مريم العمراني .. معلمة تصهر الترفيه لخدمة نموذج تربوي فريد

مريم العمراني .. معلمة تصهر الترفيه لخدمة نموذج تربوي فريد
الأحد 30 شتنبر 2018 - 07:00

بأحد فصول السنة الأولى من التعليم الابتدائي بمدرسة الإمام مالك بمدينة وزان، يتابع حوالي 30 تلميذا وتلميذة بشغف دروس الأستاذة مريم العمراني، التي تزاوج فيها بين مبادئ التربية وتقنيات الترفيه والتفاعل، لتبدع نموذجا تربويا فريدا.

في العادة، يكتب تاريخ اليوم أعلى السبورة مع كل صباح، لكن بفطرتها كمربية وتجربتها كأستاذة على مدى 24 سنة، جعلت مريم العمراني هذا الطقس اليومي الاعتيادي مناسبة لتلقين التلاميذ أسماء الأيام والأحرف والأرقام التي تدخل ضمن كفايات السنة الأولى من التعليم الابتدائي.

تسأل الأستاذة مريم “ما هو تاريخ اليوم؟”، فتتعالى أنامل الأطفال في محاولة لجذب انتباهها لتمنحهم شرف الإجابة، لكنها تتنقل بين الصفوف، باحثة عن إثارة اهتمام كافة التلاميذ، قبل أن تظفر بالإجابة من تلميذ “محظوظ”، فتطلب منه أن يحضر اسم اليوم أو تاريخه من حامل بطاقات ورقية علق على جدران الفصل.

وأبرزت المربية، أن فكرة الاعتماد على حوامل تربوية مبتكرة جاءت حينما أسندت إليها مهمة تدريس المستوى الأول، خاصة وأن تلقين التلاميذ الصغار يتطلب تعاملا خاصا لإثارة انتباههم وتحريك ملكة تفاعلهم.

وتابعت أنها “لجأت إلى تقنيات وأساليب تجذب إليها التلاميذ وتجعلهم يقبلون على فصلها، قبل منحهم التعلمات المتضمنة في المناهج الدراسية”، مبرزة أنها بدأت في مرحلة أولى باستعمال خشبة “مسرح العرائس”، لأنها تثير تفاعلا أكبر لدى التلاميذ، وأيضا حامل البطاقات، سواء بطاقات الأحرف الأبجدية أو الأرقام من 1 إلى غاية 99.

وأكدت أنها تعتمد على حوامل البطاقات تقريبا في جميع الأنشطة القرائية والرياضية (الجمع، الطرح، المقارنة، الترتيب) لكونها تساعد التلميذ على استذكار الأحرف وكيفية كتابتها والأعداد وكيفية التعامل معها.

داخل الفصل، يتحلق التلاميذ في مجموعات تحمل أسماء “السنابل” و”الفراشات” و”البلابل” و”الكتاكيت”، في انتظار أسئلة جديدة من الأستاذة مريم، وأعينهم على جدران القسم المزينة برسومات وخطاطات تجعلهم يتعرفون على مبادئ تربوية وعلمية أولية في مسيرتهم المهنية، من قبيل أركان الإسلام، والحواس الخمس، وقواعد النظام الداخلي للقسم.

ولتوطيد علاقات الصداقة بين التلاميذ الصغار، ابتكرت الأستاذة مريم “شجرة الحضور والغياب”، وهي رسم لشجرة تضم أفرعا تحمل صور تلاميذ الفصل، حيث يتعين على الأطفال مع بداية كل حصة أن يتعرفوا على الغائبين من بينهم وسبب غيابهم.

حينما ينتاب التلاميذ الصغار بعض من التعب الدراسي، تلجأ الأستاذة مريم إلى تقمص شخصية “سوسو الحكواتي”، وهي دمية تحركها من وراء مسرح متحرك، تلقي عبرها حكايات تعزز القدرات التعبيرية والتواصلية للتلاميذ، كما تنتزع من شفاههم ضحكات بينما تزرع فيه عقولهم بذور المعرفة وحب التعلم.

على أحد رفوف مكتبة الفصل، توجد مجموعة قصص مصورة ومجسمات رياضية وقطع أبدعها تلاميذ السنوات الماضية من أنشطة تدوير النفايات، وهي كلها مداخل تلجأ إليها الأستاذة مريم لغرس حب القراءة ومحاربة العزوف والهدر المدرسي.

واعتبرت الأستاذة مريم، التي حظيت بتوشيح من طرف الملك محمد السادس، أن هذه “اللحظة كانت مفعمة بمشاعر السعادة والعرفان والامتنان”، موضحة أن التوشيح “شرف لي وللمؤسسة وللمديرية الإقليمية التي أنتمي إليها”.

واعتبرت أن الالتفاتة الملكية هي أيضا “تكليف سيدفعها لمزيد من الجهد والمثابرة من أجل تربية وتعليم النشء ورفع مستواهم التعليمي”، معتبرة أن الأمر يتعلق في الحقيقة ب “رد الاعتبار للمدرسة العمومية”.

مسار تميز هذه الأستاذة المربية الفاضلة، التي التحقت بمدينة وزان عام 2000، انطلق منذ سنوات، حيث فازت العام الماضي بمسابقة “أحسن فصل” ضمن مسابقة مشروع المبادرة المتميزة الذي نظمته المديرية الإقليمية للتربية الوطنية.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

9
  • ht.brahim
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 07:26

    غدا سأموت، و أنت كذلك، لنضع بصمة جميلة قبل ذلك، علها تكون مفتاح فرحنا غدا. تحية خالصة لأساتذتنا الأجلاء.

  • مـيــمـــــــــــون 1
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 07:30

    السلام عليكم
    الخوف كل الخوف ان يصبح التعليم في المغرب خارج عن كل ما اسند اليه اي تعليم العلم .. وليصبح التعليم يوما حسب اهواء كل من هب ودب . مثل ما سمعنا من اقتراح البغرير والعامية والله اعلم عما يأتي …اللهم يارب احفظنا من الأعوجاج واحفظنا من ما لا ينفع البلاد والعباد.

  • عبدالله
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 07:53

    جزى الله هذه الشريفة خير الجزاء.
    ونتمنى من المسوولين ان ياخذوها عبرة ونموذجة لاخراج التعليم المغربي من الجمود الذي يعيشه لعقود. التعليم فن وابتكار وليس بغريرة….ولا حول ولا قوة الا بالله.

  • يوسف
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 08:11

    شرف لنا اختي ابداعك في تلقين هولاء البراعم.،تميزك ينم عن حبك لهم وهم للنهوض بمنضومتنا التربوية المهترءة.. يا ليث من اذن صاغية واناس ترنو إلى خدمة المجتمع بإخلاص وحب بعيداً عن الماديات.. للإشارة فهذه الطريقة معمول بها في جل الدول الأوروبية.. فالفرق واضح والنتائج كذلك، فشكرا لمن عمل بإخلاص وحب.. وفقك الله لما فيه خير البلاد..

  • أم البنين
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 08:21

    نماذج كثيرة في ميدان التعليم، تعمل بصمت في الجبال والفيافي والقرى النائية، حيث لا طرق معبدة ولا ماء شروب ولا كهرباء ولا حتى مراحيض… أرجو أن تعرّف جريدتكم بهم وبتجاربهم وتضحياتهم في تعليم النشء…
    وتحية لكل من يضحي من أجل فلذات أكباد هذا البلد الطيب…

  • مغربي مغربي
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 08:33

    خير مثال لحامل رسالة التعليم.مسوولية لاتقدر بثمن. نتمنى من جميع الأساتذة الاحتداء بهذه السيدة المحترمة الرمز الدي يدل على الإنسان الحق الغيور. المرأة المغربية المسلمة الحقة. التي لم تدر ظهرها لترى اين وصل المخطط الاستعجالي للنهوض بالتعليم او مسميات أخرى خلقت فقط للتشتيت لا للسير قدما بقاطرة التعليم.على جميع مكونات اسرة التعليم شحد الهمم وخلق المبدارات وزرع روح أخرى بالتعليم بطرقكم بنباهتكم فوالله انتم قناديل هذه الأمة وحافظوا على نوركم وتنويركم ولا تكترثوا لشرذمة تضليل وهدم تعليمنا.شكرا لك سيدتي ولك منا كل الاحترام والتقدير. أجرك عند الله كبير. وفرحة الوجوه الصغيرة بك لاتقدر باي ثمن. عطاك الله الصحة ايتها المغربية المسلمة الحرة

  • ben
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 10:09

    تحية وإجلال لهذه المربية لن أقول معلمة بل هي كل شىء. اذا نجح هذا النموذج فما على الوزارة الا ان تنسخ ….

  • محمد
    الأحد 30 شتنبر 2018 - 15:28

    اصحاب الرسالات السماوية أولي العزم تلقوا تربيتهم الاولى عن طريق أنثى ؛ اذ سيدنا محمد ربته أمه صَل الله عليه وسلم وكذلك باقي الخمسة صلوات ربي وسلامته عليهم ، والنتيجة نراها عبر مر العصور .
    اذا قيل نصف مجتمع المرأة فصحيح ؛ والشاهد عندنا هته الاستاذة الفاضلة التي هي مثال حي يحتدى به رغم اعطاب مدرستنا العمومية ، لكن في خضم شبه انهيار منظومة التعليمية ببلادنا تنبثق امال وأماني كل الأسر المغربية ويتعرفون على هذه السيدة قمة الوفاء والاخلاص وإيمانها الراسخ في البدل والعطاء .جزاك الله عنا خير الجزاء . وفعلا المعلم كاد ان يكون رسولا.

  • أستاذ
    الإثنين 1 أكتوبر 2018 - 01:28

    كأستاذ ابتدائي أقول لصاحب المقال صحح كلمة معلمة لأنها كلمةقدحية وتحقيرية لأساتذة التعليم الابتدائي أمام أساتذة الاسلاك الاخرى وعوضها بكلمة أستاذة.
    ثانيا ما تفعله هذه الاستاذة جيد ولكن لمن لم ينتبه اساتذة التعليم الابتدائي يتم التعامل معهم باحتقار من طرف الوزارة لا يعقل ان يدرسوا 30 ساعة اسبوعيا مع غياب التخصص ومطالبتهم بتحضير وثائق يوميا الجذاذات التي هي عقوبات لهم زد على ذلك عبء تحملهم لمصاريف هي من اختصاص الادارة مثل شراء الاوراق وطبع وثائقهم من مالهم الخاص.
    سأضعكم في الصورة جيدا أستاذة عدد تلاميذها يفوق 30 يجلسون في كراسي مزعجة غير مريحة ونرغمهم ومعهم الاستاذ على تتبع دروس نظرية المفروض الاستاذ حضرها مسبقا في منزله ويتم القاء دروس في مجالات متعددة بتحضيرات مجزؤة ودقيقة.فياتي المفتش ليستبلد الاستاذ اين التحضيرات كان عليك ان تفعل هذا لماذا هذا القسم متسخ لماذا لماذا ….. وكأن الستاذ الابتدائي هو المسؤول….اعطيني استعمال زمن مخفف20 ساعة ووفر لي فضاء مريحا وأجرا في مستوى عملي وسوف ترون التغيير.مشاكل التعليم حلولها تبدأ من الابتدائي.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات