ثورة هادئة: تركيا تخفف الحظر على الحجاب

ثورة هادئة: تركيا تخفف الحظر على الحجاب
الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:18


لن تضطر بشرا جونجور الطالبة في السنة الاولى بالجامعة لوضع شعر مستعار على رأسها لاخفاء حجابها مثلما فعلت كثيرات من قريباتها وصديقاتها المتدينات لتجنب طردهن من الجامعة.


ففي قرار تاريخي أمر المجلس الاعلى للتعليم في تركيا في وقت سابق من الشهر الجاري جامعة اسطنبول وهي واحدة من أكبر الجامعات في البلاد بمنع المدرسين من طرد الطالبات اللائي لا تلتزمن بحظر الحجاب من الفصول الدراسية.


ويمثل هذا القرار أحدث حلقة في نزاع سياسي وقانوني في تركيا بين من يعتبرون الحجاب رمزا لعقيدتهم الاسلامية ومن يعتبرونه تحديا للدستور العلماني للبلاد.


قالت جونجور (18 عاما) التي غطت شعرها بحجاب أخضر اللون “كنت مستعدة لوضع شعر مستعار تماما مثلما فعلت ابنة خالتي… هذا الامر يتعلق بالحرية. لا أرى سببا يجعل حجابي يمثل تهديدا لاي أحد.”


وهذا الجدل لا يقتصر على تركيا فحسب .. ففي فرنسا وكوسوفو على سبيل مثال هناك حظر على ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية وفي أجزاء من المانيا هناك أوامر بمنع المدرسات من ارتدائه.


لكن القضية تتعلق بجوهر الهوية الوطنية في هذا البلد الذي يقطنه 75 مليون مسلم والذي تأسست الدولة الحديثة به كجمهورية علمانية متشددة بعد الحرب العالمية الاولى.


ويمثل النزاع حول الحجاب وغيره من الرموز الاسلامية الظاهرة جزءا من جدل أوسع نطاقا حول الطريقة التي يمكن بها التوفيق بين الحداثة والتقاليد في الوقت الذي تحاول فيه تركيا تحقيق طموحها الذي يعود الى عشرات السنين في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.


والى جانب النظام القضائي فان الجيش التركي -ذا التاريخ الطويل من التدخل في السياسة والذي أطاح بأربع حكومات منتخبة- يعتبر نفسه منذ فترة طويلة حائط الصد في مواجهة أي عودة لمظاهر اضفاء الطابع الاسلامي على البلاد. لذلك فان التخفيف من غلواء القوانين العلمانية في تركيا لم يكن واردا قبل عدة سنوات.


لكن الاصلاحات التي تهدف الى تقريب تركيا من الاتحاد الاوروبي أدت الى الحد من سلطات قادة الجيش. وفي مؤشر على مدى التغير الذي يحدث للتأثيرات والمواقف العامة فان أحدث تغيير فيما يتعلق بارتداء الحجاب في الجامعة لم يصاحبه صخب عال كالمعتاد بل مجرد اعتراضات محدودة.


قال الكاتب محمد علي بيراند في مقال بعنوان “دعهم يرتدين ما يردن” معلقا على الامر “انها نفس المعركة التي تجري في تركيا منذ 80 عاما حول قضية العلمانية والتدين.”


وأضاف بيراند “لقد تغير العالم. لقد تغيرت تركيا. لابد من طي هذه الصفحات القديمة والتطلع للمستقبل.”


وأشعلت محاولة من حزب العدالة والتنمية الحاكم لرفع الحظر المفروض على الحجاب قبل ثلاث سنوات أزمة سياسية كبرى وكادت أن تؤدي الى اصدار المحكمة الدستورية أمرا بحل الحزب بسبب ممارسته أنشطة مخالفة للدستور.


لكن صعود طبقة جديدة من المسلمين المتدينين أصبحت تشكل الركيزة الاساسية لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية الذي يتولى السلطة منذ عام 2002 ساعد على ضعف الافكار القديمة.


ويقول معارضو حظر الحجاب -المطبق منذ انقلاب عسكري في 1982- انه انتهاك للحريات الشخصية ولا يتوافق مع الديمقراطية الحديثة. في حين يقول أنصاره ان هذا الحظر ضروري بالذات للدفاع عن القيم الديمقراطية لتركيا.


وقال ارجون أزبودون وهو خبير دستوري في مأدبة غداء أقميت مؤخرا مع سفراء الاتحاد الاوروبي والصحفيين “تحتاج تركيا لايجاد علاقة جديدة بين الدولة والدين.”


وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان -الذي فاز في استفتاء في الشهر الماضي على اصلاحات دستورية ترعاها الحكومة- خططا لقانون أساسي جديد تماما.


ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحاول حزب العدالة والتنمية الذي ينظر له على أنه الاوفر حظا في انتخابات 2011 مرة أخرى الغاء حظر الحجاب. ومن بين الاصلاحات التي تمت الموافقة عليها في الاستفتاء الذي أجري الشهر الماضي اصلاح المحكمة الدستورية التي يهيمن عليها في العادة قضاة علمانيون.


وقبل أن يتخذ المجلس الاعلى للتعليم قراره كانت الفتيات من الاسر المحافظة تقول انهن اضطررن لوضع قبعات أو شعر مستعار لاخفاء الحجاب لحضور الفصول الدراسية في حين قررت أخريات البقاء في المنزل.


ومع حدوث التحولات يخشى بعض العلمانيين أن يؤدي تنامي التيار المحافظ في المجتمع والضغوط الاجتماعية الى اجبارهم على تغيير نمط حياتهم وأيضا تبني الحجاب.


وقالت بيجوم يلدز (18 عاما) التي كانت تدخن سيجارة أمام مدخل الجامعة “لا أعتقد أننا سنشعر بضغط لتغطية رؤوسنا هنا في اسطنبول لكني أعتقد أنه ربما يكون هناك احتمال في أغلب الجامعات بمدن الاناضول.”


وقالت طالبة أخرى لم تذكر اسمها “لا أريد رفع الحظر. أعرف الكثير من الفتيات اللائي تجبرهن أسرهن على ارتداء الحجاب ويخلعنه في الجامعة. بالنسبة لهن الجامعة مكان للشعور بالحرية.”


وقالت بينار جيديك التي تدرس اللغة العربية وتضع حجابا وردي اللون ان هذا الحظر ما زال مطبقا في بعض الكليات.


ومضت تقول “يمكن أن أحضر فصولا دراسية بالحجاب الان لكنه ما زال محظورا في الكثير من الاقسام. ما زال الضغط قائما.”


وعلى الرغم من أن رموز الاسلام أصبحت أكثر شيوعا في الحياة العامة فان الحساسيات ما زالت قائمة. على سبيل المثال فان حديث الساعة في الوقت الراهن هو ما اذا كان القادة العسكريون والساسة العلمانيون سيحضرون حفل استقبال يوم 29 أكتوبر تشرين الاول في القصر الرئاسي بمناسبة العيد الوطني.


وعادة ما ينظم الرئيس عبد الله جول -الذي ترتدي زوجته الحجاب وكذلك زوجة اردوغان- حفلي استقبال منفصلين للضيوف الذين لا ترتدي زوجاتهم الحجاب والاخرين الذين ترتدي زوجاتهم الحجاب. أما في العام الحالي فانه يعتزم تنظيم حفل واحد فقط.


ويقول محرم اينجي وهو نائب رفيع في البرلمان من حزب الشعب الجمهوري العلماني ان حزبه سيقاطع حفل الاستقبال.


ومضى يقول “سيغير الرئيس تقليد تنظيم حفلين. هذا لان حزب العدالة والتنمية يريد أن يفرض الحجاب ليس فقط في الجامعات بل من قمة (المجتمع) وحتى قاعدته.”

‫تعليقات الزوار

7
  • خليجي فحل
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:32

    تركيا كدلك بلد مفارقات و اكثر ما اثار اتباهي في هذه المقالة هي الجملة المعبرة التالية
    وقالت طالبة أخرى لم تذكر اسمها “لا أريد رفع الحظر. أعرف الكثير من الفتيات اللائي تجبرهن أسرهن على ارتداء الحجاب ويخلعنه في الجامعة. بالنسبة لهن الجامعة مكان للشعور بالحرية.”

  • jar wa majrour
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:24

    ونعمة الرجال شجاع ومحبوب ,رغمة العرب خدعو اجداده في عهد العثمانين واعطو تقتهم للبريطانيين ,هاهو الان يمد يده اليهم ويريد التقارب اليهم ,لكن مع من ,مع حكام تفكر فقط كيف يجب ارضاء امريكا واسراءيل والا السخط .اما السخط من الله فلا يهمهم,ارجوكم قارنو قارنو فقط نور وجهه مع نور حكامنا وتعرفو الحقيقة ,والله تم والله في رمضان الاخير افطرة مع المساكن في بيوتهم .

  • الدكتور الورياغلي
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:28

    اننا وبحكم إيماننا العميق بأخبار النبي (ص) الغيبية فإن القسطنطينية ستفتح مرة أخرى، ليس فتحا بالسلاح كما قد يفهمه الكثير من الأغبياء ولكنه فتح للقلوب نحو دينها الأصيل الذي هو الدين الحق أعني الإسلام.
    فهذا الفتح لا محالة واقع وهو في طريقه نحو التمام والكمال بحمد الله، فبالرغم من الجهود المضنية التي قام بها بنو علمان لمسخ الهوية الإسلامية في تركيا، وبالرغم من نجاحهم في إسقاط الخلافة بمساندة بني صهيون إلا أن ذلك كله سيذهب مهب الريح؛ لأن الإسلام أراده الله أن يظهر على الدين كله ولو كره المشركون ولو كره العلمانيون والملاحدة والمرتدون
    —–
    إن بنات علمان الذين خرجوا من أصلاب آباء مسلمين ما فتئوا يؤكدون للشعوب المسلمة أنها تصبوا الى العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم إنها ما إن تعتلي سدة الحكم حتى تراها تكشر أنيابها عن الدين وتنفث سموها على حماة الإسلام من العلماء والفقهاء والربانيين.
    فلم نرهم في البلدان الإسلامية يقيمون عدلا ولا ميزانا ولا كرامة للإنسان بل جل خرجاتهم وجبروتهم كان على الدين والقيم ليس إلا.
    ومع ذلك فما يجنون من حروبهم إلا أن يصنفوا أنفسهم في مزابل التاريخ ويخلدون أنفسهم في طبقة الملعونين على لسان الأجيال، فالحمد لله الذي تكفل بنصر دينه ولو كره الكافرون

  • محمد
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:26

    انها استراتيجية الاسلامويين في كل البلدان التي تريد الانعتاق من رموز التخلف والاقصاء فالاسلامويون يستغلون الديمقراطية والحرية للعودة بكل نهضة للوراء ففي البداية يطالبون بالحجاب ثم ياتي دور النقاب فمنع التصافح والفن …حتى الوصول الى المبتغى وذلك بتفكيك الجيش الوطني واحلال ميليشيا مكانه هدفها تطبيق الشريعة وقتل كل فكر حر وصناعة الارهاب وفي الاخير النتيجة الدمار والتخلف والاقتال الطائفي كما هو الحال في البلدان التي يتحكم في رقابها اصحاب العمامات خادمي اميريكا من لا يدرون.

  • mohajir3
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:30

    ياسلام عليك يخليجي أعجبك كلام هده الطالبة ومادا عن البقية الدين يحسون بالظلم من هده القوانين.
    قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩)

  • رشيد
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:20

    أود الرد على التعليق رقم 4 عليه أن يعلم أن المستقبل هو للإسلام و للفكر و الثقافة الإسلامية و أن الحداثة و التطور لا تتعارض مع مبادئ الإسلام أما القول بأن الأحزاب الإسلامية تدعوا إلى الرجعية فهذا كلام لا يستند إلى العقل و المنطق الذي أقر به حتى الغرب نفسه. العقلاء في الأمة الإسلامية و من خارجها يدركون جيدا أن الفكر الغربي الذي هو بالأساس اعتمد في نهضته على الكثير من المبادئ الإسلامية قد وصل مرحلة الإفلاس و أنه لا يستطيع استشراف المستقبل لذلك هو اليوم يتخبط و يبحث عن ذخيرة حية نفذت من بين يديه أرجوا أن يراهن الجميع على الأجندة الإسلامية كل من موقعه و نترك هذه المقولات التي لا تسمن و لا تغني من جوع أمام التحديات التي تواجه الأمة و التي لن تقوى عليها إلا بتوحد جهود أبنائها حول مشروع واحد يجمع القادة و الخبة و العامة.

  • محمد
    الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 01:22

    لنفترض جدلا يا صاحب التعليق رقم 6 أن نأخذ بالاجندة الاسلاموية ,هذا على المستوى النظري شيء يمكن أن نأخذ به ما العلم أن الاسلام عقيدة وليس نظام حكم متكامل فالانسان أدرى بشؤون دنياه ولعل الخلفاء المبشرين بالجنة هم أول من فهموا هذه القضية وراحوا يحكمون كل من وجهة نظره وليس وفقا لنظام محكم معد سلفا.الى هذا كل الامور تبقى عادية على المستوى النظري لان زمن الخلفاء تاريخ ماض والزمن خفف الالام .لكن الزمن الحاضر يبدو لي أكثر ايلاما وتمزقا فالهوة الطائفية التي ما فتئت أن خفت وطئتها مع الانظمة الاشتراكية والقومية هاهي عادت مع صعود الاسلامي السياسي الذي تقوى عوده مع الثروة البترولية التي بالمناسبة من اكتشاف القرب الكافر.وهكذا فعض أن تتقوى اللحمة الاسلامية وتصان حقوق الاقليات ويحافظ على المكاسب النهضوية فتحت محاكم التفشيش وصودر الفكر ومنعت الكتب ونكل بالمذاهب المخالفة وسجنت المرأة وهدمت المآثر والان نسمع عن دق طبول الحرب بين الدولتين الاسلاميتين السعودية وايران ,اذن ماهي المرجعية التي يمكن أن نتبناها مرجعية وهابية أو طالبانية أو فارسية صفوية غنوصية أم حمساوية فاشية ,….ماهو المجتمع الذي صنعته لنا هذه الدول النموذج , مجتمعات مريضة بالكبت والفصام لا يترك فرصة حرية خارج سجن دولته ليرتمي في حضن الارهاب أو البغاء ,مجتمعات تحن لاى منقذ خارجي من طغيان وجبروت أصحاب العمامات ,ماذا قدت هذه الدول للانسانية غير أمراضها الداخلية وبعض العلماء الذين انسلوا منها من غير رجعة ,وحتى تقدهم المزعوم على صعيد التيكنوجيا والعمران هو من صنيع الحداثة الاوربية ومهنديها .
    قد تقول ايها الاخ الكريم أن الحضارة الغربية فقدت نضارتها ورؤيتها الاستشرافية هذا صح لان هؤلاء ربما الان يفكرون في عوالم أخرى غير هذه التي ترنو اليها عقولكم الصغيرة
    أما ونحن نتحدث عن تركيا كدولو صاعدة وقوية فاننا نتحدث عن دولة كانت ولا تزال تحكم بقوانين العلمانية التي وضعها اتاتورك ,لكن وللاسف الشديد فلن العدالة والتنمية بدأ يخرب شيئا هذه القوانين ويفتح باب الفتنة على مصراعيه مستغلا العقيدة الاسلامية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 3

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"