيمة البيع، تتفاوت حسب ما هو منصوص عليه في قانون كل دولة، وهو الحق الذي لا يستفيد منه التشكيليون المغاربة إلى حد الآن، بسبب عدم إخراج مشروع القانون رقم 66.19، الموجود فوق رفوف البرلمان منذ حوالي سنتين، إلى الوجود.

واستغرب سيدي محمد منصوري إدريسي، رئيس النقابة المغربية للتشكيليين المغاربة، عدم مصادقة البرلمان إلى حد الآن على مشروع القانون المذكور الذي صِيغ في عهد وزير الثقافة الأسبق محمد الأعرج، قائلا في تصريح لهسبريس: “عدم إخراج هذا القانون يَحرم الدولة والفنانين من مداخيل مالية مهمة تضيع الآن دونما مبرر”.

وأشار سيدي محمد منصوري إدريسي إلى أن النقابة التي يرأسها التقت في وقت سابق مع الفرق البرلمانية، وحثتها على المصادقة على مشروع القانون سالف الذكر، الذي ضمْن مقتضياته “حق التتبع”، لكن دون جدوى، مشيرا إلى أن عددا من الدول المتقدمة سنّت مثل هذه القوانين لحماية مصالحها ومصالح فنانيها، مثل فرنسا، التي سنّته منذ عام 1920.

وحسب المعلومات المنشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة الفرنسية المكلفة بمراقبة تفعيل مقتضيات حق التتبع “ADAGP” في فرنسا فإن هذا الحق يضمن لأصحاب الأعمال الفنية التشكيلية أن يستفيدوا من نسبة من قيمة إعادة بيع أعمالهم من طرف تجار سوق الفن، ولا يمكن لصاحب العمل الأصلي الذي أعيد بيعه أن يتنازل عن حقه المتأتّي من عملية البيع أو يفوّته إلى طرف آخر، إذ يظل حقا لصاحبه غير قابل للتصرف.

النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين سبق لها أن قدمت تعديلا على مشروع القانون 66.19 المتعلق بتغيير وتتميم قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، إذ أكدت أن مصطلح “حقق التتبع” ينبغي أن يُقصد به الحق في مواصلة استغلال المؤلف لمصنّفه الفني الأصلي الخاص بـ”الفنون التشكيلية والبصرية”، إذا تم بيعه عن طريق المزاد العلني أو بواسطة تاجر مرخص له.

ويدخل ضمنَ باقة الفنون التشكيلية البصرية، حسب التعديلات التي قدمتها النقابة المذكورة، التصوير الصباغي، وفن النحت، والأشرطة المرسومة، وفن الفيديو، والتنصيبات والأداءات المشهدية، والفوتوغرافيا الفنية، وفن الكاريكاتور والرسوم الإيضاحية، وفن الخط، والطباعة الفنية، وفن الشارع، مع تحديد وتدقيق بعض الاختصاصات ذات الصلة بموجب نص تنظيمي.

وفيما نصّ مشروع القانون الذي أعدته الحكومة وأحالته على البرلمان على أن يستفيد مؤلف المصنفات الخاصة بالفنون من حق التتبع الذي يمكّنه من الحصول على عائد مالي عند كل عملية إعادة بيع لمصنّفه الأصلي، سواء تم البيع عن طريق المزاد العلني أو بواسطة تاجر مرخص له، اقترحت النقابة المغربية للفنانين التشكيليين أن يشمل القانون الأعمال “التي تباع في قاعات العرض الخاصة” أيضا، وجميع عمليات إعادة البيع، “سواء تمت داخل المغرب أو خارجه”.

وحدّد نص مشروع القانون المذكور نسبة العائد المالي الذي سيستفيد منه صاحب العمل الأصلي عند إعادة بيعه في خمسة في المائة من قيمة بيع العمل المباع، على أن تُحدث لجنة لدى المكتب المغربي لحقوق المؤلفين لتفعيل مقتضيات حق التتبع، تُحدّد اختصاصاتها وتنظيمها بموجب نص تنظيمي.

وفي انتظار مصادقة البرلمان على مشروع القانون المتعلق بتغيير وتتميم قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، يستمر حرمان الفنانين التشكيليين المغاربة من حقهم من عائدات إعادة بيع مصنفاتهم الأصلية، بسبب غياب آلية “حق التتبع”، رغم أن المغرب “كان من الدول الأوائل التي وقعت تعاقدات في هذا المجال مع أوروبا، منذ سنة 1918، يقول سيدي محمد منصوري إدريسي.

‫تعليقات الزوار

4
  • امازيغي صحراوي
    الإثنين 29 يونيو 2020 - 03:24

    مسكين من يعتقد أنه بالفن التشكيلي سيكسب قوت يومه في المغرب

  • زهير
    الإثنين 29 يونيو 2020 - 06:55

    الاستثمار في التشكيل يعد مغامرة كبيرة. نظرا للرواج الجد قليل ان لم نقل منعدم. و المتجلي في تحويل قاعات العرض المملوكة للخواص الي مقهى او متجر ملابس او قاعة الالعاب .بسبب أداء الضرائب المرتفعة رغم قلة البيع.
    كما ان بعض السماسرة قتلوا الفنان بحيث يتآمرون عليه من أجل بيع منتوجاته بأثمنة هزيلة جدا. الشيء الذي نرى ان جلهم يعيشون الهشاشة .
    من الملاحظ ايضا ان المجتمع المغربي غير مولوع باقتناء اللوحات التشكيلية .عكس شغفه بإنجاز صالون بالخشب المنقوش و الزرابي الرباطية و الافرشة النفيسة المقتنات من درب عمر و صحون الطوس.

  • بلي محمد من المملكة المغربية
    الإثنين 29 يونيو 2020 - 11:46

    بعض الحروف ادا سمح لنا المنبر شكرا ومع ابتسامة صباحية التشكيل ولوج عالمه ليس بالامر اليسير فاقديما غير بعيد كان الفنان التشكيلي يسهر على رسم لوحة واحدة مدة شبه طويلة فاتخرج من تحت ريشته رائعة ان لم تكن اروع ويعرضها للبيع فايكون السباق فايزداد نشاطه الفني فايلد أخرى وهكد ا وكأن اللوحة سببا في سعادته فنحن في بلدنا لانقول انه خال تماما من عشاق هد ا الفن العظيم ولا مكان للفنان التشكيلي صحيح هناك نقص ان لم يكن ضعف كبير لكن ممكن للفنان التشكيلي لانشغال بشيء أخر لكسب القوت قصد العيش والا يفارق الرسم فافي البلدان المتقدمة الفنان التشكيلي يعيش على لوحاته فهو لايقدر على العمل في الشركة اوغيرها لكن له مكانة ووزن في اعين المسؤولين والناس عشاق هد ا الفن العظيم الصعب في نفس الوقت لولم يكن كدالك ماكانت له معاهد تدرس قواعده كيف تمسك الريشة كيف ترسم شيئا اعجبك لازالت لنا كلمة

  • baboubi
    الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 01:36

    التشكيل والتشكيليون يعانون عالميا،هناك أزمة عالمية للفنون البصرية…فما بالك ببلدنا الذي تنعدم فيه أبسط الظروف لممارسة هذا الفن،غياب تام للتأطير والمؤسسات المختصة في احتضان وتشجيع الفنان المغربي..كل واحد منزوي في مرسمه تتكالب عليه المحن و الأزمات والسماسرة .

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات