أَصَابَت حكومة بنكيران

أَصَابَت حكومة بنكيران
الإثنين 12 نونبر 2012 - 13:38

في غمرة ظلمات الحكومة المغربية، ووسط القرارات الغير شعبية من رفع لأسعار المحروقات وتطبيع مع الفساد وتضييق على الصحفيين، كان لزاما على المواطن البحث عن نقطة ضوء تنير له بعض الطريق في حياته لكي لا يقال عنه مرة أخرى بأنه كائن عدمي لا ينظر سوى للسواد، رغم أن النظر إلى السواد لم يعد خيارا، بقدر ما صار واقعا بعدما غاب البياض عن حكوماتنا وصار وجودها شبيها بغيابها..

قراران تم اتخاذهما في الأشهر القليلة الماضية من طرف حكومة بنكيران، يعيدان القليل من الأمل لكل من يعيش في هذا البلد رغم كل الألم الذي يستعمر حياتنا، فقرار محمد الوفا الذي يقضي بمنع أساتذة التعليم العمومي من التدريس في مؤسسات التعليم الخصوصي، يعتبر قرارا شجاعا سيعيد الكثير من البريق للمدرسة العمومية التي صارت في بلادنا مجرد حفرة يرمى إليها أبناء الفقراء ممن لا قدرة لهم لوضع أرجلهم داخل سيارة للنقل المدرسي تابعة للقطاع الخاص.

ورغم أن قرارا من هذا النوع، يحتاج لبعض الوقت في تطبيقه حتى تتدبر المدارس الخصوصية زادها من الأساتذة، إلا أنه قرار حاسم، ومن يقفون ضده، لن يتجاوزوا في النهاية ثلاث جهات: رب أسرة غير واثق من قدرات المجازين في بلدنا، وهو أمر يمكن تجاوزه بتوفير تكوين لكل من يريد دخول تجربة التدريس في القطاع الخاص، منتفع من أساتذة التعليم العمومي ممن يرون في المؤسسات الخاصة وسيلة لجلب مزيد من المال، ومستثمر يراهن على أسماء أساتذة من القطاع العام لجذب المزيد من الزبناء لشركته، عفوا لمؤسسته التربوية.

القرار الثاني الإيجابي، هو قرار الحسين الوردي، بمنع الأطباء القطاع العام، من الاشتغال داخل القطاع الخاص، بحيث سيساهم قرارا كهذا في التخفيف من حجم الفوضى التي تعتري العديد من مستشفياتنا التي تحولت إلى مساحات للموت البطيء بدل إنقاذ الناس، فكم من مريض أتى وهو يشكو من ألم في الرجل، فخرج من المستشفى وهو يشكو الربو وقرحة المعدة وتصلب الشرايين، وكم من مريض توفي وهو على سرير مستشفى مغربي، بينما لم يكن ليموت لو بقي في منزله، وكم من زائر أتى ليعود قريبا له، ليزور مرة أخرى المستشفى في اليوم الموالي، ليس من أجل رؤية قريبه، ولكن من أجل أن يتمدد قربه بعد أن تمكنت منه عدوى ما.

الصحة والتعليم، صارا من الميادين التي يتهافت عليها المستثمرون والمنتفعون، الكثير من الأطباء هجروا مكاتبهم في مستشفياتهم، واتجهوا نحو المصحات الخصوصية قصد إجراء عمليات جراحية يربحون فيها أزيد من مليون سنتيم يوميا، وأتذكر ذات مرة كيف أن طبيبا كان قد استقبلني في مستشفى عمومي بكثير من العجرفة والتكبر، لدرجة أنه لم يستمع إلى شكواي بشكل مدقق، حيث كتب لي وصفة دواء بسرعة، وهو الدواء الذي لم يصنع فرقا، ولما توجهت إلى مصحة خاصة، تصادف حظي أنه يعمل فيها كذلك، وبفضل النقود التي دفعتها، كانت وصفة دواءه هذه المرة ناجعة وتكفلت بتسكين الكثير من الألم.

هكذا، عليك في المغرب أن تدعو الله أن لا تمرض، وأن تمارس الرياضة بقدر ما تستطيع، وأن تبتعد عن الضغط العصبي وما إلى ذلك من عناصر الوقاية، لأنك ستجد نفسك مجبرا على دفع أزيد من 3000 درهم إن وقع لك كسر بسيط، وستجد نفسك ضحية داخل مصحة خاصة، يخبرونك بأن عليك البقاء لمزيد من الوقت في ضيافتهم، ليس لأن وضعك الصحي لا يسمح لك بالعودة إلى منزلك، ولكنهم لا يريدون فراقك قبل أن يمتصوا كل ما تبقى في جيبك وجيب كل من يستطيع إقراضك.

أما تعليمنا، فإلى وقت قريب، كان المواطن المغربي يواجه مصاريف الكراء والنقل والمعيشة والتطبيب، ولكنه صار حاليا مجبرا على دفع مصاريف باهظة شهريا كي يستطيع أبناءه الحصول على تعليم جيد داخل مؤسسة خاصة، فلا ثقة له في المدرسة العمومية التي كثيرا ما صار الأستاذ يأتي إليها كمجرد سائح، أو لشرب كؤوس الشاي مع أصدقائه وترك التلاميذ يلعبون، أما في الوقت الذي يأتي فيه مفتش التربية الوطنية، فالأستاذ يتحول إلى عالم زمانه في المادة التي يدرسها، وبمجرد ما تنتهي أيام المراقبة، يشتري شهادة طبية تعفيه من النظر إلى وجوه تلامذته الفقراء، لكي يتوجه نحو مؤسسة خاصة حيث يشتغل ذليلا وفق رغبات الأمهات والآباء حتى ولو كلفه الأمر النفخ في النقاط وإعطاء الرتبة الأولى لجميع التلاميذ( مع كل الاحترام للكثير من الأساتذة المخلصين لمهنتهم).

وفي انتظار أن يبلع محمد الوفا لسانه الطويل قليلا، ويكف عن نكاته السخيفة، وفي انتظار أن ينصف الحسين الوردي الطلبة الممرضين الذين يحتجون منذ أيام طويلة على قراره القاضي بمعادلة دبلوم التقني المتخصص التابع للقطاع الخاص مع نظام البكالوريا+3 داخل القطاع العام، تبقى الإشادة واجبة بهذين القرارين وذلك من باب إعطاء كل ذي حق حقه، ومن باب القليل من النقد الذاتي على اعتبار أن الكثير من كوارثنا ومشاكلنا نتحملها نحن كذلك وليس الدولة لوحدها.

[email protected]
http://www.facebook.com/azzam.page

‫تعليقات الزوار

10
  • ابن رشد طبيب الاندلس
    الإثنين 12 نونبر 2012 - 18:33

    معظم الاطباء المغاربة المفرنسين متعجرفين ومتكبرين وماديين همهم الدرهم ولا شيء سوى الدرهم اصبح المريض بضاعة يتاجرون بها فيما بينهم اطباء اخر الزمان

  • monagadir
    الإثنين 12 نونبر 2012 - 18:44

    على اعتبار أن الكثير من كوارثنا ومشاكلنا نتحملها نحن كذلك وليس الدولة لوحدها.***
    هذا صحيح مواطن واعي يحترم واجباته ويطالب بحقوقه بطريقة حضارية افضل من مواطن جاهل وعنيف قرار وزير لتربية الوطنية يجب ان يسبقه تكوين العاطلين الراغبين في العمل في المدارس الخاصة حتى يتوفر اساتذة مؤهلون للخواص فهذه المدارس توفرالى جانب المدارس العمومية التعليم لابناء الشعب وبذلك ستخلق فرص شغل جديدة وتعليم جيد للتلاميذ قرارات هذه الحكومة مهمة ورغم ذلك ما لم يتحل العاملون في التعليم والصحة بضمير مهني ويقوموا بعملهم بامانة فالقرارات لا فائدة لها الله اهدي الجميع

  • ana
    الإثنين 12 نونبر 2012 - 21:37

    شحال فيكم دالفهامات !! اوغي الحسسسد ماشي حب الخير !! المخير فيكم كو كان استاذ اولا طبيب ولاهي ما يعتق شي واحد !! مجتمع دالنفاق !! هاد الاساتذة والطباء جاين من المريخ !! راهوم نتاج ديال هاد المجتمع المرييييض

  • le lion de ain sebaa
    الإثنين 12 نونبر 2012 - 22:26

    Le petit mur
    Lorsque on veut sauter on commence par le petit mur, je pense que ses mesures sont comme le maquillage sur la morve sans pour autant pouvoir le cacher, le petit mur c’est ce petit professeur dont le revenu avoisine les 4600 DH, et dont vous cherchez à le privé des ses ressources du secteur privé. Tandis que les gros ventres continuent à avaler les vraies ressources halieutiques, minières, lés carrières, les agréments, les terres fertiles et a connotation commerciales, on pille sans cesse les richesses de notre pays sans aucun droit,
    Je suis sûr que ce gouvernement a barbe courte ne peuvent rien contre les vrais patrons ceux qui dorent sur des milliards, il ne peut rien face au Lobis immobilier !!

  • مرزوق
    الثلاثاء 13 نونبر 2012 - 04:17

    خطوة مهمة تستحق التنويه، ونرجو أن تتعمم المبادرة لتشمل قطاعات أخرى. النهوض بهذا البلد مسؤولية الجميع وليس الحكومة فحسب. إذا قام كل واحد منا بعمله على أحسن وجه، فسوف يساهم في تسريع وثيرة النمو وينال الرحمة في الان ذاته طبقا لحديث رسول الله(رحم الله عبداً عمل عملاً فأتقنه). نسال الله التوفيق

  • كلاشمتر
    الثلاثاء 13 نونبر 2012 - 10:23

    يا قوم هل وزارة الصحة على علم بما يقع بمستشفى محمد الخامس بطنجة .يا قوم ان المستشفى اصبح مرتعا للمفسدين و المفسدات من اطباء و ممرضات و قابلات .يا قوم اني عاجز عن وصف ما يقع في اركان هذا الوكر لمصاصي الدماء .هل يعقل ان تلد المرأة و ما يسمى بالقابلة او المولدة تطالبها ب 500 درهم ثمن واجبها كممرضة . هل يعقل ان يكتب الطبيب جريدة ادوية دون ان يضع يده على موضع الالم او الجرح ….
    يا قوم ادعو اهل طنجة الاحرار الغيورين على مدينة البوغاز ان يجيروا المرضى من ظلم مصاصي الدماء القابعين في اركان هذه المستشفى
    اللهم اننا مغلوبون فانتصر
    اللهم اننا مغلوبون فانتصر

  • احمد
    الثلاثاء 13 نونبر 2012 - 10:26

    اكيد كثير من الكوارث الطبيعية والبشرية والمشاكل التي نتخبط فيها ناتجة عن وعي/لا وعي وسلوك واخلاق وممارسات المواطن المغربي.
    هذه الحكومة الجديدة جاءت بعد تصويت جزء من المواطنين الذين يريدون الاصلاح المبني على وعيهم بامور الدين والدنيا والدستور الجديد ومحيطهم بشكل عام. لهذا هم يستحقون هذه الحكومة والاجراءات التي ستتخذها في حقهم. وفيما يتعلق بعلاقات المواطنين بينهم وفي مختلف الظروف ينطبق عليها قول الشاعر احمد شوقي"ا نما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا". و في مجال الثقة في النفس قال ابو القاسم الشابي"من يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر". واخير قبل ان نصلح الاخرين يجب علينا ان نصلح انفسنا ونعطي المثل الاعلى في السلوك ولاخلاق والمعاملات والممارسات. الجهل المركب والفقر والتفقير والتجويع من اهم العراقيل التي يصطدم ويعاني منها اغلب المغاربة كل يوم. لهذا نحس بان شراءين المجتمع مصيبة بمرض مزمن وحتى الطبيب المذكور مصاب بهذا المر ض . اضافة الى هذا تنطبق علية نظرية العالم بابلوف"الكلب الذي ينزل لعابه عندما يرى الاكل وبعد ذالك يكفي دق الجرس".

  • محمد2012
    الثلاثاء 13 نونبر 2012 - 12:33

    اخي اسماعيل شكرا على حسن تقييمك لوضع الصحة والتعليم في بلادنا باعتبار ان الرقي بهما ينعكس اثره ايجابا على صحة المواطن وعقله وروحه كما اني اشكرك لكوني رايتك ضمن هذا العدد القليل من المعترفين بفضل هذه الوزارة التي يظهر بانها تعمل ببطء شديد نظرا لثقل تركة الفساد وتغلغله في النفوس حتى صارجزءا من سلوكنا .وفي ظروف رديئة جدا ووسط موجات من الشغب والصياح من كل الجهات.وهكذا نرى انه كلما استهدفت بؤرة من بؤر الفساد لفضحها اولادخال اصلاح عليها او بترها تقوم القيامة ضدها ولاتقعد علما بان الكل ينادي بمحاربة الفساد ولكن خارج محيطه وبعيدا عنه بحيث لاتمس مصالحه .وبامكانك ان تلاحظ معي لتسمع اصوات الصياح والصراخ تملاالفضاء سواء من الذين استهدف مشرط الحكومة اجسامهم الفاسدة او الذين يرون انهم مرشحون للخضوع لبتره.. وهاهي قوائم المقالع قد عرفت النور وبرزت في احتشام وسط توجسات مخيفة وسوف تصوب آلات حربية عدة الى مختلف مناطق الضعف في هذه الحكومة للتشغيب عليها ومحاولة ابراز بعض عيوبها في الاداء على الارض او لخلق نوع من التوتر المفتعل مع جهة ما .ومع ذالك فهي ما ضية وبنفس طويل وخطط ثابتة واقدام راسخة

  • مرزوق
    الثلاثاء 13 نونبر 2012 - 16:58

    خطوة مهمة تستحق التنويه، ونرجو أن تعمم المبادرة لتشمل قطاعات أخرى. النهوض بهذا البلد مسؤولية الجميع وليس الحكومة فحسب. إذا قام كل واحد منا بعمله على أحسن وجه، فسوف يساهم في تسريع وثيرة النمو وينال الرحمة في الان ذاته، طبقا لحديث رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام (رحم الله عبداً عمل عملاً فأتقنه). نسال الله التوفيق

  • ملاحظ
    الأربعاء 14 نونبر 2012 - 00:42

    حسب علمي أن الوزير الوفا تراجع عن قراره بعد الضغوط و الإنتقادات التي تعرض لها.. أرجو أن أكون خاطئا.. و أرجو التصحيح أو التأكيد

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 6

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس