الحاجَة اللي ما تْشبه مولاها...

الحاجَة اللي ما تْشبه مولاها...
الجمعة 18 يناير 2013 - 18:44

1)

مع اقتراب انطلاق منافسات نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وكما هي العادة دائما عندما يتأهّل المنتخب الوطني إلى هذه النهائيات، تضع الجماهير المغربية أيديها على قلوبها، في انتظار ما ستسفر عنه المشاركة، خصوصا وأنّ المشاركات السابقة، التي أعقبت نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي أقيمت بتونس سنة 2004، كانت كارثية بكلّ ما للكلمة من معنى.
أما المسؤولون عن الشأن الكروي، ومسؤولو البلاد بصفة عامّة، فإنّ قلوبهم تخفق أكثر مما تخفق قلوب الجماهير، ويتمنّون أن تكون مشاركة المنتخب الوطني مشاركة مشرّفة، لسبب بسيط، وهو أنّ تحقيق نتائج جيّدة من طرف المنتخب الوطني يعتبر بمثابة “مهدّئ” لأعصاب الناس، أوْ “سكّاتة”، إن صحّ هذا التعبير، لإلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية، لذلك يُقال إنّ كرة القدم هي بمثابة أفيون للشعوب، خصوصا تلك التي تعشق الكرة، مثل الشعب المغربي.

من هنا نفهم لماذا يحرص مسؤولو الجامعة المغربية لكرة القدم، (هذا إذا افترضنا أنّهم هم وحدهم من يُسيّر شؤون الكرة)،

على فعْل المستحيل، كي يحقّق المنتخب الوطني نتائج مُرضية للجماهير، بما في ذلك تخصيص ميزانيات ضخمة من المال العامّ، لتحقيق هذا الهدف.

2)

فقبل أن يأتي الطاوسي استعانت جامعة كرة القدم بخدمات المدرب البلجيكي إريك كريتس، وخصّصت له راتبا شهريا يُقال إنّه يتجاوز 250 مليون سنتيم، إضافة إلى امتيازات أخرى، وكان كريتس خلال نهائيات كأس إفريقيا الماضية التي أقيمت بالغابون وغينيا الاستوائية على رأس قائمة المدربين الأعلى أجرا من بين مدربي باقي المنتخبات، ومع ذلك خرج المنتخب الوطني من المنافسات صاغرا ذليلا، بعدما عجز عن تجاوز عتبة الدور الأول.

في الدورة الحالية لكأس إفريقيا، خصّصت جامعة علي الفاسي الفهري مرة أخرى مكافأة مالية هي الأعلى، ليس لمدرب المنتخب الوطني، بل للاعبين، الذين سيحصلون على منحة سخيّة تصل إلى 200 مليون سنتيم، في حال الفوز بكأس إفريقيا للأمم. يحدث هذا في ظلّ التقشّف الذي نادى به رئيس الحكومة، وفي ظلّ الأزمة المالية الخانقة التي يتخبّط فيها المغرب، والتي جعلت وزير المالية يطوف على المؤسسات المالية العالمية لأخذ قروض بمئات الملايير من السنتيمات، لكنّ كل هذا لا يهمّ مسؤولي الجامعة، ومن يقف خلفهم، ما دام أنّ تحقيق نتيجة إيجابية في كأس إفريقيا للأمم، كفيل بأن يُنسي ويشغل المغاربة عن مشاكلهم الحقيقية، وعن الأزمة التي يتخبّط فيها البلد.

3)

هذا الكلام لا يعني أبدا أننا نريد تحطيم عزيمة طاقم المنتخب الوطني، لكنّ الإنسان يضطر بين فينة وأخرى، إلى السباحة ضدّ التيّار، خصوصا إذا كان هذا التيّار لا يصبّ في المصلحة العليا للوطن.

ما ينقص المنتخب الوطني لكي يصير منتخبا قويا ليس هو المنح “الخياليّة” التي تصرف للاعبين والطاقم التقني للمنتخب، ولا مُدرّب براتب خيالي، كما كان الحال مع كريتس. ما ينقصنا بكلّ بساطة هو أن يتمّ إعادة بناء مؤسسة كرة القدم الوطنية على أساس صحيح، وذلك بدمقرطة الجامعة المغربية لكرة القدم. فلا يعقل أن يصل رؤساء الجامعة إلى هذا المنصب عن طريق “الإجماع التامّ”، ولا يُعقل أن يمرّ ما يقارب أربع سنوات على تعيين علي الفاسي الفهري رئيسا للجامعة، دون أن ينعقد أيّ جمْع عامّ للجامعة، رغم أنّ محمد أوزين كان قد أعلن أنّ الجامعة ستعقد جمعها العامّ في نونبر الماضي، ومع ذلك لم ينعقد أيّ جمْع عام، ما يعني أنّ سلطة من يسيّرون الجامعة أعلى بكثير من سلطة الوزير.

4)

فهل في مثل هذه الظروف يمكن تشكيل منتخب قويّ؟ وهل بمثل هذا التسيير الذي يجعل مسؤولي الجامعة بعيدين عن أيّ محاسبة يمكن أن تتطوّر كرة القدم الوطنية بصفة عامة؟ مستحيل.

لذلك فكلّ هذه “الرتوشات” التي نراها اليوم، والمتمثلة في رغبة مسيّري شؤون كرة القدم الوطنية في التقدّم إلى الأمام، عبر المنح والتعويضات والأجور الخيالية، التي تُستخرج من جيوب المواطنين المغاربة ليست سوى مجرد عملية لدرّ الرماد في العيون، حتى لا يرى الناس المشاكل الحقيقية لكرة القدم الوطنية بشكل واضح.

قد يفوز المنتخب الوطني بكأس إفريقيا، وهذا ما نتمنّاه، لكن حتى وإن حصل ذلك، فهذا لا يعني أبدا أنّ كرة القدم الوطنية ستعرف نهضة شاملة، فقد وصلنا إلى نهاية كأس إفريقيا للأمم بتونس، وكدنا نفوز بها، ولم يمنع ذلك من وصول مستوى المنتخب الوطني بعد ذلك إلى الحضيض.

كل هذا يجعلنا نعود مرة أخرى لنقول إنّ نهْضة كرة القدم الوطنية لن تنجح أبدا بالمكافآت المالية الخيالية، بل يلزم لتحقيق ذلك إعادة بناء هياكل الجامعة على أساس ديمقراطي متين، وما دام حال الجامعة على ما هو عليه اليوم فإنّ حال كرة القدم الوطنية سيظلّ “مريضا”، حيتْ الحاجة اللي ما تشبْه مولاها، كما قال أجدادنا، حْرام!

‫تعليقات الزوار

12
  • jamal
    الجمعة 18 يناير 2013 - 20:25

    مقال في محله الله يجيب اللي يسمع

  • جلال
    الجمعة 18 يناير 2013 - 21:25

    تحفة شعبوية اخرى،جدتي نفسها لم تعد تقول ان الكرة تلهي الشعب،طالما رددتم ان الشباب لاه فادا به يملا الشوارع احتجاجا،الكرة لم تمنع البرازيل ان تصبح من اكبر القوى العالمية، ثم اين سمعت الناس يقولون ان الكرة افيون الشعوب؟انا اعرف مقولة ماركس ان الدين افيون االشعوب،انا استغرب قولك ان الجامعة تخصص منحا من المال العام، ففيم تريد الجامعة ان تنفق ميزانيتها ادن؟ميزانية الجامعة مخصصة للكرة اصلا،و لعلمك ان الوزير منع الدعم عن الجامعة، و هو من تشبث بالفهري و منعه من الاستقالة و هو الدي صرح ان الجامعة ليست قانونية( انا لا ادافع عن الفهري و اتمنى ان يرحل)،
    كيف يكون اصلاح الجامعة شرطا لتوهج المنتخب؟هل سنة 86 كانت الجامعة احسن حالا؟ و كدا في 98؟ كل المنتخبات تعرف هبوطا و صعودا،هل تعرف ان اسبانيا انتظرت قرنا من الزمن لتفوز بكاس العالم و هي قوة كروية عظيمة؟و هل تعرف ان هولندا لم تفز في تاريخها بشيئ الا كاس اوروبا؟مشكل الكرة في بلدنا هو ان من هب و دب يخوض فيها، و اي كان يستسهلها و يكتب فيها و يحل مشاكلها.

  • abdou
    السبت 19 يناير 2013 - 00:16

    ا دا اسندت الامور لغير اهلها فانتظر الساعة اش بين الفاسي الفهري وبين عالم كرة القدم السيد لا يفقه شيئا عندنا طاقات الدكتور حرمة الله حسن دكتور في الاقتصاد شواهد عليا في الطب الرياضي لاعب محترف سابق شغل مركز المدير التقني للمنتخبات بقطر بربكم من يستحق ان يكون رءيسا لجامعتنا خبرة كبيرة في التدريب و الجامعة ليس فيها و لو شخص واحد فيه ميزة واحدة من ميزات الدكتور حرمة الله و مع دلك فهم ماسكين بالكراسي بايديهم و اسنانهم مع جهلهم بالميدان الرياضي لانه ليس هناك من رقيب و لا حسيب اموالنا تسرق عبر الصفقات الفاشلة و الرواتب الخيالية والمنح المغرية حسبنا الله و نعم الوكيل

  • متابع
    السبت 19 يناير 2013 - 02:32

    تقول الأخبار أن لاعبي منتخب مالي، الذين وصلوا في الدورة الفائتة إلى دور النصف نهائي، هؤلاء اللاعبون قد تنازلوا عن نصف المنحة المخصصة لهم هذه الدورة تضامنا مع بلدهم الذي يمر بأزمة سياسية وعسكرية هذه الأيام.
    أما بخصوص أن الجامعة والحكومة تقومان بإلهاء الشعب بمثل هذه البطولات والمباريات فهذا غير صحيح لأن الشعب ملهي ملهي.
    من ناحية أخرى يتبجح هؤلاء اللعبون والمدرب بأنهم يلبون تلبية نداء الوطن وأنهم يدافعون عن الراية. أقول لهم الوطن والشعب المغربي يحتاج أن تلبوا نداءه الآن بأن تتنازلوا عن نصف المستحقات والمنح والمصروف اليومي الذي تتقاضونه. تنازلوا عن هذه الأموال الطائلة التي تتقاضونها من أنوال دافعي الضرائب وستكونوا وطنيين وسيستقبلكم الشعب المغربي استقبال الأبطال والشرفاء والوطنيين. اتساءل كم تبلغ قيمة الكأس الإفريقية حتى تخصص هذه الجامعة هذا القدر الهائل من المال للفوز بها. منحة للطوسي بالملايين منحة للاعبين بالملايين.مصاريف الإقامة والنقل والإستجمام.مصاريف أعضاء الجامعة الذين سينتقلون أكثر من مرة إلى جنوب إفريقيا في حال تأهل الفريق.
    وزايدون فلوس اللبان يكلهوم زعطوط.
    الله لا يأهلكم. آمين

  • علي أيت همو ... الكلام المتكرر
    السبت 19 يناير 2013 - 13:18

    ‏‎ ‎أعتقد أن مثل هدا الكلام يدخل في ما يسمى التشويش خصوصا أن المناسبة سانحة كي تصل الرسائل ؟ أنا كا مواطن عادي أرى أن على الكتاب و الصحفيين أن اللدين يدعون أنهم على حق من خلال هده التعليمات المزعومة علما أن كل دول العالم و كل شعوبه شغوفة بكرة القدم سواء الدول الغنية و الفقيرة …

  • achtouk
    السبت 19 يناير 2013 - 13:57

    كم ستنقل مباريات المنتخب الوطني ألا تعلمون ان ملايين السنتيمات إن لم أقل 1000 مليون في كل مقابلة الا تتصورون كم من مركز تصفية الدم تنتظر ان تفتح ابوابها وكم من خصاص في اطر والموظفين بالمستشفيات بعد ان اصبحت جلها مكضدة بالمرضى الا يعقل هذا …
    الا يلاحظ رئيس الجامعة ان معظم الفاعلين الجمعويين يصرفون اموالهم في الرياضات المختلفة رغم قلة دخلهم الشهري ولا يجدون مساعدات من السلطات الوصية على الرياضة التضحيات – حب وعشق الرياضة- هذا سؤال لم اجد له جوابا منذ ان كنت صغيرا حتى الآن اترك لكم الجواب عنه…

  • ميمون
    السبت 19 يناير 2013 - 15:18

    حتى اسود الاطلس رفضوا الحديث عن المكافات قبل اللعب،يجب ان نفهم ان الرياضة و الفن ليسا ترفا او كماليات كما يعتقد البعض،لا يمكن ان نوقف الفن و الرياضة حتى ننجز التنمية و التقدم في الاقتصاد،الكرة تلهي الشباب ،فهل نمنع الكرة ام نمنع الشباب من متابعتها؟اليست هده افكار طالبانية؟عدا عن كون الفكرة خاطئة ،لان الالتراس يملكون وعيا سياسيا كبيرا،و المظاهرة التي جرت بالامس في مصر قادها الالتراس،الكرة معشوقة و من الصعب ان تفسر هدا الكلام لمن لم يلعبها،و لدا فنحن نفهم ان من يردد متل هدا الكلام لم يلعب الكرة و لم يعرفها و هو في غالب الاحيان شخص متزمت يحرم كل انواع المتع و الافراح.

  • ميمون
    السبت 19 يناير 2013 - 17:25

    حينما يجلب المنتخب لا عبا نشا في المهجر يقولون هدا ظلم،كيف ياخدون لا عبا لم يصرفوا عليه( هدو مغاربة يا حسرة) و حينما تصرف الجامعة منحا للاعبين يقولون هدا ظلم،كيف ينفقون عليهم من المال العام؟انظر الى مالي التي رفض لا عبوها اخد المنح،ادا لم تنفق يقارنونك بهولندا و فرنسا اللتان تنفقان و ادا انفقت يقارنونك بمالي التي لا تنفق، منين غدي تشدهم؟
    السعودية لديها جامعة منتخبة بتصويت ديمقراطي و خرجت بهزيمة مدلة من كاس الخليج،بلجيكا لديها مؤسسات طروية راقية و لم تتاهل لكاس العالم مند جيل غيريتس و بعدها معنا في 98،و حدث عن اليونان و تركيا و قبرص و اوروبا الشرقية،كلها لديها جامعات خاضعة للمعايير الاوروبية،فلمادا لا تحقق انجازات كروية؟
    انتم تنتقدون الفوز و تنتقدون الهزيمة،تنتقدون الابيض و الاسود و الرمادي و يصدق فيكم قول الشاعر
    و من يك دا فم مر مريض
    يجد مرا به الماء الزلالا

  • mek godi
    السبت 19 يناير 2013 - 23:32

    كرة القدم ليست ألا فرع من الياضات التي لا نعطيها نفس الاهتمام صحيح أن كرة القدم لها سوق عالمية لكن أين نحن من تلك السوق وكم هو عدد اللاعبين المتميزين الذين تنتجهم أنديتنا. هنالك تراجل كبير في أنتاج النجوم والكفاءات لاننا لا نهتم بالفئات الصغرى ولا نحاسب الأندية عن مصاريفهم وعن مداخيلهم فهناك من يرفل في البدخ في المداخيل الكثسرة وهناك أندية تعاني كل يوم لتوفير مصاريف الفريق السنوية. والأهداف التي جاءت من أجلها الجامعة لا تحاسب عليها كما أن الأندية في غالبيتها لم تصبح منتجة وأصبحت مستهلكة ومستقطبة للاعبين الجيدين، يتعين على الوزارة تتبع كل الأنشطة الرياضية ورعايتها ووضع استراتيجية ومنهجية لتطوير جميع الرياضات عن طريق جامعاتها وأنديتها وتشجيع خلق جمعيات رياضية تعنى بتنمية الرياضات أما الحات الآن فلا يعدو أن يكون خبط عشوائي وتمرير الأوضاع الحالية كما هي ولا نرى أي مخطط رياضي شامل يحدد الأهداف المستقبلية ويحاسب على تحقيقها كل متدخل في المجال. ويجب القطع مع التهورات السابقة التي لا تطمئن المواطنين عن تدبير ماليتهم … كما يتعين خلق هياكل تتبع ومحاسبة في كل مجال رياضي والقطع مع التسيب ….

  • rachid
    الأحد 20 يناير 2013 - 12:27

    الكورة عمرها ماتكون أفيون والدليل هو مصر

  • غير انا
    الإثنين 21 يناير 2013 - 06:11

    اسمها "لعبة" يتلها بها دووا العقول الصغيرة و تصرف عليها الملايير , حتئ و ان منحوا( 100) مليار لكل لاعب فانت موافق بالطبع في سبيل اللعبة,
    يجب استحضار العقل , في العالم المتحضر التعليم اولا وتبقئ الكرة مناسبة للفرجة حقا, عكس عندنا الالتراس ديرين حيحا علئ والو الناس كتخلص باش تاخد فرجة و دراري دايرين لفراجا فروسهم ا لقرقوبي السبان السرقة
    واش كتشوف الجمهور الواعي فاروبا يصفق عند التسجيل و يجلس بالرغم ليست الكرة اهم شئء عندهم, يجب محاربة الجهل الجهل الجهل

  • رياضي مدهشر
    الإثنين 21 يناير 2013 - 12:59

    لو كان وزير الرياضة في المستوى لكان حال الرياضة كذلك في المغرب افضل واحسن ..كما قيل في المثل اذا اسندت الامور الى غير اهلها فانتظر الساعة

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس