عيد "مسعودة"

عيد "مسعودة"
الأربعاء 2 ماي 2012 - 01:10

بقوام غير ممشوق سارت بخطى حثيثة وسط زحمة الناس، لعلها تجد بين الأنام أذنا تصغي إلى قصة أعيتها وودت لو يتفضل أحدهم بسماعها، بينما يشق الدمع الحار أخاديد محياها الخمسيني الذي لفحه بخار الطهي حتى استحال محمراً على الدوام، صدها الكثيرون، وحاول آخرون ثنيها عما تنوي القيام به بعد أن فكرت علانية في مقاضاة مشغليها، لكنها أصرت على حكْيِ القصة بتفاصيلها المؤلمة، تدبرت رقم هاتفي والتمست بدموع حمل حشرجتها الهاتف بجلاء نشرَ قصتها على شبكة العنكبوت التي أسمتها “الأنتير”، لم أتردد في القيام بالأمر سيما وأنني كنت جاراً لمقر عملها حيث أفنت ثماني سنوات ٍمن عمرها قبل أن تُبَلَّغ نبأ طردها و هي التي لا تملك أي مورد مالي يعينها على تكاليف الحياة سوى الدراهم الألف التي تتلقاها نهاية كل شهرٍ بعد أسابيع من العمل المضْني.

قبل ثمانية أعوامٍ خلت، سُرَّتْ مسعودة أيما سرور بإيجادها عملاً في مقر جمعية دار القرآن بإحدى الجماعات القروية التابعة لإقليم الحسيمة، فبعد عقدين مضيا على رحيل زوجها، تجرعت فيهما مرارة العوز على مضض تَوَسَّمتْ خيراً في راتب أتى أخيرا ليقيها شرَّ الحاجة سيما أن الدراهم الألف بدت مبلغا محترما بفعل كونها وحيدة بيتها الطيني بعد أن زوجت ابنتيها و سلمت نفسها لوحدة قاتلة، بيدَ أنها ألفت أبناء لها بعد شروعها في السهر على رعاية نزلاء الجمعية من أطفال صغار ساءهم أن تطرد “مسعودة” و خاضوا إضرابا قاطعوا بموجبه الدروس ردحاً من الزمن.

لم يداهم النوم جفون مسعودة منذ ما يربو على أسبوع و هي التي لا تدري بأن للعمال عيدا يحتفى به في مستهل أيار، عيدٌ ترفعُ فيه يافطات ملونة يسرف حاملوها في العويل و الصُّراخ قبل أن يعودوا مساء اليوم إلى بيوتهم القصديرية والحال لم يتغير، تسهب في الكلام بجمل طويلة لا تقطها إلا دمعة تزيد من حنقها، شاكية ضعف حالها تارة و مهددة بالانتحار تارة أخرى، إذ كيف لها أن تقبل باقتلاعها من مكان لازمته سنواتِ طوال من فجر أيامها إلى غروب شمسها.

مضى العيد دون أن تحتفل مسعودة، بل إنها رزئت قبل حلوله بأيام، وحالها اليوم يرجو نصيراً يشد بيدها لأجل مؤازرتها في محنة تبقى إنسانية في المقام الأول، وتستحيل قانونية في مقامٍ ثان. إذ كيف يعْقل ان تجد أرملة مستضعفة نفسها في الشارع بعد مدة عمل تشارف على العقد من الزمن، دون أي تعويض عما لحق بجسدها العليل من أضرار ودون أي اعتبار لظروفها القاسية، و في ساعة تضطر معها إلى البحث عن عمل آخر يستنزف ما تبقى من جهدها و يعيد الكرة مرةً أخرى دون أن ترأف القلوب و القوانين بامرأة أعياها الظلم، و لم يكن لها من السعادة نصيبٌ، خلافاً للمثل القائل إن”لكل امرئ من اسمه نصيبا” كما درج الناس على ترديده بين الفينة و الأخرى.

‫تعليقات الزوار

8
  • abdel
    الأربعاء 2 ماي 2012 - 11:02

    لهذا السبب يريد المعطلون كلهم ان يلتحقوا بالقطاع العام فيضمون راتبهم الشهري وتقاعدهم اما هذه السيدة فقصتها تدمي القلب فهل ستنضاف لجحافل المتسولين لتستطيع الاكل على الحكومة ان تضع قانون لاعمل بدون عقود عمل والزام رب العمل دفع اقساط صندوق الضمان الاجتماعي ليحصل كل مواطن على تقاعد ولو ضعيف يعين على مصاريفه حتى لايتشرد في كبره اتمنى ان يساعد المحسنون الاغنياء امثال مسعودة ف1000درهم شهريا ليست مبلغا كبيرا ونشكرك اخي بتطرقك لهذا المشكل الاجتماعي هذ ا هو دور الصحفي نقل معاناة من لاصوت لهم ولايعرفون اين يضعون شكاويهم

  • مغربية
    الأربعاء 2 ماي 2012 - 13:19

    جزء كبير من نساء المغرب مسعودات متعوسات، ملي تخطاهوم الصحة يطردون من العمل، يطلقون، يرمون في الشارع مع اطفال، حين يموت الزوج تجد نفسها وحيدة و كان اهل البلدة قد غادرو و تركوها وحيدة، و هم لم يسافرو و لا شيء كل واحد ملهي مع زمانو، بعض منهن يجدن التعبير عن مصابهن و يعرفن كيف يطرقن الابواب و البعض الاخر منهن يبقين كالمصدوم لا تعرف اي باب تطرق تمنعها عزتها و تعففها، نساء كثيرات منهن حاجبات كن و معززات و بعد موت الزوج يصبحن على كبر لا وجه للسعاية لا دراع للخدمة،
    لدلك لا اجد حلا واقعيا في الوقت الراهن غير انه لي حداه شي ارملة يتجمعو ناس الدرب و يعاونوها كل واحد يتكلف ليها بحاجة، من غير هاكا يقدر يجي الدور علينا واحد الوقت فلا نجد معينا و لا نصيرا.
    الانسان ف هاد الزمان مبقاش يحس بالامان، يمكن حادث عمل يخليه محتاج للمساعدة
    يمكن حادث سير
    يمكن افلاس
    يمكن حاجات كثيرة ، و ان انعدمت الرحمة ديال المقربين الانسان هزو الما
    لدلك يجب احياء التكافل والتازر، ضروري و مؤكد!! يوم لك و يوم عليك!!

  • simo
    الأربعاء 2 ماي 2012 - 16:54

    tous avec masouda .et pour toujoure

  • abdelaali
    الأربعاء 2 ماي 2012 - 21:10

    لأسف قلوب الرحمة قلت في هذا الوطن الجريح ما معنى أن تشغل امرأة لمدة طويلة الى ان هرمت وتآكل جسدها من جراء تكاليف اعداء الوجبات لأطفال في جمعية دار القرآن- ياأسفاه- ثم تأتي في الاخير وتطردها من هذا المورد المالي الوحيد وتتركها بدون تعويضات ودون مراعات الظروف التي تعيشها.لأسف مثل هذا المسؤول الذي قام بهذا العمل الفضيع كثر في وطننا يستغلون الاوضاع الاجتماعية للطبقة الفقيرة التي لاتملك جهدا للدفاع عن حقها المهضوم سوى الحكي لأناس لعلهم يجدوا من يقف الى جانبها .نتمنا ان تجد امنا مسعودة اذان صاغية لشكواها وان تسترجع حقها المهضوم في القريب العاجل انشاء الله.وتحية لك هشام على المقال الرائع.

  • oday
    الخميس 3 ماي 2012 - 13:57

    حال مسعودة ليس سوى وصف بسيط لما هو موجود في واقعنا المتردي انه زمن الحداثة وحقوق النسوة خصوصا اللواتي يسايرن ركب التقدم والتطور ليس في مضمونه العلمي والمعرفي والاخلاقي بل من منظوره الشكلي والمظهري. مسعودة امراة بسيطة ومحافظة لذلك لن تجد لنفسها حتما مكان في مغرب ققد الككثير من صفاته

  • إدريس شريفي علوي
    الخميس 3 ماي 2012 - 15:54

    يا سلام عليك أخي هشام وهنيئا لك بجميل العبارة التي حباك الله إياها..قصة مؤثرة صيغت في قالب فني رفيع رقت له حواشي الدهر قبل حواشينا..وما شقاء امرأة لم تنهل من اسمها شيئا سوى نموذج مؤسف لحالات هي أصعب على العد والحصر..فما اختطه يراعك هشام هو قصة آلاف إن لم أقل ملايين الشقيات والأشقياء.. وما لهولاء إلا اللجوء لخالقهم عسى أن ترق أفئدة المحسنين لحالهم.

  • مشاركة محتشمة
    الجمعة 4 ماي 2012 - 13:28

    شكرا هشام

    مسعودتي ذات محيى ثمانيني لفحه نقر فحيح الصقيع و لفح اشعة الشمس بحكم قرب معيشها من السماء على اعلى شاهق جبلي متواجد بضاحية المدينة
    تنزل مسعودتي و هو اسم تنتحله يوم عيدها الاسبوعي حين نزولها على رصيف مصلى الجمعة لتلقي هدايا المحسنين من البسة لاحفادها و بسكويت لدمى بناتها و دراهم تهديها بعد عن طيب خاطر لابنها الشبه عاطل
    سيدتي هاته المسعودة بيومها هذا اكثر لكونه يوما طبعه طقس معتدل يمنحها الرشاقة بعوامل تبدو سيدتي مسعودة بمظهر صباها الغابر
    هو طقس و ليس بطقس و يمكن ان يصير معتدلا و يمنحها قواما رشيقا تحت هطول المطر و الريح العاصف ان توفرت شروط مهيجة تعمل على اعتدال هذا الطقس من عطايا و هدايا المحسنين
    اشعر ان مسعودة تحتاج لمواضيع عيد احسانية تجعل بشرتها ندية و باتم نضارة حتى تختفي الخطوط الرقيقة لتجاعيد و جهها
    هذا شعور صادق تجاه مسعودتي التي تعافت مؤخرا من نزلة برد كادت تخلع عنها شهادة الاقامة عن رصيف مصلى الجمعة و بالكاد استطاعت استعادة توازن لياقتها بعد طول عناء مع ضعف المرض و الشيخوخة و قلة حيلة اليد
    سيدتي مسعودة تعلم اقامتي لها متحفا في مخيلتي و هو شعور متبادل بيني و بينها

  • lecteur assidu
    الجمعة 4 ماي 2012 - 14:32

    aprés lecture je me suis dit si au moins les responsables à différents niveaux vont aussi dire aprés lecture de ce texte si bonnement fait et sincérement bien dit, je dis donc, si eux, ceux qui vont lire en ayant à leur portée les différentes solutions vont dire voilà le calvaire de plus de 90 pour cents de marocains et marocaines qui eux se réveillent et ne sachant pas de quelle manière affronter la disette les manques et la faim … donc je me suis retourné pour voir derrière moi mon petit déjeuner et je me suis dit si au moins javais cette immense joie de connaitre messaouda…je lui aurais filé la moitié…mais je me suis rendu compte que je tergiverse car le mal est beaucoup plus intense ….si au moins ceux qui nous mentent à chaque instant et s'enrichisent sur le dos du peuple vont faire bouger les mécanismes standards afin de soutenir ce peuple justement et lui faire dispenser le minimum vital requis…pour un sourir…et un soupire de la vie saine…si pour une fois

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 94

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 86

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة