ذكرى غرق "إيكوز ".. قصة تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل

ذكرى غرق "إيكوز ".. قصة تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل
الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:05

لاحظت أن بعض صحافتنا في المغرب تترجم من الصحف الإسرائيلية أو تنقل عنها مقالات عن المغاربة اليهود، وغالبا ما تكون هذه المواد ذات حمولة إيديولوجية لم يعد يؤمن بها حتى أصحابها، فتُقدم إلى القراء المغاربة دون عناء تمحيص للمعلومات والمصطلحات المستخدمة لوصف الظاهرة اليهودية والصهيونية، وهي متحيزة وغير موضوعية، وما يزيد الطين بلّة الأخطاء في الترجمة.

وآخر هذه المقالات كان بعنوان: The tragedy of the ‘Egoz’ and the story of Moroccan Jewry’s return to Israel (مأساة “إيكوز” وقصة عودة اليهود المغاربة إلى إسرائيل)، نشرته صحيفة The Jerusalem Post، يوم 26 يناير الماضي بمناسبة مرور 56 سنة على غرق هذه السفينة التي كانت مثقلة بمهجرين سريين يهود إلى إسرائيل.

يتضمن عنوان المقال واحدة من الأساطير التي استندت إليها الحركة الصهيونية في اجتثاث يهود العالم من فوق أرض أوطانهم، ومنها المغرب، وتهجيرهم إلى إسرائيل بعد أن وعدتهم بـ “أرض تفيض عسلا ولبنا”، وهي أسطورة العودة (عودة اليهود المغاربة)؛ أي إن اليهود شُتتوا بفعل فاعل من وطنهم، واغتصابهم لفلسطين وتشريد شعبها هو “عودة”.

إن أسطورة الشتات هذه وغيرها من الأساطير دحضها المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند؛ فاليهود لم يُطردوا، كما يقول ساند، ولم يتعرضوا للشتات، فوجودهم على ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط يجد تفسيره في كون الديانة اليهودية كانت ديانة تبشيرية شأنها شأن المسيحية والإسلام.

هذه الدراسة محاولة لتسليط الضوء على السياق التاريخي لغرق السفينة “إيكوز” وأسباب الحادث، والنتائج المترتبة على ذلك. وللرد على الادعاءات الصهيونية التي يروج لها البعض عن قصد أو غير قصد.

السياق التاريخي لغرق سفينة «إيكوز»

محاولة السلطات المغربية وقف التهجير: حل «كاديما»

ما إن حصل المغرب على استقلاله حتى بادرت السلطات إلى اتخاذ إجراءات لوقف نزيف تهجير المغاربة اليهود، وكان في مقدمة هذه الإجراءات إصدار أمر في يونيو 1956 بحل منظمة «كاديما» (إلى الأمام)، التي كانت تتولى تنظيم تهجير المغاربة اليهود، ومصادرة أملاكها وأثاثها، لكن سُمح لليهود الموجودين بمخيمات العبور بالهجرة.

ويبدو أن السلطات أجبرت على اتخاذ هذا الإجراء بعد استفحال النشاط الصهيوني بالمغرب والجرأة التي أصبح يتسم بها عمل «كاديما»، والحملة القوية التي شنتها الصحافة الوطنية على هذه المنظمة والسلطات. فعلى سبيل المثال، دعت صحيفة “الرأي العام” (عدد 22 فبراير 1956) في مقال مطول تحت عنوان «كاديما؟» إلى إغلاق مكاتب هذه المؤسسة وإخراج القائمين عليها من المغرب باعتبارهم أعداء للوطن والأمة، والمغاربة اليهود بخاصة.

وقالت صحيفة “العلم” عن حل «كاديما» إن الحكومة أقدمت على هذا الإجراء بعد مزيد من البحث، واستعراض العواقب المترتبة على هذه الهجرة التي اتخذت شكلا يهدد البلاد، فلقد بدأت هذه المنظمة عملها منذ تسع سنوات وبلغ مجموع ما رحلته من اليهود مائة ألف شخص، واستفحلت هذه الهجرة حتى أصبحت 4.000 يهودي في كل شهر، وكان في العزم الزيادة في هذه النسبة تبعا للاعتمادات الهائلة التي تتلقاها من إسرائيل ومن المنظمات الصهيونية بالولايات المتحدة، وكانت لهذه المنظمة حرية مطلقة في القيام بتنظيم الهجرة على مرأى ومسمع من الإدارة الأجنبية؛ فكانت تضع جوازا جماعيا لليهود الذين يرغبون في الرحيل إلى إسرائيل، فيبيع هؤلاء عقاراتهم وأثاثهم ويضعون حدا لنشاطهم الاقتصادي، ولا يخفى ما في ذلك من خطر على البلاد؛ إذ يتعطل جانب من النشاط الاقتصادي بهجرة طائفة من اليهود وأخذ أموالهم معهم ويصبح هؤلاء خطرا على الدول العربية الشقيقة بالتكدس على حدودها واستعانة الحكومة الإسرائيلية بهم.

واعتبرت صحيفة “العلم” القرار الذي اتخذ في حق منظمة «كاديما» قرارا في محله؛ لأنه يحد من الخطر الذي يستهدف البلاد في أشخاص طائفة من أهلها وفي الأموال التي تهرب يوميا منه، ودعت إلى فرض مراقبة دقيقة لمنع أي هجرة جماعية لليهود وتهريب أموالهم، وأنه لا ينبغي أن تُؤول مثل هذه الإجراءات على أنها موجهة ضد اليهود المغاربة الذين نعتبرهم مواطنين لهم ما للمسلمين من الحقوق وعليهم من الواجبات ما على الآخرين. ووفقا للصحيفة، فلا شك أن الحكومة تهدف من وراء هذه التدابير إلى إبقائهم في البلاد التي نشأوا بها والاستفادة من مقدراتهم وأموالهم في المشاريع التي تنوي القيام بها، فيستفيدون ويفيدون.

وأثار قرار السلطات المغربية ضد «كاديما» غضب المنظمات اليهودية الدولية، وبلغ بها الأمر حد التهديد. ففي شهر يونيو 1956، حذر ناحوم غولدمان، رئيس الوكالة اليهودية، المغرب من مواجهة القوى اليهودية العالمية مجتمعة إذا لم يرفع حظره عن الهجرة اليهودية، كما ورد في صحيفة الجيش الأمريكي.

وعبّر الزعيم الصهيوني عن أمله في تسوية سلمية للخلاف الذي نشب بعد الحظر المغربي على الهجرة الجماعية لليهود. كما حذر غولدمان من أن منظمته ومنظمات يهودية أخرى ستبحث إمكانية القيام برفع مسألة حرية الهجرة التي ادعى أنها انتُهكت في المغرب إلى الأمم المتحدة، وإلى منظمات دولية أخرى.

وقال غولدمان، في مؤتمر صحافي، إن المغرب فرض حظرا على الهجرة الجماعية لليهود تحت تأثير ضغط من الجامعة العربية، وإن اليهود في جميع أنحاء العالم يشعرون بالسخط من قرار الأمن المغربي الذي أمر مكتب الهجرة اليهودي «كاديما» بوقف نشاطه خلال 24 ساعة، وتسليم ملفاته وممتلكاته إلى المؤسسات الخيرية المغربية.

وذكر غولدمان أن الـ 45.000 يهودي الذين سجلوا لدى «كاديما» للهجرة كانوا من المعدمين ورحيلهم سيساعد المغرب في الواقع.

غرق السفينة «إيكوز»

بعد حل «كاديما» تولى جهاز الموساد الإشراف الفعلي على عملية تهجير المغاربة اليهود سراً. واتخذت شبكة الموساد السرية، التي كان يرأسها ألكس جاتمون (Alex Gattmon)، من الدار البيضاء مقراً لها. وقد كان عناصرها يصولون ويجولون في المغرب طولا وعرضا.

أطلق الموساد اسم «ميزجرت» (מסגרת)، وتعني “الإطار”، على هذه المرحلة التي بدأت في 1957 واستمرت حتى غرق السفينة بسيز(Pisces) في شهر يناير 1961. وهُجِّر خلالها حوالي 30.000 يهودي. وقد خلدت شبكة الموساد جريمتها بِتَبَاهٍ في كتاب ضخم.

وعن موجة الهجرة السرية خلال هذه الفترة جاء في إحدى قصاصات وكالة المغربي العربي للأنباء أنه لوحظ في الأسابيع الأخيرة (في صيف 1960)، ولا سيما بعد إغلاق المدارس بمناسبة العطلة الصيفية، تقاطر عدد من اليهود المغاربة على الناضور وعبورهم إلى مليلية بمختلف الوسائل القانونية والمحظورة، ويفهم من الدوائر المطلعة أن الأمر يعني حركة منظمة لتهريب اليهود المغاربة إلى الجزء المحتل من فلسطين العربية.

وقد علم أن السيارات الكبرى والصغرى تأتي مشحونة باليهود من: فاس، مكناس، وحتى من مراكش، والدار البيضاء، فتنزلهم قرب بحيرة بوعرق ومن هناك يجدون في انتظارهم قوارب أعدتها المنظمات الصهيونية لنقلهم إلى مليلية بحرا؛ حيث يمتطون منها السفن إلى فرنسا، أو إيطاليا للذهاب بعد ذلك إلى فلسطين.

وفي ليلة السابع من الشهر الجاري، لاحظ سكان الدواوير المجاورة لبحيرة بوعرق أربعين من الشبان اليهود يمتطون بعض القوارب، فأعلموا رجال الدرك الملكي الذين وجدوا بعد حضورهم أن القوارب ذهبت في اتجاه مليلية. وفي الليلة التالية أبحر منهم عشرون آخرون، وساروا في نفس الاتجاه.

واتهمت الوكالة قنصل فنزيلا الشرفي بمدينة مليلية، وهو يهودي يسمى السرفاتي بنحايم إبراهيم، بالتورط مع الموساد في تهجير المغاربة اليهود، فقد كشفت التحريات الموثوق بها، وفقا للوكالة، أنه يهيئ جوازات سفر مزورة لأولئك، وأنه يمر بكثرة ما بين مليلية والناضور، ويتجه إلى الحسيمة، ومليلية. ولم تستبعد الوكالة أن يكون ذلك القنصل يقوم بتهريب أموال اليهود مستغلا صفته القنصلية مثلما يقوم في مليلية بتزوير الجوازات ومنحها لهم؛ لأن صلته بالصهيونية العالمية والأوساط المتصهينة بالمغرب أمر لا مراء فيه.

خلال هذه الفترة استأجر الموساد سفينة «إيكوز» لتهجير المغاربة اليهود بعد أن أدخلت عليها تعديلات، فقامت السفينة بعدد من الرحلات قبل أن تطوح بها عاصفة هوجاء ليلة 11 يناير 1961، وفقا لصحيفة “العلم”، التي ذكرت أن السفينة كانت ترفع علم هندوراس، وتحمل 40 يهوديا مغربيا (الصحيح: 44)، وتتألف هيئة بحارتها من خمسة إسبانيين (الصحيح: ثلاثة)، ولم ينج سوى ثلاثة من البحارة، ومن بينهم قائد السفينة.

وذكرت مجلة Paris Match أن قائد السفينة، فرنسيسكو موريا، البالغ من العمر 38 عاما، فر مع مساعديه في القارب الوحيد الذي كان بالسفينة. وقد روى في شهادته تفاصيل الرحلة وغرق السفينة.

وفي الفجر، استقبل قارب إسباني الفارين الثلاثة وأطلق إشارة إنذار. وعندما وصلت طائرة من القوات الجوية الملكية البريطانية من جبل طارق إلى مكان وقوع الحادث كان قد فات الآوان، ولم تعثر على أثر للسفينة، وكانت جثث الغرقى تطفو فوق الماء.

ومن اللافت للانتباه أن المجلة وضعت لمقالها عن «إيكوز»، وهو غفل من التوقيع، عنوانا: “Toujours la tragédie de l’exodus”، فيه ربط تعسفي للحاضر بالماضي، فغرق «إيكوز»، وفقا لهذا العنوان، هو استمرار لمأساة “الخروج”؛ أي للعبودية والاضطهاد. وقد ارتبطت فكرة الخروج في الوجدان الغربي باليهود، فهم دائماً في حالة خروج (ودخول) من فلسطين (أرض كنعان) إلى مصر، ثم من مصر إلى فلسطين، ثم من فلسطين إلى بابل، ومن بابل إلى فلسطين، ومن فلسطين إلى أرض الشتات، وهكذا. وساهم كل هذا في تحويل اليهود إلى مقولة غير زمانية وفي اختزالهم إلى بُعد واحد.

ابتلعت أمواج البحر العاصف السفينة بعد إبحارها من مدينة الحسيمة بساعتين، فقضى كل ركابها ولم يعثر إلا على نصفهم، هذا النصف كانت له قصة سنختم بها هذه الدراسة.

اتهم المؤرخ الإسرائيلي من أصل مغربي إيغال بن نون إسرائيل بأنها هيأت الأسباب للحادث لتستثمره في الضغط على المغرب لفتح الباب على مصراعيه للتهجير.

فإسرائيل، وفقا لهذا المؤرخ، ارتكبت عدّة حماقات؛ فالباخرة لم تكن في حالة جيدة وكانت محمّلة بما يفوق سعتها، كما أنهم كانوا يعلمون، عندما توجهت الباخرة من الجزيرة الخضراء إلى الحُسيمة، أن حالة البحر لم تكن جيدة، ومع ذلك فقد سمحوا لها بالإبحار. ولم تكن تتوفر على قوارب نجاة، ولا وسائل اتصال ملائمة… إذاً فقد كان الوضع مهيئا تماما لحدوث مأساة… ومع كل أسف، يوضح بن نون، فتقارير الاجتماعات التي عقدت في القدس داخل مكتب وزيرة الخارجية غولدا مائير تبين أن كل المشاركين عقدوا العزم على التخطيط لوقوع أمر جلل في المغرب بحيث يدفع حكومة المغرب إلى ترك اليهود يرحلون.

ألقت شبكة الموساد التي كانت تتولى تهجير المغاربة اليهود، في الكتاب المومأ إليه، بمسؤولية غرق إيكوز على السلطات المغربية التي أخافت اليهود باختياراتها الدبلوماسية التي تناصر القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية، ولاسيما التقارب مع مصر الناصرية، وهذه الخيارات، هي التي جعلت السلطات المغربية تمنع اليهود من الهجرة، وتحجب عنهم جوازات السفر، مما جعلهم يشعرون بعدم الأمان ويرغبون في الخروج من المغرب، مهما كان الثمن، وبأي وسيلة. وقد وصف روبير أصراف في كتابه “محمد الخامس واليهود المغاربة” الخيارات الدبلوماسية للمغرب المستقل بـ “دوار عالم ثالثي”.

كان غرق «إيكوز» نهاية مرحلة في تهجير المغاربة اليهود، وبداية أخرى. فقد كان لهذا الحادث ما بعده بفعل الأصداء الدولية التي خلفها نتيجة الحملة التي شنتها المنظمات الصهيونية وإسرائيل ضد المغرب واتهامه باحتجاز المغاربة اليهود، وبلغ الأمر حد التهديد.

استغلت شبكة الموساد بالمغرب هذا الحادث المأساوي، وأطلقت علمية دعائية سمتها «بازاق»؛ فوزعت منشورا باسم المغاربة اليهود ترفع فيه من معنوياتهم وتحثهم على الهجرة إلى إسرائيل. ووفقا للمنشور، فإنه بعد ألفي عام سنحت فرصة ذهبيّة لعودة اليهود إلى أرض الآباء والأجداد، وأنّ الإسلام يعارض معاداة الساميّة، ولكن هناك أناسا في المغرب قرروا مطاردتنا وإذلالنا، وستكون نهاية هؤلاء مريرة مثل العماليق وهامان وهتلر وإيخمان.

نسخة من المنشور الذي وزعته شبكة الموساد بالمغرب يوم 9 فبراير 1961

كان الموساد يرمي من وراء هذه العملية إلى استفزاز الشرطة المغربية، ودفعها إلى الرد بقسوة واعتقال أكبر عدد من اليهود، لكي يُحدث صدمة في العالم من بطش النظام في المغرب، الأمر الذي يؤدّي إلى حملة تعاطف دوليّة مع اليهود. وبالفعل اعتقلت الشرطة المغربية شبانا ضبطوا وهم يعلقون المنشور، وقد ادعت شبكة الموساد، في كتابها المذكور، أن بعضهم مات تحت التعذيب.

تداعيات غرق «إيكوز»:

كان من النتائج المباشرة لغرق السفينة «إيكوز» رفع السلطات المغربية القيود بشكل كامل ونهائي عن التهجير؛ فعلى إثر هذ الحادث انطلقت في الخارج حملة إعلامية ضد المغرب اتهمته بأنه “يحتفظ باليهود رهائن”. وبالفعل نجحت هذه الحملة التي حركتها الدوائر الصهيونية في إجبار السلطات المغربية على السماح بتهجير المغاربة اليهود. وقد تزامنت هذه الضغوط مع وفاة الملك محمد الخامس، وتولي الحسن الثاني الذي كان في حاجة إلى سند في صراعه المرير على السلطة مع المعارضة اليسارية ورموز الحركة الوطنية. ووفقا لصاحب كتاب «The Alliance Secret»، فإن المغرب الذي كان في حاجة إلى المساعدة الاقتصادية الأمريكية وكذلك العسكرية، لم يكن بالتأكيد ليتحمل استعداء الرأي العام الأمريكي.

وهكذا شرعت السلطات المغربية في رفع القيود تدريجيا عن تسليم الجوازات ابتداء من شهر غشت 1961، ثم رفعت هذه القيود رسميا ونهائيا في 1962، وذلك بعد مفاوضات سرية مع مسؤولين من الجمعية العبرية لمساعدة المهاجرين (Hebrew Immigrant Aid Society)، المعروفة اختصار بـ ««HIAS، بمساعدة رئيس خلية الموساد بالبيضاء ألكس غاتمون.(AlixGattmon)

وعلى إثر هذا الاتفاق انطلقت ما يمسى بعلمية «ياكين»، وهي المرحلة الثالثة من تهجير المغاربة اليهود. وهكذا زادت وتيرة التهجير منذ 1961. وعزت صحيفة “العلم” ذلك إلى تهاون بعض المسؤولين رغم أنها أوضحت أمامهم سبل الاهتداء، والوسائل التي تستعملها شبكة تهريب اليهود المغاربة وحتى الطرق الرئيسية التي يمرون منها. إن استعمال الصحيفة لفظ “تهاون”، لوصف موقف المسؤولين المغاربة من التهجير السري، استبدال لبق لـ “تواطؤ”، و”بيع” المغاربة اليهود، وهذا ما تؤكده الوثائق والمصادر.

ونددت صحيفة “العلم”، لسان حزب الاستقلال، بالأحكام المخففة في حق من وصفتهم بالخونة اليهود الفارين. وعبر كاتب المقال عن اندهاشه لتفاهة العقوبة وبساطة الجزاء، رغم فداحة الجريمة، جريمة الخيانة للبلد الوطن الأم، التي تستوجب أقصى حكم على الأقل إن لم يكن الإعدام. وعزا الواقع المخجل الذي جعل المحاكم تقف مكتوفة الأيدي أمام شبكة الصهاينة، هو أنها لا تجد أي مادة في القانون المتداول بين يديها لتطبيقها على هذه الشبكة المجرمة طبق خيانتها وخلو القانون من النص يجرد الهيئة من كل سلاح قد تقارع به محامي المتهمين. وإذا كانت هذه المادة، وفقا للكاتب، لا وجود لها في القانون المعمول به أيام العهد البائد (الاستعمار)، وإذ يعذر المحاكم في هذا التساهل السافر، فإنه بالمقابل لا يجد معذرة للدولة في هذا الصدد، وطالب بإصدار مرسوم يحدد عقوبة المهربين واليهود الفارين، طبق جريمة الخيانة المقترفة.

