صفحات مجهولة من شباب ستالين

صفحات مجهولة من شباب ستالين
الجمعة 6 مارس 2009 - 17:26

في 13 يونيو ،1907 وبتنظيم وإعداد وتخطيط من الشاب جوزيف ستالين(الصورة) هجمت مجموعة من الصعاليك المسلحين على بنك في وضح النهار، واستولوا بالقوة على ما قيمته اليوم 3 ملايين دولار ونصف المليون لتمويل الحركة السرية الثورية التي كانت تعدّ نفسها لإسقاط نظام القياصرة في روسيا، فالحركة السريّة كانت في حاجة إلى مجموعة من الشبان القادرين على جمع الأموال بأي طريقة كانت لمليء خزينة الثورة، وعملية السطو على البنك نالت استحسان الزعيم فلاديمير لينين وإعجابه بالشاب ستالين، ونال ثقته ورضاه، فالحزب البولشيفي السري كان يعج بالثوريين من المثقفين والخطباء البارعين، ولكنه كان في حاجة إلى رجال قادرين على العمل الميداني والحركة، وكان ستالين هو أحدهم.


رجل المتناقضات


إن حادثة السطو على البنك تمّ ـ ولأول مرة ـ الكشف عنها في كتاب ”ستالين الشاب”، وهو من تأليف المؤرخ البريطاني سيمون سيباغ، وقد صدرت هذه الأيام ترجمته الفرنسية، وحصل على الجائزة الكبرى لكتب السيرة الذاتية للسياسيين (2008).


والمطالع لهذا الكتاب الضخم (500 صفحة) يشعر وكأنه بصدد مطالعة رواية مغامرات، وليس سيرة ذاتية، والصورة التي يخرج بها القارئ عن جوزيف فيسا ربونوفيتش، الشهير باسم ستالين هي صورة رجل جمع بين المتناقضات في شخصيته، فهو يكتب الشعر، وفي الآن نفسه ينظّم ويقود عمليات سطو مسلح على البنوك، وهو رجل يبدو في بعض الأحيان رقيقاً، مرهف المشاعر، محباً للموسيقى والفنون، مطالعاً نهماً للأدب الروسي والأجنبي، وهو معجب فعلاً بالأديبين الفرنسيين فيكتور هيجو وبلزاك، ولكنه في أحيان كثيرة، وخاصة بعد تسلمه السلطة ظهر كسياسي مستبد، يقمع خصومه، ويصفّي كل من يشك في خيانته له وللشيوعية. والغريب أن ستالين الشاب، وعلى الرغم من أنه كان يكوّن نفسه فكرياً ويرتوي من الثقافة الروسية والأجنبية، إلا أنه وبعد انضمامه إلى صفوف الثوريين فإنه كان يكره المثقفين في الحركة السرية التي انضم إلى صفوفها، ويفضل عليهم رجال العمل الميدانيين القادرين على العمل السري. وقد قضى ستالين 10 أعوام في العمل السري قبل قيام ثورة .1917


طفولة غير سعيدة


يعود المؤلف في كتابه إلى طفولة جوزيف ستالين، ويكشف أنه عاش غير سعيد مع والد إسكافي مدمن خمر، وأمّ تميل الى الغلظة على الرغم من إحاطتها ابنها بالحب والحنان، ولم يكن الوسط العائلي الذي ترعرع فيه الطفل يتسم بالدفء والحب، إلا انه انكبّ على الدراسة، وطلب العلم والمعرفة، ونجح في أن ينال تكويناً كلاسيكياً أهّله لان يصبح بعد ذلك رجل سياسة له قناعاته، وله منهجه الاستراتيجي.

والكاتب، وهو مؤرخ إنجليزي مختص في الشأن الروسي، اعتمد في كتابه الذي يشبه التحقيق على الأرشيف، وقد تطلب منه جمع المادة عشرة أعوام من البحث في تسعة بلدان، وانكب بأناة على فحص الكثير من الوثائق في جورجيا، مسقط رأس ستالين، وهي وثائق لم يسمح لأحد من قبل الاطلاع عليها واستغلالها، ولم يصبح ذلك ممكناً إلا في الأعوام الأخيرة بعد استقلال جورجيا عن الاتحاد السوفييتي السابق.

وإن عودة المؤرخ إلى طفولة وشباب ستالين هدفها محاولة تفسير العوامل الذاتية والموضوعية التي جعلت من ستالين رجل سياسة مستبد، وعنيف، حكم الاتحاد السوفييتي بداية من عام 1929 حكماً فردياً مطلقاً باعتماد القمع والجبروت. ويحلل الكاتب ـ من وجهة نظره ـ العناصر التي حولت شاب محب للشعر إلى ديكتاتور، حكم بلاده سنوات طويلة بيد من حديد، وقدمه كشاب جمع بين الإيمان بمبادئ الثورة، واعتماد العنف لتحقيق تلك المبادئ. وقد صفى ـ بعد وصوله الى الحكم ـ أكثر من 40 ألف من رفاقه القدامى في صفوف ”البلاشفة” بتهمة الخيانة حتى انه سمي بـ”الدكتاتور الأحمر”، واللافت أن ستالين خلال سياسة القمع الرهيبة التي اعتمدها لتصفية خصومه بقبضة من حديد، كان يستثني الفنانين والموسيقيين، ويكتفي بسجنهم.

وقد وصل المؤلف، من خلال سرده لبعض الأحداث وتحليلها، إلى الاستنتاج بأن ستالين الشاب ما قبل ،1913 كان فعلاً زعيم عصابة، عمد مع أتباعه إلى تنظيم عمليات سطو، وكان يسعى إلى الثراء الشخصي، و أكثر من ذلك فقد تصرّف حتى عندما جلس على كرسي الحكم في الكرملين كزعيم عصابة، وخلال كامل فترة حكمه سعى إلى إخفاء ماضيه محاولاً أن يضفي ثوباً من المجد على كامل مسيرته. ويتبين من الكتاب أن ستالين رجل جمع بين الشجاعة والدهاء وحبك المناورات، وانه كان رجل دولة.


عميل مزدوج


وعرض المؤلف في كتابه صورة عن المجتمع الروسي في الفترة التي سبقت قيام الثورة ضد القياصرة، وهي فترة اتسمت بالغليان وعمل المجموعات السرية، وقد نجحت المخابرات في اختراقها حتى أن هناك كتباً وبحوثاً ذهبت الى حد القول إن ستالين نفسه كان في البداية يعمل عوناً للشرطة القيصرية قبل أن ينقلب للصف المقابل، ولكن هذاالمنحى لا يتبناه المؤلف مع تأكيده أن تلك الفترة عرفت فعلاً الكثير من رجال الاستعلامات المزدوجين، وهي فترة اتسمت بالاضطراب، والغموض، والريبة والشك، والصراعات الداخلية بين الثوريين وتناحرهم وخيانة البعض منهم للبعض الآخر.


وخلافا لروايات أخرى فإن المؤلف سيمون سيباغ يؤكد أن ستالين الذي توفي عام 1953 كان في بداية مسيرته السياسية، مطيعاً للينين مطبقاً أوامره، ساعياً لنيل رضاه..


وقد كشف الكتاب عن علاقات كثيرة لستالين بالنساء الشابات الجميلات يعاشرهن ثم يهجرهن، وأنجب منهن عدداً من الأطفال غير الشرعيين من دون أن يهتم بهم أو يرعاهم.

‫تعليقات الزوار

5
  • مواطنة من الشعب
    الجمعة 6 مارس 2009 - 17:28

    ستالين مدرسة في الدموية و القتل و العنف، تركها طازجة للأنظمة العربية بكل تفاصيلها الدقيقة و المجهرية.. لهذا اللي خلف ما ماتش يا ستالين!

  • زكرياء الفاضل
    الجمعة 6 مارس 2009 - 17:36

    عفوا أيها الكاتب، حياة ستالين التي كتبت عنها معروفة منذ القديم عند كل مطلع على تاريخ الحزب الشيوعي السوفياتي. و لذلك ليس هنا أي شيء جديد اللهم بالنسبة لك ربما. بخصوص تعامل ستالين مع الشرطة فهذه مغالطة كبيرة إذ ستالين من بلدة صغيرة كانت تحت سلطة دركي يقال أنه بعد وفاة الأب أصبح عشيقا لأمه. و قد فرض على ستالين، الذي كان ما التحق بصفوف الثوار بعد، الإدلاء بشهادته في قضية معينة. و استخدم لنيل مراده منه اللين و الغلظة. لكن بعد أن التحق ستالين بصفوف الحزب البلشفي لم تسجل عنه أية قضية تتعلق بالتعاون مع الدرك أو الشرطة السرية. أما فيما يتعلق بالكاتب البريطاني فإنه ليس نبي و له قناعاته السياسية و لذلك جاءت كتاباته ذاتية جاهلة للموضوعية. الذي يمكن أن أتفق معك فيه هو كون شخصية ستالين معقدة و تحتاج إلى دراسة علمية دقيقة و ليس إلى إبداعات كاتب. هذا من جهة و من جهة عندما تقول أن الكاتب رجع إلى طفولته لمعرفة الأسباب التي جعلته حاكما مستبدا، فاسمح لي بطرح سؤال لك و للكاتب البريطاني: هل سبب استبداد جورش بوش بالشعوب المستضعفة و العمل على إبادتها سببه طفولته البئيسة؟ هل سبب بطش الحكام العرب و استبدادهم بشعوبهم سببه طفولتهم التعيسة؟ هناك الكثير ما يقال في هذا المجال و لكني سأكتفي بهذا القدر.

  • حسن
    الجمعة 6 مارس 2009 - 17:32

    الى السيد زكرياء فاضل والسيدة شيوعية مغربية. لا حول ولا قوة الا بالله لازال اليساريون يحلمون بلينين وستالين المجرمين الدين قتلوا الابرياء ولازالوا يتبنون فكرا اكل عليه الدهر وشرب وعف عليه الزمن واصبح هباء منثورا.فل تعلمو ايها اليساريون انانكاركم لامور موثقة ولامورواقعية تاريخية.والفكر الغربي لصبح يطرخ اسئلة الله والحداثة ونهاية اليقينيات وقوانين الفوضى كما عند ادغارموران ونهاية الديمقراطية وما بعد بعد الحداثةوالازمات المنهجية و الفكرية.وقد اعلنها الحاكم التانزاني نيرري امام شعبه.بقشل الخيار الماركسي في بلاده.وقد طلقها العقلاء ولم يتمسك بها الضيق الافق والفكر.فعودا الى رشدكم ووعيكم واعرفوا انكم غريبون ووحيدون في هدا العالم وهدا الكون الفسيخ لا حول ولا قوة لكم.

  • ابو نجمة
    الجمعة 6 مارس 2009 - 17:34

    انا لا افهم الكتير من الاشيىء صراحتا عندما ارى او اسمع انه مازال هناك شيوعيين في المغرب تتنتابني الحيرة …دعوني اشرح وجهت نظري البسيطة : بسؤال بسيط للشيوعيين لمادا لم تستمر الشيودية الاشتراكية كنضام هل فيهى خلل ما ؟
    ارجو من من شيوعينا ان يقرأو جميع وجهات النظر وفي الاخير يحكمواعلى الامور اما ان يقتصروا على كتابين احمرين وينظروا بهما فتالكة هي الهرطقة بعينها حيت قال احد الحكماء (القليل من الفلسفة تؤدي الى الاحاد والكتير منها تفضي الى اليمان)…اضيف معلومة اخرا (ماركس كان يهوديا ) والماسونية العالمية تعتبره من اهم ادرعها في تخريب الشعوب و الامم لكي يعيش شعب واحد الا وهم اليهود

  • مصطفى
    الجمعة 6 مارس 2009 - 17:30

    مع كل ما لحقه من تهم ومؤاخدات حول فترة ولايته التي دامت ما بين 1924 إلى حين وفاته سنة 1953 يظل ستالين واضع أسس القوة الاقتصادية والسياسية للإتحاد السوفياتي، كما تظل تجربته المنهج الجيدلبعض دول العالم الثالث بعد خروج المستعمر مثل هؤلاء مهما قيل عنهم فإنهم سيظلون مخلدين في ذاكرة التاريخ العالمي المعاصر.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز