"الحلم الأمريكي" يجذب مهاجرين أفارقة بأعداد قياسية إلى المكسيك

"الحلم الأمريكي" يجذب مهاجرين أفارقة بأعداد قياسية إلى المكسيك
السبت 6 يوليوز 2019 - 00:50

عبرت مارلين تاتانج (23 عاما) حدود تسع دول على مدى شهرين للوصول إلى المكسيك قادمة من الكاميرون في غرب أفريقيا فرارا من العنف السياسي بعد أن أحرقت الشرطة منزلها.

تعتزم مارلين ركوب حافلة قريبا صوب الشمال لمدة أربعة أيام أخرى لعبور حدود الدولة العاشرة حيث وجهتها النهائية .. الولايات المتحدة والحلم الأمريكي.

لم تكن مارلين وحدها التي تسلك هذا الطريق، بل إن عددا قياسيا من الأفارقة يسافرون جوا لأمريكا الجنوبية ثم يقطعون آلاف الأميال عبر طرق سريعة وغابات مدارية مطيرة للوصول للولايات المتحدة.

ومارلين حبلى في شهرها الثامن وعبرت نهرا بطوف بدائي لتصل إلى المكسيك في الثامن من يونيو الجاري بعد يوم واحد من إبرام المكسيك اتفاقا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبذل مزيد من الجهد للحد من أكبر تدفق للمهاجرين المتجهين للحدود الأمريكية في أكثر من عشر سنوات.

وأغلب المهاجرين الذين يبذلون محاولات مضنية لدخول الولايات المتحدة عبر حدودها الجنوبية من دول في أمريكا الوسطى، لكن عددا متزايدا من بضعة دول أفريقية انضموا إليهم مما دفع ترامب والمكسيك لدعوة دول أخرى في أمريكا اللاتينية للقيام بدورها لإبطاء تدفق المهاجرين بشكل عام.

ويقول خبراء معنيون بشؤون الهجرة إن معرفة مزيد من الأفارقة من أقارب وأصدقاء قطعوا الرحلة بأن عبور أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة صعب لكنه ليس مستحيلا يشجع المزيد منهم للقيام بها ويساعد آخرين كي يحذو حذوهم.

وقالت ميشيل ميتلستات مديرة الاتصالات في معهد سياسات الهجرة، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، إن صدى تهديدات ترامب بشن حملة مناهضة للمهاجرين تردد في أنحاء العالم ولكن ذلك أتى بنتيجة عكسية ودفع البعض لاستغلال ما اعتبروه بابا يوشك على الانغلاق.

وأضافت “تلك الرسالة وصلت ليس فقط لأمريكا الوسطى بل لمناطق أخرى في العالم”.

وتشير بيانات وزارة الداخلية المكسيكية إلى أن أعداد المهاجرين القادمين من أفريقيا ستتخطى الأرقام القياسية هذا العام.

وزاد عدد الأفارقة الذين سجلتهم السلطات المكسيكية لثلاثة أمثال في الأشهر الأربعة الأولى من 2019 مقارنة بذات الفترة قبل عام ليصل إلى نحو 1900 شخص أغلبهم من الكاميرون وجمهورية الكونجو الديمقراطية حيث ما زالت الأوضاع في الدولتين مضطربة بعد سنوات من نهاية صراعات دموية في المنطقة مع دول جوار أدت لمقتل الملايين.

“كانوا سيقتلونني”

قالت مارلين التي كانت تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية إنها غادرت شمال غرب الكاميرون بسبب تفاقم العنف في المنطقة المتحدثة بالانجليزية التي يقاتل فيها انفصاليون الحكومة التي يهيمن عليها المتحدثون بالفرنسية من أجل حكم ذاتي.

وتحدثت عن القوات الحكومية التي حاولت القبض عليها قائلة “كنت سيئة جدا بالنسبة لهم لدرجة أنهم أحرقوا المنزل الذي كنت أعيش فيه… كانوا سيقتلونني”.

وفي البداية كانت مارلين لا تعتزم سوى عبور الحدود إلى نيجيريا لكنها سمعت بعد ذلك أن البعض تمكنوا من الوصول للولايات المتحدة.

وأضافت “قال لي البعض ’تستطيعين فعل ذلك’… وسألت إن كان من الممكن لشخص مثلي، لأنني حبلى، وقالوا ’افعلي هذا وافعلي ذاك’”.

وتوسلت مارلين لأسرتها للحصول على نقود للرحلة التي كلفتها حتى الآن على حد قولها خمسة آلاف دولار.

وقالت إنها بدأت برحلة جوية للإكوادور، التي لا تتطلب من حاملي جنسية الكاميرون تأشيرة دخول، ثم قطعت بعد ذلك الطريق عبر كولومبيا وبنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس وغواتيمالا وصولا إلى المكسيك بالحافلة وسيرا على الأقدام.

ولم تقرر مارلين بعد ما الذي ستفعله عندما تصل إلى مدينة تيخوانا المكسيكية في الشمال على الحدود مع الولايات المتحدة.

وقالت وهي تربت برفق على بطنها حيث بلغ حملها الشهر الثامن وهي جالسة على مقعد خرساني خارج مكتب الهجرة في مدينة تاباتشولا جنوب المكسيك “سأسأل فحسب… لا أستطيع معرفة (ما سيحدث) عندما أصل إلى هناك. سأفعل ذلك لكن لا أعرف. لم أذهب إلى هناك من قبل”.

تحدثت رويترز مؤخرا مع خمسة مهاجرين في تاباتشولا كانوا من الكاميرون والكونجو الديمقراطية وأنجولا وقال بعض المهاجرين إنهم سافروا من بلادهم للبرازيل كنقطة انطلاق نحو الولايات المتحدة.

زاد عدد المهاجرين الأفارقة غير المسجلين لدى سلطات المكسيك لأربعة أضعاف مقارنة بعددهم قبل خمسة أعوام إذ وصل في عام 2018 إلى ما يقرب من ثلاثة آلاف.

ويحصل أغلبهم على تأشيرة دخول لمدة 20 يوما تسمح لهم بالوصول لحدود البلاد ثم يعبرون للولايات المتحدة ويطلبون اللجوء.

ولا يختار الكثيرون التقدم بطلب لجوء في المكسيك لأسباب منها عدم تحدثهم الإسبانية. وتقول مارلين إن عائق اللغة شكل مشكلة كبيرة بالنسبة لها بشكل خاص لأنها لا تتحدث إلا الانجليزية مما صعب من التواصل مع مسؤولي الهجرة في المكسيك ومع مهاجرين أفارقة آخرين يتحدثون الفرنسية بالأساس.

وقالت فلورانس كيم المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في غرب ووسط أفريقيا إن من يصلون للولايات المتحدة يرسلون بنصائح لمعارفهم في بلادهم لتسهيل الرحلة على الآخرين.

وعلى غرار ما يفعله المهاجرون من دول أمريكا الوسطى قالت ميتلستات إن بعض الأفارقة يأتون بصحبة أسرهم على أمل أن يسهل لهم ذلك الدخول أكثر من سفرهم بمفردهم.

وتظهر بيانات أمريكية ارتفاعا ضخما في عدد الأسر التي تصل من دول بخلاف المكسيك والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس إلى الحدود الجنوبية للبلاد. ويشير تحليل للبيانات أجراه معهد سياسات الهجرة إلى أن عددهم وصل إلى 16 ألفا، وهم أفراد أسر سجلتهم السلطات، في الفترة من أكتوبر تشرين الأول وحتى مايو أيار ارتفاعا من ألف خلال عام 2018 بأكمله.

نهج إقليمي

على الرغم من صعوبة الطريق ومخاطره فإن هناك ميزة أساسية فيه وهو أن دول المنطقة لا ترحل المهاجرين القادمين من قارات أخرى لأسباب منها ارتفاع تكلفة هذه العملية وعدم وجود اتفاقات لإعادة المهاجرين مع دولهم.

لكن هذا النهج المتساهل قد يتغير.

وبموجب اتفاق أبرمته المكسيك مع الولايات المتحدة الشهر الماضي فقد تبدأ هذا الشهر عملية لإدراج المكسيك في قائمة الدول الثالثة الآمنة مما يجعل من الممكن لطالبي اللجوء البقاء فيها بدلا من اللجوء للولايات المتحدة.

ولتخفيف الضغط الناجم عن ذلك عن المكسيك تخطط الدولتان لممارسة ضغوط على دول أمريكا الوسطى لفعل المزيد لمنع المهاجرين، ومن بينهم الأفارقة، من السفر صوب الشمال.

لكن حتى ذلك الحين تتوقع كيم محاولة المزيد من الأفارقة القيام بتلك الرحلة.

وقالت “يريدون أن يغيروا حياتهم. يشعرون أن لا مستقبل لهم في بلادهم”.

*رويترز

‫تعليقات الزوار

11
  • بوزبيطة كريم تطاون
    السبت 6 يوليوز 2019 - 01:20

    هجرة شعوب القارة الافريقية ليست بحديتة العهد بل منذ القدم وهذه الشعوب تواقة للهجرة واستكشاف المواطن الاخرى فابن بطوطة والشريف الادريسي و الاخرون سبقوا الى الهجرة ودونوا رحلاتهم التي افادت سلفهم في التعرف على الكثير من الاماكن في العالم والله عز وجل يقول (سيحوا في الارض ) فالارض لله وليست لترامب او غيره المهم ان يحترم الناس بعظهم ولا يتجاوزوا حدود الله فيما بينهم والشعب المغربي معروف بالهجرة حيث يتواجد في كل بقاع العالم اللهم يسر الامور

  • البجعدي
    السبت 6 يوليوز 2019 - 02:12

    تذكرة من الدول الإغريقية الى المكسيك تساوي 20 سنة عمل والمكسيك لا يمنح الفيزا بسهولة !!! يعني من المستحيل أن يكونوا أفارقة مع العلم أن الدول أمريكية اللاتينية والبرازيل يوجد 20% من سود

  • علاء
    السبت 6 يوليوز 2019 - 02:43

    سأبدأ من آخر جملة قالتها يشعرون أن لا مستقبل لهم في بلادهم.
    لخصتي الأمر وهذا ما تريده أميركا وفرنسا من افريقيا الثروات وهجرة السكان وخلق حروب طائفية بينهم
    اه لولا أفريقيا لكانت فرنسا تسعى لدول الاتحاد الأوروبي كل خيرات افريقيا تنهبها أغنى القارات قارتنا الأفريقية

  • martin
    السبت 6 يوليوز 2019 - 02:55

    الافارقة كيعرفو غير التوالد والتكاتر والهجرة والفوضى بحال اللي دارو فالمغرب
    المهم يمشيو لميريكان ما يجيوش غير للمغرب الي فينا يكفينا

  • Lmiricani
    السبت 6 يوليوز 2019 - 06:16

    Venir au usa meritent tous les sacrifice car c est un Paradis sure terre

  • رشيد
    السبت 6 يوليوز 2019 - 07:19

    الحلم الامريكي لم يعد يحلم به حتى المولودون فامريكا فما بالك بمهاجرين لا تكوين لهم ولا شواهد.

  • ساىح
    السبت 6 يوليوز 2019 - 09:38

    لقد التقيت مغاربة في المكسيك يريدون الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.أصعب وأخطر حدود في العالم.المغاربة مشردون في العالم.

  • *********
    السبت 6 يوليوز 2019 - 10:29

    يمشيو فين بغاو ميجيوش غير لمغرب. الله يسهل عليهم.

  • عجيب
    السبت 6 يوليوز 2019 - 10:32

    عجيب و غريب تغيّر الأزمان…

    فيما مضى كان الأفارقة يُجلبون بالقوة كعبيد لبناء أمريكا الجديدة, أما الآن فهم (الأفارقة) يهرولون بل و يموتون من أجل الوصول إليها….

    إفريقيا بشمالها و جنوبها قنبلةُ هجرةٍ ملغومة, صنعتها الرأسمالية الإستعمارية قديما و ها هي ذي نتائجها تنفجر في وجه الجميع.

    .

  • كمال
    السبت 6 يوليوز 2019 - 10:45

    واضح ان الدول الافريقيه جميعها عاجزه على تسيير شؤونها بنفسها والبتالي لوقف هذه المىئاسي من الافضل ان تعود الدول الغربيه لتسييرها. فقد كانت افظل مما كانت عليها في الماضي القريب وبكثير.

  • مغربي
    السبت 6 يوليوز 2019 - 12:59

    au numero 3:
    علقوا شماعة فشلكم عل فرنسا. إما أن تعيش حرا أو تعيش عبدا ، أعطيك مثال بالثورة الفرنسية ، الفرنسيون كلهم ثاروا واجتثو كبار الفاسدين من أصلهم .في هذا العالم إما أن تأخذ حقك بإيدك أو تستسلم وتستعبد ، هل تعلم أن كل مدن فرنسا بها ضواحي صناعية تتعامل مع زبناء في كل دول العالم ؟ ولكن هم شعب حر لا يرضا الذل

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة