ثيردييرا .. جاسوس إسباني بجلباب مغربي مرّ من جامعة القرويين

ثيردييرا .. جاسوس إسباني بجلباب مغربي مرّ من جامعة القرويين
الجمعة 14 أبريل 2017 - 17:00

صدر، مؤخرا، كتاب بعنوان “كليمينتي ثيردييرا.. مترجم ودبلوماسي وجاسوس في خدمة الجمهورية الإسبانية الثانية”، للأكاديمي المغربي مراد زروق، المهتم بقضايا التاريخ والأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

ويروي هذا المؤلف، الذي يقع في 226 صفحة، قصة ثيردييرا الذي تحول من مترجم بسيط إلى جاسوس بارز يخدم الجمهوريين الإسبان من داخل التراب المغربي إبان عهد الحماية الإسبانية-الفرنسية، والذي “كان على وشك تغيير التاريخ؛ لكنه مات وهو يحاول”، وفق تعبير الباحث مراد زروق.

وزاد زروق، ضمن تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإسبانية “إفي”، أن كتب التاريخ تحدثت باستخفاف عن شخصية ثيردييرا الذي لم ينل المكانة التي يستحقها، بالرغم من عمله الدؤوب لصالح الجمهورية بإسبانيا وعلاقاته الوثيقة بالقومية المغربية، خلال فترة الحماية الإسبانية-الفرنسية ما بين 1912 و1956.

وأبرز المترجم المغربي، ضمن البحث التاريخي ذاته، أن “الشخصية موضوع البحث كان يجيد الحديث باللغة العربية الفصحى والدارجة المغربية، فضلا عن معرفته العميقة بالإسلام والمجتمع المغربي؛ وهو الأمر الذي جعله موضع حسد من قبل أشهر المستعربين حينئذ”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “ثيردييرا كان يحترم الإسلام والمغاربة، كما أنه كان مندمجا اندماجا جيد داخل المجتمع المغربي، وكان يشعر بالراحة سواء ارتدى لباسا أوروبيا أو جلبابا مغربيا، وهو ما حاولنا تجسيده من خلال غلاف الكتاب”.

وأضاف زروق أن “الفضل في إتقان ثيردييرا للغة والثقافة العربيتين يرجع إلى والده الذي كان يعمل حارسا في التمثيلية الدبلوماسية الإسبانية بطنجة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، حيث أدرك أن عمل المترجم يحظى بتقدير كبير ومدفوع الأجر، لا سيما خلال المفاوضات مع المغاربة. لذلك، أرسل ابنه لتلقي دروسا في مدرسة قرآنية خلال الفترات المسائية وكسب صداقات مع السكان المحليين”.

“ودرس ثيردييرا شعبة القانون بإسبانيا، كما تلقى تكوينا بالجامعة العريقة القرويين بمدينة فاس؛ وهو ما أعطى دقة عملية لأعماله بخصوص قواعد اللغة العربية وترجماته لكتب التاريخ حول المغرب، حيث بدأ مساره كمترجم بسيط في الإدارة الاستعمارية الإسبانية بشمال المغرب إلى خدمة المفوض السامي، دماسكو بيرينغير”، يضيف الباحث المغربي.

وتابع زروق أن مهارات ثيردييرا لم تمكنه من الحصول على رتبة المفوض الأول مع الشريف مولاي أحمد الريسوني، الحاكم شبه المطلق لمناطق جبالة، مبرزا أن “الجاسوس الإسباني سالف الذكر تدرج في سلم الإدارة الاستعمارية إلى أن تقلد منصب القنصل العام بمدن طنجة والدار البيضاء ونيوكاسل، وأخيرا ليفربول حيث أنهى مساره الدبلوماسي بعد سقوط الجمهورية الإسبانية الثانية ونهاية الحرب الأهلية سنة 1939”.

وحظيت مواقف ثيردييرا، طوال مسيرته، برفض من العسكريين الإسبان الذين تلقوا تكوينهم ضمن حملات عسكرية بشمال إفريقيا خلال القرن العشرين، لدوافع ذات صلة بتصورهم “المدني” للاستعمار الإسباني بشمال إفريقيا. كما كان ثيردييرا أيضا يعتبر عدوا لدى القوميين الإسبان لنشاطه كجاسوس لصالح الجمهوريين.

وأكد الباحث في العلاقات المغربية الإسبانية أن “ثيردييرا كان يتجسس على الإدارة الاستعمارية الفرنسية لخدمة مصالح الإسبان بالمملكة المغربية. كما ساعد على تسليح مقاتلي مناطق الريف المغربي بغية التمرد على القواعد العسكرية للانقلابيين الإسبان”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “هذا الجاسوس الإسباني حوّل خليج مدينة طنجة إلى قاعدة بحرية للسفن لقصف قواعد العسكريين القوميين الإسبان بمدينة سبتة، قبل أن يتم إبعاده عن التراب المغربي الخاضع للحماية الفرنسية-الإسبانية، في حين وضعت زوجته وأطفاله تحت الإقامة الجبرية بثغر سبتة”.

وختم زروق حديثة بالقول إن “ثيردييرا لم يتمكن من رؤية أسرته لمدة أربع سنوات بأمر من السلطات الفرنسية، بالرغم من محاولاته المتكررة للعودة إلى المغرب الخاضع للحماية، قبل أن يباغته الموت بمستشفى بمدينة نيس الفرنسية سنة 1941، وهو يحمل معه حقيبة بها علم الجمهورية ومنشورات وذكريات عن حياته المتسمة بالمغامرة”.

‫تعليقات الزوار

12
  • موريسكي
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 18:26

    أغلب الجواسيس كانت نهايتهم مأساوية وماتوا مجهولين

  • غريب و ليس غريب...
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 18:49

    نفس الاساليب استعملها المستعمر على مر الزمان ولا يزال ( توصية الاجداد) لاطفاء نور الله ( هيهات) ولكن المغفل اختار طمس راسه تحت الارض… واخر ملهي مع ارب ايدول ( عبادة الايدل الصنم كما في الجاهلية) والجري وراء تفاهات الدنيا.

  • الشاوي
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 19:12

    تريدييرا تريدييرا باداعا من الحريرة .كلمة كنا نرددها ونحن فتيانا لحظة الاعلان عن مشاهدة الاول من شهر رمضان الكريم.ونعدوا في كل اتجاه مرددينها عدة مرات ملء افواهنا ولم نكن ندري مغزاها .هل لدلك علاقة بهدا الجاسوس الاسباني ؟؟؟

  • mohammad
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 19:20

    تشكل شخصية الرجل حضورا قويا في تاريخ المغربوإسبانيا عل حد سواء خاصة علي المستوى السياسي والمخابراتي،فقد حمل إسم عبدالرحمن ثيرديرا الأندلسي حينما كان بمدينة فاس ولد بجهة برسلونة ومات بمدينة نيس الفرنسية ،كان جمهوري الهوى أو القناعة السياسية لذا عمل على إثارة قبائل شمال المغرب ضد العسكريين الفاشيين حينما كان قنصلا بمدينة طنجة ……لذا جرت عليه قناعته الجمهورية النفي والموت بعيدا عن أسرته التي كانت بسبتة ولا زال المحندرون من هذه السلالة بها لحد اليوم يشتغلون بالمحاماة ….

  • L.M
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 20:02

    أودّ فقط القول لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ونقلل دائما من معنى الكلمة، كان بالأحرى القول الإستعمار وليس الحماية فالفرق أكبر ..

  • خداد
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 20:08

    نفس حيل و مكر الاستعمار الصليبي موجودة اليوم بل تطورت للاسف الشديد تم تغيير الجلباب بعقول مُخربة مهدمة تملئها اكذوبة الحرية-العدالة-المساوات.

  • hammouda lfezzioui
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 21:16

    قال الرحالة الاسبان عن المغرب:
    ''اذا كان لصوتي بعض السلطة ,وان لم تكن اكثر من تلك التي قد تمنحها لي نواياي الحسنة وكذا التجربة التي اكتسبتها عن البلد الذي اتحدث عنه خلال
    اقامتي به ,فانما اتمناه هو الا تتخلى الحكومة الاسبانية في المستقبل ابدا عن الاهتمام بالمغرب.''

    ميري اي كولون
    _________

    هناك قاعدة تاريخية لاحظت انها تتكرر عبر القرون في علاقتنا مع المغرب الاقصى ,هذه القاعدة تقول وبوضوح ان الشعب الذي ينجح في في غزو احدى ضفني مضيق جبل طارق ,لابد له ان يكون قبل ذلك وبمدة قد نجح في السيطرة على الضفة الاخرى,ان هذه القاعدة لن تتغير ابدا…لذا قد ياتي يوم نفقد فيه استقلالنا وتختفي امتنا ربما دون اية امكانية لانبعاتها من جديد……..ان حدودونا الطبيعية توجد في الاطلس وليس في مضيق جبل طارق.

    كانوفاس ديل الكاستيو

  • traducteur
    الجمعة 14 أبريل 2017 - 23:28

    الكتاب أكيد مهم ومفيد، لكن لا أدري إن كان الكاتب زروق مترجما أم أستاذا في التاريخ كما ذكر صاحب المقال، أظنه أستاذ مادة الترجمة الذي درسنا نظريات الترجمة في طنجة وكان بخيلا جدا وشحيحا لم نستفد معه أبدا للأسف.

  • قول الحق
    السبت 15 أبريل 2017 - 02:41

    نحن بمدينة القنيطرة كنا نردد في الصغر عند حلول ليلة رمضان القول التالي : تريرا تريرا غدا الحريرة . انا من مواليد 1960 اما الكتاب فالمقال عنه جيد ويرصد فترة من تاريخ المغرب ولا بد من احداث رجة فكرية داخل الجامعات المغربية كالسبعينات .

  • reveil
    السبت 15 أبريل 2017 - 07:02

    salam pour LM5 encore mieux et vrai
    لا نقول إستعمار لأن معناها في القرأن "إستعمر الله الناس في الأرض " يجب إستعمال كلمات إستدمار

  • بهجاوي رباطي
    السبت 15 أبريل 2017 - 10:11

    الى صاحب التعليق رقم 3 الكلمة التي كنا نردد في الطفولة هي تيريرا تيريرا هدا عام الحريرة ولا علاقة لذلك بالجاسوس الاسباني او الجواسيس السوفيات.

  • hammouda lfezzioui
    السبت 15 أبريل 2017 - 13:51

    لماذا لا تريد اسبانيا ان تتخلى عن الثغرين المحتلين وبعض الجزر الاخرى?

    ''توجد قبالتنا في الضفة الاخرى قضية يعتبر الحسم فيها مساءلة حياة او موت ,لذا لا يمكن نسيانها او النظر الى وجهة اخرى غيرها ,وهي غزو المغرب واستعماله كحزام واق.''
    كانوفس د يل الكاستيو

    توجد قبالة شاطئ الحسيمة جزيرة عبارة عن صخرة كبيرة يتناوب الجنود على حراستها طيلة السنة ,و يقال انه حفرت تحتها خنادق وبها مخازن…

    اليس هذا غزوا ناعما يتيح للاسبان مراقبتنا .ومراقبة كل صغيرة وكبيرة في البحر الابيض المتوسط.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات