"مهاجرة سرية" تصف "جحيم الحرب" من ليبيا إلى البحر المتوسط

"مهاجرة سرية" تصف "جحيم الحرب" من ليبيا إلى البحر المتوسط
الأحد 11 غشت 2019 - 20:00

كانت بينتو، الأم الشابة القادمة من ساحل العاج مع طفلين يبلغان عاماً واحدا وثلاثة أعوام، مستعدة للموت في البحر، بدل العودة إلى الخلف، في رحلة عبورها من الجحيم الذي عاشته في ليبيا، وها هي اليوم على متن السفينة “أوشن فايكينغ” التي أنقذتها مع ولديها الجمعة.

تتحدث بينتو عن رحلتها لصحافية في وكالة فرانس برس موجودة على متن السفينة الإنسانية: “في ليبيا عشنا الكثير من العذاب. الضربات تكررت مراراً، لا يريدوننا هناك”.

طفلها على يدها، تلتقط بينتو البالغة 28 عاماً أنفاسها على متن السفينة التابعة لمنظمتي “إس أو س المتوسط” و”أطباء بلا حدود”. وتقول: “لم أنم جيداً منذ وقت طويل، بدون خوف وبدون دوي المعارك”.

تستذكر بينتو الأشهر الأخيرة في ليبيا، وتتحدث عن النوم على أصوات المعارك في العاصمة الليبية وعن قلق التعرض للعنف الذي يطال القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء بحثاً عن عمل.

عاشت بينتو ورفاقها الرعب من جديد مساء الخميس، حين سمعوا أصوات قوارب النجاة التابعة لمنظمة “إس أو إس المتوسط”، وحاولوا الهرب منها. وتوضح بنتو: “اعتقدنا أنها تابعة لخفر السواحل الليبيين”، مضيفةً “اعتقدنا أنهم يقومون بإخفاء علمهم، ويتحدثون الإنكليزية لخداعنا”.

وتتابع الشابةّ “فضلنا الموت في البحر على العودة إلى ليبيا”.

هذه ثاني محاولة لبينتو للهرب بحراً. في المرة الأولى، “خلال شهر رمضان” في ماي، لم تكن ناجحة، فقد اعترض خفر السواحل الليبيون بينتو ومهاجرين آخرين، لتجد نفسها بعد ذلك في السجن.

زوج معنِّف

غادرت بينتو ساحل العاج في مارس هرباً من زوج معنّف، كما من أجل العمل في ليبيا. تشير إلى آثار ضرب بالحزام على ذراعيها، وتخبر بأنها تزوجت رغما عنها عندما كانت تبلغ 16 عاماً.

وتتمكن النساء القادمات من غرب إفريقيا من إيجاد عمل بسهولة كعاملات منازل في بيوت العائلات الثرية.

تركت أولادها الأربعة الأكبر سناً في بلدها، وبدأت رحلتها مع طفلها عثمان البالغ عاماً واحداً وشقيقه محمد ذي الثلاثة أعوام.

المحنة بدأت قبل شهر ونصف شهر، من مالي ثم النيجر والجزائر، سيراً على الأقدام أو في حافلات، وأخيراً إلى طرابلس، مختبئين على متن شاحنة.

وتقول: “عبرنا الحدود بصعوبة بالغة، وفي بعض الأحيان زحفاً على الأرض”؛ لكن المسيرة الطويلة في صحراء النيجر، حيث جرحت ساقها عندما سقطت على بعض الحجارة وابنها على ظهرها، لم تكن أسوأ ما في هذه الرحلة. ولم يكن الأسوأ كذلك عبور البحر على متن قارب صغير مع 85 رجلاً وامرأة.

الجحيم الحقيقي كانت الفترة التي قضتها في ليبيا.

حاولت أن تفر من مركز الاحتجاز، أو كما تصفه بينتو “السجن”، من خلال الاختباء. وتوضح “يمسكون بك أينما كنت ويرمون بك في السجن”.

وعندما تودع مركز الاحتجاز، عليك أن تدفع مالاً ليخرجوك منه؛ لكن “لم يكن معي أموال”، تخبر بينتو، متابعةً: “لحسن الحظ، كان معي ابني الرضيع عثمان، وهذا الأمر ساهم في حمايتي. لكن كان هناك امرأة أخرى حامل، تعرضت للضرب كل يوم، كانوا يضربونها حتى بأجهزة إطفاء الحريق”.

بعثة أوروبية

تروي بينتو: “في السجن، لم يقدموا لنا شيئاً، فقط المنظمات غير الحكومية (مثل أطباء بلا حدود) والصليب الأحمر، أحضرت لنا طعاماً”.

وتتذكر بينتو أنه في أحد الأيام جاءت بعثة أوروبية لزيارة مركز الاحتجاز من دون أن تسعفها ذاكرتها على تحديد تاريخ هذه الزيارة.

وتقولّ “طلب منا رئيس الشرطة أن ننظف كل شيء حتى لا يدرك البيض أننا نعاني! قال أحد الحراس إنني قادرة على إخبار قصتي. لكن (أعضاء البعثة) جاؤوا برفقة المدير… لذلك، ابتسمت فقط، قاموا بالتقاط الصور، وغادروا”.

وتوضح أنها كانت تخشى قول أي شيء خوفاً من رد الفعل.

تعتمد أوروبا على ليبيا، وهي بلد في حال حرب، لمنع عبور المهاجرين انطلاقاً من شواطئها.

في يوليوز، تعرض مركز الاحتجاز الذي كانت بينتو فيه للقصف وقتل أكثر من 50 شخصاً في الضربات. وتروي: “استهدف البناء الذي كان فيه الرجال. هربنا ونحن نسير فوق الجثث. أطلق الحراس النار علينا”.

اختبأت بعد ذلك عند سوداني إلى حين موعد الرحيل الثلاثاء نحو الساعة 22,00 (20,00 ت غ). لا تجيد بينتو السباحة، كما لم تكن تعرف أن منظمات إنسانية تجول في البحر المتوسط.

وتابعت: “رحلنا هكذا، بدون أن نعرف أي شيء”، ولم تكن تدرك أيضاً فرص أن تتمكن سفينة إنسانية من رصد القارب الذي كانت على متنه.

تجهل بينتو أين سترسو بها السفينة “اوشن فايكينغ”، لكن الأهم بالنسبة إليها هو أن تكون بعيدة من طرابلس.

*أ.ف.ب

‫تعليقات الزوار

8
  • مغترب بلاعنوان
    الأحد 11 غشت 2019 - 20:23

    من اجل الكرامة ولقمة العيش تركنا الوالدين والخوت، الله يسهل على كل واحد يارب، اسألكم الدعاء في هذا اليوم العظيم

  • مثل مغربي
    الأحد 11 غشت 2019 - 20:36

    صدق المثل المغربي القائل * حاكم ظالم ولا قبيلة سايبة *
    رحم الله ليبيا زمن القدافي حيث كانت ملاذا لطالبي العمل من مواطني شتى بلدان العالم خصوصا الاسيويين اوروبا الشرقية سابقا السودانيين المصريين المغاربة ….. رغم كرهي له بسبب موقفه من قضيتنا الوطنية .والان اصبحث فريسة للكلاب الضالة التي تبحث عن الوصول الى السلطة ولو على جثت مواطنيها والوافدين عليها وكان زمن القدافي كان رحيما باحفاد عمر المختار .

  • مفروح
    الأحد 11 غشت 2019 - 20:42

    مخاض الولادة للحياة
    فرغم كل شيء فقد فازت فوزا عظيما

  • مغترب
    الأحد 11 غشت 2019 - 20:50

    "سيذكر التاريخ ان العرب أتوا الينا مستنجدين على بعد مئات الاميال بينما مكة اقرب اليهم " انجيلا ميركل رئيسة وزراء المانيا.
    للتذكير لم انقل الخطاب على أصله لكنه يحتفض بنفس المعنى.

  • Samir
    الأحد 11 غشت 2019 - 21:07

    بالنسبه للمهاجرين الذين مرو على ليبيا . مجرد ذكر اسمها تقشعر أبدانهم من هول ما عانو ورأوه هناك من فضائع . يفضلون القاء بأنفسهم في البحر قبل السماع عن إعادتهم الى ارض خير امه اخرجت للناس تأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  • مول الرزة
    الإثنين 12 غشت 2019 - 00:45

    ومع ذالك قول الحق يبقى اعلى: يجب التذكير ان اوروبا هي التي تمول مراكز الاحتجاز الموجودة في ليبيا، و خفر السواحل الليبي تدرب في ايطاليا، و الان الحكومة الايطالية ( على لسان وزير داخليتها Matteo Salvini) ترفض رفضا قاطعا استقبال المهاجرين!، اذن لايجب على المنظمات الانسانية تحميل السلطات في ليبيا اكثر مما يحتمل. و من جهة اخرى اليست الحكومات في الدول الافريقية مسؤولة عن هذا الوضع الذي يدفع هؤلاء للهجرة؟ يجب التذكير ان افريقيا جنوب الصحراء هي القارة الوحيدة التي تعرف انفجارا ديموغرافيا غير مسبوق( نجيريا : 201 مليون نسمة، الكونغو 86 مليون نسمة…) و هذه الشعوب تتكاثر بسرعة واقصاداتها ضعيفة جدا، اوروبا وجدت في بلدان المغرب العربي منطقة عازلة تمكنها من ابعاد الزحف البشري الافريقي باي ثمن، وهذا ما يحصل في ليبيا.

  • Samir
    الإثنين 12 غشت 2019 - 05:50

    لا ننسى ان اروبا استقبلت مئات الالاف منهم ان لم اقول الملايين. وما زالت تستقبل .اسبانيا وحدها أنقذت من البحار عشرات الآلاف هذه السنه لوحدها . لكن لا يمكن ان نطالب منها ان تستقبل افريقيا باكملها .
    الفرق يكمن في المعامله في اروبا من يصل إليها المعامله دائما انسانيه وفي دول شمال افريقيا خاصه الى ليبيا فهو جحيم ما بعده جحيم .جهنم فوق الارض.
    الموضوع هو الانسانيه في التعامل. اما ما يحدث في ليبيا الاسلاميه لا صله له بالانسانيه. وصلت الى حد بيع البشر في المزاد العلني.في مشاهد يندى له الجبين.

  • مبروكي
    الإثنين 12 غشت 2019 - 11:57

    ما هي اسباب الازمات والحروب والفقر؟
    الاستعمار ؟ الجهل؟ العصبية؟ الكراهية؟
    ؟؟؟؟؟؟

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة