روسيا تلعب على وتر إعادة الإعمار وعودة اللاجئين في سورية

روسيا تلعب على وتر إعادة الإعمار وعودة اللاجئين في سورية
السبت 15 شتنبر 2018 - 00:00

غالبا ما تتصرف روسيا وكأن الحرب في سورية قد انتهت، وهي التي كانت قد تدخلت في الصراع، سنة 2015، وقلبت الأوضاع لصالح الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان يترنح حينذاك على شفا الهزيمة؛ وها قد عاد ثلثا مساحة الأراضي السورية إلى سيطرته.

ووفقا لما تراه موسكو فإن السلام أصبح في متناول اليد، ومن ثم يتعين أن تنطلق مرحلة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.

ويعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتماد على أموال الدولة الأوروبية التي استضافت العدد الأكبر من اللاجئين: ألمانيا.

ووفقا للمكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين فإن هناك نحو 725 ألف سوري يعيشون في البلاد حاليا.

إلا أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة متفقان على أمر واحد، وهو أنه لن يتم دفع أموال. يرون أن الأسد هو من دمر بلاده بنفسه. كما يحملان روسيا المسؤولية عن القتل والدمار بما شنته من ضربات جوية. ومن ثم، فوفقا للغرب، فإن إعادة الإعمار هي مهمة روسيا.

إلا أن بوتين يدرك مدى التأثير القوي لقضية اللاجئين على السياسة الألمانية. وعندما التقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ألمانيا منتصف غشت طلب المساعدة في إعادة بناء سورية.

تتلخص رؤيته في التلميح إلى أن إعادة الإعمار ستقود إلى عودة السوريين إلى وطنهم. وعلى الجانب الآخر، قدم بوتين تهديدا تكاد لا تخطئه عين من أنه ستكون هناك تدفقات جديدة من اللاجئين إذا لم تكن هناك مساعدة. وقال الزعيم الروسي :”من المحتمل أن يكون هذا عبئا هائلا بالنسبة لأوروبا”.

ولكن، هل أصبح الوضع في سورية آمنا بما يكفي لانطلاق إعادة الإعمار؟.

صحيح أن الحكومة السورية تمكنت بمساعدة روسيا وإيران من استعادة مناطق مهمة مثل الغوطة الشرقية القريبة من دمشق، وكذلك محافظة درعا، حيث بدأت الثورة، إلا أن السلام الحقيقي، بعد سبعة أعوام من الحرب الأهلية، ليس ملموسا بعد.

وفي الواقع، فإن العملية العسكرية الأكثر دموية ربما لم تحدث بعد. فلا يزال الأسد يحشد قواته على مشارف محافظة إدلب في الشمال الغربي والتي تعد آخر معقل للمسلحين.

ويهدد أي هجوم على إدلب باندلاع الأزمة الإنسانية القادمة، فالمحافظة يقطنها نحو ثلاثة ملايين مدني. كثيرون منهم ربما يحاولون عبور الحدود إلى تركيا، ومنها سيشقون طريقهم إلى أوروبا.

ووفقا للأمم المتحدة، فإنه حتى الآن لم يعد سوى بضعة آلاف من اللاجئين السوريين في الخارج إلى الوطن.

ويعرف عن سورية قيام أجهزتها الأمنية بعمليات تعذيب. ويقول نشطاء حقوقيون بأن عشرات الألاف من المواطنين اختفوا فى السجون، ويخشى احتمال أن يكون الكثير منهم تعرضوا للتعذيب حتى الموت. ومن الممكن أن يتعرض أى لاجىء عائد يشتبه في أنه متعاطف مع المعارضة لمثل هذا المصير.

وكانت تقدير للبنك الدولي في العام الماضي ذكرأن نحو ثلث إجمالي المنازل في سورية إما تعرض لأضرار أو دُمر بصورة كاملة.

وهناك مناطق تحولت إلى أطلال مثل شرق حلب والغوطة الشرقية. ولحقت أضرار فادحة بالكثير من المناطق الصناعية. وفي المدن الكبيرة، لحقت أضرار بنحو نصف المستشفيات. كما تراجع الاقتصاد الوطني بنحو الثلثين.

وهناك تقديرات متباينة لحجم فاتورة إعادة الإعمار، وإن كانت تتفق جميعها على أنها ستكون هائلة. وتشير أقل التقديرات إلى أن هذه المهمة تحتاج إلى مئتي مليار دولار. بينما ترى “لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” أن حجم الأضرار يصل إلى نحو 400 مليار دولار.

وحتى الآن، فإن إعادة الإعمار لا تزال بطيئة لأن دمشق ليس لديها الموارد كما أنها متضررة من العقوبات الدولية.

ولكن هل يمكن أن تعود سورية مرة أخرى لتصبح بلدا مزدهرا؟ في الواقع، دون دعم ضخم من الخارج، فإن الاقتصاد يكاد يكون غير قادر حتى على الوقوف على قدميه. كما أن الحليفتين روسيا وإيران تفتقران إلى الوسائل أو الرغبة في ضخ المليارات في إعادة إعمار سورية.

ثم أن هناك تراجعا في عدد السكان. فقبل الحرب الأهلية، كان عدد سكان سورية نحو 21 مليون نسمة: فر أكثر من خمسة ملايين منهم إلى الخارج واضطر أكثر من ستة ملايين آخرين لترك منازلهم والنزوح من منطقة إلى أخرى داخل سورية.

وأشارت تقديرات لصندوق النقد الدولي تعود لعام 2016 إلى أن إعادة إعمار سورية قد تستغرق ما لا يقل عن 20 عاما إذا ما بدأت في 2018، وهو افتراض تخيلي.

كما أن القليل للغاية من المال يأتي من الخارج، وتم استنزاف الاحتياطات السورية من العملة الصعبة.

كما خسر من يحكمون دمشق السلطة على موارد مهمة. فقد كانت الزراعة من أعمدة الاقتصاد، والآن أصبحت مساحات مهمة من الأراضي الزراعية في الشمال تحت سيطرة الأكراد الذين يقاتلون إلى جانب الولايات المتحدة. كما فقدت دمشق السيطرة على الموارد النفطية الأكبر، مثل تلك الموجودة في وادي الفرات قرب الحدود مع العراق.

ولهذا فإن الظروف ليست مواتية. كما أن أي أموال خارجية أو تخفيف للعقوبات سيصب في مصلحة نظام الأسد في المقام الأول، وسيكون ما يصل منها إلى السكان أمرا غير مؤكد.

وإلى جانب ذلك، فإن أي مساعدة من جانب ألمانيا أو غيرها من الدول سيكون بمثابة اعتراف بحكم الأسد، وهو ما تسعى إليه موسكو.

إلا أن اللعب على مسألة إعادة الإعمار ربما يكون الفرصة الأخيرة للولايات المتحدة والدول الغربية ليكون لديهم بعض التأثير على النظام بعد الحرب.

*د.ب.أ

‫تعليقات الزوار

8
  • rachida
    السبت 15 شتنبر 2018 - 00:38

    طبعا روسيا تلعب على اعادة الاعمار وعودة اللاجءين وهذا حقها لانها هي من ستعدت على بفاء سوريا موحدة ولم يتم تقسيمها الى دويلات كل واحدة تستبق الاخرى في ارضاء اسراءيل وامريكا .لا احد له الحق في اعادة اعمار سوريا غير الدول التي وقفت معها في الازمة وهي روسيا وايران والصين وجنوب لبنان وكوريا الشمالية وفنزويلا وغيرهم من اصدقاء سوريا الحقيقيين .

  • ولد حميدو
    السبت 15 شتنبر 2018 - 00:56

    تركيا ضد التدخل العسكري بإدلب ليس دفاعا عن المدنيين بل لأنها ستحصل في تدفق اللاجئين بينما روسيا متحمسة للقصف الجوي و ستدفع إيران و حزب الله و الجيش السوري للدخول برا لأن 10 آلاف مقاتل إرهابي من روسيا و الشيشان و كاغزستان سيشكلون خطرا على روسيا مستقبلا ادا بقوا أحياء
    على العالم أن يتحمل مسؤوليته قبل أن تقع مجزرة في حق المدنيين اما إعادة الإعمار فلن تساهم فيه أوربا لأنها نفسها عندها أزمة اما دول الخليج فهناك حسابات سياسية فحتى قطر لن تغامر

  • العلمي
    السبت 15 شتنبر 2018 - 01:04

    من حق روسيا الدولة التي تربطها علاقات استراتيجية مع سورية الصامدة ،أن تعتبر بان الحرب على الإرهاب في مراحلها الأخيرة ،بعد حلب و الغوطة الشرقية ، أتى الدور على إدلب لتحريرها من داعش و النصرة ثم التفرغ لإعادة الإعمار.
    اتضح بالملموس من هم رعاة الإرهاب و حماته ،كل من يعطل تحرير إدلب إرهابي بالفعل أو بالقوة .
    المجد للجيش العربي السوري و لحلفائه .

  • متتبع
    السبت 15 شتنبر 2018 - 01:06

    وكل هذا من اجل الكرسي اللعين..لا اظن ان امريكا ستخرج من سوريا اصبحت تستعمل الوجود الايراني اداة ضغط على روسيا

  • Karim
    السبت 15 شتنبر 2018 - 10:11

    لنك صرحاء, والله العظيم لولاء تدخل روسيا في الحرب لكانت سوريا اليوم مقسمة الى دويلات حسب مخطط اسرائيل واميريكا

  • الهاشمي
    السبت 15 شتنبر 2018 - 10:12

    سوريا تترامى بين أيدي الخونة وكل الأطراف تسعى الى قضاء مصالحهاالسياسية على حساب دماء الأبرياء ..لن ينزل السلام بتلك الأرض الا بنزول عيسى عليه السلام

  • عبد المغيت
    السبت 15 شتنبر 2018 - 11:21

    يجب على من دمروا سوريا اعادة اعمارها رغما عن انوفهم

  • محمد
    السبت 15 شتنبر 2018 - 13:43

    والغرب يلعب على وثر الإنسانية للإبقاء على الوضع على ما هو عليه والحفاظ على المجرمين وهذا ما تقوم به فرنسا وبريطاينا وألمانيا وأمريكا بل يهددون بالتدخل لحماية المجرمين في إدلب

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين