تداعيات "كوفيد-19" الاقتصادية .. ارتفاع الديون وإفلاس الشركات

تداعيات "كوفيد-19" الاقتصادية .. ارتفاع الديون وإفلاس الشركات
الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:00

تُنذر أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية الآنية بندبات عميقة قد تبقى بارزة على ملامح الاقتصاد العالمي لسنوات، ولا يقتصر ذلك على الاقتصادات المتقدمة، أو الصاعدة، أو النامية فقط، ولكن يشملها جميعاً.

وما ميّز هذه الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد عبر العالم كونها تُلقي بظلالها على مختلف جوانب الاقتصاد العالمي بكل تنويعاته الجغرافية، والموضوعية والهيكلية.

وقالت ورقة بحثية نشرها “مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” أن أبرز التداعيات المالية لكورونا على الاقتصاد العالمي هي زيادة مسبوقة في ديون الاقتصادات جراء تحمل ميزانيات الدول لنفقات تأمين خدمات الرعاية الصحية، وارتفاع إفلاس الشركات.

ولا ينتج ارتفاع الديون فقط عن تحمل الحكومات لنفقات مرتفعة لدعم الرعاية الصحية، بل أيضاً عن تكاليف خطط التحفيز المالي الضخم، إضافة إلى تكاليف دعم الفئات الاجتماعية الأكثر تأثراً بالأزمة، حسب الورقة البحثية.

وجاء في الورقة أن بيانات بنك “باركليز” أظهرت مؤخراً أن “صُناع القرار لن يستطيعوا تجاهل الأوضاع المالية المتدهورة لفترة طويلة”، ويعتبر هذا الحكم مُبرراً إلى حد بعيد، لا سيما أن معدل الدين الكلي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات الكبرى يتجه إلى الارتفاع ليسجل العام المقبل أعلى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي منطقة اليورو، يتوقع ارتفاع الدين الكلي إلى 100 في المائة من الناتج بنهاية عام 2020 مقارنة مع نحو 85 في المائة عام 2019، فيما يرجح ارتفاعه في الولايات المتحدة بنحو 30 نقطة مئوية في العامين المقبلين.

وإذا كانت الولايات المتحدة تتمتع بوضع مالي مستقر نسبياً، نظراً لأن اقتصادها لديه مزايا، من قبيل امتلاك الدولار الأمريكي الذي هو عملة الاحتياطي العالمي الأولى، وامتلاك سوق سندات كبيرة وأقل عرضة للتقلبات، فعلى الجانب الآخر، تبقى الأوضاع المالية بمنطقة اليورو مهددة كثيراً تحت عبء الدين المتزايد.

ورغم امتلاك منطقة اليورو لبعض المزايا الخاصة، وعلى رأسها انخفاض تكاليف الإقراض، إلا أن اختلاف التوجهات الاقتصادية بين دول جنوب وشمال أوروبا، وكذلك الفوارق الكبيرة بين قوة ومتانة الوضع المالي بينها، يُصعب من مهمة المنطقة في إيجاد سياسة موحدة وفعالة، ومن ثم تطبيقها لخفض الدين الكلي.

إفلاس الشركات

وإلى جانب ارتفاع الديون، يبرز إفلاس الشركات أيضاً كتجلي لتداعيات أزمة كورونا، حيث تشير الورقة البحثية إلى أن الاقتصاد الياباني شهد أحد التغيرات الاستثنائية الناتجة عن التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا المستجد؛ إذ شهد النصف الأول من العام الجاري ارتفاعاً كبيراً في حالات الإفلاس بين الشركات اليابانية، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ عام 2009.

وعلى الرغم من أن هذه التغيرات مرتبطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالوباء وتبعاته، إلا أنها قد تترك آثارها السلبية على الحياة الاقتصادية في البلاد لسنوات، لا سيما في حال استمرار الوباء خارج سيطرة الحكومات حول العالم، وإذا دعت الضرورة إلى العودة إلى الإغلاق الاقتصادي مجدداً.

وأوردت الورقة البحثية أن تقريراً لشركة “طوكيو شوكو للأبحاث” أشار إلى أن الأشهر الستة الأولى من هذا العام شهدت إفلاس 4001 شركة في اليابان، بزيادة تبلغ 0.2 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وإذا كانت أزمة كورونا وتداعيات الإغلاق الوطني الهادف إلى محاصرة الفيروس في اليابان كان لها التأثير المباشر في حدوث 240 حالة من إجمالي حالات الإفلاس بين الشركات، فإن معظم الحالات، وفق شركة “طوكيو شوكو”، ترجع إلى زيادة تكاليف العمالة وارتفاع ضريبة المبيعات، التي تعتبر في معظمها أيضاً مرتبطة بأزمة كورونا لكن بشكل غير مباشر.

ارتفاع الاحتياطيات

على النقيض مما يحدث في الدول المتقدمة، من تصاعد في الأزمات المالية وتأثيرات سلبية على قطاع الصناعة، فإن هناك بعض الدول، كالصين، وهي أكبر اقتصاد صاعد في العالم، يبدو أنها بدأت الاستفادة من الوضع الاقتصادي العالمي الراهن.

فقد كشفت البيانات أن احتياطيات النقد الأجنبي لدى الصين تشهد نمواً في الوقت الحالي، وأنها حققت ارتفاعاً بنحو 10.6 مليارات دولار في يونيو الماضي، وبلغت 3.112 تريليون دولار بنهاية ذلك الشهر.

وعلى الرغم من أن الارتفاع جاء دون توقعات المحللين الذين رجحوا وصول الاحتياطيات إلى 3.120 تريليون دولار بنهاية ذلك الشهر، لكن استمرار الارتفاع يمثل في حد ذاته إنجازاً للاقتصاد الصيني في ظروف تموج بالضبابية والضغوط على الموازنات والإيرادات الحكومية.

ويعني هذا الارتفاع أن الحكومة الصينية ليست في حاجة إلى السحب من الاحتياطيات بشكل كثيف من أجل دعم استقرارها الاقتصادي والمالي والنقدي في خضم الأزمة الراهنة، بل إن اقتصادها بات قادراً على النمو ذاتياً، ومراكمة الاحتياطيات أيضاً.

تطورات متناقضة

وتُوحي هذه التطورات المتناقضة على مستوى الاقتصادات الكبرى في العالم بأن أزمة كورونا وتداعياتها سيكون لها تأثيرها على توزيع الثروات بين الدول، كما ستكون لها تبعاتها على إعادة توزيع التوازنات الاقتصادية في العالم.

في المقابل، فإن الاقتصادات التي تمتلك من القدرات الذاتية ما يُساعدها على تمويل احتياجاتها المالية، ودعم استقرارها الاقتصادي من دون الاقتراض المفرط، سيتعزز موقعها في النظام الاقتصادي العالمي، بينما ستفقد الدول التي لا تتمكن من ذلك الكثير من نقاط قوتها.

وقد تجد هذه الدول نفسها مجبرة على تبني حلول استثنائية، من قبيل إعادة توزيع النفقات والائتمان، وتطبيق سياسات التقشف المالي، وتحديد سقف للدين وكذلك سقف للعائد على السندات، من أجل خفض الدين، ولا سيما في الدول المثقلة به.

‫تعليقات الزوار

16
  • RMICH Mohamed
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:14

    واجب وطني المحافظة على صحتنا دون إفلاس إقتصادنا . الأمر سهل !
    – ترك الأنانية
    – ترك الإستهتار و ألا مبالات
    – الإلتزام بتطبيق الإحتياطات البسيطة ( احترام مسافة التباعد ، غسل اليدين، ارتداء الكمامة)

  • كورونا تقتل بدون ان تصاب
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:19

    نحن نغلق المعابر والمدن في ما بينها والمقاهي و الحانات و المتاجر و الشركات و الحدائق لاتجد اي شيء من ما يقال عن احترام قوانين الوقائية وهذا يبين ان الدولة لايهمها شيء من هذا اما تريد ان تفقر الشعب او قتل الاقتصاد السياحة مغلقة عن اخرها لو رايت ساحة جامع الفناء و المحلات التجارية مغلوقة والدولة لانرى احد من السلطة لان اغلبية المحلات ليس لها جمعيات او نقابة تتكلم عليها..

  • مغربي قح
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:21

    هادشي كانت تفكر فيه الدولة منين كانت شهر مور شهر ديال الحجر دابا ماكاينش لاش.الدول العظمى راه مادارتش الحجر بقات خدامة .

  • مهدي
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:21

    وهذا هو الهدف الرئسي من خلق أزمات إقتصادية هو تعزيز النظام الرأسمالي الجشع و تكديس الرأسمال عند فئة معينة من الأشخاص لتحكم في دول العالم

  • %%%%
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:31

    hosterite et l es coupes budgétaires ne feront qu empirer les choses se qui faut c injecter des somme colossales dans l économie comme se que vous avez fait avec la ram .600 milliards de dirhames .vous avez opter pour sauver la ram qui est tjs déficitaire au lieu de sauver toute l économie avec cette somme un choix je dirais stupide et egoiste .ouvrez le ciel au compagnie low coast .et laisser une filiale de la ram et dissoudre se gros consommateur. et sauver les millions d emploi. maintenant vous allez avoir sur le dos 8 millions employés sans emploi

  • متخافوش
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:35

    نحن كفقراء نعيش في فقر مند بداية استقلال السياسي للمغرب اي قبل كرونا بأكثر من 60 سنة وبتالي كفقير لا يهمني افلاس او ديون بلاد

  • الرحيق المختوم
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:47

    ما بُنِيَ على باطل فهو باطل. اقتصاديات رأسمالية تأسست على الاحتكار والهيمنة والغلبة للأقوى وسَحل المستضعفين لا يمكن لها ولا ينبغي أن تصمد وقت الأزمات. ومن المؤسف أن البلدان الإسلامية لم تستطع تأسيس نموذج اقتصادي خاص بها واختارت بدل ذلك السير في ركب الشيطان، فكان لزاما أن تنهار هي كذلك، ولن تجد لسُنَّة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.

  • محلل سياسي غير شعبوي
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 11:48

    كورونا قسمت العالم الى دول تمتلك تكنولوجيا المعلوميات مع شعب مثقف و دول لا تمتلك الاثنين ودول اخرى تمتلك شيء واحد و تركت الاخر. المرحوم المهدي المنجرة تكلم عن هذا قبل ربع قرن.الدول التي تمتلك المعلومات هي التي ستكون الاولى عالميا . ولكننا نسينا كلامه ولاحظوا الان بعض الدول كيف سيطرت على كورونا.

  • منفائل
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 12:07

    منذ بداية هذه الأزمة المفتعلة وهذا الڤيروس البعبع، كنت عبد ربه وكثير ممن لهم رؤيا متشابهة، كنّا نناشد المسؤولين أن لا يقعوا في فخ "الحجر" وان تعطى الأولوية القصوى للمحافظة على إقتصاد البلاد، مع بطبيعة الحال، الإهتمام بالجانب الصحي بدون تهويل ولا ترهيب. لأن الدولة كانت أمام إختيارين حربيين عسكريين ، إما أن يفارق الحياة 100 أو 200 من الذين وافاهم أجلهم، ويتعافى الكثير ، أو يسود الفقر والبطالة وما يترتب عنهما من مشاكل إجتماعية سيكتوي بها الغني قبل الفقير….كورونا ستندثر، وهذا مالا يريد أن يستوعبه البعض، ولكن تداعياتها ستستمر لسنوااات…. فاللهم سلم.

  • ملاحظ
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 12:16

    حالة شركات المغرب لاتختلف عن باقي الشركات، اعتقد ان مع نهاية سنة 2020 سوف نسمع عن إفلاس العديد من الشركات، خاصة المؤسسات الخاصة… اللهم يالطيف نسألك اللطف بما جرت به المقادير..

  • رعما
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 12:16

    لنفترض ان الازمة اصبحت عالمية لاتستثني لا دولة متقدمة كانت , نامية او متخلفة. من المستفيد من الوضع?
    طبعا ورغم كل هذه الضجة سوف تستفيد منها الدول الصناعية
    لان الدول المتخلفة لاتنتج ماتاكل واذا انتجت شيئا سوف تستهلكه ولن تجد ماتقتاته بعد.
    اما نظيراتها النامية فلديها اقتصاد دو بنية تحتية غربية حالها مثل حال الدول المتخلفة, فقط انها تحاول ان تصبح مصنعة في المستقبل لكن لابد من الحليف الغربي ان ارادت التصنيع والا سوف ينتهي بها الامر في مصاف الدول المتخلفة

    اما الدول المتقدمة فلها اقتصادات متينة حتى لو تاثرت لن تنهار لان لها كفاات وبنيات تحتية صلبة,يكفيهم توفير المادة الخام
    وبما ان جل الدول تتسابق من اجل ايجاد لقاح , اجهزة تنفس او كمامات يعني ان هناك سباق نحو فرض الذات وخلق الاستقلالية والاعتماد على المنتوج المحلي للنهوض بالاقتصاد وقد سمعنا هذا مرارا تردده بعض الدول مما يدل على ان كورونا ليست الا ثورة اقتصادية تقودها كبرى اقتصادات العالم من اجل وضع معالم جديدة تبقي القوي قوي مع انتهاء الثورات في العالم العربي مخافة ان تنتقل للغرب حيث معالمها الاولى كانت مع Gilets Jaunes في فرنسا

  • سعيد
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 12:16

    أخاف من حالة المغرب في ظل حكومة تفتقر الكفاءات و التجربة و محيط مالي و اقتصادي طامح لإفقار الشعب.
    الوقاية خير من العلاج و وقايتنا هي تغيير هذه الحكومة التب أظهرت فشلا ذريعا. فقط شيء وحيد يفتخر به المغرب و المغاربة هو ملك يحب الشعب و يحميه من أطماع رجال أعمال طماعين بكدسون الأموال و طبقة سياسية انتهازية. عاش الملك و شعبه الوفي.

  • جواد
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 13:33

    الشركات بعدا فلمغرب ميتين تتلقا الباب مصدي ولي فلباب عندو تسعين عام اةلوسخ قدام الباب المدير مقريش مسيرو نسيبو كيكلو الخدامة فسوايع يخدمو فنوار ازورو الوتايق كيخلصو بتمن قليل ازيد ازيد الا بغاو اخرجو شي واحد كيغطيوه تمارة تيتقهر

  • كمال اسبانيا
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 13:35

    أصحاب العملات الأصلية الغرب (الدولار و الأورو ) يطبعون عملتهم المطلوبة في العالم بكيفية كثيفة وذالك لأجل إقراض لدول العالم الثالث وبتلك القروض تشتري مرة أخرى مواد صناعية من الغرب لتحريك الإقتصاد الغربي وستبقى في أعناق العالم الثالث ديون تخنقها … إنها لعبة الغرب التي لم تنتهي …

  • أمازيغي عبدالله
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 14:41

    حسب علمي وما ألاحظه هو أن هناك خطط من طرف مسيري الدولة المغربية ربما هي تتبع البنك الدولي أو المسؤولين عن الفيروس (الخدعة) ليشكل عالم جديد وذلك بانهيار شركات ومقاولات صغيرة فبإمكان المغرب أن يترك هذه المقاولات تشتغل بشكل عادي لتستعيد عافيتها بدل إغلاقها والتقليل من عدد مستخدميها إلى أقل من الثلت فالمغرب يساير الأوامر الخارجية على حساب اقتصاده.

  • Simo
    الأحد 19 يوليوز 2020 - 15:04

    الرأسمالية المتوحشة أنهكت اقتصاد الدول الضعيفة اقتصاديا و ابتكارا ! بعض الدول كالنرويج و الدنمرك تأثرت جزئيا بشكل طفيف مقارنة بباقي الدول لأن هتين الدولتين لم تسقطا في فخ العولمة المتوحشة و حافظت على توازنها المالي !

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب