رهانات الأوروبيّين على المساحات الخضراء لمواجهة تغيرات المناخ

رهانات الأوروبيّين على المساحات الخضراء لمواجهة تغيرات المناخ
الجمعة 1 مارس 2019 - 05:00

التغير المناخي أصبح حقيقة بصورة متزايدة بالنسبة إلى الكثير من الدول الأوروبية، حيث أصبحت موجات الحر وفترات الجفاف الطويلة هي القاعدة وليست الاستثناء خلال فصل الصيف في القارة.

بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون في المدن، لا تطاق موجات الحر بصورة خاصة بسبب الافتقار للخضرة، في ظل وجود السيارات، وتلوث الهواء والخرسانة في كل مكان. ويمكن أن تساعد الأشجار والنباتات في الحد من تأثيرات التغير المناخي؛ ولكن تكمن الصعوبة في التطبيق.

وحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن ثلاثة أرباع تعداد سكان أوروبا سوف يعيشون في المدن بحلول 2020. ولن توقف المساحات الخضراء بمفردها التغير المناخي، حسب ما تقوله ماتيس براوباخ، المسؤول بمنظمة الصحة العالمية.

ويقول براوباخ: “على الرغم من أن المساحات الخضراء في المدينة يمكن أن تلعب دورا صغيرا في مواجهة هذه المشكلة، فإن المطلوب في الحقيقة هو تغيير كامل للتركيز في مجالات معينة”، على سبيل المثال في النقل وتوليد الطاقة.

وأضاف أنه على الرغم من أن المراعي والمنتزهات والشرفات الخضراء مجرد قطرة ماء في دلو، فإنها تسهم في تخفيف تأثيرات التغير المناخي. وأوضح: “هي عوامل صد لموجات الحر الشديدة”.

فالنباتات توفر الظل وتنتج الأوكسجين. ويمكن قياس فارق يتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات مئوية بين المناطق الخضراء والمناطق الزدحمة بالمباني.

ومنذ فترة يهتم المهندسون ومخططو المناطق الحضرية بهذه المسألة، حيث يقومون بتجارب بالنسبة إلى الاستعانة بالواجهات الخضراء والحدائق على أسطح البنايات وحدائق الخضروات الحضرية.

ولدى المهندس الإيطالي ستيفانو بويري رؤية خاصة: فهو يريد أن يرى الأشجار والمنازل تنمو معا وتصل إلى عنان السماء. ومن خلال مبنى بوسكو فيرتكال، الذي قام شيّده في منطقة البنوك في ميلانو، قام بتغطية برجين من ناطحات السحاب بـ800 شجرة و15 ألف نبات.

ويقول بويري لوكالة الأنباء الألمانية: “إيجاد غابة في المدينة أمر فعال للغاية؛ لأنه يهزم العدو في معقله”. وعموما، فإن غاز ثاني أوكسيد الكربون الأكثر ضررا يصدر في المدن، ويمكن الحد منه هناك من خلال إضافة مزيد من الخضرة؛ ولكن الجهود المبذولة في إيجاد مثل هذه “الغابات الحضرية” مثل التي ابتكرها بويري ضخمة للغاية. ويتعين رفع الأشجار إلى الشرفات برافعات. ويقضى علماء النباتات أشهرا في حساب مكان نمو جذور النباتات وكيف تنمو. كما أن تكلفة المحافظة على ذلك مرتفعة، حتى إذا كان بويري يقول غير ذلك.

فهو يرى أن الأمر ليس بهذا القدر من الصعوبة: ” إنها مسألة منطق”. ويتم إقامة العديد من غاباته الرأسية حول العالم، في الصين وهولندا على سبيل المثال. وفي عام ،2014 فاز بويري بجائزة هاي رايز الدولية، التي قدمت له في فرانكفورت.

وأظهرت الأبحاث مدى أهمية المساحات الخضراء في المناطق الحضرية بالنسبة إلى الصحة. ووفقا لتقرير للوكالة الاتحادية لحماية الطبيعة بألمانيا، فإنه من المتوقع وقوع ظواهر مناخية أكثر حدة، مثل فترات طويلة من الحرارة أو الجفاف بسبب التغير المناخي.

وخلص كونسورتيوم من الباحثين في الآونة الأخيرة إلى أن التغير المناخي يهدد صحة أعداد متزايدة من المواطنين. وذكرت دورية لانست الطبية أن المواطنين في المدن معرضون للخطر بوجه خاص، في ظل ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة في المناطق المكتظة بالسكان.

وكما تسهم الجهود لحضرية لزيادة المساحات الخضراء لإضفاء صورة إيجابية على أيّ مدينة. ففي برلين، صوّت المواطنون ضد تطوير مطار تيمبلوف السابق، كما أنه جرى تحويل الأراضي التي بها نفايات صناعية في منطقة روهر إلى منتزهات؛ ولكن على الرغم من أن الساكنة في ألمانيا تدرك أهمية هذه القضية، فإنها تواجه صعوبة في التطبيق.

ويقول براوباخ: “لا يمكن زراعة الغابة ببساطة. هذا الأمر يستغرق عقودا. يجب تطوير المناطق”. فمن الممكن بناء مرأب سيارات أو قاعة لممارسة الرياضة بصورة أسرع ويكون لها تأثير فوري. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة المتنزهات والحفاظ عليها. عندما تقع الأشجار خلال العواصف، تكون الأضرار كبيرة. وإذا لم يتم الحفاظ على المناطق الخضراء بصورة ملائمة، يمكن أن تتحول بسهولة إلى معقل لتجارة المخدرات أو أي نشاط غير شرعي آخر.

وعلاوة على ذلك، تطوير المناطق الخضراء في أي مدينة يمكن أن يؤدي إلى تجديد المدينة، هذا يعني أن قيمة التأجير ترتفع في المناطق التي بها خضرة كثيرة. لذلك، يتعين على البلديات زراعة الكثير من المناطق الخضراء الصغيرة في أنحاء المدينة بحيث يمكن للجميع الوصول إليها.

ويشار إلى أن الذين يعيشون في الغابة الرأسية في ميلانو هم من الأثرياء، مثل لاعبي كرة القدم في النوادي الكبرى في ميلانو ومصممي الأزياء والمغنيين.

ولا يحتاج السكان إلى فعل أي شيء للحفاظ على الخضرة في شرفاتهم، إذ يتم القيام بأعمال الري والصيانة بصورة مركزية. وقدرت وسائل الإعلام في ميلانو أن ذلك يعني إضافة 1500 يورو (1725 دولارا) لتكاليف صيانة كل شقة. ويعني ذلك أن العيش وسط الخضرة ميزة للأثرياء.

ومرة أخرى يرفض بويري ذلك، ويقول إنه من الممكن وضع واجهات خضراء في المباني الاجتماعية أيضا. وفي مدينة ايندهوفين بهولندا، وبإشراف بويري، أقيمت أول غابة رأسية في المباني السكنية لمحدودي الدخل والشباب. وسوف تحظى جميع الشقق، التي تبلغ مساحتها 50 مترا مربعا، بشجرة و40 شجيرة وشرفة بمساحة 4 أمتار مربعة.

ولدى بويري بالفعل فكرة مشروعه المقبل: وهي توفير نباتات داخلية؛ لأنه يقول: “الهواء في الداخل يكون غالبا أسوأ من الخارج”.

*د ب أ

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 7

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال