الله يجعل شي بركة

الله يجعل شي بركة
الأحد 1 أبريل 2012 - 18:01

منذ تقريبا 4 سنوات، والجميع يتحدث عن أزمة مالية عصفت بكبريات الأنظمة الاقتصادية في العالم، بنوك أفلست، وشركات أغلقت، كل هذا والمغرب بخير لم يقع له أي شيء، فالدولة تستثمر العديد من الأموال في بناء المشاريع المفيدة للبلاد- على ذمة القناتين الأولى والثانية-، والملك يدشن في كل مدينة مركزا اجتماعيا أو اقتصاديا، والحكومة تتوقع من نسبة النمو أن تتطور لهذه السنة عن السنوات الماضية..

كل شيء جميل ورائع في هذا البلد، ولا داعي للتظاهر أو النقد، فمن ينتقد هو شخص عدمي لا يرى إلا الجانب الفارغ من الكأس، فالبطالة في المغرب أقل حتى من اسبانيا التي يتجاوز ناتجها الوطني الخام الناتج المغربي بأزيد من عشرين مرة على ذمة وزيرة ما..

لكن عندما يتم تشخيص الوضعية من والي بنك المغرب، وهو البنك الذي يسهر على العملية النقدية بالبلاد، ويتحدث لنا عن أن العجز وصل إلى 7 في المائة، وأن نسبة النمو لن تتجاوز 3 في المائة، وأن المغرب قد يعود لبرامج التقويم الهيكلي الذي كان قد فرض على المغرب في الثمانينات من طرف البنك الدولي بسبب الأزمة الاقتصادية، فالأمر فعلا يستحق من الحكومة أن تتوقف عن بيع الأحلام للمغاربة وأن تتعامل معنا بصدق وبكلام صريح دون لف ولا دوران..

سنة 2012، قد تكون فعلا واحدة من أسوأ السنوات الاقتصادية في العقود الأخيرة بالمغرب، لا شيء ينذر بالتفاؤل، السحب الممطرة ضلت وجهتها ولم تجد علينا بقطراتها، نسبة التضخم وصلت حدا مقلقا، عدد من الشركات الأجنبية أغلقت فروعها بالمغرب، انخفاض كبير في عدد السياح، نتائج التسيير المالي السيء للحكومة السابقة الذي ضغط على الخزينة بشكل كبير ظاهر للعيان، استمرار اقتصاد الريع والفساد المالي، زيادة غير مدروسة في الأجور وفي صندوق المقاصة، انحسار التصدير نحو البلدان الأوربية بفعل الأزمة الاقتصادية، وهلم جرا..

لكن هل على المغاربة أن يتشاءموا من هذه الأرقام؟ هل ستتعقد حياة المغاربة بفعل هذه الظرفية الاقتصادية التي تعيشها البلاد؟

في رأيي، المغاربة اعتادوا على الأزمة منذ عقود، اعتادوا العيش في صراع دائم مع سعر الزيت والسكر والخبز، اعتادوا على قلة ذات اليد، وعلى الحياة بأبسط الطرق الممكنة، لقد اعتاد المغاربة على العيش في أزمة دون أن تكون هناك أزمة حقيقية..

لما نتوجه صباحا إلى السوق، فنشتري كيلوغراما من السردين ب 15 درهما، مع العلم أن الثمن الذي عليه أن يباع به هو 5 دراهم فما تحت، ونشتري البطاطس والطماطم بضعف ثمنها، ونشاهد التفاح والموز دون أية قدرة على الشراء، فنحن فعلا اعتدنا العيش في ظل الأزمة، لأن بحارنا وأراضينا ليست لنا، وأسماكنا وخضرنا ليست لنا، والمضاربين حققوا على حسابنا أموالا خيالية، والجنرالات الممتلكين لرخص الصيد اشتروا بفضل معاناتنا رفاهيتهم الباذخة، والبرلمانيين الإقطاعيين أعفوا أنفسهم من الضرائب ولم يعفوننا من شراسة استغلالهم لجيوبنا..

لما يعمل المغربي 20 سنة من حياته، لكي يذخر لشراء شقة ما ببضعة أمتار، فيجد أن شقة أحلامه ما هي سوى إطار تحتاج لإعادة كل شيء داخله من جديد، فاعلم أننا اعتدنا فعلا العيش في الأزمة، لأن أباطرة السكن بالمغرب حققوا أعلى معدلات الاغتناء في العالم ولم يقووا على تحقيق حلم سكن اقتصادي للمغاربة بأقل تكلفة ممكنة..

لما يشتغل المغربي ب 2500 درهم في الشهر، فيجد أن الكراء يحتاج منه ل 1000 درهم، والتغذية ل 1000 درهم أخرى، ومصاريف الأبناء ل 1000 درهم، و الديون ل 1000 درهم أخرى، فاعلم أننا اعتدنا العيش في الأزمة، لأن الكثير منا يعيش فقط” بالبركة”، والكثير لا يعرف أصلا كيف يعيش، وربما أن هذه من عجائب المغرب، فرغم الأزمة الخانقة والفقر، فالمغربي يستمر في الحياة راسما بسمته على وجهه قائلا” إيوا الله يجعل شي بركة”..

فكما يقولها هذا المغربي البسيط، فلم لا يقولها من ينهب هذا الوطن ويذهب لحال سبيله بعد إرجاعه لكل ما سرقه طوال حياته؟ لما لا تقولها الحكومة وتتوقف عن التفاؤل الزائف وتتحدث لنا عن حقيقة الوضع؟ لما لا تقولها الدولة فتعمد لإصلاح حقيقي لمنظومتنا الاقتصادية والاجتماعية عبر تفعيل حقيقي لتوصيات المجلس الأعلى للحسابات الذي نتمنى أن يتحقق من حسابات كل المؤسسات في المغرب؟

طبعا الإجابة صعبة، لكنها ضرورية، وإلا فلن تقول هذه البلاد” الله يجعل شي بركة” من الفساد..

[email protected]

http://www.facebook.com/ismailoazzam

‫تعليقات الزوار

17
  • محمد
    الأحد 1 أبريل 2012 - 18:27

    تحية لك أخي إسماعيل عزام على هذا المقال,
    حسبي الله ونعم الوكيل في المفسدين وأقسم بالله أن الوضع في المغرب يزداد سوءا يوما بعد يوم , وأحس أن خطبا ما سوف يحصل نظرا للمعاناة التي يعانيها معظم المواطنين
    فقط عند خروجي للتسوق أرى وجوها مكتئبة وشاحبة تعكس مدى قساوة العيش لديهم , أنا من مدينة وجدة لقد تغيرت مدينتي في السنتين الاخيرتين بشكل كبير انتشرت الجرائم بكثرة في أقل من شهرين شهدت 4 عمليات قتل متتالية ,,,, قائمة المشاكل طويلة ,,,, أعان الله المواطن المغربي على العيش بسلام لما تبقى له من حياته

  • marouki
    الأحد 1 أبريل 2012 - 19:05

    حتى الحكومة الحالية غير قادرة على الاجابة على سؤالكم هذا لأنها بكل بساطة غير متجانسة وليس لديها الجرأة على ذلك. كما يقول المثل المغربي : قال ليه راه طاح قال ليه من الخيمة خرج عوج. شكرا هسبريس

  • ضعيف
    الأحد 1 أبريل 2012 - 19:17

    انا لي ما كليتش الياغورت
    انا لي قليل فين كندوق اللحم
    انا محروم مبزاف حويجات حقيقة
    انت يا اسماعيل عندك الحاسوب و حساب فالفسبوك و لgمايل و متتاكلش البنان و التفاح و بلا كدوب بزاف
    بغينا الناس صحاب الوليدات يقوقولولنا بنفسهم معاناتهم اما اخويا اسماعيل انت معندك وليدات هاني مع راسك ميمكلكش تنوب علينا نحن الضعفاء و موغلين وغلة صعيبة و غي تضحك علينا فالصورة و دبا زدتها ضحك بالكتابة
    الرئيس بنكيران عطانا وعد بالاصلاح و حنا كنساينو مع خوتنا الفرج القريب حيت قالو غيعاونو الضعفاء

  • سورة الاعراف
    الأحد 1 أبريل 2012 - 19:19

    ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض

  • kimo
    الأحد 1 أبريل 2012 - 19:50

    شكرا على هدا الموظوع الذي صورث فيه واقع المعيشة الضنكة التي يعيشها الشعب المغربي,اقصد المواطن المغربي البسيط .ان هذا لمنكر,كيف لمواطن ان يشتري شقة و هو يتقظى 2500 درهم في الشهر,كيف له ان ييعيش ب 92 درهم في اليوم.اين المواصلات,اين الطبيب,اين الاكل والشراب,اين الملبس … و القائمة طويلة.
    انا المغاربة في حا جة الى ثوراث عدة.اهمها الفكرية والاقتصادية.
    حثى نتمكن من زيارة الطبيب بذ ل العطار وشرب العصير بذ ل طونك ولبس الجديد بذ ل البال وركوب على الحديد بذ ل تركيبه.وشكرا علي هذا المضوع

  • موحى بيا
    الأحد 1 أبريل 2012 - 20:06

    يبقى التفاؤل مطلوبا .وشعار المومن الحقيقي اليقين في مول الشي. والإرتباط بالسماء. علاوة على المعالجة العلمية والهادئة للازمات الإقتصادية والإجتماعية.
    ((ولوأن اهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض…))

  • ياسين
    الأحد 1 أبريل 2012 - 20:19

    مقال رائع أخي اسماعيل , فالأزمة يعيشها المغاربة منذ قرون عدة , لكن الإعلام الرسمي و بعض السياسيين المنافقين المروجين لمقولة العام زين , جعلوا من هذا الشعب يرضى بالذل و الأزمات , و أصبحوا يأخدون في استحماره متى يشاؤون , تدشين هنا و تدشين هناك و الأمور غادية بخير و الترقيعات مشية عندنا الحمد لله , راه عاشين ببركة جدودنا و أوليائنا أما كن ماتوا المغاربة من شحال هادي بالجوع , هههه, الشعب فقير و حكامه أغنياء , وكلنا عليهم الله.

  • مغربي
    الأحد 1 أبريل 2012 - 21:01

    نحن عندنا في المغرب أزمة ذاتية فإن ضربتنا أزمة فإنها لا تظهر…

  • مغربي
    الأحد 1 أبريل 2012 - 21:09

    الحقيقة أن المغاربة تربوا على العصا المخزنية، كلما تكلم مواطن استقبلوه بالهراويل الريفية المتناغمة مع عويل المحتجين، آباؤنا ربونا على الصمت، الاعلام ديال العام زين زاد جملها بالاصلاحات و صورة المغرب القوي الشجاع، نطالب باستقلالية ااعلام، عيينا من المخزن فقد مد يده في كل المجالات…
    في عهد الاسلام، كانت الدولة مستقلة عن كل الأجهزة !

  • عبده
    الإثنين 2 أبريل 2012 - 12:24

    عيينا بالروتين في التعاليق هاد الكاسيط حردناها خللي المكان لشي تعليق جديد

  • ه,ع
    الإثنين 2 أبريل 2012 - 13:54

    Le Maroc, tout en long de son histoire est subdivisé en deux couches sociales: une favorisée et l'autre défavorisée puisque la dernière est exploitée par la première ce qui nous donne un pays ayant une économie boiteuse et déséquilibrée. En guise de conclusion, la couche sociale démunie doit mener une stratégie de disparition démographique de peur que sa progéniture soit exploitée par la couche sociale aisée. FIN

  • محمد
    الإثنين 2 أبريل 2012 - 14:15

    أحس بأن اسلوبك تحسن شيئا ما وكذلك نظرتك للواقع لكن لازالت تنقصك عدسات نقدية متوازنة تساعدك على تشريح الواقع ومعالجته في قضية مركزة تتماشئ مع ما يعيشه العالم من تحولات.
    أن تغير الوطن إلى الأحسن في ألف عام خير من أن تدمر الوطن في أيام و تعيد بناءه بدوقك في دقائق.
    تخيل معي ليبيا اليوم و ليبيا الأمس.
    تخيل معي سوريا اليوم وسوريا الأمس.
    يمكن للإنسان ان يجوع و يشبع ويحرم و يمكلك ولكن عندما يعتصب في أهله و ماله وعرضه فهذا جرج لن يشفى ابدا,

  • alvergini
    الإثنين 2 أبريل 2012 - 19:38

    يرحم الله الأم التي ولدتك
    يعيش المغربي مبهدلا و على وجهه تقرأ عبس ، الله يرزقنا حكام النرويج أو كندا
    و الله يبعد علينا وجوه الفشل مصاصي الدماء يحاولون تلميع وجوههم و يأبى الله إلا أن يفضحهم بكاتب فرنسي عاش معهم و وصفهم كما هم

  • بنادم
    الثلاثاء 3 أبريل 2012 - 00:58

    أعباد الله راني في عمري 36 سنة، ما خدام ما ردام، دبرو علينا بشي خدمة راه حتى حنا باغين نتزوجو ونولدو، دبرو علينا بشي خدمة الله يرحم ليكم الوالدين، بغينا نعيشوا بحالنا بحال عباد الله، راه سنين وأنا الأزمة دارباني ماشي غير هادي أربع سنين

  • داود
    الثلاثاء 3 أبريل 2012 - 14:27

    لا يؤمن المؤمن الا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

  • simo
    الثلاثاء 3 أبريل 2012 - 15:43

    السلام عليكم. لقد تعبنا من الكلام و الكتابة كصب الماء في الرمل نريد وصفة التغيير.وأريد التذكير أن المغاربة لايطلبون الكثير، بل القليل من فرص الشغل برواتب مناسبة و التغطية الصحية و إنخفاض أسعار المواد الغدائية

  • ليث اطلس
    الأحد 27 ماي 2012 - 21:07

    تتكلم عن الازمه الاقتصاديه العالميه / وما شأن المغرب بالاقتصاد وعالميته ؟
    وما هي صناعاته وصادراته أو إستثماراته التي ستتأثر ؟ وانت خير من يعلم ان اكثر من 80%من الموجودات هي إعانات ومنح ودعم من الاشقاء والاصدقاء وما تبقى فأنت الاعرف كيف ومن اين . الاهم ياسي اسماعيل اين تذهب هذه وتلك ؟ فجوابها هو الاصعب. لندع هذا واليك السؤال الاهم من المهم /
    *كيف يستفيد المغرب من الازمه الاقتصاديه ؟
    لايوجد في المغرب مؤسسات او جهات تعتني وتتابع حتى الجامعات في سبات اما الصحافه فهي لازالت في كوكب القذف والتفرقه واللغو -كوكب آخر
    الآن هذه الازمه اسوأ ازمه عالميه اقتصاديه ستتهاوى المؤسسات والدول وتتوالى الدمى ويتصاعد التسييل وسيهوي اليورو والذهب والنفط وجميع السلع ستنخفض بما لايقل عن 30% – ازمه طويلة الامد لن تتضح ابعادهاقبل 10 اعوام ع الاقل – الخلاصه هل يمكن للمغرب ان يستفيد من هذا للبنيه التحتيه والانشاء والتوسع والصيانه في كافة المرافق > كهرباء – طرق-زراعه وتصنيع زراعي – ومطارات – وقطارات – وبناءصناعات متوسطه وثقيله- .. الخ < كل هذا سيتحقق بأرخص وافضل الاسعار ان كان هناك كفاءه وولاء
    * وشكرا لك

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب