البرازيل .. عندما يخدم النمو الاقتصادي المواقف الدبلوماسية

البرازيل .. عندما يخدم النمو الاقتصادي المواقف الدبلوماسية
الإثنين 23 يونيو 2014 - 09:20

لا يختلف المتتبعون للشأن البرازيلي في أن الطفرة الاقتصادية التي عاشتها البرازيل خلال العشر سنوات الأخيرة مكنتها من لعب دور مهم على الساحة الدولية من أجل تعزيز مواقفها السياسية والدبلوماسية، وهو ما جعلها تتطلع إلى المطالبة بمقعد دائم بمجلس الأمن إلى جانب الخمسة الكبار.

غير أن وصول الرئيسة ديلما روسيف إلى سدة الحكم بالعملاق الجنوب أمريكي، وتبنيها سياسة تركز بشكل أكبر على الشأن الداخلي، إضافة إلى هبوب رياح الأزمة الاقتصادية العالمية على البرازيل، جعل هذه الأخيرة تبدو أقل حضورا في مختلف القضايا والنقاشات والأحداث التي تعتمل في الساحة الدولية.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول سالم حكمت ناصر، أستاذ القانون الدولي بكلية جيتوليو فارغاس بساوباولو، “ما من شك أن الاقتصاد القوي بإمكانه أن يساهم في تعزيز الموقف السياسي والدبلوماسي، والأمر ينطبق على البرازيل التي عاشت خلال العشر سنوات الأخيرة ازدهارا اقتصاديا مهما وملفتا للانتباه”.

ويضيف أن الطفرة النوعية التي عاشتها البرازيل واكبتها الإرادة السياسية في المشاركة في اللعبة السياسية الدولية، لاسيما خلال فترة حكم الرئيس لولا دا سيلفا، غير أنه “اليوم بدأنا نلمس نوعا من التغيير في هذا التوجه لدى الرئيسة الحالية، ديلما روسيف التي تركز جهودها أكثر على الشأن الداخلي والمراهنة على تحقيق التنمية داخل السوق المحلية الواعدة”.

ويؤكد الخبير في العلاقات الدولية أن سبب تراجع البرازيل “نسبيا” عن الاضطلاع بدور أكثر “جرأة” يعزى إلى عاملين أساسيينº يتمثل الأول في “وصول الأزمة العالمية إلى الاقتصاد البرازيلي، ولو بشكل متأخر مقارنة مع دول أوروبية”، بينما “يجد العامل الثاني تفسيره في الإرادة السياسية للرئيسة ديلما التي تفضل الانكباب على حل المشاكل الاجتماعية الداخلية وخلق نوع من المسافة مع ما يجري على الساحة الدولية”.

ويعتبر سالم حكمت ناصر أن البرازيل تتمتع، مع ذلك، بدور سياسي ودبلوماسي في غاية من الأهمية على مستوى أمريكا اللاتينية، باعتبارها أول اقتصاد على المستوى القاري، مما مكنها من احتلال الريادة في المنطقة.

ويرى الخبير المتخصص في شؤون القانون الدولي أن البرازيل “اختارت أن تمسك بالعصا من الوسط في تعاطيها مع التوجهات السياسية الموجودة بأمريكا اللاتينية، فهي نظريا تنهج توجها يساريا بوليفاريا اشتراكيا اجتماعيا، لكنها في الوقت ذاته تربطها مع دول أخرى نهجت توجها آخر علاقات جيدة، وهي بذلك، ترجح كفة العقلانية وتتموقع على مسافة الأمان بين الخيارين”.

ويتابع بسط أسباب تراجع البرازيل عن الاضطلاع بدور أساسي في أبرز القضايا المطروحة على الساحة الدولية، لافتا الانتباه إلى أن انتخاب الرئيسة ديلما روسيف على رأس البلاد تزامن أيضا مع حدوث تغييرات مهمة في العالم خلال السنوات الأخيرة، بحيث أن اتخاذ مواقف أكثر جرأة سيكون له “ثمن أكبر”.

ويشدد على أن العلاقات الدولية في الآونة الأخيرة بات يطبعها نوع من التشاؤم وصل حد التشنج سواء في منطقة العالم العربي أو في إطار العلاقات بين الكبار كروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دفع البرازيل، برأيه، إلى النأي بنفسها وعدم الانخراط في مغامرة غير محسوبة المخاطر.

وبخصوص مطالبة البرازيل بعضوية دائمة داخل مجلس الأمن، يوضح أستاذ القانون الدولي أنه من الصعب تغيير تركيبة مجلس الأمنº لأنه ينبغي أولا الحصول على موافقة الدول الدائمة العضوية بالمجلس، ثم الاضطلاع بدور الكبار على الساحة الدولية بشكل مشابه لما تقوم به حاليا ألمانيا، الحاضرة بقوة في مختلف القضايا والنقاشات الدولية.

وفي هذا الصدد، يرى الخبير الدولي أنه يتعين على البرازيل أن تنحى منحى ألمانيا التي استطاعت أن تفرض اسمها ضمن ما بات يعرف ب خمسة زائد واحد.

وبخصوص العلاقات بين البرازيل والدول العربية يؤكد سالم حكمت ناصر أنها شهدت تطورا اقتصاديا وتجاريا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، كما أن هناك إرادة قوية لدى الجانبين من أجل الرقي بهذه العلاقات إلى مستويات متميزة، لاسيما وأن البرازيل عبرت عن دعمها الكبير لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

ويشدد على أن الخصوصيات والمشاريع السياسية الإقليمية، التي تميز كل بلد عربي عن غيره، تصعب من مأمورية البرازيل في الدخول بثقلها الدبلوماسي في العالم، على اعتبار أن تفاصيل اللعبة السياسية العربية معقدة الأبعاد.

* و.م.ع

‫تعليقات الزوار

8
  • karim
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 09:34

    PIB du brésil est 200 fois plus grand que celui du maroc, le brésil a un président élu qui dirige tout avec justice et au maroc notre rien n'a pas été élu et il dirige tout avec injustice.

  • Riffia
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 10:11

    " تركز جهودها أكثر على الشأن الداخلي والمراهنة على تحقيق التنمية داخل السوق المحلية الواعدة."
    هذا هو مفتاح انجاح الذي نما تركيا و البرازيل في ظرف سنوات قليلة; بلاظفة ان ده رئيسة وصلت للحكم بطرح حلول و سهر على تفعيليها ليس بنواح عن قضية المراء و HRW او بانخراط في فاسد مقابل ناصيب و سولطة و دفاع عن المقدسات المخزانية.
    الله يسهل علينا نخويو هد البلاد وخا للافقار بلاد فالعالم لمهيم راك عارف الفلوس مكيناش مشي كاين لليكفي شعب و شي ناس كيفرقوه على بعداتهم زيد مشاريع لكيكل منها بحدهم .

  • الحياني
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 10:14

    السلام. سبق لي في هذا المنبر الإلكتروني الحر ان قرأت لأحد المعلقين مشكورا ان كتب ان الدبلوماسية الخارجية القويةتتنطلق من الداخل القوي فكريا اجتماعيا اقتصاديا دمقراطيا .و هذا ما لا يوجد في بلدنا الحبيب للأسف الشديد

  • محمد
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 10:20

    ان البرازيل انطلقت في بناء اقتصادها بعد التخلص من الحكم العسكري والخول في مصالحة شاملة لم تستثن احد،الكل شارك في بناء الاقتصاد اما حكامنا فانهم استفردوا بالسلطة وقمعوا شعوبهم ولم يفتحوا الباب الا للفاسدين والمتملقين الذين خربوا البلاد والعباد.ان الدول العربية هي الاكثر غنى الا ان شعوبها مغيبة ومفقرة ومغلوبة على اموها.

  • مواطن مغترب
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 10:51

    الإسلام عليكم .
    ماذا لمسنا تقدمها بدولة ما فهذا لا يخفا ان المسؤولون الدبلوماسيون الحكوميون يعملون بجد وتفان فى خدمة موطنهم و فى ارتقاء كل اسسه الى المستوى الحضاري المطلوب ولي النهب والكذب على المواطن والذى ىتهافت عليه المسؤولون العرب لضخ ثروات وطنهم فى بطونهم الجياع و تهميش الفقير وكسر شوكة كل مواطن غيور . اللهم اكثر من المصلحين واخذل المفسدين فى بلاد المسلمين عامة وبلدنا المغرب خاصة.
    انشرى ىاهسبرس العزيزة.

  • sami شعارهم؟
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 11:23

    شعار دولة البرازيل ومكتوب على العلم ordem e progresso معنى (النظام و التقدم) وداخل هذا الشعار ordem نظام عدالة اجتماعية واحترام القانون، progresso تقدم علم عمل تنمية اقتصاد وﻷ شي يقف في وجه البرازيلي من ان يسعى الى تقدم وتنمية وطنه، ماذا عن وطننا المغرب وشعبه؟ ما المانع ان تكون البرازيل مثال أعلى نعلم الجامعات العمل العدالة الاجتماعية والتنمية بشرأ وحجرأ؟

  • SAAD
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 11:25

    le brésil est le pays des injustices . Les plus grans écarts entre les pauvres et le riches existent au brésil . Les gens se trompent souvent sur le brésil. Ce qui fait la force des brésiliens , c'est leur joie de vivre , le rapport qu'ils ont avec leur corps et leur environnement, tout ceci est impossible deans les oays arabes et musulmans. Une remarque : vous avez vu combien de brésiliens de couleurs noir dans les stades !!!!!!!!!! ils sont uniquement sur le terrain et rarement dans les tribunes : c'est ça la justice

  • اطفال الشوارع
    الإثنين 23 يونيو 2014 - 17:31

    البرازيليون يعيشون في فقر مدقع وانعدام البنية التحتية والمرتبات يرتى لها الجبين تلت الشعب البرازيلي يعيش بأقل من دولارين في اليوم وما بقي فالحد الأدنى للأجور بالبرازيل لا يتجاوز ألفين درهم زد على دالك انتشار الجريمة ومدن الصفيح الطافيلات وانعدام الأمن والسرقة البرازيل بها الفلاحة والموارد الباطنية البترول والغاز والحديد والدهب …….أما الشركات البرازيلية فلا محل لها من الإعراب عالميا إلا شركة بتروناس البترولية أما من قال اقتصاد البرازيل أكبر من اقتصادالمغرب 200 مرة اقول له راجع معلوماتك اقتصاد المغرب جحاليا القومي 190 مليار دولار والداخلي'120 مليار دولار أما البرازيل فب200 مليون نسمة التي تملك والبترول والغاز والدهب واامازون فلا يتجاوز 2000 مليار دولار ادن اقتصادهم أكبر ب14 مرة فقط

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 17

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 3

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات