قيادي في الحزب الأول في المغرب، يشارك في تأطير ندوة من تنظيم الفصيل الطلابي لأكبر تنظيم إسلامي في المغرب، يتعرض لتهجم من “غرباء” داخل الحرم الجامعي بعد نهاية الندوة، بعدها بساعات القيادي الحزبي يُصدر بيانا شرح فيه حيثيات ما تعرض له، وأكد فيه أن حياته كانت في خطر لولا تدخل اللجنة المنظمة للندوة، ثم حمّل فيه المسؤولية لجهات لم يسمها لكن أشار إليها وعرّفها بأنها تشن ضده حملة إعلامية مسعورة، مليئة بالتحريض والتشهير وشحن النفوس.
القيادي الحزبي الذي نتحدث عنه ليس اسما مجهولا ولا نكرة في المشهد السياسي، حتى يمر ما تعرض له وكأن شيئا لم يقع، إنه عبد العلي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ونائب رئيس مجلسها الوطني، ولا يُعتقد أن أحدا من الممارسين والفاعلين السياسيين وحتى الإعلاميين لا يعرفونه، أو لا يقدرون تأثير مواقفه وكلامه وكتاباته وما تعرض له وما قد يتعرض له على الساحة السياسية في المغرب، لذلك لا يُفهم هذا الصمت الذي واكب حادث الاعتداء عليه، والذي واكب أيضا ما سماه الحملة التحريضية ضده ومحاولات مسؤولية جريمة قتل الطالب أيت الجيد بنعيسى سنة 1993 به، والتي لا يخفى من له مصلحة في إحياء تفاصيلها، وإعادة إحياء فصولها لشحن المشهد السياسي في اتجاه معين، مع أن المرحلة التي يعيشها المغرب لا حاجة له فيها بهذا النوع من الأساليب في إدارة التدافع أو ما تسميه أطراف أخرى بالصراع.
كان لافتا أن البيان الذي أصدره عبد العلي حامي الدين، جاء بعد اقتناعه على ما يبدو أن حياته فعلا قد تصبح في خطر، نتيجة لما قيل ويقال، ما كُتب ويُكتب عن علاقته بجريمة قتل أيت الجيد، رغم أنه أكد في غير ما مرة أنه لا علاقة له بهذه الجريمة، ورغم أن هيأة الإنصاف والمصالحة والتي لا يمكن لأحد أن يشكك في تعاطيها الموضوعي ذو المرجعية الحقوقية الصرفة مع الكثير من الملفات، أقرت بأن محاكمة حامي الدين على خلفية ملف أيت الجيد انتفت فيها شروط المحاكمة العادلة، بعد أن أمضى سنتين في السجن، اللافت أيضا في بيان حامي الدين أنه وقعه بصفته التنظيمية داخل حزب العدالة والتنمية، وتولى الموقع الاليكتروني الواجهة الإعلامية الرسمية للحزب نشره، على غير العادة التي حكمت الموقع مع كثير مما كتبه حامي الدين، وهذا يشير صراحة أن معركة حامي الدين مع “الجهات التي تشن ضده حملة إعلامية مسعورة” يمكن أن تصبح معركة للحزب بأكمله، ما يعني أيضا أنها قد تصبح معركة لعبد الإله بن كيران الأمين العام للحزب، بكل ما تحمله المعارك التي يدخلها بنكيران من معاني التعبئة داخل المجتمع وقوة التقاطب في الشارع.
المهم رسالة الجهات التي يقصدها حامي الدين في بيانه وصلت منذ مدة، لكنه اختار التوقيت الذي يرسل فيه هو الآخر “l’accusé de réception “، في انتظار رسالة أخرى يُنتظر أن تكون بحجم التحدي الذي عبر عنه بقوله أن تصرفات “الجهات” التي تحاول استعادة منطق التحكم والهيمنة، لن تثنيه ولن ترهبه عن مواصلة “النضال من أجل بناء دولة ديمقراطية تتوفر فيها شروط الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية”، وهي المفردات نفسها التي أطرت شعارات حركة 20 فبراير بما ترمز له من بداية تفكيك منهج سياسي يعي جيدا متبنوه أن حامي الدين واحد من المستوعبين لخيوطه وآليات اشتغاله.
بكلمة، التضامن مع حامي الدين واستنكار ما تعرض له بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بات واجبا مَهما بلغت حدة الاختلاف معه ومع حزبه سياسيا وايديولوجيا، لأن الديمقراطية التي يحلم بها المغاربة، لا يمكن أن تُبنى دون القطع مع أسلوب التهديد والترهيب كلما استعصت المواجهة في الميدان على أحد الأطراف.
ليست ندوة من تنظيم الفصيل الطلابي لأكبر تنظيم إسلامي في المغرب بل ندوة من تنظيم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
في رد على مقال لخالد العسري حول نفس الموضوع:
من اراد ان يعرف استهداف حامي الدين فليقرا هذه الفقرة التي كتبها حامي الدين و انتجت قضية سعيد ايت الجيد التي دفنت مع صاحبها منذ 20 عاما،
يقول حامي الدين:
"لا يوجد أي سند دستوري لكي يأمر الملك وزير الداخلية بمتابعة رجال الشرطة والجمارك في النقاط الحدودية، في غياب رئيس الحكومة المخول الوحيد الذي له الحق في إصدار القرار للوزراء والمديرين بفتح التحقيق حسب الدستور".
أسلوب الgرعة (اليقطين)، بتعبير عبد الكريم مطيع في مذكراته، هو الذي لازال يستعمله المخزن مع المخالفين.
لا يمكن الجزم بأن فصيل العدل والاحسان هو الفصيل لأكبر تنظيم إسلامي بالمغرب، كانت العدل والاحسان الأكبر في الثمانينيات وبداية التسعينات أما الآن فلا أعتقد ذلك.
أما فيما يخص الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بالشكل الذي تسوق له العدل والاحسان فليس هو الاتحاد الذي نعرف، فقط هذا سطو على الاسم لدلالاته التاريخية أما شروط هيكلة الاتحاد الوطني فلم تحققها العدل والاحسان ولا يمكن توفرها إلا بحوار فصائلي يشمل مختلف الفصائل الطلابية.
في سنة 1993 كنت أدرس بكلية الحقوق بفاس وقد عانى معظم الطلبة من الإرهاب القاعدي ومثيله الإرهاب الإخواني وكل طالب في تلك المرحلة كان يمكن أن يدفع حياته أو حريته في جو الإرهاب والإرهاب المضاد . أما بخصوص علاقة حامي الدين أو عمر محب أو غيرهما فالأجدر أن يفتح القضاء المغربي من جديد هذا الملف إذا تبين له ظهور أدلة أو قرائن جديدة تفيد العدالة وهو أمر جاري العمل به في الأنظمة القضائية ذات الصيت العالمي وحتى تقادم الدعوى إذا لم تكن قد حركت يصبح لاغيا . فلماذا يخاف حامي الدين من فتح التحقيق والمحاكمة ما دام للقضاء الكلمة الفصل وما دام متأكدا من براءته من دم أيت الجيد . جريمة القتل العمد إما أن تكون ثابتة في حق المتهم وفي هذه الحالة يجب إنزال العقوبة المناسبة للفعل الجرمي ، أما إذا لم تثبت فيجب النطق ببراءة المتهم وإخلاء سبيله ، أما أن تنطق المحكمة بعقوبات حبسية أو سجنية ما بين سنتين إلى عشرة كما في حالة عمر محب فهذا لا يستقيم والمنطق القانوني السليم لأن عقوبة جناية القتل العمد لا تحتاج إلى الكثير من التأويل.