“ها أنا ذا أفتح قبوركم”

ذكرت مجلة Paris Match، التي سكتت عن أسباب غرق إيكوز، أن الغرقى الذين انتُشلت جثثهم، وعددهم 22 غريقا، دفنوا في المقبرة اليهودية بالحسيمة على شاطئ البحر، بعد أن انتدبت الطائفة اليهودية في تطوان حاخامها الأكبر للصلاة عليهم؛ فبعد الحثوة الأولى من التراب قرأ الحاخام كلمات حزقيال: “(…) ها أنا ذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل (…)”، سفر حزقيال (37: 12).

وبالفعل، فتحت هذه القبور بعد 32 سنة لنقل رفات الغرقى إلى فلسطين المحتلة لدفنها هناك. وقد استجاب المغرب لطلب كيان الاحتلال الصهيوني بعد حملة ضغط ووساطات، استمرت من 1983 إلى 1992، تولاها سام بن شطريت، رئيس الفيدرالية العالمية لليهود المغاربة ممثل عائلات الضحايا، وسخرت فيها إسرائيل شخصيات سياسية عالمية، وحتى الأمم المتحدة.

فهل أبرمت صفقة أخرى بِيع فيها اليهود أمواتا بعد أن بِيعوا أحياء؟

‫تعليقات الزوار

22
  • منير
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:24

    لم اسمع يهوديا مغربيا يشكر الأمازيغ. .

  • walid
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:27

    عودة يعني كان هناك ذهاب الأصح هو سفر أو خيانة الوطن الأم و إستيطان فلسطين أو على الاقل رحيل اليهود صوب فلسطين المحتلة

  • solo
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:39

    موضوع رائع … شكرا جزيلا للكاتب … شكرا هسبريس

  • للعلم
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:40

    هناك من قتل من الموساد لانه رفض الذهاب او حث الآخرين على الرفض في الحقيقة ان للموساد تاريخ دموي اتجاه اليهود المغاربة وما خفي كان اعظم فقط لفكرة مريضة في رأسهم لا أصل لها حتى في الثوراة حتى اليوم نسبة المتدينين في (اسرائيل ) ضعيفة اما غالبيتهم فهم ملحدون إنما أصبحت دولة انتماء فقط ترزح تحت العنصرية من السفارديم والإشكنازي

  • مول الكتاب
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:49

    حقيقة، هجرة إخوتنا اليهود لإسرائيل خسارة عظيمة للشعب المغربي. تصورا معي لو بقوا في المغرب ؛ حتما سيزدهر الاقتصاد و التجارة و ستتدفق الاستثمارات و الأموال من الخارج و سنتصدر الامم العربية في ميدان البحث العلمي و الابتكار باعتبار اليهود أهل علم و فطنة و هو ما يجعلهم يحصدون جوائز نوبل في جل التخصصات. يا ليتهم بقوا .. يا ليتهم بقوا .. يا ليتهم يرجعون ..

  • boujmia
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 10:59

    مقال طويل ومشوق شكرا د. الحاج محمد الناسك ولهسبرس
    فعلاالموساد كان ومازال ينخر جسد الاءمة
    كان يقوم بافعال عنف ضد اليهود ليدفعهم للرحيل من بلدهم
    يزرعون الفتنة حتى يضيق الحال
    الضحايا الاءولون هم اليهود المغاربة واليهود السفراديم عامة
    وتاني الضحايا هم الفسطينيون
    المغرب هو الدي يجب ان يطلب برجوع ابناءه اليهود الى ارضهم وان يقاضي النضام الصهيوني من اجل التعويض
    فكيف يعقل ان منضمة الاركونوالهاغانا وستيرن الاءرهابييين الفاشيين ان يقاضو دولة المغرب وان يربحو بان يهود مغاربة يدفنو في فلسطين المحتلة
    وشعاع الشمس ما تخزنو لسوار

  • sifao
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 11:24

    ان البحث الاكاديمي الذي يتوخى كشف الحقائق ينأى بنفسه عن توظيف المصطلحات التي توحي بالانحياز لطرف على حساب الاخر ، مثل "الاساطير" ، " احتلال " الصهيونية " " اجتثاث" توصيف ما يقوله الطرف الثاني بالاساطير، مثلا ، يعني ان ما تقوله انت هي الحقيقة ، والحقيقة لا تحتاج الى مساندة لفظية وانما الى براهين وحجج دامغة معززة بالوثائق والارقام و…

  • شالوم ليهودنا العقلاء
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 11:31

    لقد أغرق الموساد هاته السفينة للضغط على المغرب في الصحف الدولية التي يتحكم بها اللوبي الصهيوني الأشكنازي آنذاك من أجل الترويج لدعاية أن يهود المغرب يريدون الرحيل و لو سرا في قوارب الموت و المغرب يمنعهم!! و ضحو ب 40 يهوديا مغربيا أي سفارديا، فلا مانع ما داموا صفارديم و أن مصيرهم هو تكوين بروليتالية إسرائيل الفقيرة، هناك كاتب اسمه yigal bin nun يفضح هاته القضية، و الصفارديم يكتشفون يوم بعد يوم ماذا فعل بهم الموساد ابتداءا من تفجير فندق الملك ديفيد!! و لتسمعو للمغربي jacob cohen ماذا يقول في القضية!!

  • محمود
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 11:40

    عندما قرأت العنوان أردت ان احتج و اصححه و لما قرأت النص ادركت ان الكاتب صحح بعض المفاهيم التي تروج لها الحركة الصهيونية لذا وجب شكره و تشجيعه

  • Moha
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 12:09

    A ceux qui appellent les juifs (nos frères les juifs), je les invite à faire un petit tour du côté des colonies juives en Palestine. Après, ils me diront des nouvelles, si ils restent en vie bien sûr. Arrêtez de vouloir plaire à tout le monde. Vous n’êtes pas juifs et aux yeux des juifs vous êtes moins que des animaux, ce n’est pas moi qui le dis. C’est leur religion. Notre religion nous oblige à respecter tout le monde et à les traiter avec humanisme et dignité. Mais il faut toujours rester méfiant et sur ses gardes.

  • harrokki
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 12:11

    Heureusement qu'ils ne sont plus la !!! Savez vous que les 15000 juifs marocains ne payent ni taxes ni impôts et les bénéfices de leurs affaires vont en israël !!!!!!!!????

  • طارق
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:09

    لا ننسوا الدين رفضوا الدهاب تمت تصفيتهم بطريقة غير مباشرة (مرقص شارع بوردو) قرب سينما فيردان و المتهم كما العادة المسلمين

  • محمد
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:18

    أذا كان اليهود لم يُطردوا، ولم يتعرضوا للشتات، فلماذا ليس لهم بلد؟!!!

  • اماواس
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:24

    كفاكم كذبا فاليهود قرروا الهجرة للاسرائيل لانها كانت ملاذهم من العنصرية التي يتعرضون لها منذ قيام هذه الدولة الفتية خاصة في المدن الكبرى الدار البيضاء، مراكش، الرباط… عكس مناطق سوس و الاطلس و الجنوب لشرقي حيث كان اليهود يعيشون في سلام و امان مع سكان هذه المناطق المسالمين. لدي صديقة يهودية ازدادت بتارودانت و هجروا للدار البيضاء حكت لي كيف كان الاطفال هناك يرشقونها بالحجارة و يشتمونها باليهودية الحقيرة و بسبب ذلك قرر والدها الهجرة لفرنسا و هي الان اطار بنكي عالي هناك.

  • متابع
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:40

    خيانة الوطن و التهجير نحو فلسطين
    المحتلة

  • ح. محامي بهيأة وجدة
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:50

    أكبر غلطة و أكبر خطأ تاريخي ارتكبته بعض الدول العربية و منها المغرب هو تهجير اليهود من البلاد العربية إلى إسرائيل و كانت تك خطة مدروسة من طرف الموساد للقيام بتهجير اليهود ثم القيام بهجرة معاكسة للعرب الفلسطينيين إلى خارج فلسطين و هو ما يعرف اليوم بعرب الشتات المهجرين منذ 1948 ، عادة أن الدولة هي التي تنشئ المخابرات لكن العكس بالنسبة لإسرائيل فان الموساد سابق على الدولة الإسرائيلية فهو الذي أنشئها و كان يقوم بعمليات و مؤامرات داخل أوروبا و روسيا إذ قام الموساد بتسخير يهودية لقتل ألكسندر قيصر الروس و من ثم اتهام اليهود و اضطهادهم و طردهم و تهجيرهم إلى فلسطين و هذا هو هدف الموساد كما كان الموساد كان يقوم بزرع متفجرات في المصانع اليهودية في فرنسا و غيرها من الدول الغربية لتبرير اضطهاد اليهود و من ثم تهجيرهم إلى أرض الميعاد ، هذا موضوع كبير يحتاج إلى مقالات عديدة ، يهود المغاربة ساهموا في تطوير اقتصاد المغرب وكان يجب معاملتهم كمغاربة استوطنوا المغرب قبل قرون عديدة …

  • abu adam
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 13:54

    ولقد تبنى هذا الموقف علنا ديفد بن غوريون الذي كتب في مذكراته، يقول "إن يهود أوروبا شكلوا شخصية الشعب اليهودي في العالم بأسره. والصهيونية هي في الأساس حركة اليهود الغربيين". وشبّه بن غوريون يهود البلاد العربية "بالزنوج الذين أحضروا إلى أميركا كعبيد".

  • Palestine occupé
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 19:06

    Je demande juste de la correction du titre c'est palestine occupé et le peuple palestinien masacre par les sioniste

  • سعيد
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 19:26

    تحياتي للدكتور الحاج محمد الناسك الشاب المثقف والخلوق … ذي المباديء الراسخة…
    ذكرى أيام في قطر صحبة نخبة من سفراء المغرب الحقيقيين، طيبة وثقافة وأدبا وتدينا … لهم مني خالص المودة

  • مسعود السيد
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 21:38

    كثير من الكتاب و النقاد والمنتقدين مدفوعين بدوافع شتى لن نقول يجهلون بل يتجاهلون حقيقة في غاية من البساطة تغني عن أي جدال عقيم وهي أن اليهود عاشوا على أرض الشام ومصر وتهامة ونجد واليمن وكامل الجزيرة العربية، وكل القصص و الأنبياء الذين تحدث عنهم القرآن قبل محمد أرسلهم الله الى اليهود حدثت على أرض إسرائيل الكبرى والصغرى وليس في أي مكان آخر، فالعرب هم من اغتصب الشام وبلاد فارس وشمال أفريقيا والأندلس، اليهود عادوا إلى جزء بسيط من وطنهم الكبير ولتحمدوا الله شاكرين أنهم لا يطالبونكم بيثرب وخيبر وغيرها من أوطانهم أجدادهم هناك .

  • musulMan
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 23:05

    موضوع رائع … الكاتب صحفي محترم يستحق التشجيع .
    لك مني التحية

  • الى مسعود السيد
    الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 23:09

    يبدوا انك لا تعلم شيئا عن التاريخ اذا اقرأ سُوَرة يوسف وستفهم من هوا اسرائيل (يعقوب عليه السلام ) وأبناءه وأين كانوا في البدو (اغلب الظن صحراءسيناء)وكيف دخلوا الى مصر وكيف أخذهم موسى عليه السلام ونجاهم من فرعون الى فلسطين آلتي كان فيها اَهلها وهم العرب الكلدانيون ولكنهم جبنوا وقالوا اذهب انت وربك فقاتلا ان هاهنا قاعدون إدن أين هي اسراءيلك الكبرى والصغرى التي تتحدث عنها اما ديانة اليهودية فهي كلمة بدأت في عهد الرومان الوثنيين اطلقوها عليهم لما دخلوا القدس نسبة ليهوذا كان كبير لهم لانه كل الرسل اللذين ذكرتهم من قبل لم يسمعوا بالديانة اليهودية طوال حياتهن

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين