رسالة بلال ريان إلى أسرته الشهيدة

رسالة بلال ريان إلى أسرته الشهيدة
الأحد 22 فبراير 2009 - 10:35

في الصورة د نزار ريان

والدتي الغالية الحبيبة أم بلال ..الأم الصابرة المجاهدة عاشقة الشهادة في سبيل الله، كيف لا وهي أول من قدمت ابنها للشهادة في سبيل الله وودعته، ونام في حضنها قبل خروجه للعملية الاستشهادية، فلقد كان أخي إبراهيم الشهيد ورفيقه عبد الله شعبان “رحمهما الله” أول من اقتحم المستوطنات الصهيونية: “مستوطنة إيلي سيناي” بتاريخ 2-10-2001 م ولم يكمل إبراهيم يومها عامه السابع عشر، ومكنه الله عز وجل –بصحبة رفيقه- من قتل أربعة جنود وإصابة ما يقرب من عشرين، والإثخان في العدو، ويومها قال عدو الله شارون: ” إنها ليلة صعبة على دولة إسرائيل“.

لقد كانت والدتي رحمها الله هي وجميع زوجات أبي “خالاتي” رحمهن الله يذهبن إلى بيوت الشهداء يواسينهم ويصبرنهم، ويخففن عنهم المصاب حتى في آخر يوم من حياتهن ذهبن إلى بيوت العزاء، وكان آخر بيت ذهبن إليه هو بيت الشهيدة – زوجة الشهيد – فاطمة صلاح رحمها الله ، كلهن بلا استثناء كن يتمنين الشهادة في سبيل الله، ويدعين الله أن يرزقهن الشهادة، فصدقن الله فصدقهن الله ،سيفتقدك المرابطون يا حبيبة القلب في منتصف الليل، وأنت تجودين بأفضل ما لديك من طعام وحلوى.

أم عبد الرحمن

خالتي أم عبد الرحمن زوجة أبي الثانية رحمها الله، كم كانت محافظة على صلواتها في المسجد، هي وباقي زوجات أبي وكانت تحافظ على قيام الليل والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هي وباقي الخالات الطيبات.

أذكر موقفًا في معركة أيام الغضب عندما اشترى والدي رحمه الله مستلزمات الإسعاف الأولي، وجهزها لخالتي أم عبد الرحمن لإسعاف المجاهدين والمرابطين، _ فهي تحمل شهادة عليا في التمريض وعملت فترة طويلة في تدريس التمريض في أحد أرفع معاهد غزة _ فأحضر لها والدي الأدوات اللازمة إن احتاج الأمر لذلك، وعلى الفور أعدت نفسها وهيأتها لهذا الأمر، وكانت فرحة بذلك فرحًا شديدًا وفخورة به.

أم علاء

خالتي أم علاء الزوجة الثالثة لوالدي خالتي الحنونة صاحبة القلب الطيب الرقيق -وكلهن طيبات طاهرات- لقد كانت رحمها الله معطاءة جدًا، تعطف على الجميع، وتحمل هموم الآخرين وتواسيهم حتى إنها كانت تبكي لهموم الناس وآلامهم، وتدعو الله أن يفرج عن المسلمين كربهم.


لقد أكرمها الله بأن رابطت ليلة مع والدي من ليالي الرباط المباركة، ولقد كانت تتهيأ رحمها الله لمناقشة رسالة الماجستير في قسم التفسير بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة، ولكن الله شرفها بالشهادة في سبيله، وهي أعظم من أي شهادة من شهادات الدنيا شهادة كتبتها بدمائها الطاهرة .

أم أسامة بن زيد

خالتي أم أسامة بن زيد الحافظة لكتاب الله، الحاصلة على درجة البكالوريوس بكلية أصول الدين، وطالبة الماجستير بقسم الحديث الشريف بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة, والمدرّسة للتربية الإسلامية بمدارس الابتدائية، لقد كانت كباقي زوجات والدي الحبيب معطاءة محبة للخير والجهاد، رحمهن الله جميعًا، وأسكنهن الفردوس الأعلى، وجمعنا بهم عن قريب.

أما إخوتي الأحباب والذين كلما تذكرتهم وتردد صدى ضحكاتهم في أذني، وفي الصورة المقابلة لها أتذكر كيف مزقتهم يد الغدر الصهيونية إلى أشلاء ولم ترحم طفولتهم وبراءتهم، إن قلبي على هؤلاء يتفطر ويبكي دماً، ولن يشفي غليلَنا إلا زوالُ إسرائيل، أسأل الله أن يتم ذلك عاجلاً غير آجل، لكن عزاؤنا أنهم مضوا في سبيل الحق .. في سبيل الله .

الأحبة

إخوتي الذين مضوا مع والدي أحد عشر طفلا أكبرهم غسان ذو الستة عشر ربيعًا : غسان فقد إحدى حبيبتيه في أيام حصار المجاهدين في بيت حانون، وخرج في مسيرة مدنية لفك حصارهم، ومكن الله لهم ذلك، وأول كلمة قالها بعد أن علم بفقد عينه وهو في المستشفى: الحمد لله أنني أستطيع أن أقنص بعيني الثانية.

غسان كان نائما في غرفته لحظة القصف، كان مستلقيًا على سريره متخففا من أعباء يعرفها قلة من الناس، لكن هي كلمة قالها لي والدي الحبيب: ما أجمل أن ينام الإنسان ويستيقظ فيرى نفسه في الجنة. نحسبهم شهداء في جنة الفردوس ولا نزكي على الله أحدًا .

أخي وحبيبي عبّود “عبد القادر” الطفل المدلل المحبوب من الجميع، كلما كان العدو الصهيوني يقصف ويشن غاراته كان يختبئ في حضن والدتي ويقول إذا استشهدت أستشهد في حضن والدتي، وكان له ما تمنى فدفن في حضن والدتي رحمهما الله رحمة واسعة.

أختي آية وهي بعمر عبد القادر في الصف السادس الابتدائي كانت طفلة بريئة جدا كانت مفعمة بالحياة سلبها إياها العدو الجبان، أصرّت على أن تموت بجلبابها ومنديلها، عفيفة طاهرة كبيرة –على صغر سنها- وكان لها ما أرادت. رحمة الله عليها.

حبيبتي مريم في الصف الرابع الابتدائي؛ مريم التلميذة المتميزة المتفوقة في دراستها، والتي كانت تحلم بمستقبل واعد وغد أفضل تنتظر الحرب أن تضع أوزارها لتعود إلى مقاعد الدراسة لكن اليهود الحاقدين حرموها من حقها في العيش بسلام أو أن تكمل دراستها كباقي أطفال العالم.

أختي زينب الطفلة البريئة التي لم تعرف من الدنيا شيئًا بعد، والتي لم تمنعها الحرب من مواصلة لعبها لعلها كانت تجد في اللعب متنفسا بعيدا عن الخوف والرعب، صاحبة أطيب قلب عرفته.

أخي عبد الرحمن وأختي ريم الحلوة وأختي حليمة الأميرة كلهم كانوا في عمر واحد –خمس سنين لكل منهم- كانوا سوية في البستان في روضة الخلفاء الراشدين يذهبون معًا، ويعودون معًا، صورتهم هذه لا تكاد تغيب عن ناظري أبدًا، لقد كانوا ثلاث زهرات جميلة، أحرقتها آلة الدمار الصهيوني، ولم تشفع لهم براءتهم فقلب عدوّهم أقسى من الصخر فكيف يلين ؟ فحسبي الله ونعم الوكيل.

أسامة بن زيد ذو السنوات الثلاث، كان أول ما نطق: “أنا عند بابا”، فاستشهد بين ذراعي أبيه، فحسبي الله ونعم الوكيل.

عائشة أصغر منه بشهرين، صغيرة كانت، لكنها في منتهى الذكاء وخفة الظل، لم يصعب عليّ أن أرى في عينيها فرحتها بإخوتها الشباب، فكانت أكثر الصغار تسليمًا علينا.. رحمة الله عليها.

وانتهاء بأصغر شهدائنا، ذي العام والنصف أسعد، سماه أبي على اسم عمي الشهيد أسعد، أخي أسعد صاحب الوجه الغض النضر، لم يرحمه العدو الجبان فوجد شهيدا بين أحضان والدته خالتي أم عبد الرحمن، رحمة الله على أسعد، كنت أحبّ أن أراه أكثر..


بأي ذنب قتل أخوتي الصغار بهذه الوحشية والهمجية ؟ ألأنهم أبناء نزار ريان؟

كان بإمكان العدو الجبان أن يستهدف الوالد بسهولة عندما كان يخرج للصلاة والمسيرات والسوق، ولو انتظر قليلا، لخرج لصلاة العصر وحيدًا، لكن قادة هذا الكيان المسخ أصرّوا على إبادة العائلة، وتدمير المنزل على رؤوس أهله.

والله إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراق أهلنا وأحبابنا لمحزونون، لكن عزاءنا أننا اخترنا هذا الدرب؛ درب الجهاد والمقاومة، درب العزة والكرامة، درب التضحيات، ولن نحيد عنه ما حيينا .

فأبي وأمي وخالاتي وإخوتي الاثني عشر أخاً وأختًا سطروا بدمائهم أروع ملاحم البطولة والفداء، سطروا رسالة التحدي والصمود، فلن نتنازل عن أي شبر من بلادنا فلسطين.

كل فلسطين بلادنا وأرضنا الحبيبة سنعود يا حيفا، سنعود يا يافا، سنعود يا نعليا، سنعود يا عسقلان، سنعود يا قدس، وسنصلي في المسجد الأقصى، وسينطق الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله.

*ابن الشهيد نزار ريان

‫تعليقات الزوار

12
  • مواطنة من الشعب
    الأحد 22 فبراير 2009 - 11:03

    أيها ابن الشهداء. أسرتك تركت هذه الأرض لهم. لمن يحبون الحياة و يكرهون الشهادة. تركتهم يجمعون المال ثروة بعد ثروة على حساب الثورة و النخوة. تركتهم يلهون خلف نانسي عجرم ليصوروا ولادتها بمليون دولار ستكفي لإطعام غزة شتاء واحدة!
    يا ابن الشهداء. فقط الشهداء يستحقون هذا الجلاء في وجوههم البسيطة حد الفرح..
    رحمكم الله إلى يوم الدين

  • CHEFNAJ
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:59

    فلسطيني أناإسمي فلسطيني نقشت إسمي على كل الميادين, بخط بارز يسموا على كل العناوين,حروف إسمي تلاحقني, تعايشني تبت النار في روحي و تنبض في شرايني, صلاح الدين في أعماق أعماق يناديني, وكل عروبتي لتّحرير تدعوني وصوت مؤدن الأقصى يهيب بناأغيتوني وآلاف من الاسرى و المساجين تنادي الامة الكبرى تهتف بالملايين أ غيتوني .

  • محمد من الرشيدية
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:39

    رحم الله الشهداء الأبرار وجعلهم في أعلى عليين مع البنيئين والصديقين، والخزي والعار للمنهزمين والمنبطحين والخونة

  • مصطفى
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:55

    دائما أستغرب لأشياء لدى أهل فلسطين لا أجد لها جوابا.
    زواجهم بأكثر من واحدة
    الرغبة في إنجاب أكبر عدد من الأولاد
    حبهم للتحصيل العلمي
    استقامتهم
    بوركتم والجنة مثواكم إن شاء الله

  • marouane
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:43

    حزنت كتيرا لدى سماعي باستشهاد اب الفقه والشريعة الدكتور نزار ريان الى جانب اسرته الشهيدة لكن الله لن يضيع اجر المحسنين والله إن القلب ليحزن،والعين لتدمع لكن الحرية والكرامة تتطلب التضحية ليرحمك الله يا مناضل دون ان ننسى الشهيد سعيد صيام والدكتور الرنتيسي

  • الريان
    الأحد 22 فبراير 2009 - 11:01

    ها هو ذا ابن عمك من تطوان المغرب يشاركك الفرحة والغبطة، عائلة ريان في شمال المغرب كلها فخر واعتزاز بما قدمه أولاد أعمامهم في غزة الخالدة.
    تقبل الله شهدائكم و ألحقنا بكم مسلمين.
    والله لستم بمهزومين ولا مكسورين، بل أنتم الأعلون، أنقذتم ماء وجه الأمة، وعزتها وكرامتها، وطهرتم جسدها بدمائكم النقية.
    بوركتم بوركتم بوركتم يا قادتنا ويا زعماءنا الحقيقيون، الدم واحد و الوطن واحد والدين واحد، فطوبا لمن اجتمع على كلمة الإله الواحد

  • ياسين أرسلان
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:41

    بسم الله الرحمن الرحيم: والله فراق الصديق الواحد عليه نحزن ونحس بأن معنويتنا ضعيفة لا نشتغل كما هو الحال في الأيام العادية.أما أنتم يا أبناء الشهداء يا أسود الياسين وعياش وصلاح شحادة…إنكم أمة غير عادية كل الضماروكل الأسلحة المتطورة وفي ضل التواطئ الدولي والعربي تصنعون المعجزات وانتصارات وصمود أطفالكم عفوا أبطالكم إ نكم والله بإذنه لمنتصرون ولمحررون هذه الأرض الزكية فيا رجال المقاومة نخجل ان نحييكم لأننا كالقرود؛ والأسود لا تفتخر بتحية القرود فقدتم امهاتكم وأبائكم وإخوانكم فأصررتم على أن تعودوا لحياتكم حتى التحرير وهنا أقول لكم مقطع من أغنية مغربية (مايهموني غي الرجال الي ضاعوا الحيوط إلا رابو كلها يبني دار)

  • واحد من مراكش
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:47

    حم الله الشهداء الأبرار وجعلهم في أعلى عليين مع البنيئين والصديقين، والخزي والعار للمنهزمين والمنبطحين والخونة.
    بدون تعليق و كأني بلض في حضرة الصالحين
    .

  • رشيد الطالب
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:45

    بسم الله الرحمن الرحيم.
    رحم الله الشهداء من اخوتنا في فلسطين و غزة الحبيبة.
    و الله إن الشهادة لا فخر و اصطفاء من الله, كما قال الله جلو عز : و يتخد منكم شهداء. شهداء على الدرب ساروا و لم يبعوا دينهم بعرض من الدنيا مثل ما يفعله محمود عباس و عصابته.
    الله ارحم الشهداء. و لاحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون.

  • مــنــى لنحـــمــــل الرســـــ
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:51

    ماشاء الله على عائلة البطل المجاهد
    واننا اقرأ احسست باني اقرأ شئ من تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم ,مجاهد و عالم و سياسي و رجل دين وزوج لاربع نساء وكلهم ماشاء الله امهات متعلمات متفقهات كالاخوات حتى اسماء الابناء من اسماء زوجات و بنات الرسول صلى الله عليه و سلم ,اي اسرة كريمه هذه والله ما استشهدوا جميعا الا لانهم يستحقونها الا لتصلنا سيرتهم العطره ,الا لنتعلم منهم ,,,,,اين نحن من كل هذا لماذا نحن اصبحنا نعيش كالغرب لا يتزوج الشاب الا بعد ان يكون له البيت و المال و ,,, ولا يتزوج الا واحده و اذا قرر الزوجان الانجاب لا ينجبان الا واحد او اتنان و كتير كتير من الامةر التي اصبحت دخيله في حياتنا لاننا فقدنا السنه و فقدنا العقيده و فقدنا الايمان واااا اسفـــــــــــاه علينا نبكي على انفسنا حقا
    اما انتم فأنتم اهل العزه اهل الكرامة لا توجد دوله في العالم لا تعرف من هي فلستين و كيف هو علمها لن اقول اصمدوا او اصبروا ولكن اقول ادعوا لنا انتم بذلك

  • Australian
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:57

    رحم الله الشهداء الأبرار وجعلهم في أعلى عليين مع البنيئين والصديقين، والخزي والعار للمنهزمين والمنبطحين والخونة
    .

  • عبد الحميد كبير احمد
    الأحد 22 فبراير 2009 - 10:37

    اللهم ارحم موتى المسلمين
    و اجعل قبورهم روضة من رياض الجنان و احشرنا و احشر المسلمين جميعا مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين
    ايها الاخوان المسلمين لا نفقد الأمل سنهزمهم ان شاءالله و سيرجع البلاد المباركة الى اخواننا المسلمين ان شاءالله .

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 6

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس