باحث رصين وعميق قد يختلف معه الكثيرون بشأن أفكاره ورؤاه التي يطرحها على طاولة البحث والنقاش، لكن لا يمكن إلا احترام ما يقدمه. فهو لم يُحاب حتى حزب العدالة والتنمية الذي ينتسب إليه عندما طرح بجرأة موقفه من موضوع “التحكم” الذي ما فتئ “البيجيدي” وزعيمه عبد الإله بنكيران يشتكي منه ليلا ونهارا.
ولعل الدكتور محمد جبرون شعر بشيء مما قاله قديما الشاعر العربي طرفة بن العبد: “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة .. على المرء من وقع الحسام المهند”، عندما صوب إليه قادة من “الحزب الإسلامي” مدفعيتهم الثقيلة، والتي يحضرونها بعناية و”سادية” لمثل هذه الحالات، وخصوصا لما أشاح تنظيم شبيبة الحزب وجهه عن الباحث، وألغى مشاركته في أحد منتدياته الفكرية.
أصوات قليلة فقط من داخل “العدالة والتنمية” حاولت مؤازرة هذا المفكر في مواجهة سياسة “تكميم الأفواه” التي بات الحزب يُتهم بها، خاصة بعد أن حاول الحجر على آراء جبرون الذي لم يفعل سوى أنه قام ببسط رأي فكري في قضية “التحكم”، يحتمل الصواب كما يحتمل غير ذلك، لكنه رأي كان من الأجدر أن يناقش برقي، لا أن يرمى الرجل بالردة والخيانة والخذلان.
ويحسب للخبير في الفقه السياسي أنه ألقى حجرا ثقيلا في بركة المياه الآسنة للكثير من الجهات والأطراف التي غاضتها طروحات جبرون، خاصة عندما كشف أن هناك سوء فهم كبير يرتبط بقضية التحكم الذي يرفعه حزب العدالة والتنمية، وأنه يتعين تجاوز إشكال طرح التحكم في الساحة السياسية المغربية؛ لأنه يمكن التعايش معه، واعتبار المرحلة تمهيدا نحو الانتقال الديمقراطي.
ليست الحالة الوحيدة ففي تطوان إنتفض أحد مؤسسي الحزب ضد سياسة التحكم السائدة مؤخرا داخل العدالة و التنمية و تم نعته بالمختل و الضال٠
هذا شأنهم وديدنهم إما معهم أو ضدهم، إما السمع والطاعة للشيخ وإما الطرد واللعنة و… إنها ثقافة القطيع وتغييب العقل الناقد فهل يستفيق بعض المغاربة من غفلتهم؟
هذا الكاتب تربى في أحضان حركة التوحيد والإصلاح وفي جلساتها التربوية كون نفسه، ويعد اليوم قياديا بارزا في حركته الأم وبارا بمشروعها السياسي، وهو واحد من الذين بقوا أوفياء لحركتهم وحزبهم، وفقه الله