في هذه السلسلة الرمضانية “كانوا وزراء”، تنبش “هسبريس” في مسارات وزراء سابقين طبعوا حكومات المغرب، سواء ببرامج أو تصريحات أو سياسة لافتة، فبغض النظر عن الإيجابيات والسلبيات والتقييمات المتباينة، بقيت أسماؤهم تحظى باحترام جدير.
هم وزراء ووزيرات، قضوا مدداً في المسؤولية الحكومية بفترات مختلفة وألوان سياسية مختلفة، لكن أغلبهم اليوم توارى إلى الخلف، وباتوا يفضلون الابتعاد عن الأضواء..ولذلك سنحاول تسليط الضوء عليهم ما أمكن، رداً للاعتبار ومناسبة لأخذ الدروس أيضاً.
سنرصد سيرهم الذاتية، ومجالات اشتغالهم في فترات متعددة من تاريخ حكومات المغرب، وما خلفوه من أثار، عبر مبادرات ظلت حاضرة في المشهد الحزبي المغربي، حتى بعد مغادرتهم للمسؤولية بسنوات وعقود.
ليس من عادة الوزراء المغاربة أنْ يُقْدموا على الاستقالة من مناصبهم، حتى في الحالات التي ترتفع أصوات المواطنين منادية بتنحّيهم، لكن العربي المساري كسر هذه القاعدة، واستقال من منصبه بصفته وزيرا للاتصال في حكومة التناوب التوافقي، بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، رغم أنَّ لا أحد أرغمه على ذلك، بل اختار الاستقالة طواعية.
في شهر مارس عام 1998 عُيّن العربي المساري وزيرا للاتصال. كانت الآمال، يومئذ، عريضة في الانتقال من مغرب إلى مغرب آخر، عبر جسر “التناوب التوافقي”، وكان المساري يحذوه طموح كبير في إصلاح الإعلام المغربي إصلاحا جذريّا، هو الذي يجرّ خلفه تجربة حافلة في هذا الميدان، لكنّ الرياح جَرَت بما لم تشْتهه سفينته، فترجّل منها بعدما لم يُفلح في قيادتها صوب الوجهة التي كان يريد.
المطبات التي واجهت سفينة العربي المساري لاحتْ معالمُها حتى قبل أن يضع رجْله داخل وزارة الإعلام. يروي نبيل درويش، الإعلامي المغربي، الذي كان مقربا جدا من المساري وربطته به علاقة صداقة قوية، أنّ المساري جمعته بالملك الحسني الثاني دردشة يومَ تنصيب “حكومة التناوب التوافقي”، قال الملك خلالها لوزيره: “ها أنت تملك حقيبة الإعلام أسّي المساري، فماذا بعد؟”.
كانت الجملة التي ألقاها الملك الراحل على مسامع وزيره أولى الإشارات على أنَّ مهمة قيادة سفينة الإعلام المغربي لإيصالها إلى الوجهة التي يريد المساري لن تكون سهلة، وما لبث الواقع أن برهن للوزير الاستقلالي، الذي حمَل معه إلى وزارة الإعلام مشاريعَ إصلاحية كبيرة، أن هذه المهمة ليست صعبة فحسب، بل مستحيلة.
كان المساري يطمح في الرقي بالصحافة المكتوبة لتصير المقاولات الصحافية المغربية مقاولات حقيقية، ورفع منسوب استقلالية الخطّ التحريري للصحف، وتقوية الصحافة الجهوية، وإخراج الإعلام السمعي البصري من عتمة التخلف التي يتخبط فيها، “ولكنّه اصطدم بواقع عنيد، وبوجود قوى تحكُّم تعارض أيَّ تغيير بشراسة، فما كان منه إلا أن طلبَ إعفاءه من مهمته، بعدما أيقن استحالة تحقيق حلمه”، يقول نبيل درويش لهسبريس.
ويروي درويش أنَّ العربي المساري حين أيقنَ أن المهمّة التي جاء إلى الوزارة من أجل أدائها مستحيلة، توجّه إلى عباس الفاسي، الذي كان آنذاك أمينا عاما لحزب الاستقلال، وأخبره بأنه سيستقيل من الحكومة، قبل أنْ يضع طلب الاستقالة على مكتب الوزير الأوّل، عبد الرحمان اليوسفي، لكنَّ الطلب قُوبل بالرفض، غير أنَّ ذلك لمْ يُثنه عن التمسك باستقالته.
وفيما كان المساري يُمنّي النفس بأن يحظى طلب استقالته بالقبول، جاء تعيين فيصل العرايشي على رأس إدارة الإذاعة والتلفزة المغربية، خلفا للوالي اطريشة، ليكون بمثابة الضربة الكُبرى لوزير الاتصال في حكومة التناوب التوافقي. ليلة ذلك اليوم سألته زوجته: “لماذا لم تظهر في نشرة الأخبار المسائية، رغم أنّك أنت هو وزير الإعلام؟”. ويشرح نبيل درويش هذا التغييب بكونه “إعلانا عن وضع المساري على الهامش”.
مَضتْ شهور دون أن يُلبّى طلب المساري بإعفائه من مهمّته على رأس وزارة الاتصال، فلم يكُن أحد من الوزراء يجرؤ على تقديم استقالته. وبعد شهور من الانتظار، اهتدى أولو الأمر إلى حلٍّ يحفظ ماء وجوههم أمام وزير مشاكس لا يشبه باقي الوزراء. ففي شتنبر سنة 2000 وقع تعديل حكومي، استُغلّ لإعفاء المساري من مهمته، فغادر الوزارة بضمير مرتاح.
غادر المساري وزارة الإعلام عن اقتناع تام. ويروي نبيل درويش أنّه تحدث معه في هذا الموضوع، وسأله عن أسباب استقالته، فلخّصها على لسان بطل رواية ثربانتيس، الذي قال حين عُين حاكما للمدينة: “اكتشفت أنني لم أصلح لأكون حاكما”. ويضيف درويش “المساري اكتشف أيضا أنه لم يكن صالحا ليكون وزيرا للاتصال في ظل المناخ الذي كان قائما، لكنه كان من أحسن وزراء الإعلام في المغرب”.
قبل أن يُعيّن محمد العربي المساري وزيرا للاتصال في حكومة التناوب التوافقي تقلّد وظائف ومسؤوليات كثيرة، حيث كان مديرا لصحيفة “العلم”، وشغل منصب رئيس اتحاد كتاب المغرب، كما تقلد منصبَ سفير المغرب بالبرازيل… “كان يعمل بجدّ ويحب بلده حبا صادقا. وقد مات وفي حلقه غصة لعدم نجاحه في تحقيق حلمه بإصلاح الإعلام”، يقول نبيل درويش.
المساري، وبالرغم من كل المسؤوليات التي تولاها، ظلَّ وفيّا للقراءة والكتابة، فقدْ ألّف كتبا كثيرة، ودأبَ على نشر المقالات بشكل منتظم، وكان يجد لذّة كبيرة في القراءة والكتابة، بلْ إنَّ أمنيته، وهو يستعدّ للرحيل إلى الدار الآخرة، كما حكى لنا نبيل درويش، نقلا عن صديق مشترك بينه وبين المساري، هي “أن يسمح لي عزرائيل بأن أحمل معي إلى القبر بعض الكتب، لأني لا أستطيع أن أتوقف عن القراءة”.
العربي المساري لم استقالته من وزارة الاتصال ولم يطلب إعفاءه من مهامه وإنما تمت إقالته لأسباب لا يعلمها إلا الله وتبقى الإجابة عند أصحابها. أما القول بأنه كان وزيرا مشاكسا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني فهذا لا أساس له من الصحة.
ونعم الرجال. لن ينسى ابدا. في ظل ما نلنسه من تدني الاعلام رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه
الى صاحب التعليق الاول . هذا ما يحاول المخزن اظهاره بكون لا احد يجرأ عليه. هناك شخصيات كثيرة و مناضلين رفضوا الاستوزار بل منهم من رفض حتى القاء الدرس الحسني. في حضرة الحسن الثاني. فعلا المساري قدم استقالته و خرج مرفوع الرأس.
صراحة كان وزيرا ضعيفا غير متمكنا ولم يستطع إذخال أي تغيير فتمث إقالته
الراحل محمد العربي المساري كان رجلا مثقفا و إنسانا هادئا و مهذبا، لكنه كان أيضا سياسيا "مُسَالِماً" لا يُنْتَظَرُ منه "مشاكسة" المخزن و لا التمرد ضده! و "البطولات" الوهمية التي يحاول نسبتها للراحل لا وجود لها على أرض الواقع! ف سي العربي المساري لم "يعد حقيبة الإعلام للملك…" بل فقط عبر عن رغبته لرئيس الحكومة عبد الرحمان اليوسفي، و ذلك بعد أن تعرض لإهانة بالغة حين لم يتم حتى إخباره بتعيين فيصل العرايشي…! و قد رفض عبد الرحمن اليوسفي أن يناقش موضوع الإستقالة و نصح الوزير الراحل بالصبر.
و "سلمية" الرجل هي التي دفعت الفكاهي الساخر "بزيز" (أحمد السنوسي) للتهكم على الرجل قائلا: "أنا ما عرفت هادا واش مسالي (مساري) ولاَّ ضربوه ب طريشة"، في إحالة على "إستسلام" الراحل أمام سلطة مدير التلفزة عامل وزارة الداخلية "محمد طريشة" !
هناك عديد منهم ومن بينهم عبد الهادي بوطالب.وعبد الرحمان اليوسفي ورضى كديرة وغيرهم .وهنا من زج بهم في سجن لعلو لتلاعبهم في أموال الدولة ومن بينهم مأمون الطاهري وآخرون
تحية اسي العربي المساري جبالة بني مسارة وزان ديما رجال